الأعمال الدرامية السورية حجزت خلال موسم دراما رمضان 2023، موقعها في المقاعد الأولى ضمن هذا السباق، وتنوعت المسلسلات ما بين الكوميديا، والاجتماعية، والرومانسية بالإضافة إلى الأعمال التاريخية، لكن أعمال “البيئة الشامية” أخذت النصيب الأكبر وحظيت بمكانة خاصة ولافتة خلال هذا العام.

عادة ما يتطلع الجمهور إلى هذا النوع من الأعمال الدرامية، حيث يحظى بشعبية كبيرة في الواقع، وبحكم ما تم عرضه منذ بدء شهر رمضان، فهناك مجموعة أعمال جديدة تنتمي إلى “البيئة الشامية”، تنافس في موسم دراما رمضان 2023.

منافسة بين شركات الإنتاج؟

مجموعة مسلسلات “البيئة الشامية” المعروضة حاليا، بعضها حافظ على النمط المعتاد في حين يسعى البعض الآخر لمحاولة تقديم المختلف والجديد.

الكاتب مروان قاووق الذي يُعرض له حاليا الجزء 13 من مسلسل “باب الحارة” يشير إلى أن الدراما السورية اختصت بـ”البيئة الشامية”، ذلك لأنه ليس ثمة أية قناة أو بلد آخر يمكنه إنتاج مثل هذه الأعمال وبهذه الخصوصية، فباتت صورة عن الدراما السورية وهي مطلوبة للمحطات العربية وتُعتبر الأكثر ربحا للشركات المنتجة، والبرهان أن عددها هذه السنة كبير بالمقارنة مع عدد الأعمال الاجتماعية، وفق ما نقلته صحيفة “الثورة” مؤخرا.

أما العلاقة التي تربط ما بين هذه الأعمال إن كانت مقارعة أو منافسة، فيرى قاووق، أن المقارعة في حال حدوثها فهي ستكون بين الشركات الإنتاجية، وانتقاء كل منها للمسلسل الذي ترى أنه سيحقق النجاح، فتضع الميزانية المناسبة وتأتي بكبار النجوم، مؤكدا في نفس الوقت أنه لا يمكن الحكم الآن.

قد يهمك: شارة مسلسل “الزند” حديث السوشيال ميديا.. لماذا خطفت قلوب المشاهدين؟ – الحل نت 

لربما قد يتم إنتاج بعض الأعمال لأنها مطلوبة فقط، وإن كان الكاتب يضع في ذهنه المُشاهد العربي عامة أم السوري لدى كتابته هذه الأعمال، يجيب قائلا، “نضع في الذهن المُشاهد العربي أكثر من السوري الميال إلى القصص الاجتماعية والحياتية المعاصرة التي يطرح بعضها معاناته ومشكلاته وخاصة الصعوبات التي يعيشها بسبب الحرب في سوريا”.

هذا ويُعرض خلال السباق الرمضاني الحالي، مسلسل “مربى العز” وهو من بين المسلسلات الشامية الذي يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، ليس فقط لأنه يضم مجموعة من أقوى النجوم السوريين مثل عباس النوري ومحمود نصر وأمل عرفة وخالد القيش ونادين تحسين بيك، وهو من تأليف معين الصالح وإخراج رشا شربتجي، ولكن لأن الحُبكة تدور داخل 3 حارات دمشقية وتحديدا بين عامي 1900 و 1919.

أحداث العمل تدور حول الصراعات والخلافات التي كانت تُحاك في سبيل الحصول على زعامة الحارات، وما يترتب على ذلك من أحداث درامية ثقيلة تُرصد خلالها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدتها الحارة الدمشقية حينذاك، وفق تقرير لمنصة “إي تي بالعربي” الفنية.

مسلسل “العربجي” أيضا ضمن أعمال “البيئة الشامية”، وهو للكاتب مؤيد النابلسي، وإخراج سيف الدين سبيعي، وبطولة باسم ياخور، ونادين خوري، وسلوم حداد، وإنتاج “غولدن لاين”، يأتي من بين الأعمال السورية اللافتة وحظي حتى الآن بنسبة مشاهدة لا يُستهان بها.

قصة العمل تتمحور حول “عبدو العربجي”، الذي يؤدي دوره ياخور، وهو رجل يعمل في نقل البضائع على العربة في دمشق، يقع في غرام “ناجية”، التي تعمل مغسلة أموات، لكنها لا تبادله الأحاسيس ذاتها، ما يشكّل محور انطلاق واستمرارية لأحداث العمل، حيث يحوي الكثير من التعقيدات والصراعات الوحشية.

“زقاق الجن” هو مسلسل ينتمي لنفس البيئة، وهو من تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحاق، أما البطولة فلكلّ من أيمن زيدان وشكران مرتجى وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري. تدور أحداث العمل في العاصمة دمشق وتستعرض مجموعة من الصراعات الاجتماعية بين أبطال العمل الذين يسكنون أحد الأزقة القديمة، في إطار درامي يعكس شرور النفس البشرية ودواخلها.

في المقابل، بعض المسلسلات الشامية الأخرى تعود هذا العام بأجزاء جديدة، أشهرها “باب الحارة 13″، و”حارة القبة 3” اللذان يستكملان القصص القديمة، إلا أن بعض الخطوط الدرامية الجديدة قد أُضيفت إلى الحبكة بينما ألغيت أخرى.

الشاشة هكذا تريد!

الكاتب أحمد حامد الذي سبق وقدم مجموعة أعمال من أشهرها “أهل الراية، ليالي الصالحية، الخوالي” يؤكد أن العدد الكبير من مسلسلات “البيئة الشامية” لا يصب في إطار التكامل أو التنافس، وإنما يتجه نحو السوق ومتطلباته، لافتا بذلك إلى أنه قدم منذ فترة ثلاثة أعمال لجهة إنتاجية خليجية عملان معاصران وعمل شامي فتمت الموافقة على إنتاج العمل الشامي، يقول استدراكا لذلك “السوق يطلب هذا اللون في رمضان وليس هناك من ينجزه غيرنا، لأنه لون سوري، في حين أن الأعمال المعاصرة الاجتماعية والكوميدية موجودة في مصر والخليج وعمّان”.

هذا فضلا عن مسألة أن كل أعمال البيئة الشامية مُستنسخة عن أعمال قديمة عرضت منذ خمس عشرة سنة مع إجراء بعض التغييرات عليها، وعندما يراها المشاهد يشعر أنه يعرفها، وتأكيدا على ذلك يقول حامد “يحدث أن أرى عملا على الشاشة أظنه للحظة أنه أحد أعمالي ولكن أكتشف فيما بعد أنه لغيري، فالأشخاص نفسهم والملابس ذاتها والديكور لم يتغير”.

بالاستناد إلى ذلك فإن القاسم المشترك لهذه الأعمال هو الاسترخاص مع الاستسهال والاستنساخ، ولكن اليوم ينبغي أن يُقدم ما هو مختلف عما سبق وتم إنجازه، والمصيبة أنه حتى عندما تحاول تقديم المختلف تجد أن مسلسلات البيئة توضع كلها في سلة واحدة فيضيع الصالح مع الطالح، وإن أنجزت عملا شاميا مهما لن يروه بهذه العين التي تريد أن يرونه بها.

كذلك، وفقا لبعض الآراء الأخرى، فأعمال البيئة الشامية لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة كما الأعمال القصيرة التي ظهرت مؤخرا وهي مخصصة للعرض على منصات رقمية، وهي أعلى تكلفة إنتاجية من الأعمال المعروضة على شاشات التلفاز لأنها تتطلب “كواليتي” عالية وتكثيف تقني وفني. مما سبق يتضح أن الأمر لا علاقة له بخفض التكلفة الإنتاجية إطلاقا.

قد يهمك: أطفال “مربى العز” يتصدرون الترند.. مبدعون صغار؟ – الحل نت 

فهذا عصر السرعة والفضاء السيبراني الواسع بخياراته وموارده ومتلقيه أيضا، عملية قائمة على الإعلان وثراء شركات الخليوي ومنصات تدفع كثيرا وتربح كثيرا وتقدم لجمهورها أعمال قصيرة سريعة بالمشاهدة وسريعة بالنسيان، لأن العروض كثيرة وما أن ينجز المشاهد مشاهدة عمل حتى ينغمس بعدها بمشاهدة أعمال تالية.

لا منافسة؟

كتّاب الدراما يرون أنه ليس ثمة أية منافسة بين الأعمال الدرامية الشامية، ذلك لأن المنافسة تولّد الأفضل ولليوم لم يُرَ الأفضل بعد، هذا ما يؤكده الكاتب خلدون قتلان للصحيفة المحلية الذي قدّم في الموسم الدرامي الماضي مسلسل “جوقة عزيزة”، مشيرا إلى أن اسم دمشق بات بالنسبة لهذه المسلسلات ماركة درامية، فيضيف “بما أن هذه الأعمال تلقى الرواج والتسويق وهي مطلوبة اليوم بشدة ولن يتم التخلي عنها، حتى أن أكبر المحطات تقوم بإنتاجها، فإنني أدعو إلى تطويرها لأنها باتت تدور في فلك واحد وضمن بيئة مغلقة، في حين ينبغي أن تتسع الدائرة لنرى فيها مختلف الأطياف، وتصدير سوريا من خلالها كما يليق بسوريا وليس بدمشق فقط التي تضم فسيفساء مجتمعي سوري، وبالتالي لا يمكن تقديمها ضمن حارة واحدة فقط”.

كما أن آلية التفكير الإنتاجي من حيث أدوات وحكايات هذا النوع من المسلسلات بسيطة وبعيدة عن العمق، ويلجأ كل من صنّاع هذه الأعمال إلى طريقته الخاصة في إنجاز عمله.

لكن دائما تبدو مكررة ومستنسخة عن بعضها البعض، حتى بات “باب الحارة” وكأنه المثال للكثير منها، مع محاولة الخروج عنه فيما يتعلق بصورة المرأة، لا بل أن هناك محاولات لتقديم أعمال بديلة عنه ولكنها لم تنجح.

لكن هذا لا يعني أنه لا توجد أعمال درامية سورية تستحوذ على المراكز الأولى من الأداء والحبكة والرواية، فهناك أعمال تغرد خارج السرب ولكنها ربما لا تُنسب إلى أعمال “البيئة الشامية” وإنما قد تُنسب إلى التاريخي لأنها تبقى نمطا آخر، كما حصل في مسلسل “الزير سالم”، أو الاجتماعية مثل مسلسل “التغريبة الفلسطينية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات