عاد الحديث مجددا في أوساط الاتحاد الأوروبي، عن إعادة العلاقات مع سوريا، بعد أكثر من 12 عاما من القطيعة، إذ تقود هذه الحملة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، لمعالجة الهجرة غير الشرعية إلى القارة الأوروبية، خاصة بعد الأزمة اللبنانية.  

إضافة إلى إيطاليا، فإن دولا أوروبية أخرى، تضغط من أجل إعادة العلاقات مع دمشق، بهدف تسهيل عمليات إعادة اللاجئين السوريين. وهذا ظهر بعد صعود أحزاب مناهضة للهجرة في الانتخابات الأوروبية، مطلع الصيف الحالي.  

ضغوط للتطبيع  

صحيفة “بوليتيكو” نشرت الأربعاء، تقريرا حول ضغوط بعض الدول الأوروبية، على رأسها إيطاليا، لإعادة العلاقات مع دمشق، في ظل تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة المعادية للمهاجرين في أوروبا، والتي تسعى لكسب شعبية عبر تبني سياسات صارمة تجاه الهجرة. 

رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني - انترنت
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني – انترنت

التقرير أشار إلى تصريحات ميلوني أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، الثلاثاء الماضي، قبيل اجتماع سيضم رؤساء وقادة الاتحاد الأوروبي، إذ قالت إنه “لا بدّ من مراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي بخصوص سوريا والعمل مع كل العناصر الفاعلة على خلق الظروف أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم عودة طوعية وآمنة ودائمة”. 

التقرير لفت إلى أن الحكومة السورية، من جانبها، حريصة على عودة العلاقات مع الجوار والعالم، بينما أخذت سوريا، منذ فترة قريبة، تموّل حملة تصدرها مؤثرون غربيون، وهدفها تلميع صورة البلد وتنشيط السياحة التي أصابها الموات طوال عقد من الحرب. 

لكن المسؤولين الأوروبيين لم يحدّدوا كيف يمكن أن يحدث مثل هذا التحول نحو تطبيع العلاقات. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي: “لا أحد يقول: سنلتقط الهاتف لنتصل بالأسد. لا أحد يجرؤ على إثارة هذا الأمر، لكنه اقتراح خفيّ من قِبل البعض”. 

في حين مدّد مجلس الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد سوريا بسبب انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية، حيث تشمل هذه العقوبات 25 فردًا و3 كيانات، وتمتد لفترة إضافية حتى 16 تشرين أول/أكتوبر 2025. 

وتتضمن العقوبات تجميد الأصول المالية للأشخاص المستهدفين، إضافة إلى حظر توفير الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم من قِبل أي شخص أو كيان في الاتحاد الأوروبي. كما تم فرض حظر سفر على الأفراد المدرجين في القائمة إلى دول الاتحاد. 

مناقشة الملف السوري  

بحسب وسائل إعلام سورية، فإن القمة الأوروبية الخليجية والقمة التي تليها على مستوى قادة أوروبا في العاصمة البلجيكية بروكسل ستبحث الملف السوري وإعادة اللاجئين. 

الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل - انترنت
الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل – انترنت

إذ نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، عن مصادر دبلوماسية خليجية في العاصمة البلجيكية بروكسل أن القمة الأوروبية- الخليجية التي بدأت الأربعاء الماضي، في مقر الاتحاد وسيليها قمة على مستوى قادة أوروبا، ستبحث في الملف السوري. 

وأضافت مصادر الصحيفة أنّ رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني كانت قد طرحت وبشدة خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي في قبرص “ضرورة تهيئة كل الظروف ليتمكن اللاجئون السوريون من العودة طوعياً إلى وطنهم بطريقة آمنة ومستدامة، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية الرئيسية العاملة في المنطقة”. 

رئيسة الوزراء الإيطالية، وفق مصادر “الوطن”، ستتطرق مع القادة الأوروبيين إلى الورقة التي سبق أن تقدمت بها إيطاليا و7 دول أوروبية للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية / نائب رئيسة المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، والتي تسعى إلى “إيجاد مقاربة مختلفة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع سوريا ونهج جديد يضع حدّاً لسياسة أوروبية لم تحقق أي نتائج”. 

في تموز/يوليو الماضي، دعت 7 دول في الاتحاد الأوروبي، وهي النمسا، وإيطاليا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، واليونان، وكرواتيا وقبرص، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى مراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا.  

إذ قالوا إن الهدف هو تحسين الوضع الإنساني في سوريا، وكذلك المساعدة في إعادة المهاجرين إلى مناطق معينة من البلاد. 

لكن ردّ جوزيب بوريل، كان مقتضبا؛ إذ كتب في رسالة مؤرخة في الـ 28 آب/أغسطس الماضي: “إن الطريقة التي يعمل بها النظام السوري منذ عقود معروفة وموثقة، بما في ذلك الدعم المباشر من روسيا وإيران”.  

تابَع بوريل: “كان الاتحاد الأوروبي دائماً مستعداً لاستكشاف طرق لدعم الشعب السوري وتطلعاته المشروعة”، بحسب “بوليتيكو”. 

غير أن البعض داخل الاتحاد الأوروبي يصرّ على أن الوقت قد حان، على الأقل، لبدء مناقشةٍ حول الأمر، حتى وإن كان “من المبكر للغاية أن نقول ما إذا كان بوسعنا أن ننجح في أي شيء”، بحسب أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي. 

وقال ألكسندر شالنبرغ، وزير الشؤون الأوروبية والدولية النمساوي، إن “الأسد موجود، ولا يوجد أي محاولة لتبرئة ساحته، لكن أوروبا استوعبت أكثر من 1.2 مليون مواطن سوري، واقتراحنا هو تقييم منفتح: أين نقف، وإلى أين يجب أن نذهب؟ لأننا ببساطة لا نحقّق النتائج التي نودّ تحقيقها”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات