بعد 19 عاما على الإطاحة بنظام صدام حسين، لا تزال عمليات الكشف عن خفايا تلك الحقبة مستمرة، آخرها، العثور على مقبرة جماعية بمحافظة النجف جنوب غربي العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء.

المقبرة الجماعية المكتشفة، تضم رفات 20 شخصا، وفق ما جاء في بيان رسمي صادر عن مديرية الشهداء في النجف، وتلقى موقع “الحل نت” نسخة منه، مشيرة إلى أنها “تعود لأحداث الانتفاضة الشعبانية في العام 1991″.

و“الانتفاضة الشعبانية” هي أحداث شهدها جنوب العراق ما بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت، بعد الحرب التي شنّها التحالف الدولي عليه في العام 1991، وسميت بذلك الاسم لتزامنها في شهر شعبان، وسيطر خلالها المشاركون فيها من الشيعة على معظم مناطق المحافظات الجنوبية، قبل أن يتم السيطرة عليها من قِبل الجيش.

استخدم الجيش العراقي في التصدي لتلك الأحداث التي رفع خلالها شعار إسقاط نظام صدام حسين، واستخدم فيها السلاح، الدبابات والمروحيات، ما أدى لمواجهات دامية، لا تتوفر عنها أرقام دقيقة لعدد القتلى، في حين تشير بعض التقديرات إلى مقتل ما بين 60 و100 ألف شخص في الحملة.

الرفات التي عُثر عليها في المقبرة الجماعية “تعود أغلبها إلى شباب صغار في السن“، وفقا لمسؤول شعبة المقابر الجماعية في المديرية حيدر خضير خطار، وذلك بحسب “الفحص الأولي الذي أشار إلى أن الرفات تعود إلى العام 1991 أي أثناء الانتفاضة الشعبانية“.

https://twitter.com/aboalhussan89/status/1572124071789461504?s=21&t=f9Q7wc01iKPvLcAdjjqeyA

اقرأ/ي أيضا: عشرات الجثث.. العثور على مقبرة جماعية في الموصل

مقابر الجماعية غير مكتشفة

غير أن المسؤول الحكومي، أشار أيضا في حديثه لصحيفة “الصباح” المملوكة للحكومة العراقية، ومقرها بغداد، إلى “عدم العثور على أي أوراق ثبوتية معهم“، مرجّحا أنه “تم دفنهم وهم أحياء على يد النظام السابق، إذ لا توجد آثار لإطلاق رصاص عليهم، كما تم العثور كذلك على بقايا عظام بشرية متفرقة، ومنتشرة في أماكن قريبة من موقع دفن الجثث“.

كما بيّن أنه “تم إرسال الرفات التي عُثر عليها في المقبرة المكتشفة إلى خلال شهر نسيان/إبريل الماضي وانتهت فيها أعمال الحرف والتنقيب، إلى الطب العدلي لإجراء فحوصات الـ (دي أن أي) للتعرف على ذويهم، من خلال عينات لعوائل شهداء الانتفاضة الشعبانية التي أرسلت للطب العدلي“.

وتضم النجف، “ثماني إلى تسع مقابر جماعية تم اكتشاف ثلاث منها شمال مركز المحافظة“، بحسب خطار، الذي أكد أن “جميعها تعود إلى أحداث عام 1991”.

المقبرة الأولى “تم اكتشافها خلال العام 2012، وكانت تضم 48 جثة، فيما اكتشفت المقبرة الثانية التي كانت مجاورة إلى الأولى “في العام 2019، وانتُشل منها 8 جثث“، أما الثالثة فقد “تم تنقيبها من قبل هيئة حقوق الإنسان وانتُشل منها 50 إلى 60 جثة، وحاليا محاطة بسياج لحين الانتهاء من الأعمال فيها“، بحسب خطار.

خطار، لفت إلى أن “هناك عـدة مواقع محتملة تم التبليغ عنها من قبل مواطنين، كما أن هناك الكثير من المواقع التي يتم اكتشافها وتضم عددا من الرفات التي يتم التعرف عليها من خلال الأوراق الثبوتية التي تكون بطيات الثياب“، منوها إلى أنه “بعد العثور على ذويهم يتبيّن أنهم مفقودون منذ أيام الانتفاضة الشعبانية أو أنهم من المشاركين فيها“.

وقضية المقابر الجماعية، هي واحدة من آثار العنف في العراق الذي لا ينحصر بنظام صدام حسين، حيث يتم اكتشاف بين الحين والأخر مقبرة جماعية جديدة، أغلبها تعود إلى أحداث العام 2014 حينما سيطر تنظيم “داعش” على مساحة ثلث العراق، وما تبعها من معارك التحرير ضد التنظيم والتي ارتكب خلالها عدد من الانتهاكات بحق مدنيين عزّل من قبل عناصر التنظيم، وجماعات مسلحة موالية لإيران منضوية في “الحشد الشعبي“.

اقرأ/ي أيضا: منذ تحريرها.. تعرف على عدد المقابر الجماعية في نينوى

امتداد المقابر الجماعية

أخر تلك المقابر الجماعية المكتشفة، كان في شهر آذار/مارس الماضي، حيث أعلنت فِرق الدفاع المدني في مدينة الموصل، انتشال رفات 143 جثة مجهولة الهوية، عُثر عليها في مقبرة جماعية في الجانب الأيمن من المدينة.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في محافظة نينوى، أن الجثث تعود لمعركة استعادة الموصل من تنظيم “داعش“، والأحداث التي جرت ما بعد عام 2014.

المقبرة الجماعية عُثر عليها وقتها في حي الرفاعي، خلف جامع بهاء الدين في الساحل الأيمن لمدينة الموصل، وكانت الجثث عبارة عن هياكل عظمية تعود لأيام تحرير المدينة، من عناصر “داعش“، بحسب بيان صادر عن الدفاع المدني، وتلقى “الحل نت“، نسخة منه.

كما أشار البيان، إلى أن “فريق البحث والإنقاذ (مركز رتل الطوارئ) باشر بانتشال الجثث وتسليمها إلى دائرة الطبابة العدلية بموجب محضر رسمي“، وتُعد هذه المقبرة، واحدة من عشرات المقابر المماثلة التي خلفتها المعارك ضد التنظيم.

وترك تنظيم الدولة -المسؤول عن ارتكاب “إبادة جماعية” في العراق بحسب الأمم المتحدة- نحو 200 مقبرة جماعية، تضم ما قد يصل إلى 12 ألف ضحية.

تحديد هوية ضحايا المقابر الجماعية

يُعد تحديد هويات الرفات وإعادتها لعائلات الضحايا أمرا مهما أيضا لمنح العائلات الذين فقدوا ذويهم على يد تنظيم “داعش“.

ويعمل العراق على تحديد هويات ضحايا مراحل العنف العديدة التي مرت بالبلاد على مدار العقود الماضية“.

وتجري مطابقة الحمض النووي المستخرج من عظام الفخذ أو الأسنان من رفات الضحايا، مع عينات دم من أقربائهم.

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسة “فرانس برس”، فإن المقبرة تعود لمقاتلي تنظيم “داعش” وأقاربهم ممن قتلوا خلال معارك لاستعادة المدينة بين عامي 2016 و2017.

وكان موقع المقبرة الجماعية في الموصل معروفا للسلطات، لكن الطب العدلي باشر فتحها يوم السبت الماضي، بحسب “فرانس برس“، نقلا عن مسؤول في الدفاع المدني في محافظة نينوى.

يذكر أن تنظيم “داعش” سيطر بين يونيو/حزيران 2014 وديسمبر/كانون الأول 2017 على مناطق واسعة من العراق.

وفي العام 2017 أعلنت الحكومة العراقية النصر على تنظيم “داعش“، بعد ثلاث سنوات من المعارك الطاحنة التي خلّفت آلاف القتلى والجرحى.

في مقابل ذلك، تُتهم الميليشيات التابعة لـ “الحشد الشعبي“، بارتكابها انتهاكات خطيرة واسعة، حيث خلّفت عشرات المقابر الجماعية في مناطق متعدد من العراق، وبحسب تقارير لمنظمات حقوقية، فأنها تضم آلاف المغيّبين الذي تم اخفاءهم قسرا في محافظات الأنبار والموصل وديالى.

اقرأ/ي أيضا: مقبرة جماعية جديدة لضحايا المليشيات في العراق، وتحدٍ خطير أمام “الكاظمي” 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة