يعاني الاقتصاد المصري منذ عام 2013 من العديد من الصعوبات على مستوى السياسة النقدية، وانخفاض قيمة الجنيه الذي تخطى حاجز الـ 25 مقابل الدولار، إضافة إلى استمرار ارتفاع مستوى التضخم، وقد يعزى سبب تلك الصعوبات الاقتصادية في قيام الحكومة بمشاريع ضخمة قد تفوق تحمل ميزانية الدولة، مثل إطلاق بناء مشروع ” المدينة الإدارية” والتي هي في طور الإنشاء والتي قد تكلف الدولة عشرات المليارات.

أيضاً نفذت الدولة مشروع توسيع قناة السويس، وأنشأت الدولة مجموعة كبيرة من الطرق السريعة، وكل ذلك بهدف تطوير البنية التحتية، حيث تسعى الحكومة لتشجيع الاستثمار في مصر والاستفادة من موقعها المتوسط بين قارات العالم الثلاث فضلا عن ميزتها في الوصول إلى كافة أسواق العالم بسهولة، كما تمتلك مصر يد عاملة ضخمة تتصف بانخفاض أجورها، وكل ذلك يحتاج  بنية تحتية متينة قادرة على استيعاب المشاريع الإنتاجية الدولية. 

لم تستطع الحكومة تحمل نفقات المشاريع التي طرحتها، في وقت يعيش فيه الاقتصاد المصري عدد من الصعوبات، مما اضطرها لتقديم طلب على  قرض من “صندوق النقد الدولي” والذي وافق على القرض ضمن شروط وصفت بـ “المجحفة” بحق الشعب المصري؛ لكن الدولة لم تعتمد فقط على القروض المقدمة من “صندوق النقد الدولي” بل وقفت دول الخليج العربي إلى جانب مصر عبر دعمها اقتصادياً منذ عام 2013، من خلال تقديم المساعدات المالية وفي مقدمتهم الإمارات العربية المتحدة التي شكلت في السنوات الأخيرة تكتل أو تحالف سياسي مع مصر. فما حجم الاستثمارات الإماراتية، وأشكال الدعم المالي الإماراتي لمصر، ودور الإمارات في مساندة الاقتصاد المصري. 

الاستثمارات الإماراتية في مصر

بلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر عام 2010 تقريباً 5 مليار دولار، وفي عام  2013 بدأت الإمارات في توسيع  استثماراتها في مصر، فقد أسست أبوظبي مع الجانب المصري مكتب تنسيق لها في القاهرة وأبو ظبي برئاسة وزير الدولة “سلطان أحمد الجابر” ليدير المكتب والأمور الاقتصادية الإماراتية في مصر. 

على الرغم من أن مصر لم تتهيأ بعد لتكون دولة جاذبة للاستثمار؛ إلا أن الإمارات تصنف أكبر دولة مستثمرة في مصر باستثمارات تقدّر بحوالي 22 مليار، وبذلك ارتفعت قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر من 5 مليار في عام 2010 إلى 22 مليار في عام 2022. 

دولة الإمارات تصنف ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات للتجارة غير النفطية، وتعمل أكثر من 1390 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف القطاعات. 

من المتوقع ارتفاع رصيد الاستثمار الأجنبي للإمارات في مصر إلى نحو 35 مليار دولار في السنوات القليلة القادمة، حيث بلغت قيمة تحويلات المصريين القادمة من الإمارات مليار دولار بحسب إحصائيات عام 2022. هذه الاستثمارات والتبادل التجاري بين الدولتين له دور وأثر إيجابي على الاقتصاد المصري، وتوقف التعاملات التجارية بين الدولتين سيكون له أثر كارثي على مصر التي تعاني في الأصل من مشاكل اقتصادية عديدة. 

أدوات الدعم الإماراتي لمصر 

الإمارات تدعم الاقتصاد المصري من خلال عدة أدوات: الأولى المنح البترولية، فقد قدمت الإمارات لمصر في السنة المالية لعامي 2013/2014 منح بترولية قدرت قيمتها الإجمالية بـ 8.7  مليار دولار، وفي عامي 2016/ 2017، قدمت 1 مليار دولار، كما تقدم الإمارات منح بترولية مسهلة لمصر لاحقة الدفع، و بفوائد منخفضة جداً. 

الأداة الثانية، الودائع الخارجية طويلة الأجل، إذ قدمت الإمارات لمصر بين عامي 2013 – 2016 قروض مالية بقيمة 7 مليار دولار، على أن يتم إعادة بعض تلك القروض في عام 2021. ووفقاً للتفاصيل التي قدمها البنك المركزي المصري في نشراته الفصلية عن الوضع المالي الخارجي للدولة، فقد بلغ إجمالي الودائع الخارجية ذروته في منتصف عام 2017 بما يزيد عن 18 مليار دولار معظمها قادمة من دول الخليج: الإمارات 6.5 مليار، السعودية 8 مليار، الكويت 4 مليار. 

كان من المقرر سداد 10.4 مليار من هذه الودائع في عام 2021، ولكن مع نهاية عام ذاته تقدمت مصر بطلب إلى البنوك الإماراتية أولاً بتمديد إعادة الودائع، إضافة لطلب الحصول على خط ائتمان جديد بقيمة مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب المصري إلى 5 مليار دولار.

هنا لابد من ملاحظة اعتماد مصر بشكل كبير على القروض المالية من الإمارات، والأخيرة مازالت تقدم القروض لمصر، وأصبحت الإمارات مع نهاية عام 2022 أكبر دولة مساهمة في القروض الممنوحة لمصر والتي وصلت قيمتها 10.7 مليار دولار، وتأتي السعودية  خلفها بـ10.3 مليار دولار، والكويت بـ4 مليار دولار، وقطر بـ3 مليار دولار.

الإمارات ساهمت في مساندة مصر اقتصادياً، ومن الواضح أنها قدمت دعماً اقتصادياً كبيراً للقاهرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي كانت من الممكن أن تؤدي إلى تدهور الأوضاع في البلاد. وشكلت القروض طويلة الأجل التي قدمتها أبوظبي إلى جانب دول الخليج الأخرى نقطة هامة في حماية الجنيه المصري من الانهيار. 

كما تعد المنح البترولية داعماً مهماً للاقتصاد المصري بحيث توفر على مصر مئات الملايين سنوياً، والأهم من كل ذلك هي الاستثمارات التي قامت الإمارات بتأسيسها في مصر والتي لها دور كبير في خلق فرص عمل كثيرة، ومع كل ذلك مازال الاقتصاد المصري يعاني من انخفاض قيمة الجنيه، ويواجه صعوبات في ظل عدم وجود الحوكمة في إدارة مشاريع الدولة.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة