تثير قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد ردود أفعال متباينة بين مؤيديه ومعارضيه، ففي حين يرى مؤيدوه أنها تصحيح لمسار ثورة 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي، يراها معارضون انقلابا على الدستور التونسي، وتحطيما لكل ما يتعلق بالتجربة الديمقراطية في تونس.

حل البرلمان

وفي أحدث قراراته، أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، حلَّ مجلس نواب الشعب “البرلمان”، بعد ساعات من إقرار البرلمان، الذي عُلقت اختصاصاته منذ ثمانية أشهرفي جلسة عامة افتراضية قانونا يلغي من خلاله الإجراءات الاستثنائية التي بدأها سعيد.

وقال سعيد، في كلمة له خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي في العاصمة تونس بثها التلفزيون الرسمي أمس الأربعاء، إنه يعلن اليوم عن “حل البرلمان حفاظا على الدولة ومؤسساتها”، معتبرا أن ما قام به البرلمان “محاولة انقلابية فاشلة”، حسب ما نقلت تقارير صحفية.

وأشارسعيد إلى أنه لا أحد يعرف كيف اجتمع البرلمان، وكيف تمت دعوته للاجتماع على الرغم أنه مجمد، متسائلا عن تلاعب المجلس بمؤسسات الدولة والاستهانة بالشعب بعد تجويعه والتنكيل به.

وخاطب سعيد الشعب التونسي قائلا” أقول للشعب التونسي، لتؤمنوا جميعا بأن هناك مؤسسات للدولة قائمة، وهناك شعب سيحميها من هؤلاء الذين لهم فكرة الجماعة لا فكرة الدولة”، وشدد على أنه “سيتم اتخاذ كل التدابير التي تقتضيها المسؤولية التاريخية للحفاظ على الوطن، وسنحترم القوانين والحريات”.

إقرأ:الرئيس التونسي يصدر قرارات مفاجئة في البلاد.. انقلابٌ أم تدابير استثنائية؟

جلسة افتراضية أطاحت بالبرلمان

وفي الأسباب التي دعت قيس سعيد لحل البرلمان، قيام البرلمان في الأسبوع الماضي بعقد جلسة افتراضية، صوت خلالها 116 نائبا تونسيا على القانون الذي يلغي إجراءات سعيد، من إجمالي 121 شاركوا في الجلسة، من أصل 217 عدد أعضاء البرلمان.

وسبق هذا الاجتماع، تحذير أطلقه سعيد يوم الأثنين الماضي من محاولات البرلمان، المعلقة أعماله، عقد جلسات، مشددا على أن “الدولة ليست دمية تحركها الخيوط من الداخل والخارج، ومؤسسات الدولة التونسية لا تقوم على الإرساليات القصيرة”.

تحطيم للتجربة الديمقراطية

يرى معارضون تونسيون، أن الرئيس قيس سعيد يسير قدما في تحطيم كل ما يتعلق بالتجربة الديمقراطية في تونس، كما أنه يبدو مصرا على الانفراد بالسلطة من دون حسيب أو رقيب، وهذا يبدو ظاهرا في القرارات التي يتخذها، ومن أبرزها إعلانه حل مجلس القضاء الأعلى في تونس، الذي يعده من بقايا الماضي التي يجب التخلص منها، حسب ما تابع “الحل نت”.

وقبل أسابيع أحال القضاء التونسي، 19 شخصية سياسية، من بينها رؤساء حكومات وأحزاب ووزراء ونواب، إلى المحكمة بتهمة ارتكاب ما تسمى “جرائم انتخابات”، وتضم القائمة معظم الشخصيات السياسية المعروفة في تونس، وأبرزهم رئيس البرلمان ورئيس حزب “حركة النهضة” راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب “تحيا تونس” يوسف الشاهد، ووزير الدفاع السابق عبد الكريم زبيدي، ورئيس الحكومة الأسبق والقيادي السابق في “النهضة” حمادي الجبالي.

كما ضمت القائمة زعيم حزب “العمال” حمّة الهمامي، ووزير التعليم السابق ورئيس حزب “الائتلاف الوطني” ناجي جلول، والرئيس السابق لحزب “تيار المحبة” وصاحب قناة “المستقلة” محمد الهاشمي الحامدي، ورئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ، ورئيس حزب “البديل” ورئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة، وعضو مجلس الشعب والقيادي في حزب “الوطد اليساري” منجي الرحوي، ورئيس حزب “الاتحاد الشعبي الجمهوري” لطفي المرايحي، ورئيس حزب “بني وطني” سعيد العايدي، وربيعة بن عمارة، والرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي الموجود في الخارج.

ويتساءل معارضو سعيد أنه كيف يمكن أن يحتكر شخص كافة الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية من دون محاسبة أو مساءلة من أحد ثم يُقال إن هذا تصحيح للمسار، وكيف يُعقل أن يقوم سعيد بالتهديد الصريح باستخدام القوة والعنف ضد كل من يعترض على قرارته من دون أن يأخذ أحد تهديده بجدية.

قد يهمك:(فيديو)- لأول مرة في تاريخ البلاد.. تعيين امرأة لمنصب رئاسة الحكومة التونسية

قرار آخر لقيس سعيد يفتح الباب أمام احتمالات مختلفة، في أزمة سياسية متجددة ومستمرة منذ نحو عام ونصف حين انقلب سعيد على المبادىء الدستورية، ربما لن يكون لها حل سوى بأيدي التونسيين أنفسهم كما يرى معارضو سعيد، في إشارة منهم إلى تحرك شعبي شبيه بالتحرك ضد الرئيس الأسبق بن علي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.