في خطوة جديدة منذ بدء غزوها الأراضي الأوكرانية، تسعى موسكو لضم مناطق جديدة من أوكرانيا إلى روسيا، وذلك عبر أساليب مخالفة للقوانين والمواثيق الدولية، فما هو موقف القانون الدولي من التصرفات الروسية، وردود الفعل المتوقعة من “الناتو” (حلف شمال الأطلسي) والدول الأوروبية.

استفتاءات تخرق القانون الدولي

اليوم الجمعة بدأت “استفتاءات” ضم بعض المناطق الأوكرانية، الخاضعة بشكل كامل أو جزئي لسيطرة روسيا، في خطوة اعتبرتها أوكرانيا والدول الغربية بأنها “خطوة صورية“.

وبحسب ما نقلت وسائل إعلام عن وكالات روسية، فإنه “من المقرر أن يستمر التصويت الذي بدأت الجمعة، حتى السابع والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر الجاري“، وذلك في منطقتَي دونيتسك ولوغانسك، وفي منطقتَي خيرسون وزابوريجيا الخاضعتين لسيطرة القوات الروسية، في خضم الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.

وتجري الاستفتاءات بإشراف السلطات التي عينتها موسكو، بعد سيطرتها على تلك المناطق، حيث أعلنت هذه السلطات، عن تنظيم هذه الاستفتاءات بشأن الانضمام إلى روسيا.

الباحث في العلاقات الدولية الدكتور أيمن سلامة، يؤكد أن روسيا تضرب بعرض الحائط جميع مبادئ القانون الدولي، ومواثيق الأمم المتحدة، لا سيما باستخدام القوة المسلحة للاستيلاء على أراضي الغير.

يقول سلامة في حديث خاص مع “الحل نت“: “من أهم مبادئ القانون الدولي، عدم جواز التهديد أو التلويح بالقوة المسلحة لتسوية النزاعات، عدم جواز استيلاء على أراضي الغير بالقوة المسلحة، لكن جريمة روسيا الأفظع هي العدوان“.

وتعليقا على الاستفتاءات الجارية في بعض المناطق بأوكرانيا يضيف سلامة: “الاستفتاءات لا تجرى أثناء النزاعات المسلحة إطلاقا. طبعا إذا كان هناك تواجد عسكري روسيا في هذه المناطق وهو تواجد مسلح، فهذا لا يستقيم مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية، بمطالبة روسيا بوقف الحرب وانسحاب كافة القوات، أيضا في البند الثالث لقرار محكمة العدل الدولية، هناك أمر لروسيا بعدم تقديم أي دعم للميليشيات المسلحة في الجمهوريتين الانفصاليتين في أوكرانيا“.

يشير سلامة إلى أن الاستفتاء لن يعني لمعظم دول العالم شيء، لاسيما وأن معظم الدول أدانت العدوان الروسي على أوكرانيا، وبالتالي عمليات الانفصال لن تلقى أي اعتراف دولي.

استفتاءات صورية

في أولى ردود الفعل الأوروبية، ندد “الناتو”، يوم أمس الخميس، بخطط موسكو لإجراء استفتاءات ودعا جميع الدول إلى رفض ما وصفه بـ“المحاولات الروسية الصارخة لغزو الأراضي“.

وقال مجلس “شمال الأطلسي”، الذي يضم الدول الأعضاء في الحلف، في بيان “الاستفتاءات الصورية في مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون في أوكرانيا ليس لها شرعية، وستكون انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة“.

قد يهمك: الاحتجاجات تدخل مدن إيرانية كبرى

الدكتور سلامة يعتقد أن “الإدانات الأوروبية لتصرفات روسيا، تعني بالضرورة، عدم شرعية ما تقوم به روسيا، والإدانة تعني أيضا مسؤولية الدولة التي انتهكت قواعد القانون الدولي، وأن هذه الأفعال غير قانونية وتخرق المبادئ والقوانين الدولية“.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، شهدت خطوط التماس بين القوات الروسية والجيش الأوكراني، تطورات ملفتة، تمثلت باستعادة أوكرانيا لمبادرات الهجوم باتجاه المناطق التي سيطرت عليها روسيا، في إطار غزوها للأراضي الأوكرانية، ما يثير التساؤل حول نجاح أوكرانيا في تحقيق مزيد من خطوات استعادتها للمناطق التي غزتها روسيا منذ شباط/فبراير الماضي.

ويرى محللون أن هذه الخطوة ستساهم في مضي أوروبا في دعم القوات الأوكرانية، في محاولة لاستنزاف روسيا على الصعيدين الاقتصادي والعسكري

الدعم الغربي

الكاتب والمحلل السياسي باسل معراوي، رأى أن الدعم الغربي للجيش الأوكراني، لعب دورا هاما في قلب موازين المعركة في أوكرانيا، ذلك ما سيساهم في تحجيم روسيا، واستنزافها على مختلف الأصعدة لا سيما العسكرية والاقتصادية.

وقال معراوي، في حديث سابق مع “الحل نت“: “حاليا ما يجري هو استنزاف للاقتصاد الروسي، الحرب ستستمر غالبا لفترة طويلة، وبالتالي سيتمكن الغرب من شل قدرة روسيا والعسكرية ومنعها من النهوض مجددا“.

ويعتقد معراوي، أن هزائم الجيش الروسي مؤخرا في أوكرانيا، ساهمت إلى حد كبير في إضعاف القبضة الروسية، في دول الاتحاد السوفييتي، وبالتالي ضرب الخاصرة الروسية من الخلف وإضعاف ثقل موسكو بين الدول المجاورة لها.

وحول تطورات المعركة أضاف معراوي: “الغرب يتحكم بسير المعركة، عبر دعم القوات الأوكرانية، التكنولوجيا الغربية كانت لها كلمتها في ميدان المعركة، وساهمت في قلب الموازين في بعض الأحيان، أتوقع خسارة مستمرة لبوتين، لكن ستكون المعركة بطيئة وبالتالي استهلاك روسيا عسكريا واقتصاديا“.

في تقرير لمركز “المستقبل” للأبحاث والدراسات المتقدمة، أشار من خلاله إلى التقدم العسكري الأوكراني في إقليم “خاركيف“، حيث رصدت القوات الأوكرانية نقطة ضعف في الخطوط الدفاعية الروسية بالقرب من مدينة بالاكليا، التي كانت في أيدي الروس منذ مطلع آذار/مارس الماضي، ولذلك قامت بشن هجوم عليها، كما تقدمت القوات الأوكرانية شرقا عبر فولوخيف يار، وشيفتشينكوف، وأخيرا نحو مدينة كوبيانسك، وهي مركز رئيسي للسكك الحديدية، والتي كانت تُستخدم لتزويد القوات الروسية في الدونباس، بالأسلحة والمعدات.

كذلك يرى تقرير المركز، أن الدعم الاستخباراتي الغربي، والأميركي لأوكرانيا، ساعد في نجاح الهجوم المضاد الذي بدأه الجيش الأوكراني خلال الفترة الماضي، ويضيف التقرير: “قامت القوات الأوكرانية بشن هجوم متزامن على أكثر من جبهة من خاركيف ودونباس، وصولا إلى زابوروجيا، وخيرسون، وذلك في محاولة لتحديد نقاط الضعف في الدفاعات الروسية، وشن هجوم ضدها، ثم استخدام الصواريخ الغربية دقيقة التوجيه، على غرار راجمة الصواريخ الأمريكية هيمارس، وضربات المدفعية لتدمير مستودعات الذخيرة الروسية والقواعد اللوجستية، ومراكز القيادة خلف الخطوط الأمامية للقوات الروسية“.

سعى الجيش الأوكراني من خلال الانتصارات العسكرية في خاركيف، إلى التأكيد على قدرته على القيام بعمليات هجومية ضد الجيش الروسي، وتحقيق انتصارات ميدانية، وذلك بعدما ظل طوال الفترة الماضية في وضع دفاعي.

هذا ويتوقع مراقبون وخبراء أن تعلن القوات الأوكرانية انتصارات جديدة في منطقة خاركيف، المحاذية لروسيا والتي سيطر عليها الجيش الروسي أو قصفها بالمدفعية على مدى شهور. وضمن هذا الإطار، قال أستاذ دراسات الحرب بكلية “كينغز لندن“، السير لورانس فريدمان، “انها ذات أهمية تاريخية“.

وقال مسؤول أميركي رفيع لم تكشف “سي إن إن” عن هويته، إن القوات الأوكرانية حققت بعض النجاح في مهاجمة خطوط الإمداد الروسية، بقصد قطع وعزل القوات الروسية غربي نهر دنيبرو.

وفق تقارير غربية، فإن أوكرانيا فتحت جبهة جديدة ضد الدفاعات الروسية على حدود منطقتي دونيتسك، ولوغانسك، ولفت رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في لوغانسك، سيرغي غايداي، إلى أن مدينة ليسيتشانسك، كانت هدفا للهجوم الجديد.

الجدير ذكره، أن ليسيتشانسك، آخر مدينة في منطقة لوهانسك بشرق أوكرانيا، تقع تحت السيطرة الروسية في تموز/يوليو بعد أسابيع من القتال العنيف.

اقرأ أيضا: هزائم بوتين تحيي شبح الضربة النووية في أوكرانيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة