بشكل يومي يفرد الإعلام التركي مساحة واسعة للحديث مجددا عن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، وذلك في ظل تسابق كل من الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، لاستغلال هذا الملف، فيما تحدثت صحف تركية عن شروط وضعها الجانبان لعودة العلاقات.

شروط دمشق

صحيفة “جريدة تركيا”، كشفت في تقرير نشرته الأربعاء، عن مطالب للحكومة السورية، من أجل إعادة العلاقات مع الحكومة التركية، إذ تطالب دمشق بخمسة أمور من أجل فتح قنوات التواصل بين الجانبين.

وبحسب ما نقلت الصحيفة، فإن دمشق: “تطالب بسيطرة كاملة لقواتها على الممر التجاري في معبر باب الهوى الحدودي وصولا إلى العاصمة دمشق، إضافة إلى الطريق التجاري “إم 4″، الواصل بين دير الزور واللاذقية مرورا بالحسكة وحلب“.

كذلك، تريد دمشق إعادة محافظة إدلب، إلى إدارتها، كشرط للتواصل مع أنقرة، بحسب ما جاء في تقرير الصحيفة، فضلا عن مطلبها المتعلق بعدم دعم أنقرة، للعقوبات الأوروبية المفروضة على حكومة دمشق، والشخصيات الداعمة لها.

رفض التدخل التركي؟

الكاتبة السياسية السورية، ميس كريدي، أكدت في وقت سابق أن إعادة العلاقة بين دمشق وأنقرة أمر طبيعي، لا سيما وأنهما تملكان حدود مشتركة واسعة، لكنها تعتقد أن عودة العلاقات يجب أن تبنى، بدون إعطاء الحق لتركيا بالتدخل بالشأن السوري.

وقالت كريدي، التي تحدثت من دمشق في حوار خاص مع “الحل نت“: “في وقت سابق، حتما سيكون هناك حوار بين أنقرة ودمشق، لكن هذا الحوار إن حصل، فسيكون مبني على حماية الأمن الوطني لكلا الدولتين، وبالتالي لا يكون هناك أي حق لتركيا بالتدخل بالشأن الداخلي السوري“.

ورفضت كريدي، أن تفرض تركيا على الحكومة السورية، الحوار مع فصائل المعارضة، معتبرة أن ذلك تدخلا في الشأن الداخلي لسوريا، ولن تقبل به دمشق، وبالتالي دعوة أنقرة للحوار بين المعارضة، والحكومة السورية، هي دعوة مرفوضة بطبيعة الحال، حسب تعبيرها.

وحول ذلك أضافت: “لا يمكن لتركيا أن تفرض أجندة سياسية أو تفرض أشخاص على الدولة السورية، هذا الموضوع لن يحصل. الكلام عن فرض تركيا لأي مصالحة مع المعارضة، يُقرأ في سياق التدخل في الشأن الداخلي السوري“.

قد يهمك: العودة للتمثيل الدبلوماسي الكامل بين تركيا وإسرائيل

مراقبون لملف العلاقات بين أنقرة، ودمشق أشاروا، إلى أن المطالب السورية، لا يمكن لها أن تتحقق، لا سيما في ظل المعارضة الأميركية لأي شكل من أشكال التطبيع مع دمشق.

شروط تركيا

الصحيفة التركية، نقلت أيضا في المقابل شروط تركية، من أجل إعادة التواصل مع دمشق، تمحورت حول “مطالب أنقرة القوات السورية، بإخراج قوات سوريا الديمقراطية، من المناطق التي تسيطر عليها شمال شرقي سوريا، والاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين“.

وأضاف التقرير: “أنقرة تطالب بأن تكون حمص ودمشق وحلب مناطق تجريبية لعودة آمنة، وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار“.

وتضاربت مؤخرا التصريحات التركية حول هذا الملف، فبعد دعوة وزير الخارجية التركي، إلى “المصالحة” بين المعارضة ودمشق، عادت الخارجية لتخفف من حدة دعواتها بعد الاحتجاجات التي شهدتها مناطق الشمال السوري.

تشير المتغيرات إلى أن هذا الموقف التركي قد يتحول إلى سياسة جديدة لأنقرة، تجاه دمشق، تنسى فيها الحكومة التركية كل الخطوط الحمراء التي وضعتها أمام دمشق، بعد اندلاع الحراك الشعبي، والاتجاه نحو إلغاء سياسة العداء لدمشق، وقد يكون إعلان التقارب بين الطرفين أقرب من أي وقت مضى.

طه عودة أوغلو، الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية، رأى خلال حديث سابق لـ“الحل نت“، أن تصريحات وزير الخارجية جاويش أوغلو، هي انقلاب شامل في الموقف التركي بعد أيام قليلة من كشف صحيفة “تركيا”، المعروفة بقربها من الحكومة قبل يومين، أنه صار بإمكان أردوغان، والأسد التحدث عبر الهاتف بعد تهيئة الظروف المناسبة لذلك.

وأضاف طه أوغلو، إنه “يمكن وصف التصريحات التركية التي جاءت متدرجة بالاستدارة الكبرى في مسار العلاقات التركية السورية المتوترة منذ الثورة السورية في مارس 2011″.

ولعل التصريحات الجديدة، هي مؤشرات على أن تركيا تقوم بإعادة تقييم لموقفها إزاء الملف السوري بما في ذلك العلاقة مع حكومة دمشق، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات المصيرية في تركيا.

مفترق طرق

ما حدث الثلاثاء قد يعتبر مفترق طرق، في كشف الأهداف التركية من وراء إطلاق تصريحات حول ملف عودة علاقاتها مع دمشق، لا سيما بعد شنها لغارات جوية استهدفت مواقع للجيش الحكومي شمالي سوريا.

ويعتبر الهجوم التركي، على المواقع السورية الثلاثاء، أكبر تصعيد بين الطرفين، منذ إطلاق أنقرة في العام 2020 عملية عسكرية محدودة ضد القوات السورية في محافظة إدلب شمال غربي البلاد.

مراقبون رأوا أن الغارات التركية على مواقع للقوات السورية، تؤكد أنه لا سبيل لعودة العلاقات بين أنقرة، ودمشق، فيما يستثنى من ذلك التواصل الاستخباراتي الموجود بين كافة الدول.

إقرأ:هل يتجه الأسد للتطبيع مع إسرائيل؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة