على أمل التوصل إلى حل سياسي بين “التيار الصدري”، وغرمائهم في تحالف “الإطار التنسيقي“، لإنهاء الخلاف حول تشكيل الحكومة الذي تطور مؤخرا إلى صدام مسلح، أكد “ائتلاف دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي، يوم أمس السبت، وجود حراك رفيع المستوى لعقد اجتماع مع زعيم “التيار”، مقتدى الصدر.

الحراك يهدف إلى عقد اجتماع في مقر إقامة زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، في مدينة الحنانة بمحافظة النجف، بحضور ممثلين عن “الإطار التنسيقي”، والقوى الكردية والسنية، على أمل التوصل إلى تفاهمات سياسية.

القيادي في الائتلاف، عباس المالكي، قال في تصريحات لموقع “الترا عراق”، وتابعه موقع “الحل نت“، أكد وجود “تحركات سياسية لعقد اجتماع رباعي أو خماسي في الحنانة، يضم مَن يمثّلون القوى الشيعية والسنية والكردية، ورئيس البرلمان، بالإضافة إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر“.

المالكي بيّن أيضا، أن “الاجتماع ربما يكون بحضور رئيس تحالف الفتح هادي العامري، ممثلاً عن الإطار التنسيقي، ورئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني ممثلا عن الديمقراطي الكردستاني، ورئيس تحالف سيادة، خميس الخنجر، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي“.

كما أعرب عن أمله بـ “تجاوب من الطرف الآخر مع مساعي الإطار التنسيقي، وغيره من الشركاء السياسيين، ليثمر اللقاء عن اتفاق ينهي ما تعيشه البلاد من أزمة سياسية“، لافتا إلى أن “المرات السابقة كشفت عن تمسّك الطرف الآخر بشروط تعجيزية“.

اقرأ/ي أيضا: زيارة مرتقبة للكاظمي إلى أميركا.. ما هي الأهداف؟

محاولات صدرية للتحكم بالمشهد العراقي

عضو “ائتلاف المالكي“، أوضح كذلك أن “التيار الصدري يريد أن يكون متحكما بالمشهد برمته، وهذا ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا“، مشيرا إلى أن “نمط تفكير التيار الصدري يجعل من الصعب جدا حلحلة الأزمة عبر اجتماع أو لقاء“.

بالمقابل، يوجه التيار الصدري اتهامات مماثلة إلى زعيم ائتلاف دولة القانون، ويرفض أي تفاوض مع “الإطار التنسيقي”، دون إقصاء نوري المالكي على الأقل، وفق بيانات من زعيم التيار ووزيره “صالح العراقي“.

وفي وقت سابق، قالت مصادر إعلامية إنّ الصدر، قد يقبل جولة مفاوضات جديدة، لكن وفق سياق تحدده الحنانة“، مشيرة إلى أن “الصدر لن يقبل استقبال أي شخصية من الإطار التنسيقي“.

وكانت الأزمة السياسية في العراق، قد اشتدت منذ الـ30 تموز/يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

بعد أن عاد المشهد ليتطور في 29 آب/أغسطس الماضي، شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري – الحكومي-، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

اقرأ/ي أيضا: ضجة عراقية بسبب وفاة زعيم قبلي بعد اعتقاله من “الحشد الشعبي”

سبب الصراع وسياق الأزمة السياسية

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومية مع فصائل تابعة لـ “لحشد الشعبي“، وموالية لـ “الإطار”، أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما دفع “سرايا السلام“، الجناح المسلح التابع للصدر للتدخل للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء، انتهت عندما دعا الصدر، في اليوم التالي من خلال مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

تلك التطورات جاءت نتيجة لصراع سياسي، دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز كتلة الصدر فيها أولا، وخسارة قوى “الإطار“، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن” أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية“، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي“، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية“، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

سبب الفشل الصدري وتطور الأزمة

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية – البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور، وهو ما لم يتمكن “إنقاذ وطن” من تحشيده.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار“، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي، محمد شياع السوداني، في الـ25 من تموز الماضي، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: العراق والدستور.. تاريخ حافل بالخروقات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.