قررت سوريا خفض الرسوم الجمركية على بعض السلع التركية المُصدرة إلى دمشق، بما في ذلك المواد الغذائية والحديد والصلب ومنتجات النظافة، وفق ما أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط. 

وقال الوزير التركي خلال حفل بمناسبة اليوم العالمي للجمارك بوزارة التجارة بأنقرة، الإثنين، إن صفحة جديدة فُتحت في العلاقات التركية السورية بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مشيرًا إلى أن الإدارة السورية الجديدة قررت خفض الرسوم الجمركية على 269 سلعة تصدرها تركيا.

تغييرات بالنظام الجمركي 

أشار وزير التجارة التركي عمر بولاط، إلى أنه عقد اجتماعا عبر الفيديو مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري باسل عبد الحنان في بداية الشهر الجاري وتبادلا وجهات النظر. 

معبر باب الهوى- صورة أرشيفية

وأوضح أن تطبيق النظام الجمركي الموحد الذي بدأته الحكومة السورية في 11 كانون الثاني/ يناير الجاري، تم فهمه بصورة خاطئة. 

شهدت سوريا، قبل أيام تغييرات جذرية في نظامها الجمركي، حيث تم إقرار نشرة جديدة للرسوم الجمركية الموحدة حملت في طياتها إعادة هيكلة الرسوم المفروضة على مختلف البضائع المستوردة. 

حدث انخفاض بنسبة تصل إلى 60% في الرسوم الجمركية التي يفرضها النظام، في حين كانت هناك زيادة بنسبة تصل إلى 300 % في الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة من تركيا، وهو ما أدى إلى توقف الواردات التركية إلى سوريا. 

توافق حول الرسوم الجمركية 

أوضح أن نائب وزير التجارة التركي، مصطفى طوزجو أجرى اتصالا مرئيا مع رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السوري قتيبة البدوي، وزار دمشق الأسبوع الماضي. 

تم التوصل إلى توافق بشأن إعادة النظر في الرسوم الجمركية السورية على بعض السلع. 

وزير التجارة التركي، مصطفى طوزجو

وأردف: “قررت سوريا، اعتبارا من هذا الأسبوع، تخفيض الرسوم الجمركية على 269 سلعة، من بينها بيض الدجاج والطحين والذرة والحليب والقشدة وبعض منتجات الحديد والصلب ومنتجات التنظيف”. 

وجاء القرار بعد زيارة قام بها وفد تركي برئاسة نائب وزير التجارة مصطفى توزجو إلى دمشق يوم الخميس 23 كانون الثاني/ يناير الجاري، والتي ضمت لقاءات مع وزير التجارة وحماية المستهلك السوري ماهر خليل الحسن، ورئيس هيئة الحدود البرية والبحرية قتيبة بدوي، ونائب وزير الخارجية أحمد دخان. 

أزمة الشاحنات التركية 

شهدت الحدود التركية-السورية أزمة تتعلق بعبور الشاحنات التجارية، حيث أشارت تقارير إلى وجود نحو 3 آلاف شاحنة تركية عالقة بسبب تأخر الإجراءات الجمركية. 

معبر باب الهوى- صورة أرشيفية

وتأتي هذه الأزمة بعد إعلان توحيد الرسوم الجمركية السورية لتشمل جميع الدول، ما دفع وزارة التجارة التركية إلى العمل على تعزيز التنسيق مع الجانب السوري لمعالجة الأزمة وتخفيف الازدحام على المعابر الحدودية. 

ذلك بعد أن وجّه المصدرون نداءً إلى الوزارات والمؤسسات المعنية في تركيا لحل الأزمة التي لن تحتمل التأخير، مناشدين المسؤولين بالتدخل سريعًا لضمان استئناف عمليات التصدير وحل أزمة الشاحنات العالقة عند المعابر. 

تدمير للاقتصاد السوري 

في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي، جورج خزام، أن إلغاء أو توحيد التعرفة الجمركية مع تركيا بأي اتفاقية قادمة لن يكون في مصلحة الاقتصاد السوري، لكنه يمثل تدميرًا لما تبقى من الاقتصاد الذي يعاني انهيارا في قيمة عملته. 

قيمة البضائع المستوردة من تركيا تمثل أضعاف قيمة البضائع المُصدرة من سوريا إليها، مؤكدًا أن الخاسر الأكبر هو الاقتصاد السوري. 

الخبير الاقتصادي، جورج خزام،

وذكر خلال منشور على صفحته بموقع التواصل “فيس بوك”، أن إدخال المستوردات من تركيا برسوم جمركية أقل من أي مصدر آخر، من شأنه أن يحرم الخزينة العامة لسوريا من هذا الفرق بالتحصيل المالي الجمركي. 

وبيّن أن الحكومة التركية تقدم إعانات تصدير وتسهيلات مالية وضريبية وجمركية لدعم الصادرات، نظرًا لأن تكلفة الكساد والبطالة وتراجع الإنتاج على الاقتصاد أكبر بكثير من تكلفة أي إعانات للصادرات. 

تأثير اندماج الاقتصاد السوري والتركي

وقال الخبير الاقتصادي، جورج خزام، إن المصانع السورية لم تتعافَ من الأضرار الجسيمة التي لحقت بها منذ شهر ونصف بسبب إغراق الأسواق بالبضائع الرخيصة القادمة من تركيا، لافتًا إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج الذي يستورد أغلب مواده الأولية يجعل المنتجات الوطنية غير قادرة على منافسة البضائع التركية التي تزرع وتصنع أغلب موادها الأولية 

سوق الحرامية الواقع على يمين شارع الثورة وسط مدينة دمشق - الحل نت
سوق الحرامية الواقع على يمين شارع الثورة وسط مدينة دمشق – الحل نت

ورأى أن اندماج الاقتصاد السوري الضعيف بالاقتصاد التركي القوي يعني تضخم أعداد العاطلين عن العمل وانهيار الإنتاج الصناعي والزراعي وكذلك انهيار الليرة السورية، مشددًا على ضرورة إلزام الشاحنات التركية القادمة بشراء البضائع السورية بنسبة 50% من قيمة البضائع التركية. 

وبحسب وزير التجارة التركي، عمر بولاط، فإن حجم الصادرات التركية إلى سوريا في عام 2024 بلغ 2.2 مليار دولار، في حين وصلت الواردات إلى 438 مليون دولار. 

هذا بينما كان حجم الصادرات التركية إلى سوريا قبل اندلاع الأزمة في عام 2010 بلغ 1.84 مليار دولار، بينما سجلت الواردات 660 مليون دولار، بحجم تجارة خارجية إجمالي بلغ 2.5 مليار دولار. 

وتم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وسوريا في عام 2007، لكنها علّقت بعد اندلاع الحرب الداخلية في عام 2011. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات