شركات جمع الأموال، أو عمليات جمع الأموال هي إحدى أنواع الشركات الوهمية غير المرخصة وفق قانون الشركات في سوريا، وهي ليست جديدة إذ يعمل العديد من الأشخاص بها حتى قبل العام 2011، تحت مسمى تشغيل الأموال وإعطاء نسب ربحية يتفق عليها الطرفان، ولطالما كان معظمها مبنيا على حالات النصب والاحتيال، ولكنها زادت خلال سنوات الحرب، وزاد المقبلون عليها خاصة من يدّخرون بعض الأموال للحصول على مرابح شهرية بدلا من تجميد أموالهم.

حالات النصب مستمرة

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، يتحدث عن سعي الكثير من السوريين للبحث عن زيادة مصادر دخولهم، عن طريق تشغيل ما ادّخروه من أموال واستثمارها في بعض المشاريع لتكون سندا لهم مقابل غلاء الأسعار، ليتجه بعضهم إلى وضع أموالهم مع أشخاص يعملون في العقارات، أو في بيع الألبسة وما إلى ذلك من دون وجود أدنى مقومات الأمان لنقودهم.

ونقل التقرير عن سوريين، أنهم تعرضوا لعمليات نصب بعد أن وضعوا مبالغ مالية محدودة لتشغيلها في بيع الكهربائيات، وملابس “البالة”، ليجدو فجأة أن من وضعوا أموالهم لديهم قد اختفوا ولم يبقَ أمامهم إلا التقدم بالشكاوى في حال أدت لنتائج، كما لم تقتصر عمليات النصب على مبالغ صغيرة، إذ يبيّن التقرير أن العديد من السوريين وضعوا مبالغ كبيرة جدا لتشغيلها، ليتعرضوا لعمليات نصب مماثلة أيضا.

إقرأ:زيادة ودائع السوريين في المصارف الخاصة.. من أين جاءت الأموال؟

شركات غير مرخصة

التقرير نقل عن مدير مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، زين صافي، أنه لا يوجد نهائيا في القانون ترخيص لمثل هذه الشركات، ولكن منذ عدة سنوات كانت بعض الشركات المرخّصة تعمل بجمع الأموال بشكل مخالف قانونا للغاية التجارية المرخصة من أجلها، مشيرا إلى أنه عندما ترد شكوى للجهات المعنية حول وجود مثل هذه الشركات تتخذ المديرية إجراء إما بتوقيف السجل التجاري للشركة، أو شطبها وذلك حسب الإجراء المتخذ لكل حالة.

وأوضح صافي، أنه لا يمكن الترخيص لمثل هذه الشركات، لأن ذلك يعني تشريعها وهذا يحتاج إلى الكثير من الدراسات مع عدة جهات منها المصرف، لمنع تحريك الأموال إلا ضمن غاية الشركة، لأن ذلك يعتبر تشريعا لأعمال من الممكن أن تستخدم في النصب.

من جهته، الخبير الاقتصادي علي محمد، أشار إلى أن هذه الحالات ليست جديدة على الشارع السوري، فهي تعود إلى التسعينيات من القرن الماضي حيث كان يقوم بعض الأشخاص بجمع أموال لفتح مشروع معين، أو منشأة ما ليلوذوا فيما بعد بالفرار، والمثال على ذلك موجود، كشركة “شجرتي”، التي تم كشفها قبل نحو عامين.

وأكد محمد، أن هذه النشاطات والشركات مخالفة للقانون الذي لا يحمي المخالفين، ولكن تعاني سوريا من أنها تفتقر لوجود الشركات المساهمة، فمثلا في مصر يوجد نحو 80 ألف شركة مساهمة وفق آخر إحصائية، في حين يوجد نحو 52 شركة مساهمة في سوريا وفق إحصائية تم القيام بها منذ نحو عامين، لافتا إلى أن التشريع الأفضل والموجود في قانون الشركات رقم 29 لعام 2011، هو إنشاء شركات مساهمة، وإدراج أسهمها في سوق دمشق للأوراق المالية، ليشتري الأشخاص أسهما ويصبحون مالكين في إحدى الشركات التي يجب أن تكون قائمة بذاتها ومرخصة أصولا، وتمتلك سجلا تجاريا ويكون نشاطها معروفا وتزاول مهنتها.

ولفت إلى أن، أذن التشريع لأشخاص للعمل بتشغيل الأموال يعني الدخول بمتاهات كبيرة، بضمانات مستحيلة، على عكس الاكتتاب ضمن شركة لها قيمة سوقية ولديها عقارات وأصول، وعندما تنخفض أرباحها إلى حد الإفلاس يتم إجراء تصفية بموجب قانون الشركات.

