“فخ العطش”: كيف يستخدم “الحرس الثوري” الإيرانيات للإيقاع بالجنود الإسرائيليين؟

مصطلح “فخ العطش” هو عبارة عن استراتيجية تسويقية تُستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه والدعم من خلال نشر محتوى مثير أو مغري يلبي رغبات الجمهور، ويستخدم هذا المصطلح أحيانا لوصف الأشخاص الذين ينشرون صورا أو فيديوهات لأنفسهم بطريقة تظهر جاذبيتهم الجسدية. 

الجيش الإسرائيلي استخدم هذه الطريقة مؤخرا لنشر الدعاية لعملياته العسكرية في قطاع غزة، حيث نشرت مجنداته صورا وفيديوهات لهنّ في الزي العسكري بأوضاع مثيرة، لكن المثير هذه المرة هو استخدام “الحرس الثوري” لهذا الأسلوب مع الجيش الإسرائيلي.

تدريب إيرانيات على يد “الحرس الثوري”

استخدمت إيران مجموعة من النساء الناطقات بالعبرية في مدينة مشهد الشمالية لإرسال صور جنسية صريحة إلى الجنود الإسرائيليين في محاولات للوصول إلى المعلومات، حسبما كشفت وكالة الأنباء “إيران إنترناشيونال” خلال عطلة نهاية الأسبوع. 

فخ العطش كيف يستخدم الحرس الثوري الإيرانيات للإيقاع بالجنود الإسرائيليين؟ (4)
تقاتل الإيرانيات من أجل الحصول على الحقوق، فالإصلاحات التي تبنتها الدولة على مر السنين هي نتيجة لهذه المطالب – (فرانس برس)

وبحسب التقرير، تم تدريب الشابات على يد “الحرس الثوري” الإيراني، ويتقنن اللغة العبرية، ويتواصلن مع الجنود عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويرسلن لهم مقاطع فيديو وصور فاضحة للحصول على معلومات.

الأسماء والملفات الشخصية للفتيات كانت مزيفة، لكن الصور ومقاطع الفيديو التي تم إرسالها كانت حقيقية، بحسب صور ومقاطع فيديو التي بثّها موقع الوكالة للنساء. 

وكان العديد منهنّ يرتدين القبعات، أو يضعن مساحيق التجميل الثقيلة، أو يرتدين ملابس كاشفة، أو في بعض الحالات، عاريات.

وبحسب التقرير، تم إنشاء حوالي 22 ملفّاً شخصياً مختلفا لهذه الخلية، وتم التّعرف على امرأتين من مشهد، هما سميرة بغباني ترشيزي وهنية غفاريان، حيث تم نقل المعلومات التي تم الحصول عليها من الجنود إلى “حماس”.

هذه الاستراتيجية التي يتّبعها “الحرس الثوري” تتناقض مع مبادئ الحكم الذي يدّعيه النظام الإيراني، فبينما يعدمون الشابات بتهمة عدم الاحتشام، فإنهم في الوقت نفسه يستغلّون النساء الإيرانيات لإغراء الرجال على الشبكات الاجتماعية.

حرب موازية على الإنترنت

“فخ العطش” هو أسلوب حديث بات يُتّبع في العديد من الجيوش لاستخدام أجساد النساء من أجل تحقيق اختراق أو الحصول على معلومات سرّية أو حتى لبثّ دعاية معينة كما صنعت إسرائيل في حربها على غزة مؤخرا.

النظام الإيراني يستخدم التكنولوجيا لملاحقة النساء المخالفات لقواعد اللباس – (آسوشیتد پرس)

بالتوازي مع القصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة، شرعت مجندات الجيش الإسرائيلي في نشر مقاطع فيديو على تطبيق “تيك توك” وغيره من منصات التواصل الاجتماعي، يستعرضن فيها أجسادهن في الأزياء العسكرية بأوضاع مثيرة، في محاولة لحشد التأييد للجيش الإسرائيلي أثناء الحرب على غزة.

وسلّطت صحيفة “نيويورك بوست” الأميركية الضوء على جهد الجيش الإسرائيلي الممنهج على الإنترنت لنشر الدعاية واجتذاب دعم المستخدمين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بأساليب متعددة، بينها الأسلوب المعروف بمصطلح “فخ العطش”.

لكن المستهجن في الحادثة هنا، هو لجوء “الحرس الثوري” الذي يتبع لنظام إسلامي يناهض تعرّي النساء لهذه الاستراتيجية، فبالعودة إلى 16 أيلول/سبتمبر 2022، انتفضت طهران بعد مقتل مهسا أميني عقبَ إلقاءِ القبض عليها من قبل شرطة الأخلاق التي تتبعُ الحكومة الإيرانيّة بسبب عدم ارتدائها للحجاب بـ “طريقة سليمة”.

النظام الإيراني منذ تولّيه الحكم بعد عام 1979، سنّ ما يُشبه قواعد تتعلّق بـاللباس المناسب للنساء، وتعتمد في تفاصيلها على السياق، ولكنها تُلزم الإيرانيات عادةً بتغطية شعرهنّ، وارتداء ملابس فضفاضة تُغطّي منطقة الصدر. 

يتمُّ فرض قواعد لباس على الرجال أيضا، لكنها أقل صرامة بكثير مُقارنة بالقواعد المفروضة على النساء، فيما تنص المادة “638” من قانون العقوبات الإيراني على السجن من يومين إلى 10 أيام، وغرامة من 50 ألف إلى نصف مليون ريال إيراني  أو ما يصل إلى 74 جلدة، لمن يرتدي أو ترتدي زيّاً غير إسلامي.

استغلال النساء

وفقا للخبير في الشؤون الإيرانية والشرق الأوسط، أكبر أحمد، فإن النظام الإيراني يمارس التمييز بشكل منهجي ضد النساء، ويعاملهنّ كمواطنات من الدرجة الثانية، ويفرض القانون الإيراني على النساء والرجال الجلوس في مناطق منفصلة في وسائل النقل العام، وفي حفلات الزفاف العامة، وفي الفصول الجامعية. 

المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يحضر عرضا عسكريا برفقة قادة “الحرس الثوري” – (فرانس برس)

كما يفرض على النساء الالتحاق بمدارس منفصلة (حتى المدارس التمهيدية)؛ واستخدام مداخل منفصلة لبعض المطارات والجامعات والمباني العامة، لا يجوز للنساء عموماً حضور الأحداث الرياضية للرجال – مثل مباريات كرة القدم – في الملاعب العامة.

إلا أنه بحسب حديث أحمد لـ”الحل نت”، يستخدم النظام العسكري في إيران النساء من باب “الضرورات تبيح المحظورات”، ويقنع قادة “الحرس الثوري” النساء بذلك تحت باب “الجهاد بالجسد”، حيث عمدت المؤسسة العسكرية في طهران إلى توسيع أعضائها من النساء خلال السنوات الأخيرة.

وفقًا لـ “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية”، يوجد في إيران حوالي 523 ألف عنصر من القوات العسكرية، منهم 350 ألف عسكري في الجيش النظامي و150 ألف عنصر في “الحرس الثوري”، وتعتبر القوات المسلحة الإيرانية من الناحية العددية للقوات النشطة الأكبر في الشرق الأوسط.

قسم النساء في الشرطة الإيرانية تم تأسيسه في عام 1963، وكان يضم حوالي 500 ضابطة، وفي عام 1979، تم حلّ قسم النساء في الشرطة بعد ما يسميها النظام “الثورة الإسلامية”، ولم يتم استئناف توظيف النساء في الشرطة حتى عام 2003.

لكن بحسب أحمد في عام 2017، أعلنت الشرطة الإيرانية عن خطة لزيادة عدد النساء في الشرطة إلى 10 بالمئة من إجمالي القوة، وذلك بتوفير فرص التدريب والترقية والتخصصات المختلفة للنساء وهي خطة نظّمها “الحرس الثوري”، وفي عام 2020، تم تعيين العميدة زهرا أميني كأول امرأة تتولى منصب قائدة شرطة في محافظة إيرانية، وهي محافظة سمنان.

من الواضح أن النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى، علي خامنئي، طوّر مبررات عقائدية لحكم رجال الدين بلا منازع لضمان النظام السياسي والتوافق الاجتماعي، ومن خلال التأكيد على “المصلحة الجماعية” في التشريع وإنشاء آلية مؤسسية واسعة النطاق للرقابة القانونية، قام العسكريون ورجال الدين تدريجياً بتهميش “الشريعة” وضحّوا بالفكرة الإسلامية حول عالمية القانون من أجل تقوية نفوذهم دولياً بأي أسلوب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات