بعد مرور شهر على فوز ليز تراس برئاسة الحكومة البريطانية، عقب الانتخابات التي جرت في حزب المحافظين الشهر الماضي، بعد استقالة رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، ولكن يعمل عدد من نواب حزب المحافظين الذي تترأسه تراس، على الإطاحة بها خلال أسبوع، نظرا لرفضهم برنامجها الحكومي وخاصة بشقه الاقتصادي الذي لاقى انتقادات واسعة.

الإطاحة هذا الأسبوع!

صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، قالت إن أعضاء بالبرلمان البريطاني سيحاولون الإطاحة برئيسة الوزراء، ليز تراس، هذا الأسبوع، على الرغم من تحذير “داوننغ ستريت”، من أن ذلك قد يؤدي إلى إجراء انتخابات عامة، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء، اليوم الإثنين.

بن والاس المرشح المحتمل لرئاسة الحكومة البريطانية “وكالات”

الصحيفة نقلت عن مصادر لم تكشف النقاب عنها، أن أكثر من 100 عضو في البرلمان ينتمون إلى حزب المحافظين الحاكم مستعدون لتقديم رسائل بسحب الثقة من تراس إلى جراهام برادي، رئيس لجنة حزب المحافظين التي تنظم انتخابات القيادة.

الصحيفة البريطانية أضافت أن النواب سيحثون برادي على إبلاغ تراس أن “وقتها انتهى”، أو تغيير قواعد الحزب للسماح بالتصويت الفوري للثقة في قيادتها، مبيّنة أن جراهام يقاوم هذه الخطوة قائلا “إن تراس ووزير المالية المعين حديثا جيريمي هانت يستحقان فرصة لوضع استراتيجية اقتصادية في ميزانية يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر الحالي”.

انتقادات داخلية وخارجية

صحيفة “تايمز” البريطانية، قالت إن بعض أعضاء البرلمان عقدوا مباحثات سرية بشأن استبدال تراس بزعيم جديد.

رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، تعرضت لانتقادات بسبب برنامجها الاقتصادي المثير للجدل، وجاءت آخر الانتقادات من وزير المالية الجديد الذي عينته تراس، وأيضا جو بايدن الذي انتقد خطة تراس الاقتصادية.

وزير المالية البريطاني الجديد، جيريمي هانت، قال يوم السبت الفائت، إنه ستتم زيادة بعض الضرائب، كما أن هناك ضرورة لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالإنفاق، موضحا أن رئيسة الوزراء ليز تراس، ارتكبت أخطاء مع محاولتها الاحتفاظ بمنصبها الذي تولته قبل ما يزيد قليلا عن شهر.

من جهتها، في محاولة لتهدئة الأسواق المالية، كانت تراس، قد أقالت في وقت سابق وزير المالية، كواسي كوارتنغ، وألغت بنودا من برنامجهما الاقتصادي المثير للجدل، بعد أن وعدت بخفض الضرائب.

الرئيس الأمريكي، جو بايدن، انضم إلى مهاجمي برنامج تراس الاقتصادي واصفا خطتها لخفض الضرائب والتي تم التخلي عنها حاليا بأنها “خطأ”.

يوم أمس الأحد، شددت تراس على التزامها بالاقتصاد “السليم”، وأقرت بأن إقالة صديقها كواسي كوارتينغ، من منصب وزير المالية كان “مؤلما”، لكنها أضافت في مقالة في صحيفة “ذي صن” يوم أمس الأحد، أنه “لا يمكننا تمهيد الطريق لاقتصاد منخفض الضرائب وعالي النمو بدون الحفاظ على ثقة الأسواق في التزامنا بتحقيق المال السليم”.

إقرأ:وصول اليمين المتطرف في أوروبا.. ما النتائج؟

مرشح محتمل كبديل لتراس

وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، ظهر اسمه منافسا محتملا لخلافة رئيسة الوزراء، ليز تراس، في زعامة حزب المحافظين، بعد ترويج اسمه الآن لشغل المنصب رغم غيابه عن السباق لقيادة الحزب في تموز/يوليو الماضي، والذي وصفه مراقبون بـ”المفاجئ”.

صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، قالت يوم أمس الأحد، إن السياسي البالغ من العمر 52 عاما، وهو مؤيد قوي للبقاء في الاتحاد الأوروبي وشخصية مفضلة لدى العديد من أعضاء حزب المحافظين، استبعد نفسه من منافسة هذا الصيف لأسباب شخصية.

في أيلول/سبتمبر الماضي، قال والاس لصحيفة “تلغراف” البريطانية، “لم أرغب في هذا المنصب بما فيه الكفاية، وأعتقد أنني في مرحلتي في حياتي… إذا أردت أن أكون رئيسا للوزراء، فيجب أن تكون رغبتي قوية جدا جدا جدا. عليك أن ترغب في ذلك قبل كل شيء، وأن تكون قاسيا عند نقطة ما”.

في مقابل ذلك، عندما سُئِل في مؤتمر حزب المحافظين خلال الشهر الحالي، عمّا إذا كان سيفكر في الترشح لزعامة الحكومة قال، “لا أستبعد ذلك”.

من بن والاس؟

على عكس معظم الوزراء البريطانيين، لم يذهب والاس إلى الجامعة، وترك المدرسة في سن 18 وصار مدرب تزلج في النمسا قبل الالتحاق بالأكاديمية العسكرية الملكية في “ساندهيرست”.

في العام 1991، انضم إلى الحرس الأسكتلندي، وخدم في ألمانيا وقبرص وبليز وإيرلندا الشمالية. ثم غادر في عام 1998 للعمل بالسياسة وانتُخِب بعد عام عضوا في البرلمان الأسكتلندي، حيث خدم لفترة ولاية واحدة، وانتقل لاحقا إلى لانكشاير وانتُخِب نائبا عن لانكستر وواير في عام 2005.

والاس، كان نائبا عن واير وبريستون نورث، منذ عام 2010 وصوّت على البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، وترقى إلى منصب وزير الدفاع في عام 2019 وأشيد بتعامله مع الأزمة الأوكرانية. وكان من أوائل الذين دعموا قضية كييف لدى الحلفاء الغربيين، ودفع الحكومة لدعم أوكرانيا.

أيضا كان والاس، جزءا من الدائرة المقربة من جونسون عندما كان رئيسا للوزراء، وبرغم أنه مؤيد قوي للبقاء في الاتحاد الأوروبي، لكن في نهاية فترة رئاسته للوزراء، بدأ في تصفية الأجواء مع جونسون.

لكن على الرغم أن والاس أحد وزراء الدولة الأكثر شعبية، لا يبدو أن الجميع يعرفه، فقد كانت صحيفة “صندي ميل” البريطانية، في اسكتلندا واحدة من الصحف التي أبلغت عن مؤامرة إحضاره لرئاسة الحكومة، لكن في خطأ فادح محرج، نشرت الصحيفة صورة للوزير المالي لوزارة الخزانة، أندرو غريفيث، في الطبعة الأولى من صفحتها الأولى بدلا من صورة والاس.

من هي ليز تراس؟

ليز تراس رئيسة للحكومة البريطانية بعد فوزها بزعامة حزب المحافظين، الشهر الماضي بعد إعلان الحزب، نتائج انتخاباته الداخلية، حيث حصلت ليز تراس على 66 بالمئة من أصوات المحافظين، في الانتخابات التي جرت في 10 داونينغ ستريت، بعد ثمانية أسابيع من تقديم جونسون استقالته.

ليز تراس، أمضت طفولتها شمالي إنجلترا، ودرست في مدرسة حكومية في ليدز، وهي من أبوين يؤيدان حزب العمال، وتوجهاتهما يسارية، درست السياسة والاقتصاد والفلسفة في جامعة أوكسفورد.

 التقلبات السياسية تميز ليز تراس، كانت تنتمي للحزب الليبرالي الديمقراطي ثم انتقلت لحزب المحافظين عامَ 1996 لتتولى عبر السنواتِ مناصب وزاريةً في حكومات ديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون، لتكون الخارجيةُ البريطانية أحدثَ الحقائبِ الوزارية.

تراس، تعتبر من معارضي “بريكست” بشدة لتعود وتؤيد خروجَ بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتسعى في سياستها إلى خفض الضرائب وتخفيف أعباء الأزمةِ المعيشية على المواطنين. مواقفُها متشددة في السياسة الخارجية خاصة ضد الصين وروسيا، وهي من مؤيدي برنامج رواندا لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهي ثالث رئيسة للوزراء في بريطانيا، بعد تيريزا ماي، ومارغريت تاتشر.

الأولويات والتحديات أمام تراس

في أول خطاب لها بعد تسلّمها رسميا رئاسة وزراء بريطانيا، بعد أن كلفتها الملكة الراحلة، إليزابيث الثانية، بتشكيل حكومة جديدة، خلال اجتماع في قلعة بالمورال في أسكوتلندا، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس 3 أولويات ستعكف عليها خلال الفترة القادمة.

تراس بيّنت أن هذه الأولويات هي دفع عجلة الاقتصاد، والتعامل مع أزمة الطاقة التي تسبب فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحربه على أوكرانيا، وتعزيز الخدمات الصحية في البلاد.

ففي خطابها، قالت، “إننا نواجه تحديات عالمية تسببت فيها حرب روسيا على أوكرانيا، و”سنقف متحدين مع حلفائنا للدفاع عن الديمقراطية في العالم”، مضيفة “أثق في قدرتنا على مواجهة العواصف وإعادة بناء اقتصادنا”.

أما بالنسبة لما تواجهه تراس، فهناك سبعة تحديات رئيسية يجب عليها التعامل معها، وهي ارتفاع تكاليف المعيشة، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في أثناء الحملة الانتخابية، وأساس الأزمة نابع من أنّ الطاقة، وخصوصا الغاز، لا يتدفق بشكل طبيعي. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الصراع في أوكرانيا والخطوات المتعمّدة التي يتخذها الكرملين.

أما التحدي الثاني، فهو يتمثل بكيفية تجاوز خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا هذا الشتاء، حيث شهد أداء العاملين في خدمة الصحة الوطنية البريطانية تراجعا في السنوات العشر الأخيرة، لكن الأوضاع تفاقمت بتفشّي وباء كورونا.

التحدي الثالث، يتمثل باستمرار دعم أوكرانيا بنفس القوة خاصة مع تفاقم الأزمة المالية وطول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا.

أما الرابع، فهو تحدّ يتعلق بحزب تراس “المحافظين” المنقسم داخليا حيث يجب عليها العمل على إعادة توحيد صفوفه، والتحدي الخامس هو إيرلندا الشمالية، وخاصة فيما يتعلق ببتروتوكل إيرلندا الشمالية.

التحدي السادس يتمثل بإمكانية مواصلة رفض إجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا، وفي مقاومة استقلال اسكتلندا، يتعين على أي رئيس وزراء بريطاني أن يحْذر انتهاج طريق من شأنه المجازفة بتقويض دعم عملية الاتحاد البريطانية.

أما السابع، فيطرحه تساؤل حول هل لا يزال ممكنا الوصول إلى صفرية الانبعاثات الكربونية بحلول 2050، ففي ظل أزمة أسعار الغاز، تجد رئيسة الوزراء الجديدة نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرارات عاجلة على صعيد الطاقة، ومن شأن هذه القرارات أن تضع بريطانيا على الطريق، أو تجعلها تخرق، التزامات حكومتها فيما يتعلق بالوصول إلى صفرية الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

موقف تراس من اللاجئين

ليز تراس، تبنت موقف جونسون حول ترحيل اللاجئين وبينهم السوريون، وكانت وعدت بأنها في حال ترؤسها الحكومة ستطلب من تركيا توقيع اتفاقية مماثلة لما جرى مع رواندا، التي تم إيقافها مؤقتا بعد ضغوط من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ليز تراس في جلسة لمجلس العموم البريطاني “وكالات”

كما تناقلت صحف ومواقع بريطانية على رأسها “التايمز” وديلي ميل”، مزاعم عن نية ليز تراس، إرسال مهاجرين ولاجئين بينهم سوريون من المملكة المتحدة إلى تركيا، وبحسب “ديلي ميل” فإن تراس وخلال وجودها في منصب وزيرة الخارجية، كانت أبلغت النواب سرّا أنها ستفتح مفاوضات مع المزيد من الدول لحملهم على استقبال لاجئين يصلون إلى بريطانيا إذا فازت برئاسة الوزراء بما فيهم إسبانيا وتركيا.

من الجدير بالذكر أن الثقة بتراس تعرضت للخطر، في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، حين كشف كواسي كوارتينغ، وزير المالية المُقال وتراس عن برنامج يميني مستوحى من خطة الرئيس الأميركي في ثمانينيات القرن الماضي رونالد ريغان، بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار)، من تخفيضات ضريبية ممولة حصرا من الديون المرتفعة.

قد يهمك:اليمين المتطرف يفوز بانتخابات إيطاليا.. ما الذي سيتغير في أوروبا؟

الخطة التي أعلن عنها كوارتينغ وتراس، أدت إلى تراجع الأسواق، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض لملايين البريطانيين، كما أدت لتراجع شعبية المحافظين في استطلاعات الرأي، ما تسبب في حرب مفتوحة في الحزب الحاكم بعد أسابيع فقط من خلافة تراس، لبوريس جونسون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.