الغزو الروسي لأوكرانيا والمستمر منذ 24 شباط/فبراير الماضي، كان له دور بتغيير النظام الدولي بشكل كبير، وذلك من خلال تغيير الدول الكبرى لطريقة تعاطيها مع المسائل المطروحة إضافة لبروز التكتلات والاصطفافات الجديدة، والتغير في المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وبروز نقاط الضعف والقوة لدى الأحلاف التقليدية، ما يستدعي إعادة النظر بالعديد من المفاهيم والتحالفات للعمل وفق الأسس الجديدة خلال السنوات القادمة.

في مقابل هذا الغزو، توالت ردود الأفعال الدولية والإقليمية خاصة مع حجم التدمير الذي شهدته الأراضي الأوكرانية في فترة زمنية وجيزة بعد بدء الحرب مباشرة، ما أدى إلى تشابك الأطراف وتعقُّد المشهد الدولي أمام التداعيات التي ترتبت على الأزمة، ومن هنا يبدو البحث في مدى تأثير الأزمة الأوكرانية 2022، على بنية النظام الدولي.

تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا

هذه التداعيات تبرز من خلال عدد من النقاط الأساسية، من بينها خسائر كل من روسيا وأوكرانيا، وخسائر الاقتصاد الأوربي، والسياسات الدفاعية الأوروبية، وما يمكن تسميته بمأزق الشرق الأوسط.

من ناحية خسائر طرفي القتال، تعرضت روسيا لخسائر متنوعة من جراء تدخلها العسكري في أوكرانيا، وتنوعت هذه الخسائر بين بشرية في الجنود الروس، واقتصادية بسبب كثافة العقوبات الغربية، والتي طالت العديد من القطاعات الاقتصادية الروسية، بما فيها قطاع النفط والغاز، وتجميد الأرصدة، وانهيار البنوك التجارية وسلاسل التوريد، وإلزام العديد من حلفاء الولايات المتحدة بتنفيذ العقوبات ووقف التعامل مع روسيا، وسياسية مع عزلة روسيا عن المجتمع الدولي؛ حيث تضررت صِلات روسيا بالعالم الخارجي.

الجيش الصيني “وكالات”

في المقابل، تضخمت خسائر الاقتصاد الأوكراني؛ حيث توقفت معظم الأنشطة الاقتصادية في البلاد، كما لحقت بالبنية التحتية الأساسية من الطرق والجسور والموانئ، أضرار كبيرة. فالحرب الروسية لم تستهدف تدمير المواقع العسكرية الأوكرانية فقط، بل أيضا الأهداف المدنية، كما جرى استهداف البنية التحتية للاتصالات في أوكرانيا. وأُغلقت معظم الموانئ والمطارات الأوكرانية نتيجة الأضرار التي لحقت بها.

أما الدول الأوروبية فقد واجهت العديد من الأضرار والتحديات بسبب تداعيات الحرب، واتضح ذلك في تباطؤ النمو الاقتصادي، فقد خفّض “بنك باركليز” من توقعاته لمعدل نمو الناتج المحلي للقارة الأوروبية إلى 3.5 بالمئة بعد الأزمة، مقارنة بـ4.1 بالمئة قبلها، وتوقع بنك “جي بي مورجان” معدل نمو 3.2 بالمئة فقط.

كما انخفض أيضا حجم التبادل التجاري بين أوروبا وروسيا بشكل غير مسبوق نتيجة للعقوبات على روسيا، حيث يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لروسيا، كما تسببت الحرب بتهديد الاستثمارات والأصول الأوروبية في روسيا، وتعرضها لخطر المصادرة أو التأميم بسبب الحرب والعقوبات الغربية، حيث يصل رصيد استثمارات بلدان الاتحاد الأوروبي في السوق الروسي نحو 311.4 مليار يورو (ما يعادل 340 مليار دولار) حتى عام 2020. وبلغت الاستثمارات الروسية في دول الاتحاد الأوروبي نحو 136 مليار يورو خلال 2020. كما أن هناك حوالي 60 مليار دولار مستحقة لبنوك الاتحاد الأوروبي على كيانات روسية يمكن تجميدها.

من جهة أخرى تسبب الغزو بتهديد أمن الطاقة الأوروبي، حيث تُعد روسيا أكبر مورّد للطاقة للاتحاد الأوروبي، فحوالي 40 بالمئة من واردات الاتحاد من الغاز الطبيعي، ونحو 33 بالمئة من وارداتها من النفط، مصدرهما روسيا، أيضا تهديد الأمن الغذائي حيث تُعد روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم، وتوفر كل من روسيا وأوكرانيا معا أكثر من ثلث صادرات الحبوب العالمية.

أزمة أخرى ناتجة عن الغزو، هي أزمة اللاجئين الأوكرانيين حيث غادر نحو 4 ملايين شخص أوكرانيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة. وهي أرقام مرشحة للزيادة كلما طال أمد الحرب، كما تضرر قطاع الطيران والسياحة مع حظر الرحلات الجوية بين روسيا والدول الأوروبية، كما تُعد روسيا ثالث أكبر مصدر للسياحة في أوروبا بجانب تضرر العديد من قطاعات التصنيع، والبنوك والخدمات المالية.

بالنسبة لتداعيات الحرب على السياسات الدفاعية الأوروبية، فبعد الغزو أعاد الهولنديون النظر في خطة التخلص من الدبابات الثقيلة، وأعلن الألمان رفع ميزانيتهم العسكرية إلى 100 مليار يورو، كما تم إعادة لتقييم العلاقات الروسية الأوروبية من قِبل الأوروبيين على مبدأ وضع حد لطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذا ما أدى إلى تغيير جذري في الاستراتيجيات الأمنية الأوروبية.

في الشرق الأوسط، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، يتنامى الشعور بين النّظم السياسية في هذه المنطقة بتراجع السياسة الأميركية، كما برز في الخطة الاستراتيجية لإدارة جو بايدن، لعام 2021، ومن شأن استمرار الأزمة الأوكرانية تعميق هذا التراجع، مما سيؤثر على علاقات الدول في المنطقة، وكذلك على درجة استجابة بعض هذه الدول للمطالب الأميركية بخصوص الأزمة الأوكرانية.

أيضا فإن السياسة الروسية تواجه تحديا من نوع مختلف، يتمثل في مدى قدرتها على التوفيق بين تناقضات الأطراف الإقليمية في الشرق الأوسط، ومن ذلك التناقض بين المصالح الروسية والمصالح الإيرانية والإسرائيلية، والتناقضات الخليجية الإيرانية، والمتطلبات الأمنية الإسرائيلية، والمتطلبات الأمنية السورية، والالتزامات الروسية تجاه فلسطين وإسرائيل.

قد يهمك:المشروع الإيراني الروسي في أوكرانيا.. ضعف موسكو في غزوها؟

تأثير الغزو على المسارات المستقبلية للنسق الدولي

الغزو الروسي لأوكرانيا، وضع مستقبل روسيا أمام العديد من الاحتمالات، فعلى الرغم من الخسائر الواسعة التي تلحق بها بسبب قرار الرئيس بوتين، التدخل في أوكرانيا، فإن احتمال سقوط النظام الروسي، رغم أنه قائم، قد يكون صعبًا في المدى القصير لاستبعاد الإطاحة بـبوتين بانقلاب في القصر، ولصعوبات إزاحة النخبة الحالية بالاحتجاجات الجماهيرية، في ظل السياسات القمعية التي تبناها بوتين، داخليا وخارجيا في دعم حلفائه في بيلاروسيا وكازاخستان وسوريا.

من ناحية ثانية، وبحسب خبراء، فإن روسيا الدولة وليس نظام بوتين، هي دولة عظمى تصطف حاليا إلى جانب الصين، ولكن في الحقيقة فإن مسألة بقاء هذا الاصطفاف في المستقبل متأرجحة فالصين وروسيا جارتان جغرافيا وتمدد الصين يهدد روسيا، ما يعطي احتمالا بأن تنخرط روسيا في المستقبل في الحلف الأميركي لتقليل خطر الصين، كما أنها من الممكن ن تبقى في حلف الصين، والاحتمال الثالث أن تبقى على الحياد في ظل صراع أميركي صيني قادم، ستحاول الاستفادة منه لتعزيز نفوذها في أوروبا الشرقية.

