“اشتريت القرطاسية، بس طار الراتب“، تشرح رولا عابد (أم لابنتين وطفل تعيش في دمشق) معاناتها، خلال تسوق المستلزمات المدرسية لابنتيها، مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، وغلاء مستلزمات المدرسة من قرطاسية ولباس وأحذية.

الأسعار مضاعفة

الأسواق السورية شهدت هذا العام، مضاعفة أسعار المستلزمات المدرسية، إذ سيجد المتسوق في أسواق جميع المحافظات السورية المشهد نفسه؛ وهو تشكيلة واسعة من الملابس المدرسية التي حرص أصحاب المحلات على إبرازها، والتركيز على ما يسمى بالموديل الجديد لهذا العام؛ ما سيكون بلا شك تبريرا لرفع سعر القطعة بآلاف إضافية، والأمر ينطبق أيضا على الحقيبة المدرسية، حيث تبدأ الأسعار من 20 ألف ليرة سورية، وتصل إلى 30 ألفا في المناطق الشعبية.

تؤكد عابد، في حديثها لـ“الحل نت” إنها: أنفقت نحو مئة وعشرين ألف على القرطاسية، لابنتيها رغد ونور، وتقول: “مئة وعشرين ألف يعني راتب شهر كامل من عملي في القطاع الحكومي، حتى الآن لم أشتري ملابس المدرسة والأحذية. الأسعار غير معقولة“.

وتشير عابد، إلى أن الأسعار تتفاوت بين سوق لآخر، حيث يبدأ سعر الدفتر المدرسي في سوق الحريقة من ألفين ليرة سورية، ولا ينتهي عند سبعة آلاف، في حين تبدأ أسعار الأقلام بمختلف أنواعها بخمسمائة ليرة.

قد يهمك: بين الإندومي والفروج.. السوري ممنوع من الأكل؟

“الصدريتين بمية وخمسين ألف” تقول عابد باستياء، وهي تشرح عن تحضيرها لفقرة الشراء القادمة، والتي ستشمل ملابس المدرسة والأحذية، وتضيف: “أيام قليلة تفصلنا عن بداية العام الدراسي، وسأضطر للانتظار حتى الشهر القادم لشراء الملابس، حتى يتوفر المال، وربما تنخفض الأسعار بعد أن ينتهي معظم الناس من الشراء“.

رغم الازدحام الذي تشهده الأسواق هذه الأيام، إلا أن بائعون أكدوا لـ“الحل نت”، أن معظم الناس يأتون للسؤال عن الأسعار فقط، ثم يذهبون لـ“يحسبو حسبتهم“. فعملية الشراء تحتاج لخطة، بحيث يشتري الأهل جميع المستلزمات بالمبلغ الذي يخصصونه، وبالتالي لا يمكن الشراء بشكل عشوائي.

يتراوح سعر البنطال المدرسي، بين 25 إلى 60 ألف ليرة، وكذلك القميص، لتتجاوز أقل تكلفة للباس المدرسي مع الحذاء 150 ألفا، وتصل أحياناً إلى 300 ألف، وتختلف الأسعار بين الصعود والهبوط تبعا للأسواق، وتصنيفها إما شعبية أو غير شعبية، إضافة إلى المولات والماركات.

وبلغ سعر “دزينة” أقلام الرصاص 4500 ليرة، وأقلام الحبر تراوح سعرها بين 7-10 آلاف ليرة، أما أسعار المقلمة فتراوحت بين 2500-20000 ألف ليرة، وقد تراوح سعر الممحاة، والمبراة بين 500-800 ليرة، وسعر علبة الهندسة بين 5-15 ألف ليرة.

بيع اللباس المستعمل

في إطار ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، ونظرا لتدني مستوى الرواتب والمداخيل في البلاد، بدأت صفحات التواصل الاجتماعي بنشر أخبار عن بيع الملابس المدرسية المستعملة، حيث تلقى رواجا كبيرا لانخفاض أسعارها عن الجديدة المتواجدة في الأسواق.

وعليه، يبدو أن تأمين مستلزمات المدارس، بات يشكّل عبئا ثقيلا على الأهالي، وجعلهم في حيرة من أمرهم تجاه تدبّر احتياجات أبنائهم منها، وخاصة أن الأسرة الواحدة لديها أكثر من فرد في المدرسة، حيث أوضح عدد من الأهالي أن شراء المستلزمات المدرسية لن يكون دفعة واحدة بالنسبة للدفاتر والأقلام؛ بل “أولا بأول وللضروري فقط“، وفق تقارير محلية.

من جانبه يروي ياسين العلي (أب لخمسة أطفال ثلاثة منهم تلاميذ مدارس ابتدائية، ويعمل كسائق تكسي)، معاناته من البضائع منخفضة الجودة المنتشرة في الأسواق، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار البضائع ذات الجودة العالية، ويقول: “العام الماضي اشتريت ثلاث حقائب من الأرخص لأولادي، لكن الجودة كانت رديئة جدا، وتمزقت الحقائب واحتاجت لترميم بشكل شبه شهري على مدار العام“.

ويضيف العلي، في حديثه لـ“الحل نت“: “كل المستلزمات غالية، البدلة المدرسية بمئة وخمسين ألف، سأذهب للسؤال عن الأسعار، إذا أردت شراء جميع المستلزمات بجودة متوسطة أحتاج لكل طفل تخصيص مبلغ 500 ألف ليرة“.

قد يهمك: التبغ أحدث الإضافات على قوائم ارتفاع الأسعار بسوريا

وبحسب تقارير محلية، فإن بعض الأسواق تشهد غيابا للتسعير على معظم المستلزمات المدرسية، وسط غياب دور الرقابة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي يفترض أن تراقب وتضمن الالتزام بالتسعيرة الرسمية.

لـ“حفظ ماء الوجه”

تحت مسمى التدخل الإيجابي، أعلنت صالات “السورية للتجارة” قبل أيام افتتاح معارض للمستلزمات المدرسية، والهدف بيع تلك المستلزمات بسعر أقل من الأسواق بنسب تصل إلى 30 بالمئة، ولكن في مقارنة بسيطة يبدو أن الأسعار هي ذاتها إذا ما أخذنا جودة اللباس مقياسا لتحديد الأسعار، فبعض الأسواق الشعبية توجد فيها مستلزمات أقل سعرا من أسعار المؤسسة، وفق تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، الإثنين الفائت.

بدوره، مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة في السويداء، ربيع غانم، أكد أن المستلزمات المدرسية موجودة في عدد من صالات “السورية للتجارة” في المحافظات، مشيرا إلى أن الشريحة المستهدفة من التقسيط، هي العاملون الدائمون في الدولة، والعاملون بعقود سنوية غير منتهية خلال فترة التقسيط.

وعن أسعار المستلزمات المدرسية في صالات السورية للتجارة، يصر غانم، على أن الأسعار أقل من السوق بنسبة لا تقل عن 35 بالمئة، وكل المواد الموجودة ذات جودة ونوعية ممتازة تلبي جميع طلبات واحتياجات الأهالي وأبنائهم.

لكن، وقبل أيام معدودة، انتقد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق“، الدكتور شفيق عربش، البضائع والمواد الموجودة في الصالات الحكومية، واصفا المؤسسة السورية للتجارة بأنها “كذبة كبيرة“، مضيفا أن “هذه المؤسسة غير قادرة على تنمية السوق، ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع“.

وحول أنواع الألبسة المدرسية في هذه الصالات، أوضح عربش، أن معظم هذه البضائع من ماركات قليلة الطلب، ولم يعتد عليها المستهلك السوري، مضيفا، “إن معيار الجودة غائب عن الفكر الحكومي، فتكتفي بتأمين السلع مهما كان نوعها، ومعظمها تكون ذات جودة رديئة من الأصناف الثالثة والرابعة، أي إنها تنظر للشعب كمتسولين بالنسبة لها“.

وفي سياق متصل، اعتبر عربش، أثناء حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، مؤخرا، أن تقصير الحكومة يتمثل في عدة جوانب، إحداها، أنها تصدر قراراتها التي تمس معيشة المواطن وفق ما يرفع لها من تقارير غالبا تبيّن لها أن الوضع بخير. وأردف عربش، أن الحكومة “ضائعة بين أن تعمل كحكومة تدير ملفات الشعب، أو أن تعمل كتاجر“.

ووفق تقدير عربش، فإن المطلوب من الحكومة في المرحلة الحالية أن تنسحب من هذا الدور، وأن توجِد المناخات والقوانين الاقتصادية السليمة، وخلق منافسة في السوق ما يدفع الأسعار للتوازن.

في ظل ارتفاع أسعار اللباس المدرسي، والقرطاسية بمعدلات تراوحت بين خمسين إلى مئة بالمئة، عن العام الماضي، خاصة في المحلات والمكتبات. لجأ الكثير من السوريين إلى الشراء من الأكشاك والبسطات في الأسواق الشعبية، كونها أرخص، وأنسب لجيوبهم ورواتبهم الهزيلة.

في ختام حديثه يشير ياسين العلي، الذي تحدث لـ“الحل نت“، ” قد لا يتمكن من شراء جميع مستلزمات أطفاله في المدرسة”، ويختم حديثه بالقول: “حقيقة لا أملك خطة لشراء جميع المستلزمات المدرسية، ربما سأضطر بالاكتفاء بالقرطاسية، ويتم تأجيل مشروع اللباس المدرسي للأشهر القادمة، لا أعلم إذا كانت المدرسة ستستقبل الأطفال بدون اللباس الرسمي“.

قد يهمك: الفساد في الجامعات السورية.. ابتزاز جنسي ورشاوى وانتهاكات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.