عواقب قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بغزوه لأوكرانيا والذي من خلاله حكم بالموت على قوة بلاده القتالية، ظهرت جلياً بحسب تقارير عديدة، تلك القوة التي طالما تغنى بها على مدى العقود السابقة. التقارير أثارت جدلا واسعا في بلاده التي تكتّمت عنها السلطات الروسية طيلة الأشهر السابقة فيما يخص الخسائر التي مُنيت بها القوات الروسية في أوكرانيا.

ونحو تخفيف وطأة أرقام عدد الجنود الروس الذين قتلوا في أوكرانيا، لجأت روسيا إلى اختلاق مناورة عسكرية جمعت عدة جمهوريات سوفيتية سابقة بالإضافة لسوريا، وأقمحت معها الهند والصين.

إثبات قوة أم تهرب من الحقيقة؟

تدريبات “فوستوك” 2022، التي بدأت اليوم الخميس، جاءت وسط الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا، والتي بدأت في 24 شباط/فبراير الفائت، وبينما تواجه كل من روسيا والصين توترات مع الولايات المتحدة.

أرسلت الصين وحدات من الجيش، والبحرية، والقوات الجوية تحت قيادة الفيلق الشمالي لجيش “التحرير الشعبي” الصيني، مع أكثر من 2000 جندي، للمشاركة في المناورة العسكرية “فوستوك”، والتي انطلقت في ساحة تدريب “سيرجيفسكي” في روسيا.

تجرى تدريبات “فوستوك”، من الخميس حتى 7 أيلول/سبتمبر الجاري، في سبعة ميادين رماية في شرق سيبيريا، والشرق الأقصى لروسيا، وبحر اليابان، والصين، وفقا لوزارة الدفاع الروسية، والتي لفتت إلى أن هدفها من التدريبات، هو “إثبات أن موسكو لديها القوة العسكرية الكافية لإجراء تدريبات مكثفة، رغم مشاركة قواتها في عملية عسكرية في أوكرانيا”.

وسيشرف رئيس الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف، شخصيا على التدريبات التي ستشارك فيها قوات من عدة دول سوفيتية سابقة، والصين، والهند، ولاوس، ومنغوليا، ونيكاراغوا، وسوريا، على أن تضم التدريبات أكثر من 50 ألف جندي و5000 وحدة أسلحة، بما في ذلك 140 طائرة، و60 سفينة حربية.

على الرغم من أن موسكو وبكين رفضتا في الماضي إمكانية تشكيل تحالف عسكري، إلا أن بوتين قال مؤخرا إنه لا يمكن استبعاد مثل هذا الاحتمال، وجاء ذلك بعد فشل القوات الروسية في خطتها للسيطرة بالكامل على أوكرانيا. الأمر الذي أجبر روسيا أن تشارك تقنيات عسكرية شديدة الحساسية مع الصينن لمساعدتها في تعزيز قدرتها الدفاعية.

قدرات موسكو تتهالك في أوكرانيا

تأتي المناورة العسكرية مع مرحلة فارقة في روسيا، والتي كانت يوم الخميس الفائت، بعد توقيع بوتين رسميا على قرار بزيادة عدد أفراد القوات المسلحة إلى 2.04 مليون من 1.9 مليون، مع دخول الحرب الأوكرانية الروسية شهرها السابع.

في الأسبوع الماضي، بعد الضربة الدرامية والمميتة التي شنتها أوكرانيا على قاعدة جوية روسية في شبه جزيرة القرم، وجه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، رسالة عنيفة بشكل خاص إلى “الكرملين”.

وقال زيلينسكي: “إذا لم يقنع مقتل ما يقرب من 43000 جندي روسي القيادة الروسية بأنهم بحاجة إلى الانسحاب من أوكرانيا وإيقاف الحرب، فإننا بحاجة إلى تكبيدهم المزيد من الخسائر لإقناعهم بذلك”.

وقدّرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، التي تقدم حصيلة يومية على وسائل التواصل الاجتماعي، عدد القتلى من الجنود الروس بنحو 43000، حتى 11 آب/أغسطس الجاري، فيما لم تنشر الحكومة الروسية، خسائرها منذ 25 آذار/مارس الفائت، عندما أعطت إجمالي 1351 قتيلا و3825 جريحا، إذ إن ضحايا الحرب هو سر من أسرار الدولة في روسيا، ويعاقب الكشف عنهم بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات.

مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، أشار إلى أن تقديرات مجتمع الاستخبارات الأميركية للقتلى الروس في أوكرانيا، تحوم بالقرب من 15000 قتيل وربما ثلاثة أضعاف ذلك من الجرحى، بإجمالي حوالي 60 ألف ضحية روسية، حتى آذار/مارس الماضي. وفي 27 تموز/يوليو الفائت، قال مسؤولو إدارة بايدن للكونجرس، إن ما يقرب من 75000 روسي، قتلوا أو جرحوا، وفي 8 آب/أغسطس، قال وكيل وزارة الدفاع، كولن كال، للصحفيين أن “القتلى الروس ربما يكونون بين 70 أو 80 ألف ضحية”.

ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الأوكرانية، فإن القواعد العسكرية الأوكرانية تعتمد تقديراتها الخاصة على مجموعة من التقارير الواردة من القوات في الميدان، واعتراض الاتصالات الروسية، والبيانات المرئية مفتوحة المصدر، والتقديرات بناء على كمية المعدات التي تم تدميرها، حيث إذا تم تدمير مركبة معينة، فإن الجيش لديه فكرة جيدة عن عدد القوات التي بداخلها.

وتعني هذه التقييمات، أنه من بين ما يقدر بنحو 150 ألف، جندي روسي احتشدوا على حدود أوكرانيا قبل الغزو، فقد أكثر من نصفهم بين قتيل أو جريح، وحتى لو كانت الأعداد الحقيقية أقل، فمن الواضح أن روسيا تواجه مشكلة في إبقاء القوات في الميدان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة