مع حلول شهر رمضان، تزايدت الأصداء في أسواق سوريا معلنةً عن تصاعدٍ مفاجئ في أثمان المواد الغذائية والسلع الأساسية، مما ألقى بظلاله على العادات الغذائية للأسر خلال هذا الشهر الكريم. فقد شهدت الموائد تحوّلاً جذرياً، إذ خلت من الأطباق التقليدية التي كانت تزيّنها، تحت وطأة الزيادات السعرية الهائلة.

وفي الوقت الذي اضطرت فيه العديد من الأُسر للتخلي عن الأطباق الرمضانية الشهية بسبب الارتفاع الحاد في التكاليف، لم يسلم طبقا “الفتوش” و”التبولة” – اللذان يشكلان ركناً أساسياً في الولائم الرمضانية – من هذا المد الغالي، حتى باتت تكلفة إعدادهما تُثقل كاهل المستهلكين.

أما العصائر والمشروبات الرمضانية، التي تُعد من رموز الضيافة السورية في شهر الصيام، فقد كانت دوماً محط اهتمام الأُسر التي تحرص على توفيرها كجزءٍ لا يتجزأ من تقاليدها العريقة. غير أن هذا العام، واجهت الأُسر تحدّياً كبيراً في الحفاظ على هذا التقليد، إذ اضطر الكثيرون للتّخلي عنها بعد أن ارتفعت أسعارها إلى مستويات قياسية. وتبقى الأسئلة معلّقة حول كيفية تطوّر أسعار هذه المواد الأساسية بين رمضان العام الحالي والماضي.

غلاء فاحش يُهدد موائد رمضان

في ظل الأجواء الرمضانية التي تعمّ الأرجاء، سلّط مؤشر “بزنس 2 بزنس” الضوء على التقلّبات الاقتصادية في أسواق سوريا، مُبرزاً تضاعف تكلفة إعداد طبق الفتوش بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنةً بالعام الماضي. ودعونا نستعرض بتمعّن التغيرات السعرية لمكونات هذا الطبق الشعبي في الآتي:

تكلفة مكونات طبق الفتوش في رمضان 2024،  2000-4000 ليرة سورية، سعر ربطة البقدونس الصغيرة، وسعر ربطة النعناع 2000-3000 ليرة، وسعر الخس 4000 ليرة، وكيلو البندورة: 10000 ليرة، والخيار 15000، والحامض 4500 ليرة، ولتر زيت الزيتون 75-80 ألف، وكيلو البصل 6000 ليرة.

بحسابات تقريبية، تتراوح تكلفة إعداد طبق الفتوش بين 50-75 ألف ليرة سورية، في حين يبلغ متوسط تكلفة صحن التبولة بين 40-50 ألف ليرة سورية.

بينما تكلفة طبق الفتوش في رمضان 2023، كان سعر ربطة البقدونس الصغيرة 500 ليرة، والنعنع: 700 ليرة، والخس: 3000 ليرة، وكيلو البندورة 3000 ليرة، والخيار 4000 ليرة، والحامض 3500 ليرة، وسعر لتر زيت الزيتون 23 ألف ليرة، وكيلو البصل 4000 ليرة.

وبتقديرات مبسطة، كانت تكلفة إعداد طبق الفتوش في العام المنصرم تتراوح بين 17-20 ألف ليرة سورية، بينما كانت تكلفة صحن التبولة تقدر بحوالي 31 ألف ليرة سورية.

تلك القفزات السعرية الهائلة ليست إلا مرآةً عاكسة للأزمة الاقتصادية الراهنة، وتضع الأُسر أمام معضلة تدبير الموائد الرمضانية. وتُلقي بظلالها على النسيج الاجتماعي، مُحتِّمةً إعادة النظر في الاستراتيجيات الغذائية والبحث عن حلول مبتكرة للتكيف مع هذه الزيادات الجائرة التي تُثقل كاهل المواطنين في هذا الشهر الفضيل.

رموز رمضانية مهددة بالاختفاء

حاليا، وفي ظلال شهر رمضان، تبرز أيضا معالم التحدي الاقتصادي في أروقة الأسواق السورية، حيث تشهد تكلفة إعداد طبق “شوربة العدس” العائلي ارتفاعاً ملحوظاً، لتصل إلى حدود 35 ألف ليرة سورية لخمسة أشخاص، في تناقض صارخ مع العام الماضي حيث لم تتجاوز التكلفة 12 ألف ليرة.

من جهتها، أسعار المشروبات الرمضانية لعام 2024 سجلت أعلى سعر شهده السوريين، فسعر كيس الجلاب الصغير وصل إلى 10 آلاف ليرة، والأنواع الإكسترا من الجلاب تصل إلى 40 ألف ليرة. بينما سعر كيس عصير التمر هندي 15 ألف ليرة.

أما لتر التوت الشامي فوصل إلى 30 ألف ليرة، وكيس العرقسوس 5 آلاف ليرة، وكيس ماء الورد 25 ألف ليرة، وكيس عصير الليمون 25 ألف ليرة، وليتر الليمونادا والبرتقال 15 ألف ليرة، وكوكتيل الفواكه تراوح بين 40 و50 ألف، وعصائر الفاكهة الاستوائية من 60 ألف ليرة.

بالعودة لأسعار المشروبات الرمضانية لعام 2023، فنجد أن جميعها تراوحت بين 4000 إلى 8000 ليرة للتر الواحد، والأغلى سعرا كان مشروب التمر هندي 6000 ليرة، ولتر التوت الشامي 8000 ليرة، وشراب ماء الورد 7000 ليرة.

في ظل الأيام الرمضانية المعطرة بالروحانية، يُعبّر المواطنون عن حزنهم العميق إزاء الأسعار المتصاعدة للمشروبات الرمضانية، التي أُجبروا على استبعادها من قائمة مشترياتهم. فقد أصبحت هذه التكاليف الفلكية عبئاً لا يُحتمل في ظل تراجع القوة الشرائية. 

ويُشير البعض إلى أنهم اضطروا للتخلي عن الكثير من العادات الرمضانية العريقة، واقتصرت موائدهم على أبسط الأطباق التي تُشبع الصائمين، مُعانقةً بذلك جوهر الشهر الفضيل في القناعة والتقشف.

• لقاءات بلينكن في الصين: شراكة أم تنافس؟ 
• حركة “النهضة” قد تبدل اسمها.. ألاعيب الإسلام السياسي في التخفي والكمون
• الأسد يأخذ الضوء الأخضر للتخلص من الوجود الإيراني في سوريا؟
• الحسابات وميزان الردع.. الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” قريبة؟
• الإرهاب والهجرة والتسلل الحدودي معضلات تواجه الاتحاد المغاربي