صادرات النفط الفنزويلية شهدت تراجعا غير مسبوق خلال أشهر العام الفائت، وذلك نتيجة العقوبات الأميركية المستمرة من العام 2018، المتوقع لها أن تزيد في ظل التحالف الفنزويلي مع إيران، التي تواجه عزلة دولية.

بين التدخلات الإيرانية والسياسة الدولية في التعامل مع فنزويلا، تواجه صادرات النفط الفنزويلية تحديات عديدة خلال 2023، أبرزها التحالف مع إيران، وتأهيل البنى التحتية، فهل يكون التعاون المتزايد مع طهران، سببا في دخول كاركاس قائمة الدول المعزولة دوليا خلال الفترة القادمة.

تراجع غير مسبوق

تقرير لصحيفة “ديفديسكور“، أفاد بأن تعطّل البنية التحتية المترافق مع استمرار العقوبات الأميركية، ساهم في تراجع صادرات النفط الفنزويلية خلال العام الفائت 2022، إلا أنه ووفق التوقعات هناك احتمالات بتحسّن الصادرات هذا العام في ظل تخفيف القيود الأميركية.

هذا التحسن يواجه تحديا مهما على مستوى العلاقات الدولية، إذ إن المرحلة الحالية تُعتبر حساسة وانتقالية بالنسبة لفنزويلا، خاصة وأن واشنطن أبدت رغبة في تخفيف العقوبات للمساعدة في تحسين صادرات النفط بما يسمح كذلك في مواجهة أزمة الطاقة، إلا أن لجوء فنزويلا إلى تعميق علاقاتها مع إيران، سيمنع ربما حدث ما سبق.

ضُعف البنية التحتية في فنزويلا ألقى بظلاله كذلك على السوق المحلية، فقد أدى نقص التكرير بسبب انقطاع المصانع وتأخر الصيانة في نهاية العام إلى ترك سوق الوقود المحلي في طوابير طويلة من السائقين ينتظرون البنزين أمام المحطات.

متوسط إنتاج فنزويلا من الخام، بلغ نحو 721 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات أولية لشهر كانون الثاني/ديسمبر وتقارير “أوبك”. كذلك أظهرت البيانات أن الإنتاج ارتفع بنسبة 13 بالمئة عن العام السابق وتجاوز مستويات الجائحة، لكنه ظل أقل بكثير من المتوسطات التاريخية.

قد يهمك: هل تكون الموازنة في تونس سببا لعصيان ضريبي؟

الباحث في العلاقات الدولية هاني سليمان، رأى أن تعميق فنزويلا لعلاقاتها مع إيران، سيجعلها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي لن تستمر واشنطن في سياسة تخفيف العقوبات، مشيرا إلى أن واشنطن اتخذت نهج المهادنة مع بعض الدول للتخفيف من وطأة أزمة الطاقة العالمية.

سليمان قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “في البداية كان التراجع في الصادرات سببه الرئيسي العقوبات من قبل واشنطن، لكن التراجع المستمر في الأعوام الثلاثة الماضية، كانت له أسباب عديدة، هناك تأثيرات على البنية التحتية“.

نفق التحالف مع إيران

سليمان أوضح كذلك أن الولايات المتحدة الأميركية، بدأت تتخذ نهج مختلف ومغاير نوعا ما مع بعض الدول المعاقبة اقتصاديا، وذلك عبر فتح أفق جديدة للحوار وتخفيف العقوبات والمهادنة، وذلك لتلافي تبعات وآثار الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وبشكل خاص مواجهة أزمة الطاقة.

حول ذلك أضاف، “في النهاية هناك بعض الدول موجودة في مربع العقوبات والمواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية، كفنزويلا وروسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية، أحيانا تجد هذه الدول فرصة للتقارب فيما بينها وتشكيل حلف ضد واشنطن“.

سليمان اعتقد أن إيران تسعى لإفساد التهدئة بين واشنطن وفنزويلا، وذلك من أجل استمرار التقارب بين طهران وكاراكس، بعيدا عن الأجواء الأميركية، مشيرا إلى أن ذلك كان واضحا “خلال تحذير الرئيس الإيراني لفنزويلا بالتقارب مع واشنطن وعدم ارتياح إيران لمثل هذه الأحاديث والخطابات“.

وعن ذلك قال سليمان، “نحن الآن في مرحلة انتقالية مهمة، يتم فيها تبلور بعض العلاقات وتغييرها ومرحلة وضوح التحالفات، لكن تقارب فنزويلا مع إيران، يعني أنه سيكون هناك المزيد من العقوبات ضد كاراكاس والضغط أكثر على الحكومة الفنزويلية، وستكون كاراكاس في وضع أسوأ مما عليه الآن، العقبات ستكون أكثر تأثيرا إذا قررت فنزويلا اللجوء إلى إيران“.

بالحديث عن تزايد وتيرة التقارب الفنزويلي الإيراني، فقد تحدث تقرير نقله موقع “المشارق” عن بدء مسؤولين إيرانيين، في البحث عن منازل في فنزويلا لتأمين أنفسهم في حال سقوط النظام الحاكم في بلادهم.

في كانون الأول/ديسمبر، ذكرت قناة “إيران إنترناشيونال” التلفزيونية أنها علمت أن وفدا من أربعة مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى كان قد سافر إلى فنزويلا للتوصل لاتفاق.

فنزويلا وافقت بحسب ما أوردت التقارير، على السماح للمسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى وأُسرهم باللجوء إذا سقط النظام الإيراني.

التواصل الدبلوماسي بين الجانبين، شهد تطورا ملحوظا كذلك خلال الأشهر الماضية، وقد هنأ وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان قبل أيام، وزير خارجية فنزويلا الجديد ايفان جيل بينتو وتبادل معه الآراء بشأن القضايا التي تهم البلدين. وأشارا إلى إن هناك مزيدا من التوسع في العلاقات بين البلدين في جميع المجالات.

بحسب تقرير “المشارق“، فإن هنالك ما يدل على توسيع العلاقات بين فنزويلا وإيران، كالشائعات التي تحدثت عن شراء مسؤولين إيرانيين عقارات تطل على البحر في فنزويلا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات في بعض المناطق.

التقرير نقل عن محلل إيراني رفض الكشف عن اسمه قوله، إن “فنزويلا دولة معزولة بنفس الدرجة في ظل العقوبات الأميركية، وهي إحدى الدول القليلة تربطها بإيران علاقات جيدة، لذا فهي قد تقبل مسؤولي النظام، لا سيما في ضوء مقدار المال الذي تنفقه إيران في فنزويلا“.

الشراكة الأبرز

الرئيس الفنزويلي مداورو والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كانا قد وقّعا اتفاقية تعاون مدتها عشرين عاما في طهران يوم 11 حزيران/يونيو الماضي، وذلك لدعم العلاقات في المجالات المختلفة.

رئيسي قال وقتها إن البلدين، “سيعملان معا في مشروعات مالية ومشروعات طاقة ودفاع“.

وسائل الإعلام إيرانية، أفادت في تشرين الأول/أكتوبر أن مصفاة “إلباليتو” التي بنتها إيران في كراكاس أصبحت عاملة بعد توقيع عقد بقيمة 116 مليون دولار أميركي مع كراكاس في أيار/مايو الماضي لإصلاح المصفاة المتداعية وإعادة تشغيلها.

ومن أوجه التعاون بين إيران وفنزويلا، تورط الأخيرة في عمليات تمويل “حزب الله” اللبناني، حيث كشفت وثيقة من شركة “لويدز” للتأمين على الشحن، عن الأعمال غير القانونية لإيران من أجل تمويل “حزب الله” اللبناني.

الشركة حذرت عملائها، من أن” فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري” الإيراني، و”حزب الله” اللبناني، يرسلان الذهب بطريقة غير مشروعة من فنزويلا إلى إيران لتمويل الأنشطة الإرهابية للميليشيات المدعومة من طهران في لبنان عبر الالتفاف على العقوبات.

وبحسب مضمون الوثيقة الذي نقلها موقع “إيران انترنشونال” فإن إيران تتلقى سبائك الذهب عن طريق “الحرس الثوري” و“حزب الله” مقابل المنتجات النفطية التي تمنحها لفنزويلا، “وبعد وصولها إلى إيران، يتم تحويلها إلى أموال في تركيا وتذهب الأموال التي تنتج من هذه الصفقة السوداء إلى حزب الله اللبناني“.

على ذلك فإن المرحلة القادمة، هي مرحلة حساسة وحاسمة بالنسبة لفنزويلا، التي يتوجب عليها التخلي بشكل كامل عن إيران، وبالتالي الاستفادة من تخفيف العقوبات الأميركية، وتصدير النفط، ما قد يساعدها على تحسين الظروف الاقتصادية والبنية التحتية، أو الاستمرار في التقارب مع إيران، وهذا يعني مواجهة مباشرة ومفتوحة مع الولايات المتحدة الأميركية، وبالتأكيد مزيد من العقوبات الاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة