يمكن أن تكون عملية الحصول على جواز سفر مصدر قلق وخوف لكثير من الناس، لكن بالنسبة للسوريين، أصبحت هذه العملية أكثر إرهاقا بسبب التأخيرات الأخيرة. حيث فوجئ عدد من السوريين الذين قدّموا أوراقهم للحصول على جواز سفر عادي بتأجيل دورهم المقرر دون أي تفسير واضح.

هذه التأخيرات تسببت بجدل محلي واسع مقرون بالخوف والقلق خصوصا للذين هم في حاجة ماسة إلى جواز سفر لأسباب مختلفة، مثل السفر إلى الخارج للعمل، أو طلب العلاج، أو لمجرد زيارة أفراد الأسرة. 

لا يوجد سبب معين

عدد من السوريين الذين قدّموا أوراقهم للحصول على جواز السفر العادي، تفاجئوا بحسب موقع “أثر برس” المحلي، بتأجيل دورهم المحدد من دون تبيان سبب ذلك، إذ كان موعد أحدهم بـ 29 كانون الأول/ديسمبر من عام 2023، ثم تأجل لـ 29 شباط/فبراير 2024.

جوازات سفر سورية - إنترنت
جوازات سفر سورية – إنترنت

أيضا أكد آخر اليوم الأربعاء بحسب الموقع، بأن موعد استلامه للجواز كان من المقرر بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر من العام الحالي، ولكن عندما تفقدت تطبيق “خدمة المواطن” تفاجأ بوصول رسالة تفيد بتأجيل الموعد إلى 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

أصحاب مكاتب سياحية رجّحوا أن التأجيل بسبب نقص المواد الخام الخاصة بجوازات السفر وتتالي العطل الرسمية خلال الفترة الأخيرة، بينما يرى آخرون أن هناك احتمال لرفع الرسوم مع ارتفاع أسعار الصرف.

من أحد الشواغل الأساسية للسوريين مؤخرا هو احتمال أن تكون التأخيرات ذات دوافع سياسية، أو أن العملية يمكن أن تستخدم كأداة لرفع أسعار الجوازات حيث حصلت هذه الحادثة مؤخرا، وهذا بسبب الافتقار إلى الشفافية المحيطة بإجراءات جواز السفر.

شبكة سماسرة” في دمشق

دمشق وعلى ما يبدو تسعى إلى تعزيز اقتصادها “المتهالك” بشتى الطرق، فهي لم تجد أمامها سوى إفراغ جيوب السوريين اليوم بحيل وطرائق مختلفة، قد تكون من أبرزها حاليا من خلال بوابة استصدار جوازات السفر.

جوازات سفر سورية - إنترنت
جوازات سفر سورية – إنترنت

رسم جواز السفر الفوري داخل سوريا مليون وخمسة آلاف ليرة سورية، علما أن هذه الخدمة تقدم بغض النظر عن حجز دور على المنصة الإلكترونية الخاصة بجوازات السفر ويسلم الجواز لصاحب العلاقة باليوم نفسه، بينما لم يطرأ تغيير على رسم إصدار جــواز الســفر العادي 6360 ليرة سورية والمستعجل بـ 93160 ليرة.

إنشاء منصة إلكترونية حصرية للحصول على الجواز؛ بحسب تحقيق سابق لـ”الحل نت” فتح باب الفساد المستشري أمام العديد من السماسرة وبتواطؤ مع موظفي فروع الهجرة والجوازات السورية، الأمر الذي يبعث بشكوك عميقة حول كونها “أزمة مفتعلة” من قبل دمشق.

ففي 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أعلنت وزارة الداخلية السورية عبر بيان نشرته على موقعها الرسمي، إطلاق منصة “الدور الإلكتروني” من أجل التسجيل على موعد للحصول على جواز السفر من خلال “منظومة حجز دور للحصول على جواز سفر”، في محافظتي دمشق وريفها فقط. ونوّهت الوزارة آنذاك، إلى أنها ستعمم هذه الخدمة تباعا على بقية فروع الهجرة والجوازات في المحافظات الأخرى.

فمنذ إطلاق المنصة الإلكترونية، ازدادت معاناة السوريين بشكل غير مسبوق، حيث يصعب التسجيل على دور في المنصة أو الحصول على جواز السفر السوري المستعجل (الفوري)، ولا يمكن التقدم للحصول على الجواز السفر العادي إلا بعد حجز موعد على المنصة.

بعد إطلاق منظومة المنصة، برزت مجموعة من السماسرة بشكل لافت وملحوظ ومتزايد في جميع المحافظات السورية، حيث يتم بواسطتهم إنجاح مهمة الحصول على مواعيد وإتمام الإجراءات مقابل مبالغ مالية كبيرة تتجاوز قدرة معظم السوريين في الداخل.

مسألة وجود مجموعة سماسرة لم تنفيه حكومة دمشق. وقد أفاد مدير إدارة الهجرة والجوازات أن العاملين في دائرته وفروعها بالمحافظات يتعاملون مع سماسرة من بينهم ضباط، مشيرا إلى تقديم رئيس أحد فروع الهجرة مع عدد من العناصر إلى القضاء من خلال إدارة الأمن الجنائي.

مواعيد وشروط “خيالية”

ضمن إطار ما سبق، وبحسب زعم مصدر في وزارة الداخلية السورية، لصحيفة “الوطن” المحلية، في 25 أيار/مايو 2022، فإن “القرار الذي صدر قبل أيام، وحدد بدل 300 ألف ليرة سورية أي نحو 100-90 دولارا مع باقي التكليفات الأخرى، لكل من كان مضطرا لجواز سفر على أن يستلمه في اليوم ذاته، هدفه وضع حد لكل ما يشاع عن سمسرات واتاوات وبيع دور على المنصات”، مبينا أن هذا البدل سيذهب إلى خزينة الدولة.

أزمة مواعيد الجوازات تصدّرت حديث السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداول على شبكة الإنترنت، صورا لمحاولات عديدة للحجز عبر المنصة الإلكترونية، حيث حصل أحد السوريين على موعد فائت للحصول على جواز سفر، فكان تاريخ الموعد عام 1969، فيما حصل عشرات الآخرين على مواعيد بعد عامين أو ثلاثة أعوام من الآن، فوصلت مواعيد الحجز إلى عام 2024.

أما بحسب الشهادات التي حصل عليها “الحل نت” فإنهم وخلال تواصلهم مع العديد من السماسرة، شاهدوا اختلاف في تسعيرة السماسرة، حيث قالت نور حسين (اسم مستعار)، “في محافظة الحسكة، الجواز العادي يكلف ما بين 80-100 دولار ويستغرق نحو 5-4 أشهر، أما المستعجل فيكلف ما بين 900-700 دولار ويستغرق حوالي عشرين يوما، وفي العاصمة دمشق وحلب فيتم بمبالغ قريبة منهم، ولكن المدة أقل؛ العادي يستغرق نحو شهرين والمستعجل يوم أو يومين وذلك حسب مدى قوة واسطة السمسار ووصوله للمسؤولين في فرع الجوازات”.

بشكل عام، كان للتأخيرات في إجراءات جوازات السفر للسوريين تأثير كبير على حياتهم اليومية، مما تسبب في القلق والخوف، كما أن عدم وجود معلومات واضحة وشفافة حول العملية، فإن ذلك يعزز من فرضية أن هناك شراكة بين بعض المتنفذين في المؤسسات الحكومية والسماسرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات