منذ سقوط أو بالأحرى فرار بشار الأسد مع تقدم تحالف فصائل “المعارضة السورية” بقيادة “هيئة تحرير الشام” نحو دمشق، فإن الوضع السوري بالكلية أمام متغيرات جمّة على المستوى السياسي والإقليمي كما الأمني والعسكري. غير أن النقطة الأكثر أهمية في ذلك كله، تتمثل في مدى قدرة سوريا الجديدة المفترضة أن تجمع أركان حكمها بشكل مغاير عن سوابقه المريرة التي تتصف بالشمولية والقمع وإقصاء الكل لحساب فرد أو حزب، وتضع مسارا انتقالية تنفك فيه عن الروابط المحلية والخارجية المتسببة في عزلة البلاد عن المجتمع الدولي، وفقدان الشرعية، الأمر الذي وصل ذروته مع العقوبات تحت وطأة الحرب السورية.

ثمة حاجة ملحة وضرورية أن تبحث سوريا الجديدة عن مدارات سياسية حيوية، تحقق لها مصالحها ولا تؤدي إلى استنزافها الاستراتيجي كما سبق وحدث في ظل العلاقة التي جمعت النظام الأسدي بروسيا وإيران. فلم تكن دمشق سوى محطة على ضوء أهداف ومصالح “الولي الفقيه” وجغرافيا الهلال الشيعي المزعوم، بينما لا يختلف الأمر ذاته مع موسكو التي جعلت من تحالفها مع سوريا عتبة للاستقرار بالقرب من المياه الدافئة وعلى سواحل المتوسط، وقد دشنت لنفسها وجودها عسكريا من خلال قواعد في طرطوس وحميميم لـ”عسكرة” مصالحها في الإقليم، وتهديد النفوذ التقليدي للغرب وواشنطن وتقويض مصالحهم أو المقايضة عليها.

في حين أن مسألة رفع العقوبات، تبدو فرصة لاختبار الشراكة الاستراتيجية مع السلطة الجديدة بدمشق، فإنها وسيلة لتقويض النفوذ الروسي، بل إن تقدم أوكرانيا عبر الحاضنة الأوروبية والأميركية لتكون ضمن إطار الشراكة الخارجية الدولية مع سوريا، بجانب دعم بعض الدول العربية من النفط والغاز، ستخلق فرصة أخرى لتبديد مساحات التواجد الروسي.

بعد انحسار النفوذ الإيراني في سوريا، يظل الوجود الروسي محل تساؤل في ظل غياب شواهد تؤشر إلى اتخاذ خطوات عملية تنهي التواجد العسكري الذي بدا مع نظام الأسد وكأنه استحقاقا مقابل الدعم العسكري وحماية السلطة في مواجهة الشعب، وهو الدعم الذي تسبب في جرائم موثقة وانتهاكات جمّة بحق المدنيين، مثل القصف بالبراميل المتفجرة، وتدمير البنى التحتية في مناطق مختلفة ما تزال بحاجة إلى إعادة الإعمار.

ضرورة انفكاك دمشق عن روسيا

ليس ثمة شك، أن موسكو منذ الدعم العسكري لبشار الأسد عام عام 2015، وهي تراكم نفوذها بسوريا وعملت على توسيع وجودها العسكري، الأمر الذي مكنها من حصد أوراق ضغط لمواجهة الغرب وواشنطن، كما ظهر في الحرب الأوكرانية، وكذا الضغط الخشن في مناطق عديدة بالإقليم وإفريقيا، منها الملف الليبي على سبيل المثال. إذ إن سوريا كانت نقطة تمركز جيواستراتيجي، وتتوزع أو تتنوع منها مصادر القوة الإقليمية بالشرق الأوسط. 

وإلى جانب موقف السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع من الوجود الروسي، والذي يبدو منفتحا ومتفهما لبقائه، ومن دون حذر، فإن غياب أو تغييب أسس لعلاقة جديدة طبيعية مع روسيا ليست فيها وصائية أو بقاء عسكري غير مبرر، سوف لن يرفع عن البلاد التوجس الدولي، ومن ثم، تعقيد ملف العقوبات بما يعيق التطور والتنمية الاقتصادية التي تحتاج لموارد وتنوع في العلاقات، وقبول في حيز المجتمع الدولي بعد إنهاء ملفات عديدة سياسية وحقوقية ودولية تتم فيها تصفية عوامل التأزم القديمة.

