بين الرسائل الملغومة ومحاولة مغازلة الأسد، تنحصر معاني تصريحات الأمين العام لـ “حزب الله” اللبناني؛ المدعوم من إيران، حسن نصر الله، حينما توجه في إحدى جزئيات خطابه مساء يوم الإثنين، خلال فعالية أقيمت في الضاحية الجنوبية  بالعاصمة اللبنانية بيروت، إلى الرئيس السوري بشار الأسد، بالقول إن حزبه ملتزم بـ “وحدة المسار والمصير مع الحكومة السورية لأنه أساس لمحور وجبهة المقاومة“، وفق زعمه.

نصر الله الذي ادعى في خطابه بأن قوات حزبه الميليشاوي (ذراع إيران في لبنان) ذهبت “إلى سوريا ووقفنا الى جانب القيادة السورية والجيش السوري وبقية الأصدقاء، ويوما بعد يوم نزداد قناعة بصحة خيارنا الذي اتخدناه“.

الحزب المأزوم

نصر الله المأزوم في لبنان، أراد توجيه رسالة على ما يبدو أنها واردة من البريد الإيراني نحو المحيط العربي، مفادها يقول بأن تقارب الأسد مع أي طرف عربي لن يتم في ظل وجود الهيمنة الإيرانية عليه تحت الشعار الزائف “حلف المقاومة والممانعة“. ولعل أي تقارب عربي محتمل مع الأسد تقف بوجهه عوائق عدة، يأتي في مقدمتها التأثير السلبي للنفوذ الإيراني على امكانات الحل في سوريا.

الصحفي اللبناني ربيع دمج، يقلل من أهمية تصريحات حسن نصر الله، معتبرا أن كلام الأمين العام لـ”حزب الله”، لم يعد له قيمة وتأثير في سوريا، لا سيما في ظل انشغال الحزب في قضية الحدود البحرية والصراع على حقول الغاز مع إسرائيل.

ويقول دمج في حديث خاص مع “الحل نت“: “حزب الله لم يعد له قيمة في سوريا، وهو يعمل بأوامر إيرانية، الحديث عن حرب وقتال جديد أمر غير منطقي، لا سيما في ظل محاولة النظام السوري التهدئة لإعادة علاقاته مع العديد من الدول وأبرزها تركيا“.

ويعتقد دمج بتراجع دور حزب الله مؤخرا، لا سيما مع اتجاه إيران للصلح مع العديد من دول المنطقة كالإمارات، ويضيف: “نصر الله الآن يتحدث فقط في ملف ترسيم الحدود، مع اتجاه إيران للصلح وتقديم تنازلات بشأن الاتفاق النووي، فإن الحرب مجددا أمر مستبعد“.

ويرى دمج أن نصر الله، يسعى للظهور بأنه مع حليفه الأسد، في حال واجه الأخير أي سيناريوهات تتعلق بمواجهة عسكرية جديد، ويختم حديثه بالقول: “هي مجرد تصريحات سياسية لا قيمة لها، حزب الله يعاني أصلا من قلة الموارد البشرية، حسن نصر الله في أيامه الأخيرة، حزب الله يشارف على الانتهاء في السنوات المقبلة، وفي ظل توجه إيران لعدم الحرب سينتهي دور حزب الله بالكامل، يحاول القول فقط أنه مع النظام السوري، حزب الله لم يبق له إلا النظام السوري، إيران تصالحت مع الخليج، ولا يوجد دولة عربية واحدة تسانده”.

قد يهمك: إسرائيل تقصف مناطق نفوذ روسي بسوريا.. موسكو موافقة وطهران متخوفة؟

أمين عام الحزب التابع لإيران، قال في خطابه “سنبقى نعبر عن مواقفنا وتضامنا مع الشعوب العربية في المستقبل، وجاهزون لتحمل التبعات لأن هذا موقف حق وتضامن يجب أن يعبر عنه“.

وأضاف: “ساهمنا ضمن إمكاناتنا بمحاربة داعش في العراق، وإذا تعرض العراق لذلك مرة جديدة وطلب منا كما في السنوات الماضية لن نتردد في أن يذهب قادتنا واخواننا ليقاتلوا جنبا الى جنب مع إخواننا هناك“.. زاعما بأن “إيران هي القوة الإقليمية الكبرى التي يستند إليها جميع المقاومين والمظلومين في المنطقة“.

واعتبر نصر الله بأن “حزب الله كان مساهما في تكوين وتشكيل محور المقاومة ونحن جزء منه وسنبقى جزءا منه ونراهن عليه كمحور للقوة القادرة على مواجهة مشاريع الهيمنة والتسلط“.

ولا يبدو أن “حزب الله”، قادر على تقديم أي دعم عسكري للقوات السورية، لا سيما في ظل ملاحقة الطائرات الإسرائيلية للميليشيات المدعومة من قبل إيران، التي يعتبر “حزب الله” من أبرزها في سوريا.

مناورات إسرائيلية

طائرات حربية إسرائيلية، حلقت الأسبوع الماضي، فوق الأجواء اللبنانية الجنوبية، في محاذاة العاصمة السورية دمشق، في إطار ما قرأه محللون، أنه تحضيرا لعمليات قادمة ضد ميليشيات إيران في سوريا.

الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، رأى خلال حديث سابق لـ”الحل نت” أن المناورات الجوية الإسرائيلية، تحمل رسائل عدة لإيران، وهي الرسائل التي لن تنقطع، سواء بانكفاء إيران من عدمه وذلك نظرا لأن إسرائيل تعتبر رسائلها عبر سلاح الجو، هو الأمثل في ردع الخصوم وإظهار فائض القوة.

وحول إمكانية تحضير إسرائيل لعمليات قريبة أضاف النعيمي “أعتقد أن إسرائيل ماضية ولم تنقطع وتتعامل مع المتغيرات في الساحة السورية بسياستها السابقة جز العشب، أي استهداف فائض القوة الميليشياوية الإيرانية المتفق على وجودها في سوريا ضمن تلك الحرب، وليس استئصال الميليشيات، لكن من وجهة نظري، أن كلفة الاستهدافات الإسرائيلية لميليشيا طهران، ستتضاعف مع مرور الزمن، نظرا لحجم الانتشار المهول بحيث باتت ميليشياتها والمرتبطة بمشروعها تسيطر على قرابة 300 نقطة عسكرية في سوريا“.

واعتبر النعيمي، أن إسرائيل ستواصل استهدافها المركّز، لقيادات الميليشيات الإيرانية في سوريا، العاملة ضمن الجغرافية السورية وذلك من أجل ردع أي تموضع إيراني جديد يخل بموازين القوى في سوريا.

الحدود البحرية

كذلك يواجه “حزب الله “صعوبات، في إطار ملف الحدود البحرية والصراع على حقول الغاز في المتوسط مع إسرائيل.

ويخوض لبنان مفاوضات برعاية الأمم المتحدة وساطة أميركية مع إسرائيل، لترسيم حدود بحرية مشتركة من شأنها أن تساعد في تحديد موارد النفط والغاز التي تنتمي إلى أي من الجانبين.

وبدأت إسرائيل بالفعل العمل في حقل نفط “كاريش” من خلال سفينة تديرها شركة “إنرجيان” ومقرها لندن.

لوري هايتيان، متخصصة في شؤون الطاقة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ترى أن لبنان بحاجة إلى حل للقضية بأسرع وقت ممكن، إذا يعتقد اللبنانيون أن الوقت ضاع كثيرا في قضية التنقيب عن الغاز.

وقالت هايتان في حديث سابق مع “الحل نت“: “المفاوضات لن تتوقف، الوسيط الأميركي قدم الحل في آذار الماضي، الذي يقضي أن يكون البلوك 9 للبنان، والبلوك 8 يتقاسمه لبنان مع إسرائيل، وفي قضية حقل قانا الأولوية تكون للجانب اللبناني في التنقيب، وبعدها يتم إعطاء إسرائيل حقها، الأمر الذي رفضه لبنان في البداية“.

وتعتقد هايتان أن لبنان متجه لحل القضية، مشيرة إلى أن الجانب اللبناني ينتظر فقط إعطاء حقه في الأولوية في التنقيب، وحول ذلك تضيف: “لبنان يقول إنه لن يتقاسم مع إسرائيل في قانا، لكنه في الوقت ذاته لا يقول صراحة لن نعطي إسرائيل حقها، بالتالي أعتقد أن أي ضمانة بالبدء في التنقيب سيقبل به لبنان، بمقابله قد يكون أن قانا للبنان، مقابل إعطاء حصة معينة لإسرائيل“.

قد يهمك:إسرائيل تلوح بضرورة إعادة فرض العقوبات على إيران.. ما علاقة الملف النووي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة