بعد الإعلان عن فوز ائتلاف بنيامين نتنياهو في انتخابات “الكنيست”، التي جرت مطلع الشهر الحالي، أعلن مكتب الرئيس الإسرائيلي في بيان، أن الرئيس إسحق هرتسوغ سيكلف بنيامين، بتشكيل حكومة جديدة يوم الأحد القادم، وأضاف البيان، أن الإعلان جاء بعد أن أنهى الرئيس مشاورات سياسية مع الكتل والأحزاب المنتخبة اليوم الجمعة وخلُصت إلى توصية 64 نائبا بأن يُشكل نتنياهو الائتلاف الحاكم الجديد.

نتنياهو زعيم حزب “الليكود”، بدأ يوم الجمعة الماضي، مفاوضات مع حلفائه من اليمين المتدين واليمين المتطرف، لتشكيل حكومة يرجّح أن تكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وسيكون أمامه 28 يوم لتجميع فريقه الوزاري ويمكن أن يحصل على 14 يوما إضافياً إذا لزم الأمر.

أهم التحديات أمام نتنياهو

بحسب العديد من التقارير، فمن المتوقع أن يواجه، بنيامين نتنياهو، الكثير من التحديات الدولية والمحلية، في حال أقدم على تشكيل حكومة يمينية متطرفة، بعد الفوز الذي حققته كتلته في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، فهو الآن قادر على تشكيل حكومة مستقرة ولكن المشكلة الكبيرة التي سيواجهها، هي أن الحكومة ستكون يمينية متطرفة، وبالتالي ستصعب عليه بعض الأمور، لا سيما على المستوى الخارجي.

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ “وكالات”

الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، عادل ياسين، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هناك عدد من الملفات التي ستتعامل معها الحكومة القادمة فور تشكيلها، أولها التسريع قدر الإمكان في تمرير القانون المتعلق بتقليص صلاحيات المحكمة العليا “السلطة القضائية”، ومنع هذه المحكمة من التدخل في القرارات التي تتخذها السلطة التشريعية سواء كانت بالمنع أو الإلغاء، وهو ما سيؤدي إلى حالة من التصادم بين السلطتين القضائية والتشريعية.

أيضا من القضايا الملحّة، القضايا الاستيطانية أي إخلاء “الخان الأحمر” بناء على طلب المحكمة العليا وكيفية الخروج من المأزق الذي يتمثل بوجود حكومة يمينية بحتة تتبنى الاستيطان كسياسة رسمية ومعتمدة، وبين الخشية من الانتقادات الدولية، عدا عن أن البؤر الاستيطانية التي تعهدت الأحزاب المشاركة في الحكومة المقبلة شرعنتها.

من جهة أخرى، مواصلة العمل لخفض حالة التوتر في مناطق القدس والضفة الغربية، أي “مواصلة الاقتحامات والاغتيالات في مدن الضفة حسب الاحتياجات الأمنية”، واستمرار الحكومة بدعم ومساعدة السلطة الفلسطينية لاستعادة سيطرتها عليها ومواصلة عملها في إطار التنسيق الأمني.

التحدي الرابع بحسب ياسين، هو طمأنة الشارع الإسرائيلي والحفاظ على ما تبقى من التماسك الاجتماعي في ظل الصراع بين التيارات العلمانية والدينية حول طابع وهوية الدولة خاصة فيما يتعلق بحرمة يوم السبت والهوية اليهودية.

أيضا ضبط سلوك أعضاء حزب الصهيونية الدينية خاصة فيما يتعلق برؤيتهم الخاصة بالنسبة للمسجد الأقصى وتعهداتهم بالعمل على منح اليهود حرية أداء الطقوس الدينية فيه.

أما على المستوى الخارجي، فيرى ياسين، أن الحكومة القادمة برئاسة نتنياهو ستعمل على الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشكل خاص، ومحاولة طمأنتها في ظل خشيتها من صعود التيارات العنصرية التي يتزعمها بن غفير و سموترتش.

بالنسبة لاتفاقيات التطبيع، يشير ياسين، إلى أنه بشكل عام لن تتأثر العلاقات مع الدول العربية التي وقّعت على اتفاقيات للتطبيع، وقد يحدث تراجع نسبي في العلاقات، أي “شكليا” في حال حدثت موجة من التصعيد والمواجهات في مدن الضفة الغربية خاصة، إذا ارتبطت بالمسجد الأقصى.

حكومة نتنياهو وإيران

الملف الإيراني بالنسبة للحكومات الإسرائيلية بشكل عام ولحكومة نتنياهو المقبلة بشكل خاص يقسم إلى جزأين رئيسيين. الأول، هو التواجد الإيراني في سوريا والذي تعتبره إسرائيل تهديدا قريبا لها. والثاني، هو الملف النووي الإيراني الذي توقفت المباحثات من أجله منذ مدة.

مع فوز ائتلاف بنيامين نتنياهو بانتخابات “الكنيست” قبل أيام، والذي سيؤدي إلى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، يرجح مراقبون أن الهجمات الإسرائيلية ستشهد تصعيدا متزايدا بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

أيضا يشير الخبراء إلى أن نتنياهو سيستكمل النهج الذي سار عليه طيلة السنوات التي كان فيها رئيسا للحكومة، وسيكون هناك عمليات متتالية من الغارات الجوية التي تستهدف العناصر التابعة لإيران و”حزب الله” في سوريا، حيث سيسعى نتنياهو في بداية حكمه لإثبات أنه يريد تحقيق الأمان للإسرائيليين، لذلك سيكثّف من هذه الهجمات.

