ما تزال الحرب الروسية الأوكرانية تكشف عن تحالفات جيوسياسية جديدة، وتفرض ارتباكات في خريطة العالم نتيجة الاستقطابات الحادة التي تتشكل تباعا، مرة مع إيران التي زودت حلفاءها في موسكو بالمسيّرات خلال غزوها كييف، ومرة أخرى جديدة مع الاتهام الذي وجهه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، مؤخرا، إلى كوريا الشمالية بخصوص دعمها القوات الروسية بجنود للانخراط في القتال، ووجودهم في الخطوط الأمامية.
التكهنات بخصوص وجود قوات وجنود كوريين شماليين في أوكرانيا، تزامنت مع الهجمات الصاروخية التي طاولت منطقة دونيتسك المحتلة، مطلع الشهر الحالي تشرين الأول/ أكتوبر، من قبل أوكرانيا، وقضى فيها 20 جنديا منهم 6 ضباط من كوريا الشمالية وفق قناة في تطبيق “تلغرام” تقول إنها تابعة للكرملين، ونقلت ذلك عن مصادر بوزارة الدفاع الروسية.
غير أن الناطق بلسان الكرملين ديمتري بيسكوف اعتبر الدعم العسكري من كوريا الشمالية بأفراد وجنود وضباط مجرد “خدعة”.
تحالف بين روسيا وكوريا الشمالية
لا يبدو الدعم العسكري الذي تقدمه كوريا الشمالية لموسكو مفاجئا، لا سيما أن الشهور القليلة الماضية، كشفت عن قفزة لافتة في العلاقات الاستراتيجية بينها وبين روسيا، بالأخص مع اتفاق “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” وتدشينه في حزيران/ يونيو الماضي، والذي يتضمن بندا يقر بخطط دفاع مشترك في حال تعرض أيا من “طرفي الاتفاقية لعدوان”.
كما أن الاتفاقية الجديدة تؤكد على أن التعاون العسكري والحماية المشتركة وغيرها بين كوريا الشمالية وروسيا، تقع ضمن أهداف استراتيجية تتمثل في مواجهة عالم القطب الواحد، والحد من نفوذ وهيمنة الغرب وواشنطن، ولهذا شدد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على أن الاتفاقية تهدف لتحقيق “التوازن والاستقرار في العالم”.
اتهامات الرئيس الأوكراني لكوريا الشمالية، هي على ما يبدو حقائق تجري على الأرض، وجزء كبير منها لا تتردد بيونغ يانغ في إظهاره وحرصها التأكيد على تنامي الروابط العسكرية مع موسكو، فضلا عن التنديد المستمر بالدعم الأميركي العسكري لكييف بينما وصف الأوكرانيين بـ”النازيين الجدد”، واعتبار الغزو الروسي “حق (موسكو) للدفاع عن نفسها” وفق تصريحات سابقة لنائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية لحزب العمال الكوريا الشمالي باك جونغ تشون.
وفي خطاب للرئيس الأوكراني، قال “نرى تحالفا متناميا بين روسيا وأنظمة مثل كوريا الشمالية. لم يعد الأمر يتعلق فقط بنقل الأسلحة. بل يتعلق بإرسال أشخاص من كوريا الشمالية إلى قوات المحتل المسلحة”.
إرسال مهندسين عسكريين كوريين شماليين
وثمة مؤشرات عديدة قد سبقت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأوكراني، حيث نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن مسؤولين في أوكرانيا وكوريا الجنوبية، معلومات مفادها التأكيد على وجود ميداني لجنود من كوريا الشمالية في كييف لدعم القوات الروسية.
هذا فضلا عن “عدة آلاف من جنود المشاة الكوريين الشماليين يتلقون تدريبات في روسيا الآن، ويمكن نشرهم على خط المواجهة في أوكرانيا بحلول نهاية العام الجاري”، وفق مسؤول في الاستخبارات الأوكرانية، لافتا إلى أن هناك “ضباط هم موجودون بالفعل على الأرض في أوكرانيا، لمراقبة القوات الروسية ودراسة ساحة المعركة، لكن كييف لم تر أي وحدات كورية شمالية تقاتل حتى الآن”.
كما وقال مسؤولون كبار في أوكرانيا وكوريا الجنوبية، لصحيفة “الغارديان” البريطانية، إن مهندسين عسكريين كوريين شماليين تم نشرهم لمساعدة روسيا في استهداف أوكرانيا بالصواريخ الباليستية، وقد قُتل بالفعل كوريون شماليون يعملون في المناطق المحتلة من أوكرانيا.
فيما ذكر مسؤول في أوكرانيا أن ثمة العشرات من الكوريين الشماليين خلف الخطوط الروسية، في فرق تدعم أنظمة إطلاق الصواريخ.
وقال وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون لأعضاء البرلمان في سيول، قبل أيام قليلة، إنه من المرجح للغاية أنه تم نشر ضباط كوريين شماليين للقتال إلى جانب الروس، وإن العديد منهم ماتوا أثناء القتال، رغم أنه لم يذكر تفاصيل أخرى.
وقامت روسيا بتجنيد مقاتلين أجانب كمرتزقة في حربها ضد أوكرانيا، بما في ذلك من مصر وسوريا والهند وغيرها، ولكن إذا كان الكوريون الشماليون على الأرض، فستكون هذه المرة الأولى التي ترسل فيها حكومة أجنبية قوات رسمية لدعم حرب موسكو.
عقوبات أميركية
في النصف الثاني من أيلول/ سبتمبر الفائت، أعلنت الولايات المتحدة، فرض عقوبات ضد مواطن روسي، و3 كيانات قانونية بينها مصرفان روسيان، لقيامها بتمكين ودعم الجهود المتواصلة إلى إنشاء آليات دفع غير مشروعة بين روسيا وكوريا الشمالية، حسبما جاء في بيان مكتوب نشرته “وزارة الخزانة الأميركية” (OFAC) على حسابها الرسمي.
ولفت بيان “الخزانة الأميركية“، الذي اطلعت عليه “الحل نت”، إلى فرض عقوبات على المواطن الروسي دميتري نيكولين، و”بنك التسويات الدولي” في أوسيتا الجنوبية، و”تيمير بنك” الروسي، وشركة “سترويتريد” الروسية.
وتشير “الخزانة الأميركية” في بيانها إلى أن الشخص والكيانات القانونية الذين فرضت عليهم عقوبات “ساعدوا ودعموا الجهود المتواصلة لإنشاء آليات لتسوية الحسابات غير القانونية بين روسيا وكوريا الشمالية.
وأضافت أيضا أنهم ساعدوا كوريا الشمالية وروسيا في التهرب من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، بجانب أنهم شاركوا في تمويل برامج كوريا الشمالية لإنشاء أسلحة دمار شامل وصواريخ باليستية، بالإضافة إلى دعم العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
تعقيبا على ذلك، أفاد رئيس المكتب الصحفي في الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، آنذاك، أن “التعاون المالي المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية يهدد الأمن الدولي والنظام المالي العالمي بشكل مباشر”.
كما فُرضت عقوبات على عدد من الكيانات القانونية التي كانت تخضع بالفعل للقيود الأميركية، وهي بنك “المؤسسة المالية الروسية”، وشركة “ترانس كابيتال”، وشركة “تسيه إم إر بنك”، وكذلك شركة “كوريا كوانغسون بنكينغ كوربوريشن” الموجودة في بيونغ يانغ.
- ترجيحات بعدم هبوط طائرة وزير الخارجية الإيراني في مطار دمشق.. أين ذهبت؟
- “ندعم الدروز والأكراد”.. أول تعليق إسرائيلي على هجمات “الفصائل” بسوريا
- الهجري: نقف على منعطف تاريخي وندعم السوريين.. و”الإدارة الذاتية” تعلن “مرحلة التعبئة”
- واشنطن تكشف سر “انهيارات” سوريا.. وعراقجي يحمل رسالة للأسد
- “السيطرة على مطار كويرس”.. آخر التطورات في حلب وحماة
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.