وبحسب محمد، فإن ما يدفع بعض الأشخاص للمخاطرة بأموالهم، هو البيئة الاقتصادية الموجودة التي تُعد معدلات الفقر والبطالة فيها مرتفعة، وادخار الأموال صعب جدا، خاصة في ظل صعوبة تأمين مستلزمات المعيشة، فمن يجمع مبلغا معينا عن طريق جهد أو قرض وما إلى ذلك يصطدم بصخرة الواقع الذي لا توجد فيه مشاريع يمكن أن تُقام بمبالغ أقل من عشرة ملايين ليرة، فيفضل الأشخاص تشغيل أموالهم والحصول على (فائدة مبطّنة).

قد يهمك:محاربة المضاربين.. هل ينجح المركزي السوري في كبح تدهور الليرة؟

جمع الأموال معاقب عليه قانونا

الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون جمع الأموال السوري، رقم 8 لعام 1994، تنص على أنه،” باستثناء الأشكال القانونية التي نص عليها قانون التجارة بشأن الشركات المساهمة المغفلة، وشركات التضامن، وشركات المحاصة، وشركات التوصية، والشركات المحدودة المسؤولية، وما أجازته القوانين والأنظمة النافذة الأخرى في الجمهورية العربية السورية، يمتنع على أي شخص طبيعي، أو اعتباري جمع الأموال من الجمهور بغية توظيفها، أو استثمارها أو الإتجار بها لأي غرض من أغراض توظيف الأموال وبأية وسيلة كانت، وتحت أي مسمى سواء أكان هذا الغرض صريحا أم مستترا”.

كما ويترتب على جامعي الأموال عقوبات وفق المادة الخامسة من القانون نفسه، حيث يعاقب كل من جمع أموالا خلافا لأحكام هذا القانون وكذلك كل من لم يتقيد بحكم المادة الثانية، أو المادة الرابعة بالاعتقال المؤقت، وبغرامة تعادل مثلي ما تقاضاه من الجمهور فضلا عن رد الأموال التي جمعها بكاملها لأصحابها، ويجوز للمحكمة حرمانه أيضا من مزاولة النشاط الاقتصادي مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، ونشر منطوق الحكم بالوسيلة المناسبة التي تراها المحكمة وعلى نفقة المحكوم عليه.

إقرأ:دمشق تضع الحجز الاحتياطي على بنك أردني

شركات واجهة في سوريا لكن ليست للشعب

تعتبر شركات الواجهة، أو ما تعرف بالشركات الهيكلية، أحد أبرز الأساليب التي يتم اللجوء إليها للالتفاف على القوانين الاقتصادية، وهي شركات يتم استخدامها من قبل شركات أو أفراد، لتكون واجهة لأغراض قد تكون مشروعة، أو غير مشروعة لتكون ستارا لبعض الجرائم الدولية، حسب البنك الدولي، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

وتقوم هذه الشركات بتقديم بيانات غير حقيقية، تهدف إلى الالتفاف على القوانين، والقواعد التي تسعى إلى الحد من الفساد والتهرب الضريبي، وتغطية أعمال أخرى.

ويتم التلاعب في هذه الشركات في مرحلة التأسيس بشكل رئيسي، حيث يتم تقديم بيانات غير حقيقية، حول هيكلية الشركة من ناحية ملكيتها، ومجلس إدارتها، وتفاصيل عن الأشخاص النافذين فيها، والشخص النافذ، هو الذي يملك 25 بالمائة، من أسهم الشركة، أو حقوق التصويت فيها، أو يملك الحق بإقالة وتعيين معظم أفراد مجلس إدارة الشركة.

في سوريا يتم استخدام هذه الشركات لأغراض مختلفة، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو أمني، ولكن بطرق مخالفة للقانون.

وقد بات معظم رجال الأعمال المرتبطين بالحكومة السورية، يلجأون لهذا الأسلوب لتفادي العقوبات الأميركية، والأوربية، من خلال ترخيص شركات جديدة في الداخل السوري، تهدف إلى وضع العقبات في عملية تتبع ملكية الشركات التي ترتبط بداعمي حكومة دمشق، وذلك من خلال أسلوب شراء الأسهم والحصص في أنواع مختلفة من الشركات، أو تكون شريكة في تأسيس بعض الشركات وإداراتها.

قد يهمك:البنوك السورية الخاصة بانتظار مصيرها

تتنوع تسميات الشركات غير القانونية، بين جمع الأموال والشركات المستترة في الوقت الذي يجمع بينها قاسم مشترك، وهو مخالفة القانون، والقيام بعمليات مالية غير شرعية في معظم الأحيان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.