عادل ياسين، يرى أنه التغير في تعامل حكومة نتنياهو مع إيران في سوريا ربما لن يكون ملموسا وستتواصل الهجمات الإسرائيلية بشكل اعتيادي وحسب الحاجة الإسرائيلية، وذلك لمنع إيران من ترسيخ تواجدها في سوريا وإحباط محاولاتها نقل أسلحة نوعية لـ”حزب الله”.

أما بالنسبة للمشروع النووي الإيراني، ستواصل حكومة نتنياهو جهودها لعرقلة أي اتفاق مستقبلي بين الغرب وإيران، وستكثف من محاولاتها للضغط على الإدارة الأميركية والدول الأوروبية لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران، لكنه من المستبعد أن تُقدم على أي عمل عسكري علني ضد إيران، ولن تقدم على قصف منشآتها النووية لوحدها، بحسب ياسين.

التحديات السبعة

بحسب تقرير أعدته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، قبل أيام، فإنه “يتعين على نتنياهو بعد تشكيله للحكومة إدارة العلاقات الدولية لإسرائيل واختيار أسلوب للتعامل مع التهديد الإيراني وصياغة سياسة جديدة تجاه الدول العربية”.

التقرير أوضح، أن “نتنياهو سيواجه تحديات كبيرة جدا على الساحة السياسية والدولية إذا كان سيشكل بالفعل الحكومة مع شركائه في اليمين المتطرف، ويسمح لهم بتحقيق وعودهم الانتخابية، خاصة ما يتعلق بالاستيطان وضم أجزاء من الضفة الغربية”.

الاتفاق على ترسيم الحدود مع لبنان، حيث يرى التقرير، أن أول التحديات التي يواجهها نتنياهو، يتمثل فيما إذا كان سيحترم اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقّع مع لبنان، خاصة أنه أدلى بتصريحات سابقة هاجم خلالها الاتفاق ووصفه بأنه اتفاقية استسلام.

الكنيست الإسرائيلي “وكالات”

التقرير لفت أيضا، إلى أن نتنياهو خفف لاحقا من تصريحاته المعادية للاتفاق، وأشار إلى أن مصيره سيكون مثل مصير اتفاق “أوسلو” الموقع مع الفلسطينيين، في إشارة منه إلى تحييد الاتفاق وعدم تنفيذ حكومته لبنوده.

شرعية بن غفير، حيث تبرز حاجته إلى طمأنة المجتمع الدولي بأن حكومته ليست حكومة يمينية متطرفة، وأنه لن يتجاوز الحدود الديمقراطية المقبولة، كما سيتعين عليه التأكيد أن إسرائيل لا تزال دولة غربية ديمقراطية وليبرالية.

العلاقة مع الولايات المتحدة، يرى التقرير، أن علاقة نتنياهو بإدارة الرئيس الأميركي جو بادين، تمثل تحديا رئيسا أمامه، وستكون إحدى القضايا الأساسية في الساحة السياسية، كما يلفت التقرير إلى أنه بشكل عام يرتبط نتنياهو بعلاقة جيدة مع بايدن منذ سنوات عديدة.

الملف الإيراني، حيث تزامن وصول نتنياهو للحكم في الوقت الذي سئمت فيه الحكومة الأميركية من المفاوضات مع إيران، ومن المتوقع أن يطلب نتنياهو بسرعة محاولة حشد المجتمع الدولي للتأكد من أن إيران لن تعود إلى الاتفاق النووي، وكذلك العمل حتى لا تمتلك طهران أسلحة نووية، حيث لا يوجد فرق كبير في سياسات نتنياهو ورئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد تجاه إيران.

التحدي الخامس لنتنياهو، هو الحرب الروسية في أوكرانيا، خاصة أنه حافظ قبل رحيله عن مكتب رئيس الوزراء العام الماضي على علاقات جيدة جدا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبر هدفا للمجتمع الدولي، وهنا سيتعين على نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيُجدد العلاقات الشخصية مع بوتين بعد أن تم تجميدها في عهد لابيد، كما إنه سيُطلب منه فحص توريد الأسلحة الإسرائيلية إلى أوكرانيا مثلما وعد خلال حملته الانتخابية.

أيضا التحدي في العلاقات مع أوروبا، خاصة أنه يواجه انتقادات لاذعة من الاتحاد الأوروبي، فنتنياهو يواجه بضع مهام في أوروبا بما في ذلك استعادة علاقته الغامضة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما يحتاج للحفاظ على الحوار الجيد مع المستشار الألماني أولاف شولتز، والحكومة المحافظة في بريطانيا، كما أنه من المتوقع أن يقيم نتنياهو علاقات جيدة مع رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، التي تولت منصبها في الأسابيع الأخيرة.

أما التحدي السابع أمام نتنياهو، يتمثل في علاقاته مع الدول العربية، فإنه وعلى الرغم من توصله للاتفاقيات الإبراهيمية قبل مغادرته لمنصب رئيس الوزراء؛ إلا أنه بحاجة للتأكيد أنه ليس قوميا فاشيا، الأمر الذي سيصعبه عليه بن غفير.

قد يهمك:ملفات ساخنة في حقيبة نتنياهو.. أبرز سمات المرحلة المقبلة؟

توقعات تكاد تكون متقاربة بالنسبة للاستحقاقات التي يواجهها نتنياهو والتحديات التي تفرضها المرحلة الحالية على حكومته، لكن من الصعب بعد التكهن كيف سيكون تعامل نتنياهو وحكومته معها خاصة أن حكومته تضم تيارات متطرفة تدخل في الائتلافات الحكومية لأول مرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة