كان ارتفاع الأسعار مصدر  مثير للقلق في الآونة الأخيرة، إذ لا ينبغي الاستخفاف به، فبداية من زيوت الطعام إلى الأرز والضروريات اليومية، باتت كل سلعة في الحياة اليومية داخل سوريا مؤخرا ضمن قائمة ارتفاع الأسعار بسبب التضخم، والأمر الأكثر إثارة للقلق من ارتفاع الأسعار نفسه هو كيفية تفاعل الناس معه، وهذا ما حدث في دمشق.

القوة الشرائية ضربت الأسواق

من المثير للاهتمام كيف كان رد فعل أهالي العاصمة دمشق، بعد ارتفاع أسعار الدجاج، حيث وصل سعر الواحدة منها إلى 25 ألف ليرة سورية، فعلى عكس الارتفاع المذهل في أسعار المنتجات الأساسية، لم يقبل العديد منهم رفع الأسعار، والوضع الجديد الذي فرضته الأزمة العالمية.

منذ الربع الثاني من حزيران/يونيو الجاري، انخفضت أسعار الدجاج بشكل مفاجئ بنسبة 20 بالمئة، حيث بات سعر كيلو الفروج الحي في الأسواق 6300 ليرة، وسعر كيلو الفروج المذبوح والمنظف إلى 8500 ليرة، وسعر كيلو الشرحات من دون عظم إلى 14000 ليرة، فيما بلغ سعر كيلو الدبوس 7800 ليرة، وسعر كيلو الوردة 8500، وكيلو الكستا 9200 ليرة، وسعر كيلو الجوانح 6500 ليرة، والسودة 14500 ليرة.

هذا الانخفاض المفاجئ، عزاه طالب كلية الهندسة المعمارية، في جامعة دمشق، إبراهيم وردة، انخفاض القوة الشرائية للدجاج من قبل المواطنين، حيث عزف الكثير منهم عن شرائه بعد ارتفاع أسعار بشكل غير منطقي، وهذا انعكس سلبا على مربي الدواجن، لا سيما مع ارتفاع حرارة الطقس، وعدم قدرتهم على تخزينه.

أما السبب الثاني، الذي كشفه وردة خلال حديثه لـ”الحل نت”، والذي أدى إلى زيادة المعروض وقلة الطلب عليه، هو تحول المواطنين نحو الخضار التي انخفضت أسعارها بفعل موسم الصيف، وبات استهلاك الخضار مرتفع مقارنة بالأشهر السابقة التي شهدت ارتفاعا في أسعاره بسبب الصقيع.

هل هذا هو الوضع الطبيعي الجديد؟

بعد الانخفاض الذي طرأ على أسعار الدجاج، أكد رئيس جمعية اللحامين، أدمون قطيش، في تصريحات متتالية الأسبوع الفائت، أن انخفاض سعر لحوم الفروج في الأسواق سيدوم لمدة شهر أو أكثر، مبينا أن استمرار انخفاض السعر أكثر سيسبب كارثة.

وأوضح قطيش، أن مربي الفروج يخسر حاليا 2000 ليرة بكل كيلوغرام فروج، إذ لا تتناسب تكلفة الإنتاج مع سعر السوق، مقترحا حلا لعدم خسارة المربين، وهو تدخل “السورية للتجارة”، بما أن لديها برادات ويمكن أن تستقطب كل لحوم الدجاج من الأسواق، وعندما تتدخل المؤسسة سيصبح سعر لحوم الدجاج مرضيا للمواطن والمربي على حد سواء.، على حد تعبيره.

ما يعتقده عامة الناس حول ارتفاع الأسعار، وفق وردة، أن ارتفاع الأسعار تسبب بفرض قيود مالية على كل طبقة من الناس، والطبقة الدنيا والطبقة الوسطى هم الذين يعانون أكثر من غيرهم، فالتكلفة الإضافية للضروريات اليومية تخلق تباينا مقابل دخل المواطنين، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، ظل الدخل على حاله، ونتيجة لذلك، اضطر معظمهم لتقديم تنازلات بطريقة أو بأخرى، أو الإضراب عن الشراء.

احتجاج إلكتروني

في شرح سبب الزيادة الحالية في أسعار السلع الأساسية، قال أستاذ اللغة العربية، محمد خليل، “لقد تعلمنا من التجارب السابقة ونعلم أن التخزين والاحتكار هو أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الأسعار، حتى رئاسة الوزراء نفسها أمرت باتخاذ إجراءات فورية ضد محتكري المواد، لكن يستخدم التجار عددا من القضايا العالمية المتعقلة بالإمدادات لدفع أجنداتهم وتبرير أفعالهم أثناء محاولتهم لرفع السعر، ولكن هذا غير مبرر على الإطلاق”.

وتابع خليل، حديثه لـ “الحل نت”، “إنها مثل مجاعة صامتة بين الناس ولكن هناك شعور بينهم بعدم تقبلها”. مضيفا أن هناك سوء فهم حول الاحتجاجات والاعتراضات التي ترصد على مواقع التواصل الاجتماعي، فعندما يحتج شخص ما على قضايا مثل ارتفاع الأسعار، يتم منحهم على الفور تسمية سياسية ويتحول الأمر إلى قضية أخرى.

وأوضح خليل، “لكن هذا الاحتجاج ليس ضد الحكومة، ولا يجب الخلط بينه وبين الاحتجاج المناهض للحكومة، هذا احتجاج على حقوق الناس، أعتقد لأن هذه الاحتجاجات اتهمت بأنها احتجاج مناهض للحكومة مرات عديدة، ويعامل المحتجون بقسوة في كثير من الأحيان، لدرجة أن الناس الآن غير مستعدين للاعتراض على أي شيء سوى بامتناعهم عن شراء السلع الغالية”.

ويشير خليل، إلى أن المزارعون يحصلون على القليل جدا ويدفع المستهلكون مبالغ عالية جدا، مما يعني فقط أن الوسطاء والتجار ينتهزون هذه الفرصة لتخزين المواد الرئيسية لخلق نقص مصطنع في السوق لرفع السعر.

الجدير ذكره، أن ارتفاع الأسعار لا يفارق الأسواق السورية منذ مطلع العام الحالي، وعلى الرغم من كل ادعاءات حكومة دمشق بالعمل على ضبطها وتخفيضها، وذلك في ظل عدم وجود دخل كافي لدى المواطنين، تتفاقم المشكلة مع استمرار الارتفاع الذي يطال بشكل أساسي المواد الغذائية الأساسية والخضار والفواكه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.