لا شك إنها نتيجة ما تعانيه المنطقة من مشكلات أمنية وتحديات طبيعة، إذ يستمر معدل النمو الإنتاجي في المنطقة العربية والشرق الأوسط بالانخفاض، حيث وصلت مستوياته ما بين العام 2010-2019 إلى نسبة 0.8 بالمئة، بحسب دراسة لـ “منظمة العمل الدولية” نُشرت في آذار/مارس الماضي، وأشارت إلى أن البلدان خارج نطاق مجلس التعاون الخليجي وصلت مستويات النمو الإنتاجي إلى نسبة 1.5 بالمئة.

وفي مقابل ذلك بالمقارنة، ارتفع نمو الإنتاجية في البلدان الناشئة والبلدان النامية في مناطق أخرى بنسبة 3.1 بالمئة، في المتوسط خلال الفترة نفسها، في حين شهد ارتفاعا في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 1بالمئة، حيث سجّل المتوسط العالمي زيادة بنسبة 2.1 بالمئة.

الدراسة التي شملت منطقة الدول العربية في الخليج العربي والشرق الأوسط، وتضم البحرين، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، الأراضي الفلسطينية المحتلة، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، سوريا، الإمارات العربية المتحدة واليمن، والتي استندت على تحليل لبيانات إنتاجية العمل والاتجاهات في منطقة من الخمسينيات حتى الآن، وجدت أنه بالمقارنة مع دول أخرى تعتبر منطقة الدول العربية الآن صاحبة أسوأ أداء على الصعيد العالمي من حيث نمو الإنتاجية.

ورصدت الدراسة، معدلات قطاع الصناعة التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي الوطني في المنطقة، الذي تبيّن إنه كان منخفضا جدا، حيث سجل في لبنان 3.1 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي الوطني في عام 2020، مقابل 8.3 بالمئة، في عام 2008، فيما سجل في العراق 3 بالمئة، عام 2020 وبقي ثابتا على مدى السنوات الـ 20 الماضية، أما في الكويت فسجل 6 بالمئة، عام 2020، وكان محافظا على استقراره على مدى السنوات الـ 20 الماضية.

في حين كانت نسبة الصناعة التحويلية من الناتج المحلي الإجمالي منخفضة نسبيا في قطر وعُمان، حيث كانت نسبة هذا القطاع 7 بالمئة عام 2020، ومتوسطة في المملكة العربية السعودية بمعدل 13 بالمئة، إلا أنها تشهد نموا، ومرتفعة نسبيا في الأردن 17 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، لكنها آخذة في الانخفاض حيث سجلت عام 2008، 21.2 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي، أما في سوريا، فاستقرت عند 15 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي قبل الصراع الذي بدأ عام 2011، على الرغم من عدم توافر البيانات الحالية.

اقرأ/ي أيضا: عُمان الدولة الأهدَأ في المنطقة.. ما الأسباب؟

مخاطر انخفاض معدلات النمو الإنتاجي العربي

معدلات أثارت مخاوف كبيرة من وضع البلدان العربية والشرق الأوسط، وتأثير ذلك على اقتصادات الدول، ووضعها بين دول العالم، وما ينتج عن ذلك من حالة فقر وانتشار للجوع، وتنامي عدم الاستقرار، ونشاط الأعمال الممنوعة، والتي تدفع بالمجتمعات إلى هوّة الضياع، وهو ما دفع بموقع “الحل نت“، للبحث خلف الأسباب وسبل المعالجات.

وفي هذا الشأن، يقول المهتم في الشأن الاقتصادي عبدالله التميمي لموقع “الحل نت“، إن “انعدام تنوع المصادر الاقتصادية والاعتماد على مصادر محددة، دفع بالبلدان العربية لأن تتحول إلى دول غير منتجة واستهلاكية بالدرجة الأولى، وهذا ما تسبب بتراجع مستويات العمالة وضعف الأسواق، مع اعتمادها على الاستيراد“.

التميمي، العامل في إحدى البنوك العراقية، يضيف أن “المشكلة أيضا تنسحب على مستوى الإدارات المالية التي تعتمدها بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط، إذا أنها تعتمد على مناهج بالية لا توفر للدولة إمكانية النهوض في معدلات النمو الإنتاجي والتي يمكن أن اعتمادها في التوزيع والاستراتيجيات المالية المتقدمة“.

وبيّن أن، “دول المنطقة، والخليج العربي تحديدا منها، تمتلك فرص رائعة لاسيما في الوقت الحالي مع أزمة الطاقة العالمية التي ساهمت في التحسين من معدلات النمو الإنتاجي لديها، من خلال استثمار الواردات الكبيرة المتحققة من خلال تصدير النفط، وتوفيرها في دعم القطاعات الإنتاجية في خطط سريعة وأخرى طويلة الأمد“.

حيث يمكن “دعم قطاعات الاستثمارية، لاسيما منها القائمة على جهود المواطنين العادين، والتي تتمثل بدعم الفلاحين ومشاريع الصناعة الصغيرة وغيرها من مشاريع تجارية يمكن انتاجها، لضمان تحوّل سريع، ومن ثم رصد ميزانيات عالية لخطط طويلة الأمد التي يمكن أن تتضمن إعادة إحياء وإنشاء المدن الصناعية، وعقد الشراكات التطويرية مع الدول العالمية“، بحسب التميمي.

اقرأ/ي أيضا: سبل مواجهة مخاطر الأمن الغذائي على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

النمو الإنتاجي ودوره في الاستقرار الدولي

التميمي، كد أيضا، أن “استمرار الدول بالتحفظ على الإيرادات المتحققة لديها وعدم الشروع باستثمارها السريع ربما ستكون فاقدة لقيمتها إذا ما عادت أسعار النفط إلى معدلاتها الطبيعية، كما أنه سيضطر الدولة إلى اللجوء لاستخدامها في النفقات العامة وهو ما سيبقي على البلدان على وضعها الحالي“.

من جهته لفت علي أحمد صباح، المهتم في الشأن الاقتصادي، في حديث لموقع “الحل نت“، إن “معدلات النمو الإنتاجي تعكس واقع إدارات البلدان العربية في التخلف الاقتصادي، كما أنها تساهم بشكل كبير في تنمية عدم الاستقرار داخل البلدان لما تتسبب به تلك الإدارات السيئة“.

كما أشار، إلى أن “النمو الإنتاجي يؤشر مستوى العمالة وفرصها في البلدان، ونشاط قطاعاتها الإنتاجية، التي يمكن النظر إلى تداعيات غيابها في البلدان العربية من حيث اللجوء إلى الكسب الحرام وتنشيط الجرائم والتطرف بسبب عدم توفر بيئة اقتصادية مستقرة، وهو ما ينعكس على مستوى الفقر الذي ينتج عن كل تلك العوامل“.

صباح، أردف بالقول، إن “تحسن معدلات الإنتاجية من عدمه داخل دولة واحدة يمكن أن ينعكس أثره على كل الدول المحيطة لها، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال متابعة انتشار عدم الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط، التي أخذت بالاضطراب واحدة تلوى الأخرى“، مبيّنا أن “دول المنطقة تعاني جميعها من سوء الإنتاجية، بالتالي عندما انهارت إحداها دفعت بالأخرى إلى اللحاق بها“.

ولذلك على “دول المنطقة العمل بشكل متوازن ومتوازي على تحسين معدلاتها الإنتاجية والذهاب نحو تنشيط قطاعاتها الإنتاجية بدءا من الزراعة وصولا إلى التطورات التكنولوجية، وبشكل شبكي تشاركي فيما بينها، لضمان استقرار إقليمي وداخلي“.

اقرأ/ي أيضا: هكذا ستغير أهداف تغير المناخ مستقبل المنطقة العربية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.