تفاقمت العديد من الملفات، المحلية والإقليمية، من وضع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وبخاصة في إدارته وتعاطيه مع تلك الملفات، بداية من الأزمة الاقتصادية وقضية اللاجئين السوريين، والخلافات الحادة مع المعارضة التركية، مروراً بالوضع الإقليمي المأزوم في غزة، وحتى مواقفه المستمرة بصدد التوسع الإقليمي تحديداً أطماعه الجيوطاقوية.

كل ذلك يواجهه أردوغان بينما قاعدته الاجتماعية والسياسية لا تبدو متماسكة، حيث تشير التقارير كافة لمراكز قياس واتجاهات الرأي العام بتركيا، إلى تراجع شعبية الحزب الحاكم، ورفض سياسات تركيا. فضلاً عن الملاسنات مع أحزاب المعارضة، وآخرها الموقف الأردوغاني من تدشين حداد وطني على رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية إثر مقتله، في إيران. وعقّب على رفض المعارضة بأنه “لا ينتظر الحصول على الإذن”. وتابع: “بعض الأشخاص ذوي المزاج السيئ لم يتمكنوا من تحمّل الاهتمام الذي أظهرناه لإسماعيل هنية، هل كنا سنحصل على إذن منكم لنقرر ماذا سنفعل؟ لقد حصلنا على إذن من أمتنا”.

أردوغان وهجومه على معارضيه

يشنّ الرئيس التركي هجمات عنيفة على المعارضة، وبخاصة عندما لا تصطف مع سياساته التي يعمد إلى عسكرتها وتأزيم واقع بلاده مع الأطراف الإقليمية والدولية، بعد ابتعاده عن سياسة “صفر مشاكل”. 

ولهذا، يواصل أردوغان سياساته التعسفية بإحداث تغييرات في مواقع الجيش وقياداته وبنفس الدرجة لا يتوانى عن البطش بالمعارضة، وحظر مواقع التواصل الاجتماعي كما حدث مع منصة “انستغرام”. وقال عن الحادثة الأخيرة: “في هذه المرحلة، شركات التواصل الاجتماعي تتصرف مثل المافيا في كل ما يمسّ مصالحها، نحن نواجه فاشية رقمية لا يمكنها حتى أن تتسامح مع صور الشهداء الفلسطينيين وتحظرها على الفور، وتسويق هذا كالحرية”. وأردف: “السياسة العالمية تمرّ بواحدة من أصعب مراحلها، هناك فراغ خطير في السلطة في النظام الدولي، ونحن نواجه فقدان الأخلاق والضمير”.

تمثل عقيدة “الوطن الأزرق” آخر محطات الخلاف مع المعارضة وهي سياسة أردوغانية قديمة تُعنى بمحاولاتهِ الشمولية- “أ ف ب”

ويمكن القول إن الرئيس التركي، يسعى بكامل طاقته إلى ابتعاث سياسات راديكالية في مواجهة المعارضة، لكبح فرص تموقعها في المجال العام، وكسب فرص سياسية وانتخابية، بما يجعل أقدامه تشعر بوطأة الهزيمة، كما حدث في الانتخابات البلدية. وتجرّعُ مرارة الهزيمة يبدو أمراً متوقعاً أمام الأزمات ومتتالية الإخفاقات التي حصدها “حزب العدالة والتنمية” في فترة حكمه، وجعلته في خصومة مع محيطه الجيوسياسي، ومع دول المنطقة، حتى مع رغبته في الانفتاح على بعضها وبدء مصالحات على عجل وتطبيع. غير أن بقاء التناقضات في الملفات الخلافية يجعل الصراع مرشحاً من جديد، وتبدو التهدئة القائمة مؤقتة، لبناء علاقات تكتيكية وعلى مستوى اقتصادي وتجاري، كما هو الحال مع مصر والإمارات.

كما أن أردوغان يواجه مع انخفاض شعبيته وتراجع كتلته الاجتماعية المعارضة لسياساته، احتمالية الانتخابات المبكرة، وقد أوضح زعيم “حزب الشعب الجمهوري” أوزغور أوزيل: “هناك 5 سنوات بين عمليتين انتخابيتين، منتصف هذا هو 2.5 سنة، ولا يمكن لأردوغان أن يترشح مرة أخرى إلا إذا قرر البرلمان إجراء انتخابات مبكرة بعد عامين ونصف، دعونا نجدد الانتخابات بحلول العام الجديد، إذا كان أردوغان واثقاً من نفسه، فسنأتي وننافس مرة أخرى”.

خلافات وصراعات

وفي إطار هذا الجدل بين المعارضة والرئيس التركي، توضح نتائج مؤسسة “متروبول” للأبحاث المعنية بقياس اتجاهات الرأي العام، أن هناك نسب مرتفعة تميل إلى نبذ “حزب العدالة والتنمية”، وأنه يفقد مؤيديه بنسبة 17 بالمئة، حيث إن عملية البحث التي خضعت لها عينة الاختبار وهي حوالي 1699 شخص موزعين على 28 مدينة في فترة امتدت بين يومي 12 و16 يوليو/ تموز المنصرم، بينما كان السؤال الرئيسي هو: لمن سيصوت هؤلاء؟ وحظي “حزب الشعب الجمهوري” في المقابل بنسب تصويت أعلى وقد ارتدت الأصوات المهدرة من “العدالة والتنمية” إلى الأخير المعارض.

إذاً، فالشرخ أو الصدع بين الحزب الحاكم والمعارضة ليس هيناً أو يمكن التئام فجواته، لا سيما أن أردوغان الذي يتنقل بين سياساته التوسعية “العثمانية الجديدة” و”الوطن الأزرق” بما يترافق معها مع عسكرة حتمية، سيجعل الأزمات تتوالى مجدداً مع الأطراف الخارجية، وسينعكس ذلك على الوضع الداخلي، سواء في ما يخص الأزمات الاقتصادية أو الاستقطاب السياسي. 

وتمثل عقيدة “الوطن الأزرق” آخر محطات الخلاف مع المعارضة وهي سياسة أردوغانية قديمة تُعنى بمحاولاتهِ الشمولية لفرض قبضته الأمنية والعسكرية على مصادر الطاقة الجيواستراتيجية في البحر الأبيض والأسود وإيجة.

وعلى ما يبدو أن محاولات أردوغان للتهدئة مع المعارضة في توقيت متزامن مع تحركاته بالخارج للتطبيع مع مصر وقبلها الإمارات، والانفتاح مع حكومة دمشق، لا تختلف في نتائجها، حيث إنها ما تزال في طور التجريب وليست جادة بالدرجة التي تشي بتغييرات في الممارسة السياسية، يجعل التوافق قائم على أسس متينة، بل هي مراوغة مؤقتة، سرعان ما يتم الانقلاب عليها. 

لذلك، فإن التهدئة أو التطبيع مع المعارضة سرعان ما بدّدتها الخلافات، وعاودت الصراعات بينهما وتيرتها السابقة. حيث إن زعيم المعارضة أوزغور أوزيل رئيس “حزب الشعب الجمهوري”، عقّب على الديون التي تعاني منها المحافظات الخاضعة لإدارة الانتخابات المحلية في مارس/ آذار الماضي، وذكر أردوغان أنها تبلغ 21 مليار ليرة تركية، بأن “هذه الديون هي تركة ورثها حزبه من حزب العدالة والتنمية الذي كان يدير تلك البلديات من قبل”، وفق منصة “زمان التركية”. وتابع: “تفجرت أزمة ثانية، أكثر حدة، خلال مناقشة البرلمان الأسبوع الماضي المذكرة الرئاسية بطلب إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين، وبعد الاتفاق مؤخراً على بدء سفينة تركية عمليات للتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة سواحل الصومال في سبتمبر/ أيلول المقبل”.

هاجم أردوغان، نهاية الشهر الماضي، موقف المعارض بشأن سياساته لـ”الوطن الأزرق” وما يعتبره الرئيس التركي حقوق القبارصة الأتراك- “وكالات”

فيما وجه نائب “الشعب الجمهوري” عن مدينة إسطنبول، نامق تان، وهو دبلوماسي تركي بارز سابق، انتقادات حادة لاستراتيجية السياسة الخارجية المعروفة باسم “عقيدة الوطن الأزرق”، ووصفها بأنها “حكاية خيالية”. وقال تان إن “حزب العدالة والتنمية الحاكم كان يحلم بإحياء الإمبراطورية العثمانية، ولم يكن راضياً عن العمليات عبر الحدود، وحاول القيام بمغامرات في الخارج. ولحسن الحظ، سرعان ما تخلى عن حكاية الوطن الأزرق الخيالية، التي كان يتابعها منذ فترة، بسبب ضغط الظروف، عندما بدأ يلوح في الأفق إفلاس الاقتصاد”، حسبما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.

وهاجم أردوغان، نهاية الشهر الماضي، موقف المعارض بشأن سياساته لـ”الوطن الأزرق” وما يعتبره الرئيس التركي حقوق القبارصة الأتراك، وصرح في خطاب له أمام رؤساء فروع “حزب العدالة والتنمية” في الولايات التركية خلال اجتماع بمقر الحزب في أنقرة، بأن “حزب الشعب الجمهوري، وباستثناءات قليلة في السنوات الـ 22 الماضية، لم يتماشى مع الأجندة الحقيقية للأمة. 

وأردف: “شهدت المعارضة انحرافات كبيرة في جميع القضايا الوطنية، من مكافحة الإرهاب إلى الدفاع عن حقوق وطننا ومصالحه، من رفض التدخل في سوريا والتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط وأزمة ناغورنو قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، وأخيراً تصويت نوابه بالرفض على مذكرة إرسال قوات إلى الصومال التي أقرّها البرلمان السبت الماضي”. واستطرد قائلاً: “الآن نرى افتقاراً مماثلاً إلى البصيرة فيما يتعلق بـ(الوطن الأزرق)، وبدلاً من الدفاع عن مصالح تركيا، ترى أنهم يغمزون لخصوم تركيا بدلاً من الدفاع عن مصالحها”.

طموحات أنقرة “الوهمية”

في المحصلة، فإن سياسات الرئيس التركي وتحالفاته لن تسمح بإحداث تغييرات داخلية أو خارجية، سواء في سياساته المحلية أو الإقليمية، بل إن انعطافاته المؤقتة نحو التهدئة، تُعد استجابة لما هو طاريء وخارج قدراته في الساحة الداخلية أو بالملفات الإقليمية. فمع اندلاع “طوفان الأقصى” لم يكن بمقدور أردوغان أن يتجاهل الدور المصري ليس فقط دور الوساطة إنما الدور التاريخي والاستراتيجي تجاه قطاع غزة بوجه خاص، والمسألة الفلسطينية بوجه عام. وأي دور طموح لأنقرة لن يتخطى القدرات المصرية الأمنية والعسكرية والإقليمية التفاوضية على مستوى علاقتها بإسرائيل، وشراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، مع الأخذ في الاعتبار الحدود المشتركة مع القطاع.

على الرغم من تراجع توظيف واستخدام أطروحة “الوطن الأزرق” من جانب القيادة والنخب السياسية في تركيا، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الداخل التركي، الذي يعتبره الكثيرون حصاد السياسة الخارجية التركية التوسعية في العديد من دول الصراعات والأزمات في المنطقة، إلا أن الدفاع عنها يظل مسألة محورية بالنسبة لأردوغان وحزبه الحاكم.

غير أن هذه الانعطافة والتي تأخذ بعين الاعتبار محاولة أنقرة التنسيق مع القاهرة بشأن الغاز المكتشف في شرق المتوسط، ستواجه معضلات جمّة، في ظل رغبة أردوغان المحمومة بالتوسع العسكري لمدّ نفوذه قسراً في المناطق المطلّة على شرق المتوسط كما يحدث في ليبيا. فضلاً عن تهديداته المستمرة بعمليات في سوريا والعراق، الأمر الذي تعده القاهرة خرقاً لسيادة الدول، ويهدد الأمن الإقليمي.

وفي آذار/ مارس الماضي، قالت “بلومبرغ” إن الرئيس التركي “أرسل قوات بحرية وعسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها من الأمم المتحدة، أمام قوات القيادة العامة بقيادة خليفة حفتر”. واعتبرت وجود تركيا في ليبيا إنما بهدف “الاستفادة من نفوذها في طرابلس لتأمين موارد جديدة للطاقة، لا سيما بعد فوزها بدعم الحكومة هناك لاتفاق بحري مثير للجدل يعزز من مزاعم تركيا بالحقوق في منطقة شرق المتوسط، حيث تخوض نزاعات بحرية مع اليونان”.

ولهذا ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، بأنه وقع صدام حاد بين الحكومة التركية والمعارضة، على خلفية التوسع في التدخل العسكري واعتماده بديلاً للسُّبل الدبلوماسية للبلاد، وذلك على خلفية انتقادات من “حزب الشعب الجمهوري” المعارض لاستراتيجية السياسة الخارجية المعروفة باسم “عقيدة الوطن الأزرق” ووصفها بأنها “قصة خيالية”. وبدأ الصِدام خلال مناقشة البرلمان إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين، بموجب مذكرة مقدمة من الرئاسة التركية، وذلك بموجب اتفاقية تعاون عسكري واقتصادي موقّعة مع الصومال في فبراير/ شباط الماضي، وبعد الاتفاق مع مقديشو مؤخراً على بدء سفينة تركية عمليات للتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة سواحل الصومال في سبتمبر/ أيلول المقبل.

وتسببت انتقادات تان، الذي رافق رئيس “الشعب الجمهوري”، أوغور أوزيل، في لقائه مع الرئيس رجب طيب إردوغان في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو الماضيين في إطار “عملية التطبيع السياسي”، في ردّ فعل من جانب حزبه نفسه. ودافع نائب عن الحزب الحاكم عن “عقيدة الوطن الأزرق”، قائلاً إنها “تعبير ملموس عن حقوق ومصالح الجمهورية التركية في البحار، ومن واجبي بصفتي أميرالاً تركياً أن أشرح وأعلم وأدافع عن مفهوم (الوطن الأزرق)”.

من جهته، قال رئيس لجنة الدفاع في “البرلمان” نائب “العدالة والتنمية” عن مدينة قيصري (وسط) وزير الدفاع السابق، خلوصي أكار، إن وصف تان استراتيجية “عقيدة الوطن الأزرق” بأنها “قصة خيالية” هو “عار”. لافتاً إلى أن “هناك عقائد راسخة لدى القوات المسلحة التركية هي “الوطن الأم”، و”السماء الزرقاء” و”الوطن الأزرق”، وأن “كفاح القوات التركية داخل البلاد وخارج الحدود سواء في البر والبحر والجو من أجل حماية أمنها القومي لا يمكن وصفه بـ(القصص أو الحكايات الخيالية)، كما لا يمكن وصف التقدم الذي حققته تركيا في مجال الصناعات الدفاعية بأنه (قصة خيالية)”.

كما رفض نائب رئيس “العدالة والتنمية” المتحدث الرسمي باسم الحزب، عمر تشيليك، ما جاء على لسان تان، قائلاً إنه يشكل تصريحات “غير مقبولة، وغير مسؤولة، وغير مناسبة”. وتابع: “هذا النهج يدعم أطروحات اليونان والقبارصة اليونانيين (جمهورية قبرص) ضد السياسة الوطنية لتركيا، وقد فقد السيد تان بوصلته السياسية، مشيراً إلى أن تصريحاته (لاقت حماساً كبيراً في الصحافتَين اليونانية والقبرصية)، ولا يمكن وضع كلماته في سياق النقد السياسي وتقييمها ضمن تلك المعادلة”.

تشبث أردوغان بـ”عقيدة الوطن الأزرق”

هنا يشير مركز “الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية” إلى أن خروج عقيدة “الوطن الأزرق” كاستراتيجية دفاعية عن حقوق تركيا البحرية، من رحم المؤسسة البحرية التركية عام 2006، لتؤكد على حق تركيا في المطالبة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة لها في المتوسط، وعلى ضرورة فرض سيطرتها العسكرية في البحرين المتوسط والأسود، وبحر إيجه، وكذلك مناطق النفوذ السابقة للدولة العثمانية، باعتبار عقيدة “الوطن الأزرق” نهجاً عسكرياً شاملاً يضمن الحفاظ على حقوق ومصالح تركيا، من خلال إقامة منشآت عسكرية ونشر قوات عسكرية برية وبحرية، لتعزيز وتنشيط النفوذ التركي في العديد من الدول والأقاليم حول العالم. وقد جاءت هذه الأطروحة ردًا على نشر “خريطة إشبيلية” عام 2000 التي رسمت حدود دول الاتحاد الأوروبي شرق المتوسط، بناءً على طلب الاتحاد، وبالاستناد إلى وجهة نظر كل من اليونان وقبرص، لعزل تركيا في خليج أنطاليا. فوفقًا لـ خريطة إشبيلية يبدأ الجرف القاري لحدود اليونان من جزيرة  “ميس” ويمتد جنوبًا حتى منتصف البحر المتوسط، وهو الترسيم الذي رفضته تركيا لأن مساحة جزيرة “ميس” تبلغ 10 كيلومترات مربعة، ولا تبعد سوى كيلومترين فقط عن حدودها البرية، فيما تبعد عن حدود اليونان البرية حوالي 580 كيلومتراً.

بحسب “متروبول” للأبحاث المعنية بقياس اتجاهات الرأي العام، فإن هناك نسب مرتفعة تميل إلى نبذ “حزب العدالة والتنمية”، وأنه يفقد مؤيديه بنسبة 17 بالمئة- “رويترز”

وعلى الرغم من تراجع توظيف واستخدام أطروحة “الوطن الأزرق” من جانب القيادة والنخب السياسية في تركيا، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الداخل التركي، الذي يعتبره الكثيرون حصاد السياسة الخارجية التركية التوسعية في العديد من دول الصراعات والأزمات في المنطقة مثل سوريا وليبيا والصومال وغيرها، إلا أن الدفاع عنها يظل مسألة محورية بالنسبة لأردوغان وحزبه الحاكم، لا سيما في ضوء بعض التوترات التي تشهدها -مؤخراً- العلاقات التركية – اليونانية حول مناطق النفوذ في البحر المتوسط، وذلك بعد فترة من التهدئة -النسبية- بين الجانبين.

فتزامناً مع زيارة أردوغان يوم 20 تموز/ يوليو 2024 لحضور احتفالات الذكرى الخمسين لعملية السلام العسكرية التركية في شمال قبرص (قبرص التركية)، وإقامة معرض الصناعات الدفاعية الذي كان بمثابة عرض للمقدرات العسكرية التركية -ما أثار التوترات لدى الجانب اليوناني- وصف وزير الدفاع اليوناني، نيكوس ديندياس، التواجد التركي في الجزيرة بـ”الاحتلال”، كما صرّح رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن هدف اليونان الوحيد هو إقامة دولة قبرص موحدة، دون جيوش احتلال أو ضامنين. وفي المقابل، أكد أردوغان على استعداد بلاده لإقامة قاعدة عسكرية ومنشآت بحرية في شمال قبرص، في حال صحت أنباء إنشاء اليونان قاعدة بحرية لها في الجزء الجنوبي من الجزيرة.

ولا يُجسد هذا التصعيد الحاد ضد المعارضة قناعة حقيقية من جانب أردوغان بتلك التهم، بقدر ما يُجسد التوظيف السياسي للأزمة على المستوى الداخلي لإضعاف قاعدة حزب “الشعب الجمهوري” الشعبية سواء في الداخل التركي أو في قبرص الشمالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات