منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير الماضي، وسقوط عشرات الضحايا، ونزوح أعداد كبيرة للأوكرانيين تجاه الدول الغربية، بما في ذلك بولندا، في الأيام الأولى للغزو الروسي، حيث أشار موقع “الحل نت” في وقت سابق، أن أثر هذا الغزو سيمتد إلى العالم بأكمله، وتحديدا في سوريا والعراق، لا سيما على صعيد المساعدات الإنسانية، خاصة وأن سوريا تعيش أزمة منذ عقد من الزمان. ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا الشهر السادس، يتراجع التمويل لتخفيف الأزمات الإنسانية في العالم وبشكل خاص سوريا والعراق، أكثر من أي وقت مضى مع تفاقم الأزمات العالمية حسبما تقول “الأمم المتحدة”.

أكبر “فجوة” تمويل

صحيفة “نيويورك تايمز“، نشرت تقريرا يوم أمس الإثنين، وقالت فيه، أن الطلب الذي تضخم بالفعل بسبب تداعيات جائحة “كورونا” والجفاف هذا العام، ارتفع مدفوعا جزئيا بالحرب في أوكرانيا.

وأفاد مارتن غريفيث، رئيس مكتب الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية وحالات الطوارئ، الذي ينسق المساعدات الإنسانية من خلال وكالات المختلفة، “هذه هي أكبر فجوة تمويل رأيناها على الإطلاق، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن عدد الأشخاص المستضعفين الذين يحتاجون إلى الدعم يتزايد بسرعة”.

وأضاف، إن وكالات الأمم المتحدة والمجموعات الخاصة العاملة معها تحتاج إلى 48.7 مليار دولار في عام 2022 لمساعدة أكثر من 200 مليون شخص، ولكن بعد أكثر من سبعة أشهر من العام، جمعت أقل من ثلث هذا المبلغ.

وتخفي التوقعات القاتمة تباينا صارخا في الدعم، بحيث أن الأموال المخصصة لمساعدة الأوكرانيين كانت وفيرة نسبيا، وفق تقرير “نيويورك تايمز” الأميركية.

أوضاع مأساوية

في المقابل، أضافت الصحيفة الأميركية، أنه لا يمكن للاجئين بمخيمات السوريين في شمال العراق الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والكهرباء.

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، يواجه العديد من الأشخاص الذين أُجبروا على ترك منازلهم بدون مأوى أو أدوات أساسية مثل صيد الأسماك أو معدات الزراعة. بينما في جنوب السودان، لن تكون هناك مدرسة ثانوية لبعض الأطفال اللاجئين هذا الخريف.

قد يهمك: العالم أمام كارثة بسبب روسيا؟

عنصرية في تقديم المساعدات

على جانب آخر، ناشدت الدول المانحة تقديم نفس الكرم والكمية للشعوب الأخرى كما يظهرونه للأوكرانيين فيما يقول مسؤولو الأمم المتحدة الآخرون، إنهم يوجهون نفس النداء بانتظام إلى الحكومات والمؤسسات الخاصة. في إشارة إلى أن هناك عنصرية أو تحيّز أو ربما لأغراض سياسية في حجم المساعدات المقدمة للشعوب المتضررة من الحروب والأزمات.

من جانبها، صرحت المتحدثة العالمية باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين، كاثرين ماهوني، “لقد أوضحت الحرب في أوكرانيا بشكل صارخ للغاية، كيف يمكن حشد الدعم بسرعة وعلى نطاق واسع للاجئين والاستجابة للاحتياجات الإنسانية – عندما يكون هناك التزام سياسي”.

كإجراء مؤقت، استفادت الأمم المتحدة من صندوق الاستجابة للطوارئ، لكن هذا ليس كافيا وغير مستدام، على حد قول غريفيث.

وتأتي الغالبية العظمى من هذه المساعدات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد قليل من الدول الأوروبية الفردية، إضافة إلى اليابان وكندا. ويمكن للمساهمين أن يتركوا الأمر للأمم المتحدة لتوجيه الأموال، لكن المانحين يخصصون الغالبية العظمى منها لبرامج وبلدان محددة، وفق التقرير الصحفي.

وللغزو الروسي لأوكرانيا إلحاح جيوسياسي خاص، بالإضافة إلى زخمه الأخلاقي للدول الغنية التي قد لا ترى الأزمات في أجزاء أخرى من العالم تؤثر بشكل مباشر على مصالحها الوطنية.

تأثيره على سوريا

في غضون ذلك، تأوي الدول الأوروبية أكثر من ستة ملايين أوكراني وهم يكافحون مع أكبر أزمة لاجئين في القارة منذ الحرب العالمية الثانية.

وبسبب الأزمة في أوكرانيا، ارتفع الإنفاق في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من بين وكالات الإغاثة الأخرى إلى ما يصل بنحو 10.7 مليارات دولار في عام 2022، وأن هناك حوالي 100 مليون نازح في العالم بارتفاع من حوالي 39 مليونا عام 2011، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.

وفي وقت سابق في شهر حزيران/يونيو الفائت، أفادت الوكالة أنه بدون مليار دولار إضافي هذا العام، سيتم خفض المساعدات النقدية بمقدار النصف تقريبا، “سيكون عدد الأطفال الذين يحصلون على التعليم أقل بنسبة 12 بالمئة. كما أن النازحين الذين يحصلون على مأوى سيقل بنسبة 25 بالمئة، ويقل الوصول إلى المرافق الصحية بنسبة 23 بالمئة”.

أما مخيم الزعتري للاجئين السوريين المترامي الأطراف على الحدود الأردنية-السورية، والذي يؤوي لاجئين هربوا من الحرب والقمع في سوريا لأكثر من عقد من الزمان، يقطع تيار الكهرباء تسع ساعات في اليوم.

كما وأن تدفق اللاجئين الأوكرانيين بهذا العدد الهائل شكّل حالة من الضغط على برنامج المساعدات العالمي للاجئين، والذي يستفيد منه لاجئو دول الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا بشكل كبير، سواء في الداخل أو في دول الجوار، من الذين داخل المخيمات.

ورأت محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كيلي بيتيلو، بحسب وسائل الإعلام في وقت سابق، “أن اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، سيؤدي إلى وجود أزمة إنسانية في أوكرانيا حتما وبالتالي تحويل التمويل والموارد الطارئة بشكل أكبر نحو أوكرانيا، بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

وحذرت بيتيلو، من الأثر الذي قد تتركه زيادة الضغط على المساعدات الإنسانية على الوضع في سوريا، كما في دول المنطقة التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، والتي قد تواجه مزيدا من عدم الاستقرار “وربما الصراع”.

وتابعت بيتيلو، أن الاقتصاد السوري يعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية وقد تأثر بالفعل بالعقوبات الأميركية على روسيا. كما تعتمد تركيا ولبنان والأردن اعتمادا كبيرا على المساعدات الإنسانية في إيواء اللاجئين السوريين لديهم، وهي مرهقة للغاية، ويزداد وضعها تعقيدا بسبب الوضع السياسي والاقتصادي المحلي غير المستقر”.

هذا ويعيش نحو 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق تقارير أممية، ويعاني اللاجئون داخل المخيمات من أبسط مقومات الحياة، وبالتالي قد يؤدي هذا الانخفاض الحاد في حجم المساعدات الإنسانية إلى حدوث أزمة غذائية وما يترافق معها من أزمات اجتماعية ونفسية.


قد يهمك: العقوبات الغربية تدفع روسيا لتفكيك طائراتها المدنية.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة