القطاع الطبي في سوريا يتعرض بين الحين والآخر لعدة معوّقات، أبرزها نقص الكوادر الطبية من أطباء وممرضين إلى جانب قلة المستلزمات الطبية، وارتفاع تسعيرة الكشفيات الطبية التي يدفعها المواطن السوري، بالإضافة إلى انقطاع بعض أنواع الأدوية وارتفاع أسعارها بدرجات متفاوتة. ولعل من بين المتضررين بهذه المعوّقات والأزمات هم مرضى الكلى، فقد انقطعت بعض مستلزمات غسيل الكلى في العديد من المستشفيات السورية، مؤخرا، الأمر الذي يفرض عليهم أعباء مالية باهظة، وبالتالي يضطر المريض إلى دفع قرابة نصف مليون ليرة سورية شهريا لحين انتهاء جلساته.

كل جلسة بـ75 ألفا

من حين لآخر، يتكرر انقطاع بعض مستلزمات غسيل الكلى، لمرضى محافظة درعا، ما يفرض عليهم أعباء مالية كبيرة لا يمكنهم الاستمرار في تحمّلها في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها عموم البلاد.

والنواقص اللازمة الآن، بحسب ما أفاد به بعض المرضى وذويهم، لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس السبت، هي (الأنبوب والفلتر والخرطوشة)، مما يضطرهم لشرائها من السوق بقيمة تتراوح ما بين 70 و 75 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ كبير خاصة، وأن المريض يحتاج شهريا إلى 8 جلسات دورية باستثناء الرعاية الطارئة عند الحاجة، مما يعني أن المريض يحتاج لشراء هذه النواقص حتى تتم جلسة غسيل الكلى إلى حوالي 600 ألف ليرة في الشهر الواحد، وهو مبلغ لا يستطيع معظم المرضى تحمّله.

بدورهم، طالب المرضى، الجهات المعنية في الحكومة السورية بضرورة حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن، وتأمين كافة متطلبات جلسات غسيل الكلى التي لا يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها، مشيرين إلى أنه لا يوجد مبرر مقنع لانقطاعها لأنها متوفرة في السوق.

قد يهمك: سياسات المشافي الحكومية تزيد من انهيار القطاع الطبي في سوريا

1750 جلسة حاجة المحافظة

في المقابل، أوضح الدكتور أشرف برمو، مدير صحة محافظة درعا، أن تأمين مستلزمات غسيل الكلى أمر مركزي، ويتم إجراء المراسلات والمتابعة في هذا الصدد، أملا في توفيرها بالكامل في أسرع وقت ممكن، لافتا إلى أن مديرية الصحة تحتاج ما بين 1500 و 1750 جلسة شهريا، للمرضى الذين يخضعون لغسيل الكلى في مختلف مستشفياتها، وفي مجمع العيادات الشامل في درعا، حيث يحتاج بعض المرضى بالإضافة إلى الجلسات الدورية جلسات إسعافية حسب الحاجة.

فيما لفت الدكتور يحيى كيوان، مدير عام هيئة مشفى درعا الوطني، إلى أن التوريد أيضا مركزي، والاحتياج الشهري يتراوح بين 250 و 270 جلسة غسيل لمرضى الكلية في المشفى الوطني لوحده، حيث يحتاج المريض أحيانا لجلسات إسعافية غير الدورية، وتتم المتابعة المستمرة والحثيثة من أجل تأمين جميع المستلزمات عن طريق وزارة الصحة، على حدّ وصفه.

تضييق مشافي الحكومة

تقارير إعلامية تحدثت عن معاناة الكوادر الطبية، لا سيما العاملين في قطاع المشافي الحكومية، ففضلا عن ضعف الرواتب، حيث يعاني الأطباء من ضغط كبير في العمل والمناوبات، والتي تصل في بعض المشافي إلى أربع أو خمس مرات أسبوعيا، ما يعني أن الطبيب محروم من ممارسة أي عمل آخر.

عشرات الأطباء المقيمين في المشافي، اشتكوا إلزامهم من قبل إدارات المشافي، بالعمل لأيام متواصلة، وسط ظروف سيئة تعيشها الكوادر الطبية في المشافي، فضلا عن قلة الدخل والرواتب.

الطبيب السوري، عمرو الخطيب، أكد إن الأطباء المقيمين في المشافي بدمشق، يعيشون ظروفا قاسية خلال إقامتهم في المشافي لأيام متتالية، وذلك في ظل غياب المستلزمات الأساسية للطبيب المقيم، وأبرزها مكان الإقامة والنوم.

وقال الخطيب خلال لقاء سابق عبر إذاعة “المدينة إف إم”، مؤخرا، إن عمل الطبيب يتطلب منه الإقامة في المشفى لأيام متتالية قد تصل إلى 6 أيام، إلا أن المشافي لا تؤمن مكان إقامة جيد للطبيب.

وأضاف الخطيب، خلال اللقاء الذي جاء في برنامج “المختار“: “نضطر أحيانا للذهاب إلى منزلنا من أجل النوم فقط، وأحيانا نضطر للنوم في غرفة الأطباء داخل المشفى، إلا أن معظم الأسرّة في هذه الغرفة تملؤها الحشرات، وغير صالحة للنوم“.

سمسرة بنقل المرضى

صحيفة “تشرين” المحلية أشارت في تقرير لها مؤخرا، عن تلقيها معلومات تفيد بأنه في بعض الأحيان بمستشفى “المواساة” الجامعي بدمشق، في قسم الإسعاف يتم نقل المريض إلى مستشفى خاص بالاتفاق بين بعض المسعفين، وأحد المستشفيات الخاصة مقابل نسبة مالية معينة لكل مريض يتم تحويله إلى المستشفى الخاص.

ويتم الأمر بعدة حجج من قبل المسعفين إما لعدم وجود أماكن، أو بمحاولة إقناع المريض بأنه لن يلقى العلاج بشكل كبير إلّا في مستشفى خاص. بحسب الصحيفة المحلية.

مدير عام مشفى “المواساة “، عصام الأمين، أفاد لصحيفة “تشرين” المحلية آنذاك، إن “للمشفى طاقة استيعابية، أحيانا يأتي مريض بحاجة إلى العناية المركّزة، بينما الموجود عدد محدد من الأسرّة. فأثناء ورود أي حالة إسعافية إلى المشفى. تُشخّص الحالة مباشرة، وفي حال تأكيد حاجته إلى عناية مركّزة ولا وجود لشاغر، حينها فقط يتم التحويل إلى مشفى آخر”.

وضمن سياق ورود هذه المعلومات للصحيفة المحلية. زعم الأمين أن “كل ما ذكر حول اتفاق من قبل بعض الأشخاص بقسم الإسعاف مع بعض المشافي الخاصة لتحويلهم إليها مقابل نسبة، هو “غير صحيح”.

فوضى في الكشفيات الطبية

نقابة الأطباء في سوريا، ومنذ فترة طويلة توعّدت بإجراء دراسة لإصدار تسعيرة جديدة لكشفية الأطباء، وذلك امتثالا لجهود الأطباء، ولكن حتى الآن لم تُنفّذ هذه الوعود، والنتيجة فوضى في أجور وتسعيرة الأطباء بشكل عام، وخاصة في العيادات والمستشفيات الخاصة، حيث تصل الكشفية الواحدة إلى أرقام “خيالية” تفوق قدرة معظم السوريين اليوم، وسط غياب أي دور أو دعم حكومي ضمن هذا الإطار.

من غير المنطقي أن ترفع الحكومة أسعار الخدمات من الخبز والكهرباء، ومنتجات الطاقة من المازوت، والبنزين، وتسعيرة “كشفيات” الأطباء، وخدمات المستشفيات وغيرها، وفي المقابل لا تقوم برفع رواتب ومداخيل المواطنين، خاصة وأن الرواتب في أدنى مستوياتها، ولا تتناسب إطلاقا مع الواقع المعيشي في البلاد.

وقد تداولت مؤخرا، أحاديث كثيرة حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أي أكثر من 45 ألف ليرة سورية.

وبحسب وسائل إعلام محلية، مؤخرا، هناك شكاوى كثيرة بخصوص تقاضي الأطباء على معايناتهم مبالغ كبيرة، تصل أحيانا إلى قرابة 50 ألفا، فيما طالب البعض بضرورة ضبط هذا الأمر، ومراقبة الكشف الطبي، حتى يكون عادلا للمريض والطبيب في نفس الوقت.

قد يهمك: أطباء التخدير في سوريا يهاجرون لأسباب صادمة!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.