أما بالنسبة لمستقبل أوروبا، فيشير الخبراء إلى احتمال انخراط الدول الأوروبية وخاصة الرئيسية منها في الحلف الأميركي ضد الصين، لكن دون أن تكون هناك مواجهة عسكرية أوروبية ضد الصين لصعوبات لوجستية، لكن ما تريده الولايات المتحدة من الأوروبيين عدم تزويد الصين بتكنولوجيا ذات استخدام مزدوج، إضافة للرغبة الأميركية بفرض عقوبات على الصين عندما تجد أنه لا بد من عمل ذلك.

حول مستقبل النظام الدولي، يرى خبراء، أنه من المرجح أن تكون هناك ثلاثة أنظمة واقعية مختلفة في المستقبل المنظور، نظام دولي هزيل ونظامان محدودان قويان، أحدهما يُقاد من طرف الصين، والآخر يُقاد من طرف الولايات المتحدة. وسوف يكون النظام الدولي الهزيل مهتما أساسا بالإشراف على اتفاقيات الحد من التسلح وجعل الاقتصاد العالمي يعمل بفعالية، ويمنح اهتماما جدّيا بمشكلات متعلِّقة بالتغير المناخي، وسوف تركز المؤسسات التي تشكل النظام الدولي بتسهيل التعاون البيني بين الدول.

الدراسات تشير إلى أنه سيكون هناك فرضيتان أساسيتان للعالم الجديد متعدِّد الأقطاب تشكلان على نحو عميق الأنظمة الصاعدة، الأول منافسة أمنية أميركية صينية، وسيكون ذلك بمنزلة السمة المركزية للسياسة الدولية على مدار القرن الحادي والعشرين، وسيقود هذا التنافس إلى خلق أنظمة محدودة يُهيمَن عليها من طرف الصين والولايات المتحدة. وستكون التحالفات العسكرية المركب المركزي لهذين النظامين، وهما الآن بصدد التشكل وسيشبه ذلك النظامين اللذين قادهما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، خلال مرحلة الحرب الباردة. إلا أن الصين والولايات المتحدة سوف يكون لهما في بعض الأحيان أسباب تدفعهما للتعاون في مسائل عسكرية بعينها، وهو مسعى سوف يقع في نطاق اختصاص النظام الدولي.

أما الثاني، وجود قدر ضخم من التواصل الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة، وبين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا، كما أن الصين والولايات المتحدة أيضًا تُتاجران وتستثمران عبر كل أنحاء العالم. وليس من المرجح أن تُقلص المنافسة الأمنية بين النظامين المحدودين هذه التدفقات الاقتصادية، فالمكاسب المتأتية من التجارة المستمرة مهمة ومطلوبة، حتى لو حاولت الولايات المتحدة الحد من تجارتها مع الصين، فبإمكان الأخيرة أن تُعوض ذلك من خلال تجارتها مع الشركاء الآخرين.

 مستقبل المؤسسات الدولية

الغزو الروسي لأوكرانيا، كشف عن العديد من نقاط الضعف في النظام الدولي القائم، وخاصة في “مجلس الأمن” التابع للأمم المتحدة ودوره في الإشراف على النظام الدولي القائم؛ حيث أظهرت الأزمة الأوكرانية أن حق النقض “الفيتو” للأعضاء الخمسة الدائمين في “مجلس الأمن”، يمثل عائقا كبيرا أمام السلام.

من هذه النقطة، إذا كان “مجلس الأمن” يقع في قلب النظام متعدد الأطراف اليوم، فإنه يواجه تحديات حقيقية، بالنظر إلى النطاق المتزايد للتهديدات التي يواجهها السلام والأمن. ولا تقتصر هذه التهديدات على الأعمال العدوانية التقليدية من النوع الذي يشهده العالم في أوكرانيا، والتي يمكن أن تتصاعد إلى تبادلات نووية، بل تشمل أيضا التهديدات الأمنية الأخرى التي تشكلها التقنيات الجديدة. لذلك يبرز ضمن مقترحات تغيير طريقة عمل “مجلس الأمن”، اقتراح إمكانية رد حق النقض لعضو دائم عن طريق إضافة بند إلى المادة (27) من شأنه أن يسمح بأغلبية كبيرة، تمثل ثلثي البلدان الأعضاء، تتجاوز حق النقض “الفيتو”.

مستقبل العمليات الدولية

العديد من المسارات المستقبلية التي فرضها الغزو الروسي لأوكرانيا، أبرزها تعزيز الوحدة بين جانبي الأطلسي، قد عمل الغرب على توظيف التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، واستفاد منه جماعيا على عدة مستويات، منها تذكير طرفي الأطلسي بأهدافهما المشتركة خاصة إعلاء القيم الديمقراطية والتي مثل الغزو الروسي تهديدا لها.

أيضا تحفيز الغرب على حماية قواعد النظام الدولي، فالغزو الروسي مثّل تحديا لنظام الأمم المتحدة التي يقوم ميثاقها على احترام السيادة، وتحديا لأوروبا التي يسعى بوتين، إلى إعادة ترسيم حدودها، وتهديدا لحكم القانون، كما دفع الغزو الروسي، “الناتو” نحو تعزيز جناحه الشرقي، وأيضا أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى التضامن لتوثيق “جرائم الحرب” المحتملة، حيث أطلقت إدارة جو بايدن، حملة جديدة لتوثيق “جرائم الحرب” المحتملة، التي ارتكبتها القوات الروسية التي دخلت أوكرانيا، ونجحت في إطار ذلك في تحقيق التوافق بين 45 دولة، من أصل 57 دولة عضوا في منظمة “الأمن والتعاون” في أوروبا.

من جانب آخر، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى بناء المنظومة الأمنية الأوروبية، فقد كانت الحرب بمنزلة جرس إنذار للأوروبيين الذين اعتقدوا أن نشوب حرب كبيرة في قارتهم أصبح مستحيلا بسبب القواعد ضد الغزو والمؤسسات الدولية والاعتماد الاقتصادي المتبادل والضمانات الأمنية الأميركية، لذلك تُعد الحرب في أوكرانيا لحظة مثالية للتحرك نحو تقسيم جديد للعمل بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

أيضا أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى أولوية التركيز الأميركي على الصين، فالغزو أثبت أن روسيا تحت حكم الرئيس فلاديمير بوتين، تُشكل تحديا قصير المدى، بينما ستظل الصين تمثل التهديد الكبير على المديين المتوسط والطويل. فالتهديد القادم من الصين جذري، لأن الصين تعمل على تضييق فجوة القوة مع الولايات المتحدة.

الدور الأميركي في التدخلات العسكرية في المستقبل

خمسة سيناريوهات للصراع والتدخل المستقبلي، لكل منها توقعات مرتبطة بالطلب المستقبلي على القوات البرية الأميركية على المستويين العالمي والإقليمي، وهو سيناريو أساسي، والذي يمثل البيئة المستقبلية الأكثر احتمالا، والتي تفترض تغييرات تدريجية في العوامل العالمية الرئيسية، وسيناريو الكساد العالمي، الذي يمثل آثار الانهيار الاقتصادي العالمي الدراماتيكي، وسيناريو المرجعية الصينية، والذي يأخذ في الاعتبار آثار التوسع الكبير في الجهود الصينية لمراجعة النظام الدولي الراهن، وسيناريو الجائحة العالمية، الذي يأخذ في الاعتبار آثار جائحة لمدة عامين وما ينجم عن ذلك من خسائر في عدد سكان العالم، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية، وسيناريو الانعزالية الأميركية، والذي يفترض أن الولايات المتحدة تقلل بشكل كبير من مشاركتها الدولية، بما في ذلك الانسحاب من جميع التحالفات الرئيسية، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف والمؤسسات الدولية.

الجيش الأميركي “وكالات”

من المتوقع بحسب دراسات، أن يكون هناك زيادة في القوات البرية المطلوبة لتلبية متطلبات التدخلات الأميركية المستقبلية، حيث تقترح الدراسات أن الزيادة تتراوح بين 100000 و425000، ويتأثر هذا الطلب بمرور الوقت بافتراضات مختلفة في السيناريوهات الخمسة، حيث يتوقع أن تكون أكبر زيادة في الطلب على القوات مع التدخلات في الصراع المسلح لسيناريوهي الكساد العالمي والمرجعية الصينية، حيث تبلغ ذروة مطالب القوات البرية الأميركية في السيناريو الأخير، والذي يشير أيضاً إلى مسار أكثر صراعا للعالم وزيادة الطلب على القوات الأميركية مقارنة بالوضع الحالي لارتباطها بالمنافسة المباشرة بين القوى العظمى.

من المتوقع أيضا أن آثار الانهيار الاقتصادي في سيناريو الكساد العالمي تكون أكثر حِدة، فغالبا ما يتم التفكير في الانهيار الاقتصادي من حيث آثاره المحلية على الأجور والتوظيف، لكن النماذج المستخدمة في الدراسات تشير بوضوح إلى أنه إذا كان الانكماش الاقتصادي الحاد مصحوبا باضطرابات جيوسياسية، وإنشاء تكتلات تجارية منافسة، فقد يكون أيضاً مرتبطا بزيادة في العلاقات بين الدول، ومن ثم تصاعد الطلب على القوات القتالية الأميركية، وقد تكون هناك موارد أقل لتزويد الجيش بالمعدات والتدريب والأفراد اللازمين لتحقيق النجاح؛ مما يؤدي إلى تعقيد التدخلات الأرضية للولايات المتحدة في هذا السياق.

من جهة أخرى، ينطوي سيناريو الجائحة العالمية على أقل تداعيات على القوات البرية الأميركية، فعلى الرغم من وجود قلق كبير بشأن الآثار المترتبة على الوباء من منظور الاقتصاد ورفاهية الإنسان، فإن التوقعات تشير إلى آثار محدودة على المستويات المستقبلية للنزاع المسلح والردع وتدخلات الاستقرار.

أما فيما يتعلق بالطلب المستقبلي المحتمل على كل من القوات الثقيلة والخفيفة، فبينما تشكل القوات الثقيلة ما يقرب من خُمس العدد الإجمالي للقوات الأميركية المطلوبة حاليا، لكن من المرجح أن التدخلات المستقبلية ربما تكون لها مطالب أعلى على القوات الثقيلة، ففي السيناريو الأساسي، يشير النموذج إلى طلب قوات ثقيلة مساوية لعدد الذروة من القوات الثقيلة المنتشرة في العراق وأفغانستان، بمتوسط يقارب ثلثي إجمالي القوات المطلوبة؛ بما يعني زيادة بنحو 10000 من القوات الثقيلة الإضافية المستخدمة في التدخلات البرية للولايات المتحدة مقارنة بالوضع الحالي.

من ناحية أخرى، تمثل الطبيعة التنافسية بين القوى العظمى في النظام الدولي أحد المحددات الرئيسة التي ربما تسهم في زيادة حجم التدخلات الرادعة للقوات الأميركية، لمواجهة التهديد المحتمل من قِبل الخصوم الصاعدين بهدف حماية المصالح الأميركية وفرض رقابة على طموحات الخصوم، على سبيل المثال، هناك مناقشات جارية حول الحجم المناسب لقوة الردع الأميركية في أوروبا الشرقية، حيث يجادل البعض بالحاجة إلى المزيد من القوات، لاسيما في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا.

إقرأ:أوكرانيا من الدفاع إلى الهجوم.. معركة فاصلة في الشتاء؟

مستقبل دولي شديد التعقيد كان للغزو الروسي لأوكرانيا دور كبير في تحديد ملامحه، إضافة إلى صعود الصين كقوة منافسة للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وما يمكن أن تكون عليه مستقبلا كقطب عالمي ثاني، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية وعلى رأسها أزمة الطاقة التي أدت إلى تغير كبير في الخطط الاقتصادية من خلال وضع خطط بديلة للتخلص من قيد الطاقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة