بعد جولات من المناقشات والمفاوضات التي استمرت لأسابيع حول آلية إيصال المساعدات #الإنسانية عبر معبر “#باب_الهوى” الحدودي مع #تركيا، توصل مجلس الأمن في التاسع من الشهر الحالي إلى صيغة توافقية تتضمن تمديد وصول المساعدات الدولية عبر المعبر الذي تسيطر عليه المعارضة السورية لمدة عام، وسط تخوف دولي من “فيتو” روسي يعرقل إصدار القرار بوصفها أحد الأعضاء الدائمين في #مجلس_الأمن.

وأكدت #روسيا التي تدعم السلطات السورية أن القرار جاء ضمن “صفقة” عقدت مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن سوريا، في حين وجدت الولايات المتحدة في تمرير قرار فتح المعبر نصراً سياسياً وثغرة يمكن استغلالها لحل الملف السوري المتأزم منذ أكثر من 10 أعوام.

ما هو نص القرار؟

ينص قرار مجلس الأمن، على تجديد عمل معبر “باب الهوى” وإدخال المساعدات الإنسانية عن طريقه لفترة أولى مدتها 6 أشهر، مع تمديد 6 أشهر إضافية بعد إصدار تقرير للأمين العام للأمم المتحدة يركز بشكل خاص على “الشفافية في العمليات، والتقيد في إيصال المساعدات عبر الخطوط الأمامية للقتال لتلبية الاحتياجات الإنسانية”، وينتهي العمل بالقرار في 10 يوليو/ تموز 2022.

وفور اتخاذ القرار، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” إنه: «يمكن للآباء أن يناموا الليلة وهو يعلمون أن أطفالهم سيجدون ما يأكلونه على مدى 12 شهراً قادمة»، مضيفة أن «الاتفاق الإنساني الذي توصلنا إليه هنا سينقذ أرواحاً بكل معنى الكلمة».

إلا أن الموافقة الروسية على تمديد عمل المعبر لم تكن بدوافع إنسانية بحتة، حيث قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة “أناتولي أنتونوف” إن: «هذا القرار سيسهم في تحقيق تسوية سياسية في سوريا بأسرع وقت ممكن، واستقرار الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام».

ووفقاً للأمم المتحدة، تمر قرابة ألف شاحنة محملة بالمساعدات عبر معبر “باب الهوى” الحدودي بين إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة وتركيا شهرياً، فيما تقدر منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن ثلاثة أرباع سكان إدلب البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة يعتمدون على المساعدات الدولية بالدرجة الأولى.

مكاسب روسية لصالح الأسد

لم يكن التوافق الأميركي الروسي حول تمديد معبر “باب الهوى” صدفة أو خدمة مجانية يقدمها كل طرف للآخر، حيث كانت #روسيا في البداية تريد تغيير آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا وجعلها محصورة بحكومة دمشق بوصفها الممثل الشرعي الوحيد في سوريا دوناً عن المعارضة، وبالتالي التحكم في مصير ملايين السكان والنازحين في مناطق سيطرة المعارضة.

وفي هذا السياق قال أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق (فضل عدم ذكر اسمه) إن «روسيا في سبيل موافقتها على تمديد عمل معبر باب الهوى لدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، ربما حصلت على ضمانات الأميركية بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام في سوريا، التي أنهكت المواطن السوري بالدرجة الأولى».

وأضاف أستاذ الاقتصاد لموقع (الحل نت) أنه «يمكن قراءة السياسية الأميركية الجديدة في سوريا، بفعل النفوذ الروسي، من خلال التصريحات التي أدلى بها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بأن الإدارة الأميركية لا تسعى إلى تغيير نظام بشار الأسد في سوريا وإنما تغيير سلوكه، وبالتالي يفهم من هذا التصريح أن روسيا سمحت باستمرار دخول المساعدات عبر معبر باب الهوى مقابل تغيير الموقف الأميركي من النظام في سوريا».

ولفت المصدر إلى أن «”روسيا لا تزال ممسكة بزمام المبادرة في سوريا، رغم تمرير قرار مجلس الأمن، فموسكو قادرة على التلويح بورقة ضغط لمنع التمديد التلقائيّ لعمل معبر باب الهوى بعد 6 أشهر».

وتأكيداً على كلام أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق، أجاب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ” فاسيلي نيبينزيا” في رده على سؤال إذا كانت روسيا حصلت على وعود الأميركية بشان تخفيف العقوبات على سوريا أجاب: «نعم، نحن نتحدث عن هذا الأمر بالفعل».

خدمة روسية إلى تركيا!

لطالما أرادت روسيا خلال السنوات الماضية حصر دخول المساعدات الدولية إلى سوريا عبر الحكومة السورية في دمشق، فمنذ عام 2014 منح مجلس الأمن تفويضاً لدخول المساعدات عبر الحدود في سوريا من خلال 4 منافذ حدودية معظمها خارج سيطرة دمشق، إلا أنه وفي العام الماضي، قلصت هذه المعابر إلى واحد فقط، وهو معبر “باب الهوى” مع تركيا، بسبب معارضة روسيا والصين.

هنا يشير الصحفي الاقتصادي “أيمن محمد” إلى أن «التوافقات بشأن معبر باب الهوى لم تقتصر على روسيا والولايات المتحدة فحسب، بل شملت أيضاً روسيا وتركيا التي لها نفوذ كبير في شمال سوريا، حيث كانت تركيا سابقاً ترفض فتح معابر داخلية بين مناطق سيطرة قوات النظام، ومناطق سيطرة المعارضة في الشمال، إلا أن هذا الوضع تغير، وسنشهد في الفترة القادمة إعادة فتح عدة معابر داخلية في سوريا بين أطراف النزاع».

وأكد محمد لموقع (الحل نت) أن «فتح المعابر الداخلية يعني عودة الحركة والانتعاش الاقتصادي لمناطق سيطرة النظام، وحصوله على القطع الأجنبي، وتخفيض أسعار المواد #الغذائية التي وصلت لمستويات قياسية خلال الفترة الماضية».

وأشار الصحفي الاقتصادي إلى أن «هذه الخطوة من جانب روسيا، جاءت بعد تخوفات تركية من إيقاف تدفق المساعدات إلى مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة، وبالتالي ستصبح أنقرة أمام موجة نزوح ولجوء جديدة لعشرات الآلاف من السوريين، في وقت الذي تتفاقم المشاكل الاقتصادية والسياسية داخل تركيا التي يعيش فيها نحو 4 ملايين لاجئ سوري».

ما حجم المساعدات التي تدخل لمعبر “باب الهوى”؟

وفقاً للتقرير الصادر عن “منسقو استجابة سوريا”، حول حجم المساعدات الإنسانية خلال فترة العام ونصف الفائتة، بين مطلع 2020 وحتى بداية يونيو/ حزيران 2021 «وصل حجم المساعدات الكلي إلى سوريا عبر معبر باب الهوى نحو 587.141 طناً، وكان 70% منها يحتوي على مساعدات غذائية، فيما بلغت كمية مستلزمات المواد الصحية نحو 1.45%».

في حين بلغ حجم المساعدات الطبية الواردة إلى المعبر الحدودي مع تركيا نحو 12.506 طن، بنسبة تصل إلى 2.13% من حجم المساعدات الكلي.

وأوضح التقرير أن المساعدات المذكورة استهدفت أكثر من 2.6 مليون شخص في المنطقة، 65% منهم نساء وأطفال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.