يبدو أن إيران عازمة على توسيع نشاطاتها العسكرية إلى أبعد من التدخل في الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال تزويد موسكو بطائرات من دون طيار، حيث سلط تقرير لـ “معهد واشنطن للدراسات” الضوء على محاولات إيران تزويد فنزويلا بالمسيرات.

إذ أن فنزويلا وروسيا تديران جسرا جويا سريا، بحسب التقرير الذي نُشر الخميس الماضي، في الوقت الذي يبدو فيه أن طهران تكثف نقل طائراتها الهجومية المسيّرة إلى موسكو، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأنشطة مرتبطة ببعضها البعض.

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، كان قد ترأس وفدا رفيع المستوى إلى طهران خلال الصيف الماضي، في زيارة أثمرت عن اتفاق تعاون طويل الأمد تضمن استئناف الرحلات الجوية الأسبوعية بين طهران وكاركاس، كما جاء في التقرير، مؤكدا أن هناك أدلة مهمة تشير إلى إمكانية استخدام الرحلات الجوية لنقل عتاد الطائرات المسيّرة وغيرها من المعدات العسكرية.

على الرغم من أن السبب المعلن لهذه المبادرة كان الترويج للسياحة، إلا أن هناك أدلة مهمة تشير إلى أنه يمكن أيضا استخدام الرحلات الجوية لنقل عتاد الطائرات المسيّرة وغيرها من المعدات العسكرية.

يُشار إلى أن شركة الخطوط الجوية المملوكة للحكومة الفنزويلية “كونفياسا” تشارك بشكل كبير في شبكة نقل الأسلحة غير المشروعة العالمية التابعة لإيران، بحسب “معهد واشنطن“، مشيرا إلى أنها تشغل شركة مشتركة مع شركة الطيران الإيرانية “ماهان إير” التي هي في الوقت نفسه الذراع اللوجستية لـ“الحرس الثوري” الإيراني.

اقرأ/ي أيضا: بين التكتيك والاستراتيجية.. ما دلالات الانسحاب الروسي من خيرسون الأوكرانية؟

علاقة إيران وفنزويلا بخدمة الرئيس السوري

من بين الأنشطة الأخرى، تمتلك “ماهان” تاريخا في استخدام رحلات الركاب المدنية لنقل الأسلحة والذخيرة إلى حلفاء مثل الحكومة السورية في دمشق و“حزب الله” في لبنان، والعديد من أطقم رحلاتها هم طيارون سابقون في “الحرس الثوري” وتخضع “ماهان إير” لعقوبات أميركية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2011 بسبب نقلها بشكل سري العملاء والأسلحة والأموال عبر رحلات مماثلة نيابة عن “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني.

التقرير ذكر أيضا، أنه في شباط/فبراير 2020، أن وزارة الخزانة الأميركية أدرجت شركة “كونفياسا” وأسطولها المؤلف من 40 طائرة، معظمها تم توفيره وصيانته بواسطة شركة “ماهان” على القائمة السوداء بسبب دعمها أنشطة نظام مادورو المزعزعة للاستقرار، لكن الانخراط المشتبه به لشركة الخطوط الجوية في أنشطة إيران العسكرية أقدم من هذا التاريخ، حيث أعرب الكونغرس الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية في عام 2008 على أقرب تقدير، عن مخاوفهما من استخدام طهران للرحلات الأسبوعية من كاراكاس إلى دمشق وطهران على متن خطوط “كونفياسا” الجوية لنقل مكونات الصواريخ إلى سوريا.

“معهد واشنطن” أكد الرواية من خلال اسنادها بمقال في صحيفة “لا ستامبا” نشر في 21 كانون الأول/ديسمبر 2008، بيّن من خلال تقديرات استخباراتية غربية بأن هذه الرحلات كانت مليئة بأفراد عسكريين معفيين من التأشيرات وبمعدات عسكرية حساسة.

مؤخرا، ساعدت “ماهان” شركة “كونفياسا” على إنشاء شركة تابعة للشحن في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 حملت اسم “إمتراسور“، وبدأت هذه الأخيرة عملياتها في كانون الثاني/يناير 2022 بواسطة طائرة واحدة من طراز “بوينج 747-300ب3 (م)” استأجرتها من “ماهان إير” رقم التسجيل الحالي “YV3531″، سابقا ” “EP-MN انطلاقا من قاعدة الـ “ليبرتادور” الجوية، وعملت الشركة كذراع جوي استراتيجي لسلاح الجو الفنزويلي، مع قيامها برحلات منتظمة إلى طهران وموسكو وبلغراد.

التقرير كشف كذلك، أن قاعدة الـ “ليبرتادور” تضم مصنعا لخدمات الطيران تابعا لـ “إيانسا“، وهي شركة مشتركة بين “كونفياسا” و“الشركة الفنزويلية للصناعات العسكرية” “كافيم“، وتقوم “إيانسا” بصيانة طائرات مسيّرة تعود للقوات المسلحة الفنزويلية بما فيها الطائرة الإيرانية “مهاجر- 2″، المعروفة محليا باسم “Arpia” أو “ANSU-100″) وتصميم الجناح الطائر “ANSU-200” الذي تم كشف النقاب عنه مؤخرا، والذي يشبه إلى حد بعيد طراز “شاهد-171” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني.

اقرأ/ي أيضا: الدستور الانتقالي.. هل ينهي الأزمة السياسية في السودان؟

إيران تدعم فنزويلا بخبراء

بحسب التقرير، ووفقا لبعض التقارير يوجد قيد التطوير في فنزويلا وبإشراف خبراء مدربين في إيران، وبالقرب من القاعدة الجوية الـ “ليبرتادور“، يقع مصنع أسلحة مملوك لـ “كافيم” يشرف على برنامج البلاد للطائرات بدون طيار.

التقرير ربط علاقة روسيا وإيران وفنزويلا في هذه الأنشطة من خلال الإشارة إلى أنه في 2 تشرين الأول/أكتوبر، استأنفت موسكو الرحلات الموسمية الاقتصادية إلى جزيرة مارغاريتا، إحدى أهم الوجهات السياحية في فنزويلا، بالاعتماد بشكل أساسي على طائرات شركة “كونفياسا” نظرا للقيود الأوروبية المستمرة على الخطوط الجوية الروسية، وذلك بعد أشهر من تعليقها بسبب العقوبات الدولية.

بالمقابل، يشعر الكثيرون بالقلق من أن هذه الرحلات قد تستخدم أيضا كغطاء للأنشطة العسكرية، ولا سيما الآن بعد إضافة “مطار الإمام الخميني الدولي” في طهران كنقطة توقف غير مجدولة حتى ضمن المسارات التي يفترض أنها “مباشرة“، وبالفعل، نظرا إلى تسارع وتيرة رحلات “كونفياسا” بين كراكاس وطهران وموسكو، قد تنخرط شركة الطيران في شحن الأسلحة والمعدات الإيرانية إلى روسيا من الناحية النظرية، قد يتم تجميع بعض هذه المعدات في فنزويلا أيضا، وفقا للتقرير.

وفي حزيران/يونيو الماضي، وقعت إيران وفنزويلا، خطة تعاون مدتها 20 عاما، بحسب ما جاء في بث حي للتلفزيون الرسمي الإيراني، جاء ذلك على هامش لقاء بين الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ونظيره الفنزويلي، نيكولاس مادورو.

مراسم التوقيع أقيمت في قصر سعد أباد في شمال طهران بحضور الرئيس الفنزويلي ونظيره الإيراني، وفقا لـ“فرانس برس“، وقال رئيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مادورو، إن “توقيع اتفاق تعاون لمدة 20 عاما بين البلدين يظهر تصميم المسؤولين الكبار في البلدين على تنمية العلاقات في مختلف المجالات“، وتتضمن الخطة التعاون في مجالات النفط والبتروكيماويات والسياحة والثقافة.

اتفاقية مشبوهة بين إيران وفنزويلا

بعد ذلك عن افتتاح خط طيران أسبوعي من كراكاس إلى طهران، قال إنه يمكن بيع البن الفنزويلي إلى إيران، معلنا عن خطة لتوقيع اتفاق مجالات مختلفة من التعاون، وفقا لـ“رويترز“.

في أيار/مايو، وقّعت شركة إيرانية مملوكة للدولة عقدا بقيمة حوالي 110 ملايين يورو لإصلاح مصفاة نفط فنزويلية تبلغ طاقتها 146 ألف برميل يوميا، وتم إبرام الاتفاق بعد مفاوضات جرت مؤخرا بحضور وزير النفط الإيراني، الذي زار فنزويلا في مطلع الشهر الماضي والتقى مع مادورو.

إيران وفنزويلا، اللتان فُرضت عليهما عقوبات أميركية، قد وسّعتا التعاون بينهما منذ عام 2020، خاصة فيما يتعلق بمشاريع الطاقة ومقايضة النفط، مما ساعد كراكاس على تخفيف تأثير إجراءات واشنطن، وفقا لـ“رويترز“.

بالتالي، أوصى “معهد واشطن” بأن تطلب الولايات المتحدة من الحكومات الأوروبية فرض عقوبات على شركات “ماهان إير” و“بويا إير” و“قشم فارس” للطيران، وشركة “إيران للشحن الجوي“، وعلى شركة “كونفياسا” الفنزويلية، إذا ثبُت تورطها في نقل طائرات مسيّرة وأسلحة أخرى إلى روسيا، في محاولة للحد من انتشار الأسلحة الإيرانية ووصولها إلى ساحات المعركة والمدن الأوكرانية.

كما لفت إلى أن واشنطن حذرت من أن الأطراف التي تقوم بتزويد قطع غيار وتقديم خدمات التزود بالوقود والصيانة والتصليح لهذه الكيانات، من شأنها أن تنتهك ضوابط التصدير الأميركية، وتخضع الأطراف لتدابير مرتبطة بتطبيق العقوبات.

اقرأ/ي أيضا: الطائرات المسيرة.. سلاح الإرهاب القادم في إفريقيا؟

توصيات

خلُص التقرير إلى أنه يجب على المسؤولين الأميركيين التفكير مليا بالأحداث ذات الصلة المحتملة التي تجري عبر المحيط الأطلسي في أوكرانيا، حيث تحوم الطائرات المسيّرة الانتحارية إيرانية الصنع من طراز “شاهد-136″ بانتظام فوق مدنها، وتفجّر حمولاتها شديدة الانفجار على البنية التحتية المدنية.

التقرير أكد أن القيود الأميركية لا تثني طهران، لذلك قد تكون هناك ضرورة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمراقبة وتقليص الشبكات الإيرانية التي تُمكّن من انتشار الأسلحة إلى روسيا، لا سيما بالنظر إلى احتمال مشاركة جهات خارجية مثل فنزويلا.

فيما اعتُبر أنه يجب على المسؤولين إقناع أذربيجان وتركمانستان بإغلاق مجالهما الجوي أمام الرحلات الجوية من طهران إلى موسكو عبر بحر قزوين، وبالتالي تعطيل هذا الامتداد للجسر الجوي بين فنزويلا وإيران وروسيا.

المعهد الأميركي نوه إلى أن الأطراف ذات العلاقة قد تجد طُرقا بحرية وبرية بديلة لا يمكن إغلاقها بسهولة، ومع ذلك، يمكن مراقبة مثل هذه الطرق بسهولة أكبر، كما أن استخدامها سيكبّد الدول المعنية المزيد من التكاليف، مؤكدا على أن شركة “ماهان” ساعدت شركة “كونفياسا” على إنشاء شركة تابعة للشحن حملت اسم “إمتراسور“، والتي بدأت عملها مطلع 2022، بواسطة طائرة واحدة استأجرتها من “ماهان إير“، انطلاقاً من قاعدة الـ “ليبرتادور” الجوية.

الشركة، بحسب التقرير، عملت كذراع جوي استراتيجي لسلاح الجو الفنزويلي، مع قيامها برحلات منتظمة إلى طهران وموسكو وبلغراد، مشيرا إلى أن “إيانسا” تقوم بصيانة طائرات مسيّرة تعود للقوات المسلحة الفنزويلية، بما فيها الطائرة الإيرانية “مهاجر-2”، وتصميم الجناح الطائر “ANSU-200″ الذي تم كشف النقاب عنه مؤخرا، والذي يشبه إلى حدّ بعيد طراز “شاهد-171” التابع لـ“الحرس الثوري” الإيراني.

اقرأ/ي أيضا: تصاعد التوتر بين إيران وفرنسا.. ما السبب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة