مسلسل “الزند- ذئب العاصي” بطولة الفنان السوري تيم حسن استطاع أن يحصد جمهورا كبيرا منذ أولى حلقات عرضه، وتصدّر المشهد الدرامي السوري الرمضاني الحالي. العديد من التقارير قالت إن تيم حسن في شخصيته الجديدة “عاصي الزند” استطاع بعد خمسة مواسم من مسلسل “الهيبة” أن يخرج من عباءة شخصية “جبل” للأبد.

لكن بعد الحلقات المتتالية، يبدو أن تيم حسن فقد الكاريزما الدرامية بعد “الهيبة”، ولا يزال يرافقه شخصية “جبل” هذا العام أيضا في مسلسله “الزند”، ذلك لاستخدامه بعض المصطلحات المشابهة لما كان يستخدمها في سلسلة “الهيبة”. بل وزاد من العيار في هذا المسلسل الجديد، من كلمات وشتائم بذيئة التي لم يتقبلها نسبة كبيرة من الجمهور، كما تعرض لانتقادات كثيرة.

كلمات نابية

خلال موسم دراما رمضان 2023، زاد تيم حسن في عمله “الزند” وتيرة الشتائم والكلمات النابية التي كان قد تعوّد عليها في مسلسل “الهيبة”، حيث استخدم عدة مصطلحات اعتبرها البعض مبالغة، وشتائم بذيئة مثل “ابن المتسطحة، ابن المبطوحة، ابن المفرشخة، ابن العاهرة، ابن الزانية، بدي أفلح ع أمك يا ابن المفقوعة، فلطة”.

الجمهور لم يتقبل هذا النوع من الشتائم واعتبرها إهانة للفن ورسالته، التي يجب أن تشمل عبارات فيها حكم وعبر، وليست شتائم، قد تسيء لتربية المتابعين من فئة الأطفال، التي سرعان ما تتعلم من المسلسلات وتقلّد الشخصيات المشهورة، ظنا منهم أنه أمرٌ طبيعي، طالما أنه معروض على شاشات التلفزة ويقوم بها شخصيات ناضجة.

في حين اعتبر البعض الآخر أنه أمر عادي جدا وهو عبارة عن مصطلحات مسلية. وفي الأفلام الأجنبية تستخدم مصطلحات قذرة ولكن الكل يُشاهد هذه الأعمال ولا أحد ينتقدها. وأن الأطفال في بعض المجتمعات وبنسب متفاوتة يستخدمون ألفاظا أبشع من الألفاظ والمصطلحات الواردة في المسلسل.

قد يهمك: ​​“أنا بهولندا وصورة جوازي بحجاب“.. جدل واسع بعد خلع مريم حجابها في “النار بالنار” – الحل نت 

البعض يرى أن تيم حسن لم يخرج من عباءة شخصية “جبل” التي اعتاد عليها، ربما في مسلسل “الهيبة”، وقد فقد جاذبيته الدرامية، لأنه إذا استخدم ممثل آخر هذه المصطلحات، فإن مواقع التواصل كانت من الممكن أن تنفجر بها، وتسبب نوعا من السخط بين المتابعين، ولكن نظرا لأن تيم حسن استخدمها في “الهيبة” على مدار 5 سنوات، فقد اعتاد الناس على شخصيته.

تراجع في أداء المسلسل

بحسب بعض النقاد فإن مسلسل “الزند”، بدأ بالتفكك والتراجع في تماسك سرده، والاعتباطية والعشوائية بدأتا بالظهور. ويعتقدون أن لعنة مسلسلات رمضان أصابته، وهي لعنة الانطلاق الرائع ثم التخبط والضعف من بعد حلقاته الأولى والخامسة تحديدا.

استدراكا لذلك، قالوا إن ثمة مشاهد لا توظيف مفهوم لها، يتم التقديم لها والتمهيد بزخم واستعراضية، ثم لا شيء، لا حضور لها في مسار الحدث الدرامي لاحقا، ولا أثر في العلاقة بين الشخصيات، ولا إضافة مفهومة لأي تطور أو صراع للشخصية المعنية، ومنها مشهد لقاء الزند والباشا، ومشهد الحفلة الذي ظهر فجأة وملأ الوقت لتطرد في نهايته “نجاة”.

في المقابل هناك ابن الشخصية التي يؤديها “فايز قزق”، يقرر قتل الزند وهو لا يعرف شكله ومكانه. وفجأة في مشهد آخر يرى أمام الزند يطعنه. كيف اهتدى لمقرّ الزند السري في الجبال، وكيف عرف أن هذا الشخص هو الزند وبهذه السهولة والسرعة.

هذه الأمور كان بالإمكان بناء حلقة كاملة عنها في البحث والتقصي والرصد ورفع حالة من التشويق. ثم كيف تظهر “شمس” بكامل أناقتها هكذا بسرعة، وكأن المسافة بين قصر الباشا ومقر الزند السري هو مسافة بين عمارتين في حي واحد.

المسلسل عرض للمتابع كيف الزند قطع مع أخته مسافات طويلة حتى وصل لقرية أبو صالح وكيف اجتاز النهر، ومن هناك ذهب واختبأ في الجبال. فكيف وصل خبر طعن الزند وبسرعة إلى “شمس”، هل لديها جاسوس أو شخص ينقل لها الأخبار، هل لديها سيارة للتنقل، وهل ليس لديها أهل وباشا ليلاحظوا ويسألوا عن هذه الغيابات الطويلة، ثم لماذا يعاملها الزند بهذا الجفاء وهي أهم عنصر في صراعه ضد الباشا، وفق الناقد خليل حنون عبر صفحته على منصة “الفيسبوك”.

أما بالنسبة للأخطاء التاريخية فبدأت تتوالى. فالأحداث يفترض أنها تدور في سبعينات القرن التاسع عشر، بحسب كلام المخرج، ويومها لم يكن هناك أي معرفة بالفيلسوف الألماني نيتشه فكيف تشدّق بذكره الزند، ويومها لم تكن الهجرة السورية لأميركا قد بدأت وانتشرت حتى يقرر ابن “فايز قزق” قتل الزند للحصول على المكافأة والسفر ولقاء حبيبته “ريما” في أميركا. ثم اسم “ريما” لم يكن معروفا وموجودا في ذلك الزمن، وخاصة بين أهل القرى، اسم ريما ظهر وانتشر في خمسينات وستينات القرن الماضي.

شارة المسلسل “مميزة”

منذ عرض المسلسل في بداية شهر رمضان، وحظي شارة المسلسل باهتمام وإعجاب الجمهور، إذ تداولت وانتشرت بخفة كالنار في الهشيم، ويبدو أنها بدأت تشتهر وتكتسب شعبية لافتة كما حصل لشارة مسلسل “الندم” التي نالت إعجاب المشاهدين وحتى اليوم لا يزالون يستمعون إليها ويتداولونها فيما بينهم عبر مقاطع قصيرة على منصات التواصل الاجتماعي.

هذه الشارة تبدو كنموذج حقيقي للفهم الكامل للموضوع والثقافة الشعبية الموجودة في سوريا، وبالتالي حصد مسلسل “الزند” علامة كاملة من الجماهير، وبات موازٍ لأي عمل درامي كبير، ذلك لأنها زبدة ما يريد العمل قوله وأصعب اختزال للمخفي والروح غير المعلنة في السيناريو. الشارة أصبحت الوحي والمواجهة الأولى والأخيرة التي تجعل المشاهد يعيد النظر في العمل بأكمله، وتشجيع الذين لم يشاهدوا العمل بعد على مشاهدته.

تقول بعض الآراء أن الشارة استحوذت على قلوب المشاهدين لأنها مستوحاة من ثقافة أحد مكونات المجتمع السوري؛ الساحل السوري، ولكونها من “العتابا الساحلية” القديمة والمتداولة حتى اليوم، وبالنظر إلى أن القائمين على المسلسل جددوا الشارة وأعطوها بريقا آخر بإضافة لمسات موسيقية جديدة إلى جانب أداء الفنانة اللافت، فإن هذا ما ميزتها عن باقي شارات الأعمال الدرامية الأخرى ربما. كما ولا يمكن التغاضي عن جمال كلمات الشارة التي توحي بوجود قصة ظلم وحب كبيرين تقف وراءها.

في سياق أصل شارة مسلسل “الزند” أو ما تُعرف باسم “رفقا الدرب”، فيقال إنها عتابا معظمها لشعراء ومطربي سهل الغاب في الساحل السوري الذي يخترقه نهر “العاصي”، وأنه تم غناؤها من قبل العديد من الفنانين السوريين ومنهم، عادل خضور، وفؤاد غازي، وبرهوم رزق، الذين حملوها وحفظوها بأصواتهم الشجية.

رأي آخر يقول إنها تعود للفنانة نوفة البدوية، وهي مطربة قديمة جدا من ريف حمص السوري، وقد تم أخذ أحد مقاطعها لتكون بداية شارة المسلسل. والمطربة بدوية واشتهرت باسم “ نوف” البدوية، وهي تغني باللون البدوي والجبلي أيضا، ومشهور عنها هذا البيت من العتابا، حيث تقول “يا ليلى الناس بغرامك ولوعين.. بنار محبّتك يا ماما ملوعين.. المها لو لُه عنق متلِك ولو عين.. لَكانوا يحرّموا يصيّدوا العرب” وفق ما هو موجود في الشارة تماما.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
3 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات