بعد سنوات من ما شكلته الحروب والنزاعات المسلحة، في العراق من تهديد للزراعة، وعلى رأسها النخيل، يعود الاهتمام مجدد من قبل المزارعين العراقيين على نحو بطيء للاهتمام بإنتاج التمور وإعادة إحياء النخيل التي خسرت البلاد منها الملايين ما بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.

الاهتمام المتزايد ينسجم مع ما حققه العراق في العام الماضي من نسبة عالية في تصدير التمور، وهو ما جاء ليعزز فكرة التركيز على ثاني منتج وطني حيوي بعد النفط، بحسب ما أعلن العام الماضي عن تصديره نحو 600 ألف طن من التمر إلى، ليتأتي صادرات التمر ثانيا بعد النفط، محققا إيراد بـ ١٢٠ مليون دولار سنويا وفقا لـ “البنك الدولي”.

تلك الأرباح المرتفعة والنجاح بعد ما تعرض له النخيل على مدى السنوات الطويلة، والذي كان أحد أسباب عزوف الفلاحين عن الزراعة، عاد مجددا ليشكل حافزا للاهتمام للاستثمار بالزراعة وإنتاج التمور تحديدا على اعتبارها أكثر المنتجات الزراعية اقبالا داخليا وخارجيا، بحسب أبو محمد.

أبو محمد (57 عاما)، هو فلاح له باع طويل في الزراعة، وإدامة البساتين، غير أنه وما بعد 2006، ولما تعرضت له بستانه من أضرار جراء عمليات الاقتتال الطائفي، إضافة إلى تزايد المنتجات المستوردة ترك الزراعة وقرر الابتعاد عنها، كما أن تفاقم خسائرها إلى مستوى أكبر بكثير من منافعها كان أحد أسبابه في اعتزال الزراعة.

لكنه ومع ما يمتلكه من انتماء وحب للزراعة، دفعته إلى العودة بإنشاء مزرعة تمور خاصة، كما يقول لموقع “الحل نت”، ويضيف أنه “بعد ما لاحظت أن هناك اقبال متزايد نحو التمور، إضافة إلى عودة الاستقرار إلى البلاد، قررت العودة إلى استدامة أرضي الزراعية واستثمارها بنخيل التمور.

اقرأ/ي أيضا: “مَحّد يقرا”.. سوق الكتب ينتكس في العراق

من مزرعة إلى شركة

أبو محمد الذي يسكن محافظة ديالى التي تعرف بسلة العراق الغذائية، يلفت إلى أنه خلال السنوات الماضية تسبب نشاط الإرهاب لاسيما في المناطق الزراعية التي كانوا يتخذونها ملاذا لهم لطبيعتها الجغرافية الصعبة، ساهم بشكل كبير في تدمير الزراعية لكن في الوقت الحالي الأوضاع باتت مستقرة وليس من المنطقي استمرار هجرة الفلاحين، ولهذا السبب عدت لتقديم نموذج ناجح ومتقدم يمكن أن يساهم في إعادة ترغيب من تركوا أراضيهم لاستثمارها.

وتابع في حديثه أن التمور جزء من الهوية العراقية ولا يمكن السماح بتدميرها أو ضياعها، وهي مسؤولية على الحكومة والمواطنين الذي يجب أن يهتموا بها ويرعونها، ويستفيدون من خياراتها، مؤكدا أن عائدات التمور في حالة تم استثمار الموضوع بطريقة حديثة واعتناء ستمثل ركنا أساسيا من إيرادات الدولة.

يمتلك أبو محمد أرض زراعية بمساحة 100 دونم، عاد قبل 7 أعوام بعد أن ترك الزراعة، محاولات إحياءها، ليقرر حينها بتحويلها إلى مزرعة نخيل خاصة، تحتوي على أصناف نادرة، كما زرعت بطريقة هندسية منظمة، وتم تزويدها بنظام ري حديث أشرف على وضعها مهندسون مختصون تم التعاقد معهم لهذا الغرض، فضلا عن مواقع حزن مبردة للتمور، لتتحول إلى إحدى أهم مشاريع التمور في البلاد، بحسبه.

مصطفى أبنه، يقول في حديث لموقع “الحل نت”، بعد ما تعرضت له بساتيننا وموتها للأسباب التي تطرق لها والدي أعلاه، كان نعتقد أن المشروع لن ينجح، بخاصة بعد غياب الرقابة على المنتجات المستوردة والتي مؤخرا بات التمر من ضمنها، غير أن والدي ومن خلال حرصه وعمله الدؤوب استطاع أن يقدم نموذجا رائع.

ويضيف أن، المزرعة باتت مورد مهم لعدد من أصناف التمر النادرة، كما أنها تحولت إلى مشروع ريادي تحول إلى شركة تضم عدد من الموظفين والأقسام المتخصصة بالتسويق والحسابات، إضافة إلى العاملين الأخرين.

يأتي ذلك في وقت تحدثت فيه وزارة الزراعة عن تحسن وضع النخيل في العراق، مؤكدة أنه خلال السنوات العشر الأخيرة، وصل عدد النخيل في البلاد إلى 17 مليون نخلة، وذلك بعد ما تراجع إلى 11 مليون نخلة بعد أن كان قبل عام 2003 عددها ٣٣ مليون، مبينة أن هناك خطة وضعتها الوزارة تهدف إلى تشجيع زراعة النخيل.

اقرأ/ي أيضا: مع حلول الشتاء.. معاناة مستمرة لنازحي العراق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.