ما تزال تفاصيل العملية التي نفذتها قوات إسرائيلية في مصياف السورية في الـ 8 أيلول/سبتمبر الجاري، تتكشف بين الحين والآخر، نظرا لغموضها ودقة التنفيذ، إذ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن تفاصيل جديدة حول العملية، وصفتها بـ “الجريئة”.
الصحيفة أشارت إلى أن الهجوم استهدف مختبرا سرّيا تابعا لـ “حزب الله” اللبناني، لتطوير أسلحة دقيقة.
100 جندي
الغارة على مختبر أسلحةٍ سرّي كانت إحدى أكثر العمليات الإسرائيلية جرأة ضد “حزب الله” المدعوم من إيران منذ سنوات، حيث هبط “الكوماندوز” عبر طائرات الهليكوبتر في ليلة تكاد تكون خالية من القمر، وفق “نيويورك تايمز“.
العملية تميزت بإدخال القوات الخاصة الإسرائيلية إلى الموقع بشكل مباشر، حيث أنزلت مروحيات إسرائيلية أكثر من 100 جندي من “الكوماندوز” في الموقع، إذ تمكنوا من دخول المجمع من دون مواجهة، عقِب مقتل الحراس في الضربات الجوية الأولية.
استمرت العملية 15 دقيقة فقط وتركزت على تدمير معدات متعلقة بتطوير صواريخ متطورة، وفق الصحيفة.
“هذه كانت عملية مختلفة، طائرات الهليكوبتر حلّقت على ارتفاع منخفض ومن دون أضواء، وسرعان ما هبط عشرات من الكوماندوز يرتدون الزّي المموّه عبر الكابلات واقتحموا المجمع، الذي كان في بعض أجزائه يقع على عمق أكثر من 200 قدم تحت الأرض”، وفقا لمسؤولين أميركيين وأوروبيين وإسرائيليين.
ما تبع ذلك كان إحدى أكثر العمليات العسكرية جرأة ضد “حزب الله” منذ سنوات، حيث بدا في البداية أنه هجوم منفرد على منشأة أسلحة تابعة لـ “حزب الله”، لكنه الآن يبدو وكأنه الضربة الافتتاحية في حملة سرية ضد “الحزب”.
بحسب الصحيفة، فإن تقريرها اعتمد على مقابلات مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين وإسرائيليين على دراية بجوانب العملية، إذ تحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات حساسة.
على دراية بمخطط المنشأة
المخابرات الإسرائيلية كانت على دراية بمواقع نقاط الحراسة وتخطيط المنشأة، وبعد مقتل الحراس في تلك الليلة، تمكن نحو 100 من “الكوماندوز” الإسرائيليين الذين هبطوا من الطائرات من الدخول إلى الموقع دون مواجهة، وفق “نيويورك تايمز”. حيث انقسم الكوماندوز إلى فرق، وفق الخرائط، كل فريقٌ مكلف بتدمير جزء مختلف من المنشأة.
قبل تنفيذ الغارة، أخطرت إسرائيل كبار المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، وفي ذلك اليوم، كان الجنرال كوريلا في إسرائيل يزور غرفة الحرب العميقة تحت الأرض التابعة للقيادة الشمالية لجيش الدفاع الإسرائيلي، حيث عُرضت عليه الخطط العسكرية لمواجهة “حزب الله”، وفق الصحيفة.
المنشأة، التي تقع بالقرب من مدينة مصياف في شمال غربي سوريا، تُعرف رسمياً باسم “مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري”، ولكن رغم أنه يخضع اسمياً لسيطرة وزارة الدفاع السورية، يقول مسؤولون غربيون إن “حزب الله” وإيران سيطرا على العمليات فيه.
تقع المنشأة على بُعد نحو 30 ميلاً فقط من الحدود اللبنانية، ولهذا السبب، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين، يصنع “حزب الله” أسلحته هناك بدلاً من إيران. إذ يُعد نقل الصواريخ والأسلحة من إيران إلى لبنان رحلة شاقة تزيد عن 1000 ميل وتواجه العديد من التحديات.
لسنوات، كانت إسرائيل تتبع وتحاول تدمير المنشأة ومن يرتبطون بها. في عام 2018، قُتل عزيز أسبر، أحد أهم علماء الصواريخ في سوريا، في مصياف إثر انفجار سيارة يُعتقد أن الموساد الإسرائيلي زرعها.
في السنوات الأخيرة، نقلت القوات السورية معداتها إلى هذا الموقع المحمي جيداً لتوحيد قدراتها في إنتاج الصواريخ، وبدأت إيران و”حزب الله” في تحسين المنطقة تحت الأرض التي تم استهدافها هذا الشهر.
كان “الحزب” يعتزم استخدام الصواريخ التي يتم تطويرها في ذلك الموقع ضد إسرائيل، وفقاً لمسؤولينَ مطّلعينَ على المعلومات الاستخبارية.
باعتبار ذلك، كانت غارة 8 أيلول/سبتمبر استمراراً للجهود الإسرائيلية الطويلة لتدمير المركز وتحوّلاً واضحاً في حربها الممتدة منذ عام تقريباً من غزة إلى “حزب الله”.
وقال مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى لنظرائهم الأميركيين بعد الغارة إن “الاستراتيجية تعكس دروس الهجوم الذي وقع في 7 تشرين أول/أكتوبر. عندما تجمع الحكومة الإسرائيلية معلومات استخبارية تفيد بأن وكيلاً إيرانياً يحاول تطوير سلاح جديد، سيتحرك الجيش الإسرائيلي لوقفه”، وفق الصحيفة.
اختراق إلكتروني
الضربة في مصياف كانت أيضا الجولة الافتتاحية في سلسلة من الهجمات تهدف إلى وقف هجمات “حزب الله” بالصواريخ والطائرات من دون طيار عبر الحدود. حيث أصبحت هذه المنشأة أولوية قصوى بالنسبة للإسرائيليين لأنهم كانوا يخشون أن يتمكن “حزب الله” من صنع سلاح أكثر دقة والعديد من الصواريخ بمجرد اكتمالها.
مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون قالوا إن هدفاً مهما من غارة “الكوماندوز” كان تدمير المعدات المتعلقة بصنع المتفجرات للرؤوس الحربية وتزويد الصواريخ بالوقود. وكانت القوات الإسرائيلية تعتقد أن تدمير المعدات الخاصة في المنشأة يمكن أن يعرقل بشكل كبير عملية التصنيع.
إسرائيل، بحسب “نيويورك تايمز”، حققت اختراقاً عندما حصلت وكالة استخبارات الإشارات التابعة لها، المعروفة باسم الوحدة 8200، على خطط تفصيلية للمنشأة عبر اختراق إلكتروني، وفقاً للمسؤولين.
- الاتحاد الأوروبي يقترب من تخفيف العقوبات على سوريا.. هل يفعلها غدًا؟
- مظاهرات في قرية الشنية بريف حمص.. ما المطلوب من الإدارة السورية؟
- مجزرة الكيماوي في دوما 2018.. ما دور روسيا في تضليل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية؟
- ثلاث دقائق من الشائعة.. ماذا حدث بعد تداول عودة ماهر الأسد إلى الساحل؟
- أبرزها سوريا.. ترامب يُعلّق المساعدات الخارجية الأميركية فما الأسباب؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.