مع استمرار ارتفاع أسعار الأدوية، والفقدان الذي ضرب أصناف عديدة من الأدوية، لا سيما المكملات الغذائية وحليب الأطفال، بدأ السوريون يلجأون إلى سماسرة الأدوية، الذين يبيعون الأدوية مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية المهرّبة، بأسعار أقل من الصيدليات.
ظاهرة جديدة بدأت بالانتشار في سوريا وهي صيدليات “الفيسبوك”، حيث انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي، مجموعات عديدة خاصة بتسويق بعض الأدوية والمكملات الغذائية المفقودة من الصيدليات، وسط تحذيرات رسمية حول خطورة التعامل مع هذه المجموعات التي تأتي بالمنتجات من مصادر غير معروفة.
الإقبال على هذه المجموعات سجّل ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر الماضية، لا سيما مع فقدان العديد من المنتجات، فبعض الأصناف من المكملات الغذائية مثلا مفقودة منذ أشهر من الصيدليات، بينما يتم الترويج لها في هذه المجموعات، هذا فضلا عن الارتفاع الكبير في الأسعار، في وقت تؤمّن هذه المجموعات منتجاتها بأسعار أقل ولكن بنسب طفيفة.
ارتفاع كبير
رئيس فرع دمشق لنقابة الصيادلة الدكتور حسن ديروان، أكد أن المكملات الغذائية في سوريا سجلت مؤخرا ارتفاعا كبيرا في الأسعار وصلت نسبته إلى 80 بالمئة، مشيرا إلى أن هناك بعض الشركات كانت قد رفعت منتجاتها من المكملات، أكثر من ثلاث مرات خلال الأشهر الثلاثة الماضية وبالتالي أصبحت أسعارها مرهقة، حتى إن العديد من الصيادلة بدأوا يشتكون من أن كميات البيع منها انخفضت.
ديروان أوضح في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، أن رفع الأسعار يتم من المعمل المنتج وبالتالي فإن التسعير يكون حرا، حيث عزا السبب إلى عدم تمويل “البنك المركزي السوري” للمواد الداخلة في تصنيع هذه المنتجات، كذلك فإن الرفع لم يشمل الفيتامينات فقط، بل هناك مكملات تدخل أيضاً في مسألة العلاج للعديد من الأمراض التي يصفها الطبيب للمريض ضمن الوصفة الطبية وبالتالي فإنها ضرورية للمتعالِج.
بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن منع استيراد هذه المواد من خارج سوريا، أفضى إلى انتشار المنتجات المهرّبة، حيث يتم التسويق لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضمن مجموعات خاصة، لا سيما المكملات الغذائية وأدوية خاصة بالعناية بالبشرة والشعر وأخرى خاصة بالتنحيف وغيرها من هذه الأنواع.
تحذيرات رسمية
ديروان بدوره حذر من خطورة التعامل مع هذه المجموعات، خاصة وأن الأدوية ليست كباقي السلع الأخرى، “وبالتالي فإن هذا الموضوع من الممكن أن يسبب للشخص الذي حصل على الدواء من صفحة الانترنت مشاكل صحية باعتبار أنه لا رقابة على المنتجات التي يتم تسويقها عبر هذه الصفحات، من قبل أشخاص ليسوا بالضرورة مختصين”.
“ألجأ لهذه الصفحات لأن المستحضرات غير متوفرة في الأسواق”، قالت منى نجار وهية مدرسة تعمل في دمشق، مؤكدة أنها تعاملت عدة مرات مع مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على بعض المنتجات، خاصة تلك المنتجات المستوردة من الخارج وغير المتوفرة في الأسواق المحلية أو الصيدليات.
نجار أضافت في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “عدة مرات اشتريت مكملات غذائية وبعض مستحضرات التجميل، وأستطيع التأكد من صلاحيتها من خلال التأكد من المصدر عبر الموقع الرسمي لكل مستحضر، هذا عدا أنني اشتري من صديقتي وأنا واثقة أنها تأتي بمنتجات أصلية، وهذه الطريقة بديل جيد للحصول على المواد الممنوع استيرادها بشكل رسمي”.
خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت الأدوية ارتفاعات متكررة في الأسعار، ودائما ما يشتكي أصحاب معامل الأدوية في سوريا، من ارتفاع المواد الأولية ويطالبون بقائمة جديدة للأسعار تراعي ارتفاع تكاليف الإنتاج.
العديد من السوريين باتوا معرّضين لخطر فقدان الوصول إلى الأدوية الحيوية، مع التحذيرات التي تفيد من نقص الأدوية الوشيك بسبب التضخم المستمر في عملة البلاد. فمع استمرار انخفاض الليرة السورية مقابل العملات الرئيسية مثل الدولار الأميركي، يبدو أن الذين يعتمدون على الأدوية المنقذة للحياة داخل سوريا سيفقدون الأمل في أن تتدخل السلطات على الفور لمعالجة ارتفاع الأسعار الخطير.
قد يهمك: بعد ارتفاع معدلات الاستقالة في سوريا.. الحكومة تهدد الموظفين بالسجن والغرامة!
في الوقت الذي كشف فيه عضو “مجلس نقابة الصيادلة”، محمد نبيل القصير، أن شركة “تاميكو” رفعت أسعار بعض الأدوية التي تنتجها مثل حب “السيتامول” وبعض أدوية الالتهابات، أكد مدير الشركة، فداء علي، أنه لم يتم رفع إلا صنف واحد وهو “سفلسكين” والذي يدخل في علاج أمراض التهابات الجهاز التنفسي العلوي وظرف السيتامول إلى 1200 ليرة بدلا من ألف ليرة، ولم ترفع الشركة أي أسعار أي صنف آخر.
صحيفة “الوطن” المحلية، نقلت الأربعاء الماضي، عن علي أن المستحضر الذي رُفع سعره تم استيراد مادته الأولية منذ سبعة أشهر وفي ذلك الوقت لم يتم استخدامها في التصنيع بسبب وجود بقايا لمواد أولية من نفس المادة، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من هذه البقايا تم استخدام المادة وبالسعر الجديد.
علي لفت إلى أن الاستخدامات الطبية لهذا المستحضر قليلة ومحدودة وبالأساس لا تعتمد عليه الشركة وهي تنتج منه سنويا ما يقارب 10 ملايين كبسولة فقط والشركة هي الوحيدة الذي تنتجه في سوريا، مبينا أن الشركة لا ترفع سعر أي مستحضر إلا عند توريد مواد أولية جديدة أي عند تغير سعرها.
في الآونة الأخيرة، حذرت شركات الأدوية في سوريا من نفاد الأدوية المستوردة بسرعة، وخاصة تلك الضرورية لمساعدة مرضى الأمراض المزمنة. وأشارت إلى أنه مع مواجهة نقص وشيك في الأدوية الحرجة، يجب على المرضى البحث عن بدائل ذات نتائج غير مؤكدة.
نقص الأدوية في سوريا بسبب انخفاض قيمة العملة يعتبر مشكلة كبيرة تؤثر على المواطنين من نواح كثيرة. مع انخفاض قيمة الليرة السورية بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ارتفعت تكلفة استيراد الأدوية بشكل كبير. وقد صعّب هذا الأمر على المورّدين الطبيين تحمّل تكاليف استيراد الأدوية التي يحتاجها الناس، ونتيجة لذلك، بات هنالك نقص كبير في العديد من الأدوية الأساسية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.