في كل عام ترتفع هجرة الموظفين من القطاع العام في سوريا، حيث يقدِم العاملون على تقديم استقالاتهم والبحث عن بدائل، تتعلق بالأجور المناسبة والفساد، حيث بلغ اجمالي الاستقالات خلال عام 2023، أكثر من 4500.
هذه الاستقالات تؤدي إلى فاقد وظيفي كبير في القطاع الحكومي، في ظل غياب مسابقات التوظيف وعزوف الخريجين الجدد عن التقديم لها، إذ بات أكثرهم يفكرون في الهجرة إلى خارج البلاد أو العمل في القطاع الخاص.
10 بالمئة
عضو المكتب التنفيذي وأمين السر في “اتحاد عمال دمشق”، المهندس عمر محمود البوشي، كشف عن أن هذه النسبة بلغت 10 بالمئة خلال العام 2023، والتي تشير إلى أن سوريا سجلت ارتفاعاً ملحوظا بنسبة الاستقالات بصفوف العاملين في المؤسسات الحكومية.

البوشي أرجع السبب في ذلك إلى عدم تطبيق معادلة الأجر العادل للعامل وفقاً للدستور السوري، الذي حدد معيار الأجر بأن يكون مناسباً لأفراد الأسرة، وهو ما اعتبره أيضاً السبب الرئيسي لبحث العاملين في المؤسسات الحكومية عن منافذ أخرى وفرص عمل مناسبة لتحسين وضعهم المعيشي.
سبب كثرة الاستقالات يرتبط بالوضع الاقتصادي والتضخم بالأسعار، الذي أدى إلى تدني قيمة الأجور مقارنة مع ارتفاع أسعار المنتجات التي أصبحت مرتبطة بالأسعار العالمية، وانخفاض المستوى المعيشي بشكل غير مسبوق.
هذه الاستقالات ولّدت فاقداً كبيرا للأيدي العاملة، إذ يتوجه العمال إلى القطاع الخاص أو السفر خارج البلد أو العمل في المهن الحرة، لتحسين أوضاعهم المعيشية وفق البوشي.
أكثر من 4500 استقالة
دراسة أعدها المعهد الوطني للإدارة في دمشق، خلُصت إلى أن أسباب استقالات الموظفين من القطاع العام يعود إلى “ضعف الرواتب والأجور”، إذ أفادت الدراسة التي نشرت في نيسان/أبريل الماضي، أن نسبة التسرب الوظيفي في 5 وزارات حكومية بلغت خلال الفترة الممتدة بين عامي 210 و2022، أكثر من 50 بالمئة.

سجل تقرير “الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا”، نحو 657 حالة استقالة خلال العام الماضي على مستوى المصارف فقط، عد عن غير المنتسبين، الذين لم يراجعوا الاتحاد أصلاً، وفق البوشي.
وأضاف أن قطاع الصحة يأتي في المرتبة الثانية في ظاهرة الاستقالات، حيثوصل الرقم إلى 696 حالة في العام الماضي، معظمهم من الكوادر الفنية وشريحة الممرضات، بينما احتل قطاع الطباعة والمطابع والتربية المرتبة الثالثة، إذ وصل الرقم إلى 539 حالة للعام نفسه، وفق حديث البوشي لموقع “أثر برس” المحلي.
شريحة مهندسي البناء، وصل العدد فيها إلى 251، بينما استقال 417 على مستوى الزراعة، إذ كان المجموع بشكل وسطي، وفق البوشي، نحو 4520 حالة استقالة على مستوى النقابة، بينما وصل عدد المنتهية خدمتهم إلى 3460 حالة.
وأوضح البوشي أنه يتحدث عن الاستقالات المتعلقة بالعمال المسجلين في الاتحاد والبالغ عددهم 143 ألف عامل، وفقاً لأعداد المنتسبين، في حين رقم العمال في القطاع العام أكثر من ذلك بكثير.
فوضى التعليمات
كل المواد في الدستور السوري، تجيز للعامل أن يستقيل ولا يوجد ما يمنعه من ذلك، إلا في حالات معينة، إذ اعتبر البوشي أن صدور تعليمات شفهية وتعميمات بمنع الاستقالات في بعض الوزارات أو المؤسسات خلق نوعاً جديداً من الفوضى، خاصة في ظل تشكيل لجان لدراسة طلبات الاستقالة.

وأشار إلى أنه يمكن منع الاستقالة لأشهر معينة نتيجة لحالة طارئة، لكن في الواقع الحالة الطارئة أصبحت هي الأساس، إذ إن التعليمات الحالية سارية منذ عامين ومستمرة.
ينص القانون السوري على أنه خلال 60 يوما تجب معالجة جميع طلبات الاستقالة، إذ قال البوشي إن اتحاد العامل يحرص على استمرار بقاء العاملين في القطاع العام ويحرص على تأمين حياة كريمة لهم، وبالتالي من الضروري إصدار تعليمات رديفة لحل هذه المشكلة.
الاستقالات تشكل فاقداً كبيرا في حال كانت نسبتها بكل عام 10 بالمئة، خاصة في ظل غياب مسابقات التعيين ومركزيتها والتخبط في تطبيق نظام الحوافز، وفق البوشي.
إذ حرم العمال من نظام الحوافز بسبب التأويلات الكثيرة اللا منطقية وعدم قدرة وزارة التنمية الإدارية على تطبيقه بشكل صحيح، حيث كان يفترض تطبيق موضوع الحوافز والتعويضات من القاعدة إلى الهرم وليس العكس، كما أن لكل وزارة أو قطاع خصوصيته التي كان يجب مراعاتها.
يذكر أن رواتب موظفي القطاع العام وصلت بعد الزيادة الأخيرة في شباط/فبراير الماضي إلى ما بين 375 – 450 ألف ليرة سورية (25 – 27 دولارا أميركيا)، بينما يبلغ الحد الأدنى للأجور نحو 280 ألف ليرة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول سياسة

“قتل وحرق ودمار”.. شهادات جديدة توثق مجازر الساحل السوري

استمرار الاعتصام المفتوح لموظفي شركة كهرباء السويداء.. ما المطالب؟

وزيرة الخارجية الألمانية في دمشق: بداية سياسية جديدة؟

بعد موجة انتقادات.. وزارة الشؤون الاجتماعية توضح التعميم 28

انتشار سيارات “الدعوة” في شوارع دمشق يثير الجدل والتوترات

“لبحث تنفيذ الاتفاق”.. قائد “قسد” يجتمع مع لجنة من الإدارة السورية

“خطوة للتقارب مع دمشق”.. ناقلة نفط روسية متجهة إلى سوريا
