يبدو أن “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران والذي بحكم قبضته على المشهد في العراق، يريد استغلال هذه الفترة الذهبية بكونه المتحكم الوحيد بالعملية السياسية لعدم وجود معارضة له، عبر تمرير قوانين وتشريعات تمثّل وجهة نظره الدينية والشرعية ويفرضها على المجتمع، الأمر الذي تسبب بغضب شعبي كبير.
في التفاصيل، يصرّ “الإطار” الذي يمتلك رئاسة الحكومة، ويضاف معها وجود حليفه محسن المندلاوي على رأس “السلطة التشريعية” لعدم وجود رئيس للبرلمان من المكوّن السّني، على تشريع تعديل جديد لقانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ لعام 1959، ليجعل المذهبية تتحكم فيه، فيما يرفض المجتمع ذلك.
قبل أسبوع، أدرج “البرلمان” مسودة قانون الأحوال الشخصية الجديد على جلسة الأربعاء 24 تموز/ يوليو المنصرم، لقراءته قراءة أولى تمهيداً لتشريعه، لكن الغضب الشعبي تسبب برفعه عن الجلسة لإشعار آخر، وهو ما أسفر عن غضب وتهديد ووعيد من قبل نوّاب “الإطار التنسيقي”.
الغضب الشعبي من القانون يأتي لأن أبرز ما في التعديل، هو جعل مسائل الأحوال الشخصية، لا سيما عقود الزواج والطلاق والميراث والنفقة وحضانة الأطفال، تكون بناء على المذاهب، وخاصة المذهبين الشيعي (الجعفري) والسّني (الحنفي)، وبالتالي فإن القضاة عليهم الرجوع في كل الأمور إلى مذهب الشخص عند حكمهم بأي حكم.
إباحة زواج الأطفال والزواج خارج المحاكم
يعتمد التعديل المقترح مسألة “الأحكام الشرعية” في تطبيق قضايا الأحوال الشخصية، وفق مدونتين للأحكام الشرعية من قبل الوقفين الشيعي والسّني، يعتمد عليهما القاضي في تلك الأحكام، وهو ما دفع بالشارع العراقي للتنديد به ورفضه عبر الإعلام وعبر وقفات احتجاجية وندوات ومن خلال حملات في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتكمن خطوة المقترح القانوني في أنه ينسف الكثير من الحقوق للمرأة ويهدرها، ويثير مشاكل عائلية لا حدود لها، ناهيك عن تأثيره على الأطفال وحتى على الآباء، فضلاً عن مخاوف من عدم الزواج من مذاهب مختلفة، بحسب تقارير صحفية متعددة.
ويتيح التعديل القانوني للمُقبل والمُقبلة على الزواج، اختيار مذهبهما الديني عند إبرام عقد الزواج، سواء كان شيعياً أو سنّياً، وفي حال عدم اتفاق الزوجين على مذهب محدد، يُطبّق مذهب الزوج، وحتى في أي خلاف بين الزوج والزوجة، ومنها مسألة التفريق والطلاق، فإن التعديل يعتمد على مذهب الزوج بشكل تعسفي.
مقترح التعديل سيتيح وفق المذهب الشيعي (الجعفري) الآتي:
• إبرام عقد زواج الأنثى بعمر 9 أعوام بدلاً من 18 عاماً، أي أنه يشرعن زواج الأطفال أو القصّر والقاصرات.
• لا يمنح النفقة للزوجة الناشز، أو الصغيرة التي لا يمكن لزوجها التمتع بها، وإذا كانت كبيرة وزوجها صغيراً لا يستطيع التمتع بها، ولا للزوجة البالغة التي ترفض لزوجها أن يتمتع بها.
• لا يمكن للمرأة طلب التفريق أبدا حتى لو كان زوجها مريضاً أو هجرها في الفِراش.
• يفرض العدّة على الطفلة التي لم تكمل التاسعة من العمر وإن لم يدخل بها زوجها.
• يُحرم الزوجة من الإرث في العقارات من زوجها.
• يبيح الزواج المؤقت أو المنقطع “المتعة”.
مقترح التعديل سيتيح وفق المذهب السّني (الحنفي) الآتي:
• إبرام عقد زواج الأنثى سيصبح شرعياً بعمر 9 أعوام، أي شرعنة زواج الأطفال.
• إباحة الزواج المؤقت “المسيار”، والذي يُعد هو و”زواج المتعة” جريمة في القانون العراقي الحالي.
• النساء تأخذ نصف حصة الإرث فقط، والنصف الآخر للأقارب الرجال، وفي حال عدم وجود أقارب رجال، يذهب النصف الآخر من الإرث للدولة.
• الزوجة لو ماتت، فإن حضانة الطفل لا تذهب للأب، بل تذهب لأم الزوجة أو للخالة أخت الأم، أي لكل نساء عائلة الزوجة المتوفاة، ويمنع الأب من الحضانة.
“الإطار” يتحدى الشعب!
سيبيح التعديل القانوني المقترح، الزواج خارج المحاكم عند رجال الدين والمأذونين، وهذا سيتيح الزواج الثاني وتعدد الزوجات، في وقت أن كل زواج خارج المحكمة يُعد باطلاً وفق القانون العراقي الحالي، و سيجبر المحاكم على تصديق الزواج إن طلب الطرفان ذلك، وسيسلب الأم حقّ الحضانة إذا تزوجت، ويتم تسليم أطفالها لجد الأب في حال لم يكن الأب راغباً بالحضانة.
ونتيجة لكل تلك النقاط التي سيبيحها المقترح القانوني، وقف الشارع ضد مشروع القانون، ونجح برفعه من جلسة البرلمان، لكن رفعه وتأجيله دفع بعدد من نواب “الإطار التنسيقي” التهديد بمقاطعة جلسات “البرلمان” وتعليق عقد جلسات “البرلمان”، ما لم يتم قراءة القانون والتصويت عليه، بل وساوَموا بأنهم لن يسمحوا بتمرير قانون العفو العام، الذي يطالب به النواب عن المكون السّني، ما لم يتم تشريع قانون الأحوال الشخصية.
وبالفعل، ورغم الغضب والسخط الشعبي الكبيرين، اجتمع قادة ونوّاب “الإطار التنسيقي” في منزل زعيم “ائتلاف دولة القانون”، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وخرجوا ببيان أكدوا فيه المُضي نحو ضرورة تشريع قانون الأحوال الشخصية الجديد وفق المذاهب، متحدّينَ الشعب والمجتمع، بل قالوا في البيان، إنه يجب وضع مشروع القانون في الجلسة “البرلمانية” المقبلة لأجل قراءته تمهيدا لتشريعه، فيما قرر نشطاء وحقوقيون ومنظمات مجتمع مدني، الخروج بوقفات احتجاجية جديدة ترفض تشريع هذا القانون.
الجدير بالذكر، أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها الأحزاب الشيعية إلى تعديل وتشريع قانون جديد للأحوال الشخصية، فسبق وأن سعى “حزب الفضيلة” في عامي 2012 و2014 إلى تشريع القانون وفق “المذهب الجعفري” وقوبل الأمر بسخط ورفض شعبي، ثم تكررت المحاولة في 2017 و2021، وكذلك خرجت تظاهرات رافضة للأمر، لتعود المحاولة اليوم مجدداً، ولكن هذه المرة تأتي مع سيطرة “الإطار” على الحكومة و”البرلمان”، ولذا فهي تحاول استغلال وجود المندلاوي في رئاسة “البرلمان” لتمرير القوانين الجدلية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وزير الزراعة لـ “الحل نت”: دعم جديد للمزارعين في سوريا والمزارع من سيتحكم بالتجار

وزير التجارة الداخلية: الدعم الحكومي كان واجهة لإذلال الشعب السوري

وزارة الصحة لـ”الحل نت”: خطة طارئة وهذه محاورها

هل تجازف الإدارة السورية بمكتسباتها بعد تعليق العقوبات الأوروبية مقابل التسوية مع موسكو؟

مع اقتراب تطبيق زيادة الرواتب 400%.. هل تقرر الحكومة السورية تثبيت الأسعار ؟

مظاهرات في قرية الشنية بريف حمص.. ما المطلوب من الإدارة السورية؟
المزيد من مقالات حول سياسة

الكشف عن شخصية “قيصر”.. ما اسمه الحقيقي؟

تركيا تكشف عن “خارطة طريق” لتطوير قدرات الجيش السوري

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

ماكرون يدعو الشرع لزيارة فرنسا واتفاق مع باريس لتشغيل ميناء اللاذقية

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية

اتفاقية دفاعية تُشرعن النفوذ التركي في سوريا.. ما القصة؟

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟
