يبدو أن أنقرة ماضية في ملف عودة علاقاتها مع دمشق، يتضح ذلك كل ما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية التركية، فبعد التصريحات السياسية، بدأت اللقاءات الأمنية بين الجانبين، كان آخرها لقاء رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، ونائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية علي مملوك، فما هي نتائج هذه اللقاءات، وهل تمهد للقاءات سياسية قد تجمع وزيري الخارجية أو الرئيسين قريبا؟.

لقاء استخباراتي

وكالة “رويترز” ذكرت الخميس، أن رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، التقى علي مملوك، في العاصمة السورية دمشق خلال الأسبوع الجاري.

وأفادت الوكالة نقلا عن مصادر مقربة من دمشق لم تحددها، أن فيدان عقد اجتماعات عدة مع مملوك، ما اعتبره تقرير الوكالة أنه “يدل على جهود روسية لتشجيع ذوبان الجليد بين أنقرة ودمشق“.

جرى خلال اللقاء تقييم كيف يمكن أن يلتقي وزيرا خارجية البلدين في نهاية المطاف، وفقا لمن قالت “رويترز” إنه مسؤول تركي كبير، إلى جانب مصدر أمني تركي أيضا.

وأضاف المسؤول التركي، أن: “أحد التحديات الكبيرة، هو رغبة تركيا بإشراك المعارضة في أي محادثات مع دمشق“، مشيرا إلى أن زيارة فيدان إلى سوريا أواخر آب/أغسطس الماضي، والتي استمرت ليومين كانت تمهيدًا لجلسات على مستوى أعلى، فأنقرة لا تريد أن تسد القوات الإيرانية أو المدعومة من إيران الفجوات التي خلفتها الانسحابات الروسية.

الصحفي والمحلل السياسي عقيل حسين، يرى أن اللقاءات الاستخباراتية بين أنقر ودمشق، تدل على إصرار من الجانب التركي، على المضي قدما في إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، وقد تكون مقدمة للقاءات سياسية متبادلة.

اقرأ أيضا: بعد سوريا.. أحداث تهز لبنان والأردن

ويقول حسين في حديث خاص مع “الحل نت“: “هذا يعني أن قطار التطبيع بين تركيا والنظام السوري، يسير كما هو مخطط له من قبل الروس والإيرانيين، وأن كل الحديث الذي تردد المعارضة السورية، عن أن التطبيع بين أنقرة ودمشق غير وارد وأنه مجرد تكتيك تركي ومناورة سياسية غير دقيق، بل القرار استراتيجي ويعبر عن توجه رسمي تركي بهذا الخصوص“.

يعتقد حسين أن الاجتماعات الاستخباراتية بين الجانبين، ستعقبها غالبا اجتماعات بين الشخصيات السياسية التركية والسورية.

وحول ذلك يضيف: “أنا أعتقد طبعا أن هذه الاجتماعات التي جرت بين المسؤولين الأمنيين، ستعقبها حكما اجتماعات بين المسؤولين السياسيين على مستويات مختلفة، أعتقد أيضا أن هناك اجتماعات قد عقدت أصلا بين المسؤولين السياسيين ولم يتم الكشف عنها، لاحقا قد يتم الكشف عن مثل هذه الاجتماعات وبالطبع سيكون هناك لقاءات بين الخارجيتين، وربما اتصال بين الرئيسين“.

وفي خضم الجهود التركية لإعادة علاقاتها مع دمشق، ذكرت صحيفة “حرييت” التركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعرب عن رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد “لو كان مشاركا في قمة أوزبكستان“.

وذكر التقرير الذي نُشر الجمعة، إن أردوغان أدلى بهذه التصريحات بشأن الأسد في اجتماع مغلق لحزب العدالة والتنمية الحاكم، يوم الاثنين.

ونقل التقرير عن أردوغان قوله في أثناء اجتماع الحزب: “أتمنى لو أن الأسد يأتي إلى أوزبكستان حتى أقابله، لكنه لا يستطيع المجيء إلى هناك. بسببه وبسبب موقفه فإن سوريا على وشك التقسيم، وأشعل حربا مع المعارضة من أجل الحفاظ على سلطته. فضّل التمسك بسلطته“.

فيتو أميركي

العائق الأبرز أمام أنقرة للتطبيع مع حكومة دمشق قد يتجلى في الرفض الأميركي لأي خطوة تركية في التقارب مع دمشق.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل للصحفيين، قبل أسابيع إن “تركيا حليفا مهما في الناتو ولعبت دورا أساسيا في الاستمرار في تحميل روسيا المسؤولية عن أعمالها الوحشية في أوكرانيا“.

وأضاف: “لكن لكي نكون واضحين، لن تعرب الإدارة الأميركية عن أي دعم لجهود تطبيع بشار الأسد أو إعادة تأهيله، ولا تنوي الولايات المتحدة رفع مستوى علاقاتنا الدبلوماسية مع الأسد ولا ندعم تطبيع العلاقات بين الدول الأخرى أيضا“.

الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، رأى أن الولايات المتحدة ستستمر في عدم دعم أي جهود لعودة العلاقات بين دمشق وأنقرة، لا سيما وأن الأخيرة تهدف للتعاون مع دمشق، في ملف قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا.

وقال علوش في حديث سابق مع “الحل نت“: “تركيا لا تتحدث عن رغبتها في إعادة العلاقات مع دمشق بشكل طبيعي، بل الدخول في حوار سياسي مع النظام من أجل معالجة هواجسها الأمنية على الحدود السورية التركية، ودفع عملية التسوية السياسية“.

ويعتقد علوش أن تقاربا لا يمكن أن يحصل بين أنقرة ودمشق في المدى المنظور، وذلك بالنظر إلى الإشكاليات الكبيرة والمعقدة، التي تواجه إحداث تحوّل ملموس وفعلي في العلاقة بين أنقرة ودمشق.

وحول ذلك أضاف: “لكل طرف دوافع وأهداف وأولويات مختلفة في أي تغيير في العلاقات، ويحرص على تحقيقها قبل منح ما يُريده الطرف الآخر، لكن هذا الاختلاف يُديره مسار تفاوضي، سواء كان هذا المسار بعد إعادة التواصل السياسي بين أنقرة ودمشق أو من خلال القنوات الخلفية والوسطاء“.

شروط.. لكن من يقرر؟

المصالحة بين أنقرة، ودمشق بدأت بالفعل بعد العداء والقطيعة لأكثر من 11 عاما. يعود سبب العداء والخلاف بين الدولتين إلى أحداث ما أصبح يُعرف بـ “الربيع السوري“، ووقوف تركيا إلى جانب المعارضة السورية الموالية لها.

بحسب تقرير سابق لـ“الحل نت” فإن “مملوك وفيدان قدما لائحة طويلة من المطالب الضرورية خلال الاجتماع، بعد أن نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإقناع الرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإرسال مملوك، وفيدان اللذين يعرفان بعضهما بعضا بشكل جيد“.

وتضمنت المطالب السورية، “احترام السيادة السورية، ووضع جدول زمني للانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم الجماعات الانفصالية، وإعادة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل مدعومة من تركيا منذ 2015، واستعادة السيطرة على معبر باب الهوى بين تركيا وإدلب، وفتح طريق إم فور الذي يمتد من حدود البحر المتوسط غربا إلى العراق شرقا، ومساعدة دمشق على تخطي العقوبات الغربية كما تفعل تركيا مع العقوبات ضد روسيا، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، والمساهمة في إعمار سوريا، ومساعدة دمشق على استعادة السيطرة على الثروات الطبيعية من نفط وغاز وزراعة شرق الفرات“.

أما مطالب تركيا، فشملت: “عمل جدي ضد حزب العمال الكردستاني، والتعاون بين أجهزة الأمن في البلدين، ومفاوضات مع المعارضة السورية المدعومة من تركيا للوصول إلى تسوية سياسية، وعودة اللاجئين السوريين، وإنشاء مناطق آمنة في حلب ومناطق أخرى شمالي سوريا بعمق 30 كم، ومساعدة وتسهيل عمل اللجنة الدستورية السورية“.

قد يهمك: السوريون في مقدمة ضحايا العمل بين الأجانب في تركيا.. ما التفاصيل؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة