الناخب الإسرائيلي لا يعوّل كثيرا على أن تحل الانتخابات المقبلة، وهي انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين، الأزمة السياسية في إسرائيل، والمتمثلة في عدم قدرة الحكومات على الاستمرار، وتكرار الانتخابات، وما يصاحب ذلك من إهدار لأموال الدولة في ظل التكلفة الباهظة للانتخابات التي قد تتخطى الملياري شيكل، في المرة الواحدة.

ويعود الإحساس بعدم الثقة في أن تحل هذه الانتخابات المشكلة إلى استبعاد أن تؤدي- الانتخابات- التي تُعتبر الخامسة في أقل من أربع سنوات، إلى أن تحصل أي من الكتلتين المتصارعتين، كتلة نتنياهو وكتلة يائير لابيد، على ما يؤهّل إحداهما لتشكيل حكومة تستمر أربع سنوات من دون أن تضطر إسرائيل للذهاب إلى انتخابات مبكرة من جديد.

وفي هذا السياق، أظهرت استطلاعات للرأي فشل انتخابات الكنيست القريبة في حسم المعركة الانتخابية والتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب على تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، علما بأنها الخامسة في أقل من 4 سنوات.

حظوظ متساوية

 صحيفة “إسرائيل اليوم”، قالت في خبرها الرئيسي يوم أمس الخميس “بينما تستعد الأحزاب الإسرائيلية إلى المصاف الأخير في حملة الانتخابات، والتي تبدأ فور الأعياد، تشير خريطة الاستطلاعات إلى تعادل تام بين الكتلتين”.

وأشارت الصحيفة، إلى تصاعد الصراع بين الأحزاب الإسرائيلية المختلفة المتنافسة في انتخابات الكنيست المزمع عقدها في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

نفتالي بينيت ويائير لابيد “وكالات”

وأضافت، إنه “ومع أن حزب “الليكود” بزعامة بنيامين نتنياهو، هو الحزب الأكبر وبفارق غير صغير بعده حزب “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لابيد، لكن التقديرات كانت ولا تزال، أنه في حملة الانتخابات هذه سيكون الحسم بفارق مقعد واحد”.

محمد الليثي، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، يرى أن تساوي كتلتي نتنياهو ولابيد، في استطلاعات الرأي جاءت لعدم تغير أي شيء لدى الطرفين مقارنة بالانتخابات الماضية، والتي تسببت في النهاية بفشل الحكومة الإسرائيلية، سواء فشل في التشكيل أو فشل في استمرار الحكومة الائتلافية الأخيرة بقيادة نفتالي بينيت، ويائير لابيد.

يضيف الليثي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه لم يتغير شيء بالنسبة للتحالفات أيضا فلا تزال كما في السابق، وبقاؤها على هذا الحال لن يؤدي لأي تغير ما لم يحصل تغيير فيها سواء بالنسبة لنتنياهو أو لابيد، وذلك من خلال إقناع الأحزاب الصغيرة بالانضمام لهذه التكتلات للحصول على مقاعد أكبر، مع العلم أنه لا بد أن يكون لهذه الأحزاب مقاعد دائمة في الكنيست، وهنا يمكن أن يحصل أحد الفريقين على تشكيل الحكومة القادمة.

الناخب الإسرائيلي بين الأمن والاقتصاد

بحسب الصحيفة، فإن ما يقلق الجمهور الإسرائيلي هو الوضع الاقتصادي، حيث أشار 3 من أصل 4 إسرائيليين إلى الاقتصاد كموضوع هو الأكثر إقلاقا، ومن هنا يسعى كل من نتنياهو ولابيد، للترويج على قدرتهما على إخراج إسرائيل من حالة عدم الاستقرار التي تسببت بالضرر بالاقتصاد والأمن على حد سواء.

وفي هذا السياق، يرى الليثي أن أهم ما يؤثر في الناخب الإسرائيلي إضافة للاقتصاد، المعادلة الأمنية وهناك سباق يجري بين نتنياهو ولابيد، لتحقيق المعادة الأمنية في إسرائيل، من خلال إشعار الناخب الإسرائيلي أنهم قادرون على حمايته من أي تهديد وجودي، سواء في الحروب على قطاع غزة، لإثبات أن الفصائل في القطاع غير قادرة على تهديده، والتحكم بالوضع في الضفة الغربية، والسيطرة على الأوساط العربية في الداخل الإسرائيلي، ودعم وحماية المستوطنين الذين عادة ما يقتحمون المسجد الأقصى.

قد يهمك:إسرائيل تقصف مناطق نفوذ روسي بسوريا.. موسكو موافقة وطهران متخوفة؟

هل يفوز نتنياهو وما دور الأحزاب العربية؟

بحسب استطلاع الرأي الأسبوعي لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، اليوم الجمعة، حصد معسكر رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، بنيامين نتنياهو، لأول مر منذ 4 أشهر، 61 مقعدا من أصل 120 في الكنيست الإسرائيلي، ما يعني أن بإمكانه تشكيل ائتلاف حكومي بعد الانتخابات.

 وأشار الموقع، إلى أن نتنياهو، سيكون قادرا على تشكيل الحكومة في حال ثبّت قوته التي منحه إياها الاستطلاع الأسبوعي، والذي يوضح استمرار ازدياد قوة حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو، وبالأساس حزب “الصهيونية الدينية” بقيادة بتسلئيل سموتريتش، مع تقدم هذا الحزب للموقع الثالث بين مجمل الأحزاب الإسرائيلية.

ووفقا للاستطلاع الذي يأتي قبل 24 يوما، من الانتخابات المقررة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، فإن حزب “الليكود” بقيادة نتنياهو، سيحصل على 32 مقعدا، فيما يتراجع حزب “ييش عتيد” بقيادة رئيس الحكومة الحالي يئير لابيد، إلى 23 مقعدا.

وبحسب محمد الليثي، فإن هناك فرصة لفوز نتنياهو بلا شك، مبينا أن هناك توقعات بعودته قبل سقوط حكومة يئير لابيد ونفتالي بينيت، وأنه سيعود للواجهة من جديد، على الرغم من أنه يعاني من قضايا فساد ولكن ذلك لن يؤثر عليه في الفترة المقبلة.

ويشير الليثي، إلى أن نتنياهو، قادر على الفوز، ولكن هل هو قادر على حسم تشكيل الحكومة بأغلبية تمكنها من الاستمرار فيما بعد، وهنا يوجد شكل بذلك، فمن الممكن أن يحصل ائتلاف نتنياهو على 61 مقعدا ويشكل الحكومة ولكن من الممكن أن تسقط هذه الحكومة بعد ذلك بفترة في حال انسحب عضو أو أكثر من ائتلافه، ما يؤدي لعدم قدرته على تمرير التشريعات داخل الكنيست الإسرائيلي وبذلك تكون حكومته دون فائدة، لذلك إذا أراد نتنياهو، الاستمرار بترأسه الحكومة في حال فوزه فلا بد أن يؤمن نفسه بعدد مقاعد تزيد عن 61 مقعدا.

أما بالنسبة للكتلة العربية في الانتخابات، فلا شك أن لهذه الكتلة تأثير على الانتخابات لأن العرب داخل إسرائيل يمثلون نسبة لا تقل عن 20 بالمئة، وحول شكل تأثيرهم بالانتخابات القادمة، فالكتلة العربية ساعدت في إسقاط نتنياهو في الانتخابات الماضية، ولكن في هذه الانتخابات فالوضع مختلف فالقائمة العربية المشتركة تعرضت لانشقاق مؤخرا وهو ما سيضعفها في الوقوف أمام نتنياهو، وهذا ما يمكن أن يمثل عامل مساعدة إضافي لنتنياهو للعودة من جديد لتصدر المشهد.

هل تتجه إسرائيل نحو انتخابات سادسة؟

بحسب مختصين فمن غير المتوقع، في حال استمرت استطلاعات الرأي على هذا النحو، أن تختلف نتيجة الانتخابات كثيرا، وأن يبقى الجمود سيد الموقف، وهنا لا تبدو أي الخيارات سهلة إذا ما وصل الوضع إلى ذلك؛ فتشكيل الحكومة لن يكون سهلا في ظل قرار القائمة المشتركة بالبقاء خارج أي ائتلاف حكومي، وفي ظل صعوبة إقناع أي الأحزاب الدينية الموالية لنتنياهو، أن توافق على الدخول في حكومة برئاسة لابيد، خصوصا وأن أكثرهم متمسكون بتكوين حكومة يمين خالصة، وينظرون إلى حكومة لابيد، الحالية بوصفها حكومة يسار.

وفي مقابل ذلك من المستبعد كذلك أن يختار أي الأحزاب الرافضة نتنياهو، الدخول في حكومة يترأسها هو، وهذا يعني أن يبقى لابيد رئيسا لحكومة تصريف أعمال فترة لن تقل عن ستة أشهر أخرى، يمكنه فيها أن يعظم مكاسب حزبه مثلما فعل خلال الثمانية عشر شهرا الماضية، وبالتالي، يصبح هو أكثر المستفيدين.

محمد الليثي، يرى أن الاحتمال بأن تتجه إسرائيل نحو انتخابات سادسة في أقل من 4 سنوات قائم، مرجعا ذلك إلى استطلاعات الرأي التي تشير حتى الآن في معظمها إلى التساوي بين الطرفين، وهو ما سيؤدي لجمود سياسي وبالتالي الذهاب نحو انتخابات جديدة.

ويضيف الليثي، في هذا التساوي بين الطرفين يتشبث نتنياهو بالاستمرار، تدعمه بذلك الكاريزما التي يتمتع بها لدى الإسرائيليين حيث يعتبرونه رئيسا تاريخيا للوزراء وهذا ما يدعمه، ولكن في الوقت نفسه يتساوى معه يائير لابيد.

وختم الليثي، بأنه لو تشكلت حكومة إسرائيلية في هذا الوضع المتساوي فلن تستمر أكثر من سنة واحدة، أي الانتخابات السادسة قادمة.

إسرائيل الخاسر من هذا التساوي

تقارير صحفية، نقلت عن مختصين في الشأن الإسرائيلي، اطلع عليها “الحل نت”، تشير إلى أن الخاسر الأكبر سوف يكون الدولة نفسها والديمقراطية الإسرائيلية كلها؛ فالدولة ستكون مضطرة للتجهيز لانتخابات جديدة للمرة السادسة في أربعة أعوام تقريبا، وما يصاحبها من استمرار إهدار المال على الانتخابات من دون تحقيق استقرار سياسي، وسيخسر النظام الديمقراطي ثقة الجمهور الإسرائيلي، لأن هذا النظام لم يعد قادرا على إنتاج حكومة مستقرة تحقق طموحات الناس.

واستشهدت التقارير، بالتقرير عن حالة الديمقراطية في إسرائيل، الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2021، الذي كشف عن حالة من الضجر بين مواطني الدولة تؤدي إلى عزوف متنام عن المشاركة في الانتخابات، وتراجع نسب التصويت، علاوة على شعور بالخطر الشديد على النظام الديمقراطي في إسرائيل؛ حيث أظهر التقرير أن لدى 44بالمئة من يهود إسرائيل هذا الإحساس بالخطر. وكانت النسبة الكبرى بين اليهود أصحاب التوجّه اليساري بنسبة 63بالمئة، ثم أصحاب توجه الوسط 43بالمئة، ثم اليمين بنسبة 39بالمئة.

أشار التقرير أيضا إلى أن ما يقترب من نسبة 50بالمئة، من الإسرائيليين يرون أن القيادات الإسرائيلية فاسدة تعمل لمصلحة نفسها أكثر مما تعمل لصالح المواطنين، إلى درجة أن أكثر من 50بالمئة، من الإسرائيليين يعتقدون أن القضاء الإسرائيلي يتحيّز لصالح هذه القيادات، وأن الانتماء السياسي لهذه القيادات يلعب دورا مؤثرا في تعامل القضاة معهم.

مصير نتنياهو والسياسة الإسرائيلية

في ظل هذا التساوي بين التكتلات السياسية قبيل الانتخابات الإسرائيلية، يحاول كل طرف سياسي إسرائيلي تحقيق الفوز، وخاصة نتنياهو الذي يعاني من قضايا فساد سابقة.

الكتلة العربية في الانتخابات الاسرائيلية “وكالات”

محمد الليثي، بيّن في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن قضايا الفساد المتعلقة بنتنياهو، لن يكون لها تأثير في الانتخابات المُقبلة، لأنه بالنظر إلى الفترات السابقة لم تتزعزع شعبية نتنياهو، فبالتأكيد لن يتغير الأمر في الانتخابات المقبلة، بل سيتحول إلى العكس بشكل طفيف بسبب فشل استكمال الحكومة السابقة التي شكلها نفتالي بينيت، بالمشاركة مع يائير لابيد.

وأوضح الليثي، إلى أن السيناريو الذي ستشهده نتائج الانتخابات الإسرائيلية، سيكون هناك تقدم طفيف لنتنياهو لن يستطيع من خلاله تشكيل حكومة قوية، ولذلك إذا لم ينجح في تشكيل تحالفات، سينتهي الأمر بهم إلى انتخابات سادسة.

أما المختص بالشأن الإسرائيلي، عادل ياسين، فأوضح في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن أهم نتيجة في هذه الانتخابات، هي أن تشتت الخارطة السياسية في إسرائيل وتفككها بات أمرا واقعيا، ما يعني انتهاء حالة الاستقرار وبدء مرحلة حكومات انتقالية لتسيير الأعمال بين معركة انتخابية وأخرى.

إقرأ:إسرائيل تكشف عن المسؤولين عن صناعات إيران العسكرية في سوريا

نحو أقل من شهر يفصل عن الانتخابات الإسرائيلية، وحتى الآن لا تزال تشهد الساحة السياسية استعصاء يتمثل بالتساوي بين الكتلتين الرئيسيتين في الانتخابات، مع ترجيح بسيط لنتنياهو، إلا أنه ووفقا لمراقبين فلا يمكن التكهّن بالنتيجة الحقيقية إلا بعد صدور النتائج.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة