منذ ارتفاع وتيرة الحديث عن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، من قبل الحكومة التركية والإعلام التركي، غاب الحديث عن العملية العسكرية التركية المرتقبة في الشمال السوري، ما يطرح التساؤل حول حرص تركيا على عدم استفزاز دمشق في هذه المرحلة سعيا منها لفتح قنوات اتصال، من شأنها خدمة المصالح التركية لا سيما في إطار الانتخابات التركية.

غموض في المشهد

حتى الآن ما تزال الضبابية تسيطر على ملف التواصل بين أنقرة ودمشق، إذ تكتفي أنقرة بإطلاق التصريحات والتقارير الإعلامية، في حين تحاول دمشق، الظهور بمظهر القوي، فتطلق شروط وُصفت بـ“المستحيلة” من أجل التواصل مع أنقرة.

الحديث عن تأثير عودة العلاقات على العملية العسكرية، جاء على خلفية تصريح وزير الداخلية التركي، الذي سارع إلى نفي إشاعات بدء العملية، التي تم تداولها في قرى وبلدات حدودية قبل يومين.

نفي الشائعة على مستوى وزير الداخلية، دفع محللين إلى الاعتقاد بأن أنقرة لا تريد مزيد من الاستفزاز العسكري لدمشق، حيث قال الوزير سليمان صويلو، في تصريحات نقلتها صحيفة “يني شفق” التركية: “لن يكون هناك عملية عسكرية شمالي سوريا وإنما تحذير صغير“.

قد يهمك: هل تتجه فرنسا لمحاسبة دمشق على “مجزرة التضامن“؟

أنقرة ترغب بالتهدئة

المحلل السياسي والصحفي، ياسين نجاري، يؤكد أن ملف العملية العسكرية التركية، حُسم منذ فترة، لا سيما بعد رفض جميع الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، وأطراف أستانا، لكنه يؤكد في الوقت ذاته رغبة أنقرة في تهدئة الوضع العسكري، فيما إذا أرادت فتح قنوات اتصال مع دمشق.

ويقول نجاري، في حديث خاص مع “الحل نت“: “تركيا تريد الاستفادة من الحديث عن عودة العلاقات، لتقديم أوراق انتخابية إضافية للشارع التركي، فهي لا تستطيع فتح قنوات هذا الاتصال، لأسباب عديدة، ليس آخرها المعارضة الأميركية لأي عملية تطبيع مع الأسد“.

أما الباحث السياسي زكريا ملاحفجي، فيستبعد أن يكون هناك ربط بين العملية العسكرية التركية، وملف عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق.

ويقول في حديث لـ“الحل نت“: “موضوع العملية العسكرية مرتبط بالنسبة لتركيا بحماية الأمن القومي، لكن حتى الآن ملف عودة العلاقات يسوده الغموض. لا يمكن الحديث اليوم عن أي تواصل بين أنقرة ودمشق، لا يوجد وضوح بأي آلية ممكنة“.

من الملاحظ أيضا، ابتعاد وسائل الإعلام التركية عن الحديث، بما يخص العملية التركية مؤخرا، فضلا عن اتجاه التصريحات الرسمية هي الأخرى، من الحديث عن عمليات جديدة شمالي سوريا، إلى التصريح حول فتح قنوات اتصال مع دمشق.

وكانت وسائل إعلام تركية، نقلت اليوم شروط دمشق للتواصل مع أنقرة، تمحورت حول مطلب الحكومة السورية، في فرض سيطرتها على الخط التجاري في معبر باب الهوى، وصولا إلى دمشق، فضلا عن إعادة محافظة إدلب، إلى إدارة دمشق.

كذلك نقل التقرير، شروط أنقرة من أجل إعادة التواصل مع دمشق، تمحورت حول “مطالب أنقرة القوات السورية، بإخراج قوات سوريا الديمقراطية، من المناطق التي تسيطر عليها شمال شرقي سوريا، والاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي، والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين“.

وأضاف التقرير: “أنقرة تطالب بأن تكون حمص ودمشق وحلب مناطق تجريبية لعودة آمنة، وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار“.

وتضاربت مؤخرا التصريحات التركية، حول هذا الملف، فبعد دعوة وزير الخارجية التركي، إلى “المصالحة” بين المعارضة ودمشق، عادت الخارجية لتخفف من حدة دعواتها بعد الاحتجاجات التي شهدتها مناطق الشمال السوري.

بدوره يرى الباحث السياسي، صدام الجاسر، أنه لا سبيل لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، فيما يستثنى من ذلك التواصل الاستخباراتي الموجود بين كافة الدول.

ورقة انتخابية

الجاسر، قال في حديث سابق مع “الحل نت“: “عودة العلاقات بين أنقرة، ودمشق باستثناء التواصل الاستخباراتي، يدخل في باب المزايدات الانتخابية، حيث يسعى الحزب الحاكم لقطع الطريق على المعارضة التركية، باستعمال هذه الورقة، لاحظنا تشدد في مجال تعامل السلطات مع اللاجئين السوريين لنفس السبب“.

ويعتقد الجاسر، أن إطلاق الحكومة التركية لهذه التصريحات، جاء بسبب أحزاب المعارضة التركية التي حاولت تقديم أوراق انتخابية، للرأي العام التركي، فاستعملت ورقة اللاجئين عبر إعادة العلاقات مع دمشق.

وحول ذلك أضاف: “لا يوجد عودة للعلاقات، كلام وزارة الخارجية الأميركية واضح بهذا الشأن، أن أي إعادة علاقات لأي دولة مع النظام السوري، سيعرضها لعقوبات، وبالتالي تركيا لا ترغب بزيادة سوء الوضع الاقتصادي لديها”.

قد يهمك: ترحيل محامي سوري.. الخطر الأخلاقي والقانوني يلاحق السوريين في تركيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.