كتب إجازات صحية في محافظة كركوك شمالي العراق، تثير ضجة واسعة، بسبب صدورها باللغة العربية فقط من دون اللغة الكردية، وهذا ما استهجنه مسؤولون كرد واعتبروه محاولات لتعريب المحافظة المتنازع عليها.

مسؤولون كرد عبروا عن غضبهم من استبعاد اللغة الكردية من المخاطبات الرسمية لإحدى دوائر وزارة الصحة في كركوك معتبرين ذلك تجاوزا على القانون والدستور، مطالبين بإعادتها، قبل أن يتم اللجوء إلى القضاء ورفع دعوى على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بسبب ذلك.

وينص الدستور العراقي في مادته الرابعة على أن العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، في حين أكد مدير صحة كركوك، نبيل حمدي بوشناق، أن “الإجراء قرار اتخذته وزارة الصحة العراقية، ولا علاقة لمديرية صحة كركوك بالأمر”، مبينا في تصريح صحافي أن دائرته “ستقوم بإضافة أي لغة أخرى للمخاطبات الرسمية، في حال تلقيهم توجيها من الوزارة بذلك”.

من جهته، قال مدير إعلام دائرة صحة كركوك، سامان يابه، في تصريحات لموقع “الترا عراق”، إن “القرار تم فهمه بشكل خاطئ من قبل جهات وأوساط شعبية عديدة”، مبينا أن “الكتب الرسمية من دائرة صحة كركوك تصدر باللغات الثلاث وهي الكردية والعربية والتركمانية”.

اقرأ/ي أيضا: هل يكسر قانون بناء كركوك وتطويرها حاجز الخلافات السياسية؟

الأمر ليس بجديد على كركوك

يابه أضاف، أن “التوجيه الصادر هو ليس بجديد ولكن هو يطبق فقط في الكتب التي تصدر من دائرة الصحة العامة ومن يتبع لها في وزارة الصحة بمخاطبة المحافظات أو جهة ما”، مشيرا إلى أن “الأمر هو منذ سنوات وليس الآن”.

وجميع كتب وزارة الصحة الصادرة والواردة بشأن صحة كركوك تصدر بشكل طبيعي ما عدا دائرة الصحة العامة لا تحتوي اللغة الكردية، وفقا لما كشفه يابه، والذي أكد أن “التهويل الحاصل للموضوع ليس بمحله والمحافظة تعرف بكونها متنوعة المكونات وهناك احترام وتقدير لجميع المواطنين دون أي تفرقة أو استثناءات”.

من جانبه، وجه نائب رئيس مجلس النواب العراقي عن المكون الكردي، شاخوان عبد الله، كتابا رسميا إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أكد فيه أن عدم استخدام اللغة الكردية في الكتب الرسمية للوزارات والهيئات المستقلة كافة، يعد “مخالفة صريحة لمواد الدستور والقوانين النافذة”.

عبد الله دعا أيضا، رئيس الوزراء إلى “توجيه الوزارات والتشكيلات والهيئات المستقلة كافة على وجوب ذكر اللغة الكردية بدلاً من اللغة الإنكليزية في المخاطبات الرسمية للوزارات”، مشددا “سنرفع دعوى على رئيس الوزراء إن أصرت الوزارات على إزالة اللغة الكردية”.

بالمقابل، لم تصدر وزارة الصحة العراقية أي توضيح رسمي بشأن ذلك، كذلك فإنها لم تعلن أي توجيه بشأن إعادة اللغة الكردية من عدمه في دائرة صحة كركوك.

اقرأ/ي أيضا: “تطفو على بحر أسود”.. لماذا تعاني كركوك العراقية بسبب الوقود؟

كركوك والمحاولات البعثية لتعريب السكان

لكن القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث سورجي، تأسف لما يجري في كركوك ونينوى، ووصفها بأنها “محاولات لتعريب السكان ما يؤثر على سايكولوجية المكون الكردي بمناطق كثيرة، معتبرا أنه “خلاف للدستور”. 

سورجي قال في تصريحات صحفية تابعها موقع “الحل نت”، إن “ممارسة الضغوط على الكرد خطوة خطيرة، وحتى ما يحصل في المدارس غير مقبول”، مبينا أن “هذه الأساليب تشبه أساليب نظام صدام حسين ويجب على القوى السياسية مواجهة هذه الإجراءات برفض شديد”.

كما أضاف أنه “في إقليم كردستان توجد مدارس وإجراءات خاصة بالتركمان والسريانية والآشورية ولهم كل الاحترام لوجود التعددية بكل مكان”، مبينا أن “من يحاول التفرقة بين مكونات العراق هم لا يريدون مصلحة الشعب ويرغبون بشيوع الطائفية وانعدام حقوق المواطنين والتمييز بينهم”. 

سورجي لم يستبعد أيضا، “وجود أيادي خفية وإقليمية وراء هذه التفرقة التي تحصل لخلق الفتنة بين المكونات خاصة في محافظة كركوك”. 

كركوك تخضع لقرارات “شوفينية”

أما القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد، فقد وصف القرار بـ “الشوفيني”، فضلا عن أنه “صادر من المحافظ، راكان الجبوري البعثي سابقا”، مؤكدا أن “هذا الإجراء مخالف للبنود الدستورية التي تؤكد أن اللغتين العربية والكردية تستخدمان بشكل رسمي في العراق”.

محمد اعتبر كذلك، أن “هناك الكثير من التصرفات العدائية واللا إنسانية للمحافظ راكان الجبوري، وأبرزها زيادة حملات التعريب المستمرة ضد الشعب الكردي وطرد مسؤولين كرد من مناصبهم ومحاولة زرع الفتن بين صفوف أهالي مدينة كركوك”.

بدورها، قالت النائبة عن محافظة كركوك، نجوى حميد، إنه “سيتم متابعة الموضوع مع وزارة الصحة لحين إلغاء القرار”، مؤكدة في تصريح لموقع إخباري كردي، أن “وزارة الصحة أبلغتنا بأنها اتخذت القرار بناءً على طلب من مديرية صحة كركوك”.

ومنذ تشكيل أول حكومة عراقية بعد العام 2003، عمدت المؤسسات العراقية كافة، ومنها الرئاسات الأربع (البرلمان والوزراء والجمهورية والقضاء) والوزارات ودوائرها الفرعية، إلى اعتماد اللغتين العربية والكردية، في جميع مخاطباتها الرسمية من دون استثناء.

وتعيش كركوك وضعا استثنائيا بين المناطق المتنازع عليها، فهي أبرز المناطق المتنازع عليها في العراق، حيث شكلت مصدر تجاذبات وتصعيد بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق

اقرأ/ي أيضا: العراق.. اعتقال “أمير كتيبة الزرقاوي” بعملية خاصة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.