بين فرض عقوبات مباشرة على بشار الأسد والاستمرار في العقوبات السابقة، يظهر أنه منذ بدء عهد الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس الأميركي جو بايدن في كانون الثاني /يناير، بدى من خلال بعض المعطيات انخفاض اهتمام واشنطن بالملف السوري، في الوقت الذي تؤكد فيه بعض التحليلات أن الولايات المتحدة الأميركية تعيد ترتيب أوراقها للبدء بسياسة تعاطي جديدة مع سوريا.

وتقول صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن استراتيجية الإدارة الأميركية في عهد بايدن، تجاه سوريا «على الفهم، والفجوة بين أفعاله وأقواله جعلت الدول تشعر بالارتباك، والشعب السوري بالتخلي عنه».

وتساءل الكاتب في الصحيفة جوش روجين عن استراتيجية بايدن في سوريا بعد مرور عام على توليه منصبه. واصفاً إياها بأنها «غير متماسكة ومتناقضة» في آن واحد.

وجاء في مقاله: «عندما تم انتخاب بايدن كان لدى العديد من السوريين آمال عريضة في أن يأتي بخطة شاملة لحشد المجتمع الدولي للتحرك بشأن سوريا، ومحاسبة الرئيس السوري، بشار الأسد، على جرائم الحرب التي ارتكبها كما وعد، لكن هذه الآمال تبددت إلى حد كبير. ولم تقم إدارة بايدن بتنشيط دبلوماسية الأمم المتحدة، ولم تستخدم نفوذ الولايات المتحدة وتؤثر بشكل كبير في زيادة الضغط على الأسد».

قد يهمك: هل تتجه الولايات المتحدة إلى محاسبة دمشق خارج مجلس الأمن والمحكمة الدولية؟

وأضاف: «بل على العكس من ذلك، لم يعد المشرّعون والناشطون يصدقون ادعاءات إدارة بايدن بأنها تعمل على معارضة التطبيع مع نظام الأسد، ويرون أنها تفعل العكس».

فصل الملف السوري عن الملف الإيراني

ويعتقد الباحث السياسي صدام الجاسر أن عدم وضوح الرؤية الأميركية تجاه سوريا. يأتي بسبب الرغبة في فصل الملف السوري عن الإيراني في عهد الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.

ويقول الجاسر في حديثه لـ”الحل نت”: «هناك مرحلتين مرت فيها الاستراتيجية الأميركية، الأولى مرحلة قيام الثورة وكان أوباما يتولى السياسة، أوباما وجد في الثورة السورية مدخل للضغط على إيران، لذلك تم ربط الملف السوري في الملف الإيراني، وفي الاتفاق النووي تم تسليم سوريا لإيران، المرحلة الثانية عندما فاز ترامب، تبدلت السياسة، تم وضع أسس وقواعد جديدة، لم يستطع ترامب فصل الملف السوري عن الإيراني رغم محاولاته».

ويضيف: «منذ تولي بايدن هناك حديث في الإدارة الأميركية، عن العمل على فصل الملف السوري عن الملف الإيراني. إلى الآن لا يوجد وجهة نظر أميركية واضحة. الأميركان يرغبون بالانسحاب من سوريا، لكن لا يرغبون بإنهاء نفوذهم. لذلك نراهم يقدمون قدم ويؤخرون أخرى، يعملون حالياً على تقييم الدراسة التي تقول فصل الملف السوري عن الإيراني. وجعل لسوريا ملف خاص للعمل عليه».

وحول انخفاض الاهتمام الأميركي بالملف السوري والاتجاه لتخفيف قوانين قيصر يزيد الجاسر بالقول: «الولايات المتحدة لن تتجه لتخفيف قانون قيصر، بالعكس ستتجه إلى زيادة الضغط عن طريق القانون، لأنه أصبح الورقة الوحيدة تقريباً لدى واشنطن في الملف السوري، خصوصاً إذا لاحظنا أنه في أميركا بدأ الحديث عن تحقيقات حول مصادر ثروة بشار الأسد، والمخدرات والإتجار بها، هذا يعني أننا مقبلون ربما على عقوبات جديدة تطال رأس النظام نفسه».

واشنطن والاهتمام بالملف السوري

مع استمرار فرض واشنطن عقوبات على بشار الأسد وضباط ومسؤولين في النظام السوري. يبدو أن هناك تقارير تتحدث عن إزاحة إدارة بايدن للملف السوري ومنطقة الشرق الأوسط عن أولوياتها الاستراتيجية.

وتذهب الكثير من تحليلات الموقف الأميركي إزاء سوريا، للقول إن تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري مرتبط بعدة عوامل. أبرزها الشعور الجماعي بالاستسلام أمام فكرة أن «النظام سيبقى». وأنه لا يوجد أحد في المجتمع الدولي يخطط لتغيير هذا الوضع. فضلاً عن نجاح حلفاء الولايات المتحدة بالحد بشكل كبير من خطر تنظيم “داعش” في البلاد.

ويرى الصراع الدائرة في سوريا لم يعد يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية. في إطار جهودها للضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات تساهم في الحد من سلوكها النووي.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة في حديث سابق لـ”الحل نت”: «منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض. لم تكن سوريا والصراع الدائر فيها جزءاً اصيلاً من سياسته الخارجية».

ويعتقد خليفة أن واشنطن لم تعد تهتم بالملف السوري مؤخراً: «خصوصاً بعد تقليص خطر داعش وتمركزها في البادية السورية، وإبقاء الآبار النفطية في أيدي حلفاء واشنطن قوات “قسد” لتأمين التمويل الذاتي لهم» حسب قوله.

وحول أسباب تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري يضيف المحلل السياسي قائلاً: « اذا أردنا التركيز على الأسباب الحقيقية، فهي من وجهة نظري ليست مرتبطة بالقضية السورية على وجه الخصوص، إنما ما خلفته جائحة كورونا من أعباء على الأمريكيين، وآثار الحرب الاقتصادية البادرة التي تتبعها مع الصين، والتفرغ لها بعيداً عن الشرق الأوسط وصراعته التي لا تكاد أن تنتهي إطلاقاً ».

اقرأ أيضاً: عودة العلاقات العربية مع سوريا.. فائدة لإسرائيل وتهديد للوجود الإيراني؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.