عقب زوال النظام السوري السابق، يلفّ الغموض حول مصير روسيا وقواعدها العسكرية في سوريا، إذ تختلف المعطيات السياسية اليوم في البلاد عن عهد الأسد، الذي أُطيح به في الـ 8 من كانون الأول/ديسمبر الجاري، بعد معركة استمرت 11 يوماً.
إذ تحاول موسكو تثبيت موضع قدم لها، خاصة في الساحل السوري، لكن لا يبدو ذلك سيتحقق في ظل توجّه دمشق نحو الانفتاح على القطب الآخر، والذي ألمح إلى عدم رغبته بوجود الدب الروسي.
إضافة إلى ذلك، فإن موسكو تدرك أن دمشق لا ترغب بوجود عسكري روسي في البلاد، بعد أن دعمت روسيا النظام السابق عسكريا في السنوات وتسببت باستمرار الحرب التي قادها الأسد على الشعب السوري، الأمر الذي يدركه الشعب السوري أيضاً.
انسحاب واسع النطاق
على مدى السنوات السابقة، كانت موسكو تُعتبر اللاعب الرئيسي في سوريا، حيث دعمت الأسد عسكريا وسياسيا، مقابل حصولها على امتيازات تتيح لها البقاء في البلاد، لكن ذلك لم يعد متاحاً بعد الإطاحة بالنظام. إذ بدأت روسيا في سحب كمية كبيرة من المعدات العسكرية والقوات من سوريا، بحسب مسؤولين أميركيين ومسؤول غربي مطّلع على المعلومات الاستخباراتية.

المسؤولون وصفوا الانسحاب الروسي بأنه واسع النطاق ومهم وقالوا إنه بدأ الأسبوع الماضي، لكن ليس من الواضح ما إذا كان سيكون دائما، كما أشار المسؤولون.
الاستخبارات الأميركية والغربية قالت إن المسؤولين الروس كانوا يحاولون تحديد ما إذا كانت “هيئة تحرير الشام”، منفتحة على تسوية تفاوضية من نوع ما تسمح لروسيا بالبقاء في بعض قواعدها الرئيسية، وفقًا للمصادر. وتشمل هذه القواعد “قاعدة حميميم” الجوية الروسية في اللاذقية وميناء طرطوس.
المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، إن روسيا على اتصال بفصائل المعارضة في دمشق. مضيفاً أنه “يتعين علينا الحفاظ على الاتصال مع أولئك الذين يسيطرون على الوضع على الأرض لأنه، كما ذكرت، لدينا مرافق وأفراد هناك”.
اثنان من المسؤولين الأميركيين قالا إن الروس بدأوا في نقل الأصول البحرية من سوريا إلى ليبيا، وقال مسؤول دفاعي منفصل إن موسكو زادت من الضغط على قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر لتأمين مطالبة روسيا بميناء في بنغازي.
وقال المسؤول إنه من دون ميناء ليبي، وإذا أُجبروا على التخلي عن طرطوس في سوريا، فإن الروس سيُتركون بدون ميناء على البحر المتوسط لإبراز قوتهم على الجناح الجنوبي لـ “حلف شمال الأطلسي”. وقال المسؤول الدفاعي إن خسارة طرطوس، حتى مؤقتا، ستجعل من الصعب على روسيا نقل المواد غير المشروعة بين روسيا وإفريقيا.
وأفادت شبكة “CNN” الأسبوع الماضي أن روسيا بدت وكأنها تقوم بتحميل وإعداد الطائرات لمغادرة قواعدها العسكرية في سوريا، وفقًا لصور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة “ماكسار تكنولوجيز”، صباح الجمعة.
في قاعدة “حميميم” الجوية، كانت طائرتان للنقل العسكري الثقيل من طراز “AN124″ موجودتين في المطار، الجمعة، وكلاهما يرفعان مقدمتهما مما يشير إلى أنهما مستعدتان لتحميل البضائع. بينما تم تفكيك مروحية هجومية من طراز” “Ka-52على الأرجح استعدادًا للنقل. كما يمكن رؤية أجزاء من وحدة الدفاع الجوي “S-400″، منظومة الصواريخ الروسية أرض-جو – يتم تعبئتها.
رفض سوري
الإدارة السورية الجديدة في دمشق، أكدت أنها منفتحة على إقامة اتصالات مع جميع الدول من أجل تشكيل مستقبل جديد للبلاد، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى موقفها الرافض لاستمرار الوجود الروسي في سوريا.

إذ قال المتحدث باسم الدائرة السياسية للإدارة السورية الجديدة، عبيدة أرناؤوط: “أعتقد أن على روسيا إعادة النظر في وجودها ومصالحها على الأراضي السورية، فمصالحهم كانت مرتبطة بالنظام الإجرامي للأسد. بإمكانهم إعادة التفكير واتخاذ مبادرة للتواصل مع الإدارة الجديدة، وإثبات أنهم لا يحملون عداوة للشعب السوري، وأن عصر نظام الأسد قد انتهى أخيراً”.
روسيا تمتلك قاعدتين عسكريتين رئيسيتين في سوريا، هما “قاعدة حميميم” الجوية قرب اللاذقية، و”قاعدة طرطوس” البحرية على البحر المتوسط، والتي تُعد ذات أهمية استراتيجية خاصة، حيث توفر لروسيا منفذها الوحيد المباشر إلى البحر المتوسط، ما يسمح لها بإجراء مناورات عسكرية ونشر سفنها الحربية، إضافة إلى استضافة غواصاتها النووية.
وأشار أرناؤوط، إلى أن التحركات الروسية الأخيرة تثير تساؤلات حول نوايا موسكو، إذ اعتبر، في تصريحات نقلها موقع “Euro news“، أن قرارات سحب السفن الحربية من الموانئ وإخراج أساطيل المركبات العسكرية من القواعد لا تعني بالضرورة انسحاباً حقيقياً؛ فقد تكون جزءاً من تحركاتهم الروتينية”.
إضافة إلى ذلك، فقد عبّر مسؤولون أوروبيون عن عدم رغبتهم في التواجد الروسي على الأراضي السورية، وهو أحد الشروط لدعم دمشق، إذ قال وزير خارجية هولندا، كاسبار فيلدكامب، إن إغلاق القواعد الروسية في سوريا، سيكون ضمن الشروط الأوروبية لتقديم الدعم للحكومة السورية الجديدة.
وأشار فيلدكامب في تصريح أمس الإثنين إلى أن رفع العقوبات عن سوريا سيكون مرتبطاً بإطلاق مسار سياسي وضمان حقوق الأقليات. بينما اعتبر أن شطب “هيئة تحرير الشام” من لوائح “المنظمات الإرهابية” في الاتحاد الأوروبي، أمر سابق لأوانه.
- كيف انعكس تحسن سعر الليرة على الأسواق السورية؟
- توحيد الرسوم الجمركية يثير استياء إدلب.. هل تعيد الحكومة تقييم التعرفة؟
- وزير التجارة الداخلية: يمكن النهوض بالاقتصاد السوري وهذه أهم الأدوات
- وزير التجارة الداخلية: الدعم الحكومي كان واجهة لإذلال الشعب السوري
- “بالفساد والمحسوبيات”.. مصادر تكشف البطالة المقنعة بسوريا
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

أول رد من واشنطن على تصريحات الشرع: انتخابات قريبة؟

وفد أميركي رفيع يتوجه إلى دمشق: تأكيد على شروط واشنطن؟

سقوط الأسد أكبر ضربة لإيران.. وهذا ما سيقوم به ترامب في سوريا

تخوفات الصين تتضاعف بعد مناورات عسكرية لتايوان وتوقف رئيسها بأميركا
المزيد من مقالات حول سياسة

قوانين الحكومة السورية الجديدة تمنع الموظفين من العودة إلى عملهم

وفدان عماني ولبناني في دمشق.. ما أبرز الملفات؟

محادثات متواصلة بين واشنطن ودمشق.. ماذا تتضمن؟

الشرع في أول زيارة خارجية.. أين الوجهة؟

إسرائيل تتخوف من “الواقع الجديد” في سوريا.. ماذا تخطط؟

بعد شهر من التحرير.. كيف يرى رجال الأعمال الأوضاع في دمشق؟

خاص لـ”الحل نت”: إيطاليا تستعد لافتتاح سفارتها في دمشق
