أصدرت الحكومة السورية الجديدة توجيهاتها إلى رجال الأعمال بتبني نموذج “السوق الحرة” سعيًا لدمج البلاد في الاقتصاد العالمي، وتغيير سياسة سيطرة النظام على اقتصاد سوريا والتي استمرت عقود.
ووفقًا لتصريحات صحفية أدلى بها رئيس اتحاد غرف التجارة في دمشق، باسل الحمودي، أمس الثلاثاء، فإن نموذج السوق الحرة يعد نظامًا تجاريًا حرًا مبنيًا على التنافسية، وهو ما يعني أن الاقتصاد السوري سيكون مفتوحًا للاستثمارات اللازمة لإعادة بناء البلاد بعد دمار استمر لأكثر من عقد.
ما هو نموذج سوريا الجديد؟
نموذج السوق الحرة والذي سيطبق في سوريا هو نظام اقتصادي يقوم على حرية العرض والطلب في تحديد أسعار السلع والخدمات دون تدخل مباشر من الحكومة، فيُعتبر من أحد أشكال الاقتصاد الرأسمالي، حيث تُترك قوى السوق (العرض والطلب) لتنظيم الأنشطة الاقتصادية.
ويتفق كل من المستهلكين والتجار على شروط المعاملات طواعية بناءً على تفضيلات المستهلكين للسلع المختلفة والإيرادات التي تريد الشركات جنيها من استثماراتها.
ويعتمد هذا النموذج التحفيزي على عدة مبادئ من خلالها تتم إدارة السوق في هذه الحالة، ومنها:
1- حرية التبادل: بأن يكون للأفراد والشركات الحرية في شراء وبيع السلع والخدمات دون قيود.
2- الملكية الخاصة: حيث إن الملكية الفردية للأصول والممتلكات هي أساس هذا النظام، مما يتيح للأفراد التحكم في مواردهم واستثماراتهم.
3- المنافسة: فتؤدي المنافسة بين الشركات والأفراد إلى تحسين جودة المنتجات والخدمات وخفض الأسعار.
4- التسعير بناءً على العرض والطلب: فتحدد الأسعار تلقائيًا بناءً على تفاعل قوى العرض والطلب في السوق، دون تدخل حكومي.
5- الربح كمحفز رئيسي: يسعى الأفراد والشركات لتحقيق الأرباح كهدف أساسي، مما يشجع على الابتكار والإنتاجية.
6- دور محدود للحكومة: يتمثل دور الحكومة خلال هذا النموذج في حماية حقوق الملكية، ضمان العدالة، ومنع الاحتكار، دون التدخل المباشر في تحديد الأسعار أو الإنتاج.
ما هي مزايا اقتصاد السوق الحرة؟
لاقتصادات السوق الحرة العديد من المزايا التي تجعلها نظامًا اقتصاديًا متفوقًا، من بينها:
- الكفاءة الاقتصادية: فإن المنافسة تشجع على تحسين جودة السلع والخدمات واستخدام الموارد بشكل أمثل.
- الابتكار: حيث تسعى الشركات دائمًا لتقديم منتجات وخدمات جديدة لزيادة أرباحها، مما يعزز الابتكار.
- الاختيار الواسع: يوفر هذا النموذج تنوعًا كبيرًا في السلع والخدمات للمستهلكين.
- المرونة: السوق الحرة يمكنها التكيف بسرعة مع التغيرات في العرض والطلب.
- تشجيع الاستثمار: يوفر نموذج السوق الحرة بيئة جاذبة للمستثمرين بسبب قلة القيود الحكومية.
ما هي عيوب السوق الحرة؟
كغيرها من النماذج الاقتصادية فإن السوق الحرة لها العديد من العيوب ونقاط الضعف، عل أبرزها:
عدم المساواة: فقد تؤدي السوق الحرة إلى تفاوت كبير في الثروة والدخل بين الأفراد.
فشل السوق: في بعض الحالات، قد تفشل السوق في توفير بعض السلع أو الخدمات الأساسية (مثل الصحة أو التعليم).
الاحتكار: قد تنشأ احتكارات أو قوى سوقية مسيطرة تُضعف المنافسة.
تقلبات اقتصادية: فيمكن أن تكون السوق الحرة عرضة للأزمات الاقتصادية مثل التضخم أو الركود بسبب عدم وجود ضوابط.
الإضرار بالبيئة: فإن غياب القيود قد يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية أو التلوث البيئي.
دول طبقت نموذج السوق الحرة
كما سيكون في سوريا، هناك بعض حكومات دول العالم اتبعت نهج السوق الحرة، لكنها تتدخل بشكل طفيف وليس كامل في شؤون التجارة الداخلية كنوع من تحفيز التجارة المحلية، ولعل أبرزها:
الولايات المتحدة الأميركية: حيث تعد من أبرز الدول التي تطبق مبادئ السوق الحرة، مع تدخل حكومي محدود في الاقتصاد.
هونغ كونغ: يُعتبر اقتصادها مثالاً بارزًا للسوق الحرة مع غياب القيود على التجارة والاستثمار.
انعكاسات تطبيق السوق الحرة على الاقتصاد السوري
في هذا الصدد علق الأستاذ في جامعة “العلوم” الماليزية فرع إسطنبول الدكتور مخلص الناظر، على توجيهات حكومة تصريف الأعمال في سوريا بتبني اقتصاد السوق الحرة، قائلًا إنه على الرغم من أن هذا النظام يهدف إلى تقليل التدخل الحكومي، إلا أن الحكومة قد تلعب أدوارًا مهمة لضمان استقراره.
وأوضح أن الحكومة قد يكون عليها دور في تنظيم السوق لمنع الاحتكار، وحماية حقوق المستهلك، إضافة إلى ضمان سلامة المنتجات، فضلًا عن فرض ضرائب لتحصيل الإيرادات.

وذكر أن نموذج السوق الحرة هو نظام اقتصادي يعتمد على الحرية الاقتصادية والمنافسة لتحديد أسعار السلع والخدمات، لكن على الرغم من مزاياه العديدة مثل الكفاءة والابتكار، فإنه قد يواجه تحديات مثل التفاوت الاجتماعي وفشل السوق، مما يستدعي أحيانًا تدخل الحكومة لضمان التوازن والعدالة.
أما الصحفي السوري، أيمن عبد النور، علق أيضًا على تحركات حكومة تصريف الأعمال، قائلًا إن الأمور تسير للأفضل ونحو تنفيذ ما كان السوريين يحلمون به، مشيرًا إلى أن العناوين الأساسية للمرحلة المقبلة واضحة وهي “اقتصاد سوق حر تنافسي مثل لبنان ودبي ” دون قيود أو احتكار.
واستشهد بأن الاستقرار الأمني بات أفضل، كما أن هناك استقرارًا في سعر الصرف، وأن هناك أولوية من قبل حكومة تصريف الأعمال لتأمين المحروقات وتأمين الكهرباء واستقرار الأسواق.
كما أشار إلى إلغاء القانون “8” المتعلق بالتسعير الإداري وعقوبات بالحبس للدوريات التموينية، حيث لم يعد هناك تسعيرًا مركزيًا أو سجن للتجار، على أن تكون هناك مكافحة لكل من الربح الفاحش والرشوة والاحتكار، وهو ما سينعكس بشكل واضح على الأسعار بانخفاضها.
فيما رأى مدير مركز “مصر” للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الدكتور مصطفى أبوزيد، في حديثه لـ”الحل نت”، أن الاقتصاد في سوريا مترديًا ويعاني ارتفاعًا في معدلات التضخم إلى جانب تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار، لافتًا إلى أن قيمة الليرة ليست واحدة، بل هناك قمم مختلفة من مدينة لأخرى في دمشق الدولار الواحدة يساوى 22 ألف ليرة وفي مدينة حلب يساوي 36 ألف ليرة.
وأوضح أن تطبيق نموذج السوق الحر لا يتماشى مع هذه الأوضاع في ظل تفاوت أسعار السع وتدمير معظم البنية التحتية، إضافة إلى التراجع الكبير في النشاط الزراعي والصناعي، أي تراجع الإنتاج من السلع والمنتجات.
وأكد أبو زيد، أن النهوض بالاقتصاد السوري قاعدته الأساسية هي الاستقرار السياسي وإعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة من جديد، والعودة إلى الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية ومحاولة تهيئة مناخ الاستثمار، إلى جانب الدعم المالي من المؤسسات الدولية، وهو ما سيحتاج إلى سنوات، موضحًا أن عملية النمو الاقتصادي ماهي إلا بناء تراكمي من العمل والإنتاج وصياغة سياسات اقتصادية واستثمارات مباشرة وغير مباشرة.
- ماكرون بمؤتمر باريس: جاهزون لدعم سوريا ولن نتخلى عن “قسد”
- اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري: “قسد” غير مدعوة للمؤتمر
- بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا.. ما شرطها الوحيد؟
- بيدرسون: دمشق تقدمت بالعديد من الالتزامات ولكن العبرة بالتنفيذ
- الشيباني في مؤتمر باريس.. و3 “احتياجات عاجلة” تخص سوريا
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

من الإمارات.. الشيباني يكشف عن الحكومة الجديدة وعقود الغاز والنفط

وزير التجارة الداخلية: الدعم الحكومي كان واجهة لإذلال الشعب السوري

وزير التجارة الداخلية لـ”الحل نت”: قانون جديد للرسوم الجمركية بسوريا وهذا توقيت إعلانه

وزير سوري يكشف مصير الزراعة مع مناطق “الإدارة الذاتية” ودور رامي مخلوف بالاقتصاد
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول اقتصاد

بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا.. ما شرطها الوحيد؟

ما تفاصيل لجنة “الشرع” لاستهداف رجال الأعمال الموالين للأسد؟

حماية المستهلك يراهن على “السوق الحر” ويؤكد: انخفاض قريب بالأسعار

اللاجئون السوريون.. ما هي أصعب التحديات التي تقف عقبة أمام عودتهم؟

بعد أزمة فصل الموظفين.. القطاع العام السوري نحو تقليص العدد أم إعادة الهيكلة؟

انعكاسات محتملة.. ما مردود قرار تركيا رفع القيود عن الواردات السورية؟

رغم رفع جزء من العقوبات.. لماذا تفشل الإدارة السورية في جذب استثمارات جديدة؟
