جميع الخطط والادعاءات الحكومية لخفض الأسعار في سوريا لم تنجح، بل أثقلت ارتفاعاتها المتتالية كاهل المواطنين بشكل غير مسبوق، وما يجري هو ابتكارات حكومية لا تعدو أن تكون حبرا على ورق في الوقت الذي تزداد فيه المعاناة.

اختراع لجنة التسعير

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، نقل عن عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، أن السبب الأساسي لارتفاع الأسعار في الأسواق، والفوضى في التسعير يعود إلى هوامش الربح الموضوعة، حيث من غير المقبول أن يكون هامش الربح لمن يعمل في الشعلان، نفسه لمن يعمل في المزة، أو في الميدان، وفي المخالفات، والكلفة تختلف بين المتاجر وثمن المحال والتجهيزات المختلفة.

وبحسب الحلاق، فإن الاقتصاد السوي بحاجة إلى مرونة وإلى “تكبير الكعكة”، من أجل تخفيض الأسعار، لافتا إلى أن لجنة التسعير التي اجتمعت منذ أيام، درست بيانات تكلفة لمستوردين في ثلاث أوراق تضم 10 أو 15 مستوردا، في الوقت الذي يجب أن يكون المستوردون بالمئات والآلاف حتى تنخفض الأسعار، وقال: “ضمن هذه الأوراق فقط لدينا 6 إرساليات شاي، و5 إرساليات رز، دخلت إلى البلد ومن المفروض أن يكون لدينا في الحد الأدنى 50 إرسالية، حتى تنخفض الأسعار”.

واعتبر الحلاق، أن الحكومة تعمل على تخفيض المستوردات بحسب الظرف الحالي للحفاظ على القطع الأجنبي، لكنها في الوقت نفسه تتسبب في ارتفاع، وفوضى في الأسعار، أي مثل الطبيب الذي يصف دواء لمعالجة الكبد لكن الدواء يضر بالمعدة، وهذا هو حالنا اليوم أنه لا يوجد علاج.

وحول هامش الربح الذي تضعه اللجنة للمستوردين، بيّن الحلاق، أنه لا يوجد شيء اسمه تسعير في الأسواق العالمية، ولا شيء اسمه هامش ربح، مبيّنا أن التسعير في سوريا على الورق فقط، وعملية التسعير غير معمول بها في دول العالم، وهذه الطاولة المسماة لجنة التسعير تم استحداثها في سوريا فقط، ولا يوجد أي فائدة منها.

إقرأ:أسعار كاوية لمكونات “المكدوس”.. الجوز بـ40 ألف ليرة سورية

لجنة التسعير والمنصة الإلكترونية

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، تتألف اللجنة من مندوبين من وزارات التجارة الداخلية، والاقتصاد، والتجارة الخارجية، والصناعة، والجمارك، وغرف التجارة والصناعة والزراعة، والمصرف المركزي.

ونقل التقرير عن مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية، نضال مقصود، أنه تجري دراسة بيانات التكلفة المقدمة بدقة مع الأطراف المعنية حتى الوصول إلى الكلفة الحقيقية، ومنحها هامش الربح اللازم الذي يحدد وفق السلعة ودورانها في الأسواق، وهل هي سلعة معمّرة أم سلعة استهلاكية في الأسواق.

مقصود، اعتبر أنه لا يوجد أي مبرر للفوضى في التسعيرة الموجودة حاليا في الأسواق، وعلى المواطن أن يقدم شكوى بحق أي تاجر يتقاضى سعرا أعلى من الأسعار المحددة، لافتا إلى أنه يجري العمل على الإعلان عن منصة إلكترونية خاصة بالأسعار، سيتمكن المواطن عبرها من معرفة أسعار جميع المواد.

وأوضح مقصود، أن هامش الربح المحدد تم بعد اجتماعات موسعة مع النقابات، والغرف التجارية، والاتفاق على هامش الربح، لافتا إلى قيام الوزارة منذ عام 2019 بإضافة نسبة 5بالمئة، نفقات متنوعة دون تقديم وثيقة من قيمة الفاتورة لضمان الوصول إلى سعر حقيقي يضمن تدفق السلع في الأسواق، ولا يحق لأي تاجر، أو مستورد زيادة نسبة هامش الربح دون تقديم المبررات والحصول على موافقة من الوزارة.

من جهة ثانية، أشار تقرير “الحل نت”، إلى أنه سيتم إطلاق مشروع منصة إلكترونية للأسعار ومنصة للشكاوى قريبا، ونظام الفوترة التي سيتم إطلاقه سيكشف مصدر الخلل، وتتم من خلاله الملاحظة من الضبوط أن هناك من يقوم بحجب السلع ورفع السعر، وذلك نقلا عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

وتعمل المنصة وفق مبدأ الشكاوى الشفهية بحق التجار الذين يقومون برفع الأسعار، حيث وجّهت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إنذارا عبر صفحتها على “فيسبوك”، يوم الخميس الماضي، إلى جميع المستوردين، وتجار الجملة الذين يصدرون فواتير وهمية، وهم بالأساس يتقاضون أسعارا مرتفعة بأن يتوقفوا عن ذلك فورا ويتقيدوا بالأسعار التموينية الموضوعة من الوزارة بناء على بيانات التكلفة التي هي بالأساس مقدمة من قِبلهم.

وأوضحت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وقت سابق، أن الرقابة التموينية لن تعتمد على التصريح الخطي ضد التجار كشكوى فقط، بل على الشكاوى الشفهية أيضا، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق المرسوم التشريعي رقم 8 عام 2021 مع إحالتهم إلى القضاء موجودا، وشددت على ضرورة الالتزام التام بتسعيرة الوزارة من جميع الفعاليات الاقتصادية، قائلة: “على من لديه إثبات بأن كلفته أعلى من تسعيرة الوزارة فليتقدم ببيانات كلفة إلى مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

قد يهمك:لتخفيض أسعار الفروج.. نوع علف جديد بسوريا

عمليات ابتزاز غير قانونية وتناقض حكومي

في معرض الرد على قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حول قرار المنصة الإلكترونية للشكاوى الشفهية، بين عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، ياسر اكريم، أن الاعتماد على الشكاوى الشفهية أمر غير منطقي وغير قانوني باعتبارها غير موثقة دائما بالقوانين، لذا يجب أن تكون موثقة وصحيحة، لافتا إلى أنه يجب الاعتماد على التصريح الخطي إضافة لطرق أخرى للشكوى التي من الممكن أن تكون عن طريق التصوير والتوثيق عن طريق الموبايل على سبيل المثال عند وجود مخالفة باعتبار أن التوثيق بالصورة أصبح متاحا، وأصدق من الشكوى الشفهية.

أما عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق، أيمن مولوي، فيرى أن الاعتماد على الشكاوى الشفهية أمر غير مقبول أبدا، وممكن أن تكون هذه الشكاوى كيدية، أو من أجل ابتزاز التاجر من قبل الشاكي، لافتا إلى أن هذا الأمر يعتبر مخالفا للقانون.

من جهة ثانية، فإن وزارة التجارة الداخلية تناقض نفسها من خلال القرارات المضّطربة التي تصدرها، حيث دراسة رفع الأسعار التي تعكف عليها الوزارة، ما أعلنته مطلع الشهر الحالي بتحديد الربح.

حيث حددت الحد الأقصى للربح في إنتاج، أو استيراد عدد من المواد ولكافة حلقات الوساطة التجارية، حيث تم تحديد هامش الربح لحوالي 50 مادة وتراوح الحد المسموح به بالربح بين 4 – 10بالمئة، للمستورد وتاجر الجملة، وبين 5 – 13بالمئة، لبائع المفرق.

تم تحديد الحد الأقصى للربح بـ9 بالمئة، لتاجر الجملة في حال أنتج أو استورد هذه المواد، (السمن والزبدة الحيوانية والزيت النباتي وزيت الزيتون، والملح والنشاء واللحوم والحليب المجفف كامل الدسم، وخالي الدسم وحليب الأطفال ومستحضرات أغذية الأطفال، والمتة والمشروبات الغازية والكحولية والطحين المنتج والخبز السياحي والصمون والكعك، والبقوليات والبرغل والفريكة، ومكعبات الثلج والمخللات، وأنواع من الأسمدة والبذور الزراعية والمستورد من الألبسة المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 13بالمئة.

أما المواد التي كان هامش ربحها أقل من ذلك، فهي (الأرز والسكر ومعلبات اللحوم، والسمسم والطحينة والحلاوة، والشاي المستورد والبن بأنواعه والطحين المستورد، والدفاتر المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 9بالمئة.

إقرأ:أسعار جديدة في دمشق.. ما علاقة القوة الشرائية؟

فوضى إدارية تعاني منها الجهات الحكومية المسؤولة عن الأسواق وعلى رأسها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث بات عجز هذه الجهات واضحا في إيجاد أي حل يخفّض من الأسعار بشكل يناسب وضع السوريين ولو بالحد الأدنى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.