تؤكد الحكومة الصينية سيادتها الإلكترونية، أو سيطرتها على جميع الموارد الرقمية الصينية، بما في ذلك الخوادم وبيانات المستخدمين والبيانات التقنية الأساسية وشركات التكنولوجيا العاملة في الصين، سواء داخل أو خارج حدود البلاد أو حتى على مستوى العالم. فقانون الأمن السيبراني الصيني للعام 2017 يلزم الشركات في الصين على تقديم قاعدة بياناتها، حيث يتم تخزين هذه البيانات على خوادم تديرها الحكومة الصينية، مما يسمح للحكومة الصينية بالوصول إلى موارد مثل بيانات iCloud لشركة Apple في الصين. ولتوسيع هذه الرقابة خارج الصين، يمنح قانون الأمن القومي لهونغ كونغ للعام 2020 الحكومة الصينية الحق في السيطرة على ما تعتبره جرائم ضد الأمن القومي الصيني المرتكبة خارج هونغ كونغ، بما في ذلك القضايا المتعلقة بحماية البيانات. كذلك يسمح قانون أمن البيانات الصيني للعام 2021 للحكومة الصينية بإجراء عمليات تدقيق للأمن القومي على الشركات العاملة في الصين والتي تجمع بيانات المستخدم. وما هذه القوانين إلا غيض من فيض جهود الصين لتوسيع سيطرتها على البيانات خارج حدودها.  

كيف تسيطر شبكات الصين في الولايات المتحدة؟ 

توسع الحكومة الصينية سيادتها الرقمية في الولايات المتحدة باستخدام منصات شبكية لتأكيد سيطرتها على الشركات الصينية التي تعمل في الولايات المتحدة والشركات الأميركية التي تعمل في الصين. وتشارك الشركات والمستخدمون عن طيب خاطر في هذه التجارة في السلع والخدمات من أجل الفرص المناسبة أو تحقيق الأرباح أو وسائل الترفيه، وفق ما أفاد به تقرير لموقع “ذا ديبلومات” وترجمه موقع “الحل نت”.
  

لنأخذ TikTok، على سبيل المثال، فبينما بذلت الشركة جهودا كبيرة لإنشاء جدار حماية بين أعمالها في الولايات المتحدة والصين، تبقى شركتها الأم ByteDance خاضعة لعمليات تدقيق أمن البيانات الحكومية الصينية. وكشركة ذات حضور مهيمن في السوق الصينية، من خلال منصتها الإعلامية الاجتماعية الصينية Douyin، لا تتمتع ByteDance برفاهية الخروج من السوق الصينية. ومع ذلك، ونظرا لأن الحكومة الصينية قد صنفت خوارزمية TikTok كمدخر للأمن القومي، فليس لدى ByteDance أيضا خيار إدارة أعمال TikTok الخاصة بها. وTikTok هو المثال الأكثر شهرة، ولكن توجد ديناميكيات مماثلة للشركات عبر مجموعة واسعة من القطاعات.  

والأمر الأكثر أهمية في ملاحظة كيفية سيادة شبكات الصين هو كيفية تعزيز الصين جهودها لتوسيع سيادتها الرقمية في الولايات المتحدة، وكيفية استغلال المشهد التكنولوجي في الولايات المتحدة بالفعل لبيانات المستخدم. 

كيف تُستَخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي الصينية كأدوات للمراقبة؟
 

تمثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي نموذجا استغلاليا لحوكمة البيانات الأميركية، وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضخيم الرقابة الرقمية العالمية للصين. ويدرك العديد من المستخدمين أن نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تحت المراقبة. وبالفعل، فإن المراقبة أو الرقابة على المستخدمين، الذين ينشرون محتوى حساسا سياسيا عن هونغ كونغ أو شينجيانغ، قد جذبت انتباه وسائل الإعلام إلى المنصات الصينية مثل WeChat وTikTok. 

ومع ذلك، فإن شكل الرقابة الذي يتم تجاهله في كثير من الأحيان هو ما يمكن أن تفعله هذه المنصات بكل البيانات التي تجمعها، فهي لا تراقب المستخدمين فحسب، بل تراقب أيضا كيفية عمل الشبكات الاجتماعية والمجتمعات بأكملها. وهذه الأفكار لا تقدر بثمن لتوليد ونشر معلومات مضللة على تلك المنصات نفسها. كما يمكن أن تكون بمثابة العمود الفقري للمنتجات المستقبلية التي تجذب المستخدمين بنجاح أكبر بسبب خوارزمياتهم الجذابة. 

أساليب الصين وأهميتها في مراقبة البيانات البيولوجية 

تتطور مراقبة البيانات الحيوية بسرعة بسبب التحولات السريعة في سياسة الصين بشأن جائحة كورونا. فقد أخذت الحكومة الصينية زمام المبادرة عالميا في تطوير أدوات شبكية لمراقبة المواطنين وتحركاتهم خلال هذه الجائحة. وتحدث هذه المراقبة من خلال الرموز الصادرة للأفراد الذين يطلق عليهم jiankangma، أو الرموز الصحية، والتي تحدد كيفية تحرك المواطنين بناء على حالات التعرض المعروفة والأعراض الصحية. 

وتجمع شركات التكنولوجيا الصينية مثل Xiaomi بيانات المستخدم الحيوية، خارج حدود الصين، من خلال المنتجات الاستهلاكية التي تراقب كل شيء من معدل ضربات القلب إلى مستوى النشاط. كذلك تم اعتماد المعامل الصينية أيضا لإجراء الاختبارات من الولايات المتحدة، بسبب النظام المفتوح لتوحيد المختبرات في الولايات المتحدة. ولا يدرك معظم الأشخاص في الولايات المتحدة أن قانون HIPAA لا يحمي بياناتهم الصحية دوليا. وبناءا على ماتقدم، يمكن للبيانات الحيوية من الولايات المتحدة أن تزود قاعدة بيانات GeneBank الوطنية الصينية. 

تقييم السياسة الأمريكية والجهود التجارية لمواجهة السيادة الرقمية للصين 

اليوم، تواجه الولايات المتحدة معضلة حقيقية، حيث تحقق نظم بيئية استغلالية لبيانات الدخل من الحياة اليومية للمستخدمين الحد الأدنى من الأوهام المتعلقة بالموافقة التي تم إنشاؤها في وادي السيليكون. وتشير العالمة شوشانا زوبوف إلى هذا على أنه “رأسمالية المراقبة”. فلطالما كانت شركات التكنولوجيا الأمريكية محركا للقوة الوطنية للولايات المتحدة، حيث عملت على تعزيز الاقتصاد الأميركي، وجذب أفضل المواهب التقنية من جميع أنحاء العالم، وتوسيع نفوذ الولايات المتحدة على مستوى العالم، وتستند جهود الحكومة الصينية لجمع بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة إلى هذه الممارسات الاستغلالية.

لقد أصبحت شركات التكنولوجيا، سواء الموجودة في الولايات المتحدة أو الصين، أكبر من أن تنظمها حكومة الولايات المتحدة. وثبت أن الجهود المبذولة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبيرة في لجنة التجارة الفيدرالية صعبة. وقد أدت الخلافات داخل وبين الأحزاب السياسية إلى تأخير الجهود المبذولة لحماية أمان بيانات المستخدم من خلال مشاريع قوانين مثل قانون حماية خصوصية البيانات الأميركية. كما واجهت الأوامر التنفيذية الرئاسية من إدارتي بايدن وترامب معارضة كبيرة من الشركات الأميركية. وعلى النقيض من ذلك، لا تسمح الصين لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية بجمع البيانات، وتسيطر بصرامة على أي جمع للبيانات من قبل الشركات الأجنبية، بينما تتمتع شركات التكنولوجيا الصينية بحرية أوسع في هذا النطاق. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.