منذ منتصف الشهر الفائت، عاد الازدحام وطوابير السيارات العاملة على المازوت والبنزين إلى محطات الوقود في سوريا، التي تشهد أزمة نقل وازدحاما خانقا نتيجة شح الوقود، ما أدى إلى شح في النقل الطرقي والبري، بسبب عدم توافر المحروقات بالسعر الرسمي، والذي بدوره تسبب بارتفاع تكاليفه.

ارتفاع أجور النقل والشحن

كلفة وأجور الشاحنة الواحدة من اللاذقية إلى دمشق، أو حلب تضاعفت 100 مرة منذ بدء عام 2011، ووصلت إلى نحو مليوني ليرة سورية، وفقا لما أكده صالح كيشور، رئيس اتحاد شركات الشحن الدولي السوري.

وحسب كيشور، الذي تحدث في مقابلة مع صحيفة “الوطن” المحلية، أمس الاثنين، يكلف نقل شاحنة واحدة برا من ميناء اللاذقية إلى دمشق نحو مليوني ليرة سورية، مقابل ما لا يزيد عن 400 ألف ليرة للرحلة نفسها بالسكك الحديدية.

وتابع كيشور، أن التكلفة ستمثل حوالي 30 بالمئة من نفقات النقل البري، إذا ما أضيفت أسعار النقل الداخلي ضمن المحافظة نفسها، مبيّنا أن أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع نفقات النقل البري، هو ندرة البنزين والمحروقات بالسعر الرسمي.

واعتبر كيشور، إن أسعار النقل الطرقي ستنخفض قليلا بمجرد تفعيل النقل السككي بسبب وجود منافس، ما سينعكس على أسعار البضائع في السوق وعلى المستهلك أيضا، حيث يوجد 21 ألف شاحنة قاطرة ومقطورة، وخمسة آلاف براد، و14 ألف شاحنة في سوريا متوقفة حتى اللحظة.

لماذا لا تتوفر المحروقات في سوريا؟

سبق أن صرح رئيس اتحاد شركات الشحن الدولي السوري، في نيسان/أبريل 2018، لصحيفة “البعث” المحلية، أن جميع شركات الشحن تشتري الوقود من السوق السوداء بسعر 5000 ليرة للتر الواحد من المازوت، حيث تتوافر المواد بأي كمية هناك، وهو ما ينعكس في نهاية المطاف على أسعار السلع.

ويحدد الخبراء، قضية ندرة الوقود والمحروقات في سوريا أو عدم توفرها بالسعر الرسمي، كسبب أساسي في كل الأزمات تقريبا في البلاد، وكحاجز يجب التغلب عليه لكي يستأنف الاقتصاد والصناعة والإنتاج النمو، إذ تصل تكاليف أجور الشحن الطرقي للبضائع إلى ما يعادل ثمن البضاعة نفسها أحيانا.

وجوهر القضية، هي أن الحكومة لا تملك الأموال الكافية لشراء الحد الأدنى من المحروقات التي تحتاجها سوريا، على الرغم من أن روسيا وإيران صديقتان ويمكنهما الوصول إلى جزء من أكبر احتياطيات العالم من النفط والغاز، ولكنهما اختارتا عدم إظهار أي علامة على الدعم، أو المساعدة في هذا المجال.

14 مليار ليرة مخالفات المحروقات

أرقام كبيرة تحصلها مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، نتيجة المخالفات وعمليات الفساد التي تحدث في أروقة المخابز ومحطات الوقود، والتي يعتبر الكثير منها شبه حكومية، مثل المخابز العامة ومحطات الوقود الحكومية، فخلال الأشهر الستة الماضية فقط، تم تنظيم آلاف الضبوط التموينية بمخالفات تتعلق بمادة الخبز والمحروقات، والتي قُدرت قيمتها بنحو 14 مليار ليرة سورية.

وبحسب موقع “أثر برس” المحلي، يشير حجم المخالفات التموينية الجسيمة في قطاعي المحروقات والمخابز خلال شهر أيار/مايو الفائت فقط، إلى حجم المخالفات المالية الكبيرة والتي تضمنتها ضبوط وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وذلك ضمن سلسلة حلقات الفساد التي تمتهن السرقة والغش واستغلال الأزمات للمنفعة المادية على حساب المواطن.

حيث كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن إعلام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، منتصف أيار/مايو الماضي، القيمة المالية للمخالفات “الجسيمة” والتي سُجلت حينذاك على محطات الوقود والأفران فقط، والبالغة بما يزيد عن 861 مليون ليرة سورية.

وجاءت النسبة الأكبر، وقتذاك من المخالفات في قطاع المحروقات، حيث سجلت فيه 95 بالمئة بقيمة مالية تجاوزت 818 مليون ليرة، وذلك في محطات الوقود التي ضبطت بحالات تلاعب في المواد المدعومة مازوت وبنزين، بينما بلغت نسبة المخالفات في قطاع المخابز قرابة 5 بالمئة وبقيمة مالية تجاوزت 41 مليون ليرة سورية.

وبحسب خبراء فإن الأرقام المذكورة، والتي أعلنت لأول مرة في تاريخ وزارة التموين بهذا الشكل، تشير إلى حجم الفساد الكبير الذي يقع على حساب المواطن العادي، متسائلين عن دور الوزارة مسبقا من هؤلاء، وحجم السرقات الموجودة والتي لم يتم ضبطها، وكيفية إيقاف هذا الفساد، ومدى انعكاس هذه المخالفات على واقع السوق المحلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.