فالملف الحقوقي في سوريا مثله مثل غيره من الملفات السياسية والعلاقات الخارجية، ينبني على أسس وجود نمط حكم وإدارة جديدين، لا تتورط في انتهاكات وخروقات، وتؤمن بالتشاركية والتعددية، كما لا تتجه نحو الإقصاء أو القمع، ثم تذهب في علاقاتها الدولية عبر مسارات آمنة لا تثير شبهات العمل وفق شبكات سرية وغير معلنة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، سواء في ما يخص تبييض الأموال أو الاعتماد على اقتصاديات المخدرات (الكبتاغون)، وتهريب الأسلحة والعمل وفق منطق الميلشيات سواء بصفة الطائفية كما هو الحال مع إيران، أو تحت دعاوى شركات الأمن الخاصة مثل “فاغنر” الروسية التي تحمي مصالح الأخيرة بالشرق الأوسط وإفريقيا ومناطق عديدة حول مناجم الذهب والموارد الطبيعية كالفوسفات وغيرها.

صورة نشرتها وكالة (سانا) في 26 حزيران/يونيو 2024، تظهر لقاء الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في دمشق. (تصوير سانا / وكالة الصحافة الفرنسية)

وفي ما يبدو أن خروج موسكو من سوريا لن يكون بنفس سرعة فرار “الأسد”، وربما تطيل المدة أكثر فأكثر، حيث إن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، كشف عن وجود محادثات وصفها بـ “بناءة” مع  السلطة الجديدة في دمشق. 

وتابع: “القواعد كانت هناك بناء على طلب السلطات السورية بهدف محاربة الإرهابيين وتنظيم داعش”، وقال بوغدانوف: “أفترض أن الجميع يتفقون على أن المعركة ضد الإرهاب وما تبقى من داعش لم تنته بعد”.

من المؤكد أن الوجود الروسي لو استمر على هذا الحال في سوريا، سيفترض معه تأزم العلاقة مع الغرب وواشنطن، حيث تتخطى وجهة نظرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحفاظ على مكتسباته الميدانية والحصول على نفقات الحرب، إنما تثبيت موطئ قدم له بالشرق الأوسط وفي نقاط جيواسترتيجية مثل شرق المتوسط، بثراوته الجيوطاقاوية المكتشفة حديثا والتي تعد ضمن عوامل عديدة محددة لخريطة النفوذ في قمة العالم. 

وبالتالي، فإن سوريا بحاجة قصوى إلى الانفكاك من تلك الروابط الخارجية والصلات السياسية التي جعلتها تحت وطأة التبعية وفي حالة استنزاف، في حين باعدت بينها وبين تنوع مصادر علاقتها السياسية والاقتصادية، ومن ثم اقتناص فرص التنمية والتحديث. 

والبقاء الروسي حتما سوف يتسبب في إعادة إنتاج نظام “الأسد” من جديد بسياساته المنغلقة وأنماط إدارته للحكم المتشددة، بداية من الإقصاء والتهميش، مرورا بالتوحش والاستبداد، وعدم الانفتاح السياسي محليا وخارجيا. وبنفس درجة القمع سوف تعاود سوريا الوقوع في العزلة الدبلوماسية وغياب الاستقرار. وعليه، فإن التحوط من قبل سوريا الجديدة ينبني عليه أن تبحث عن شركاء استراتيجيين.

إذاً، فمقاومة الحرب والفوضى وعدم الاستقرار لن تتم سوى عبر سياسات جديدة حتما، محليا، تبحث فيها السلطة في مرحلتها الانتقالية عن شركاء لتوسيع قاعدة الحكم وشرعيتها وتمثيلها السياسي لكل سوريا من دون فئة بعينها. ومع ضمان أن تكون السلطة ليست كسابقتها أوليغاركية تراكم ثروات ونفوذ على حساب باقي الشعب، فإن الشرعية سوف تكتسب دوليا بشكل نهائي وتام، وستكون الشراكة الاستراتيجية مع العالم والمجتمع الدولي ضمانة أخرى لسياسات تنموية وأكثر عدالة.

سوريا و”انتهازية” بوتين

فمع سقوط النظام الأسدي، يرفض السوريون بناء علاقات مع روسيا، على اعتبار أن الأخيرة دعمت “الأسد” الهارب وعمدت إلى تأزيم الأزمة السورية، بل وعسكرة الصراع الذي تسبب في إطالة أمده، حيث حولت أحياء سكنية ومدارس بأكملها إلى أنقاض، إضافة إلى “ارتكاب جرائم لا يمكن وصفها”. ولذلك، لا يرى السوريون في روسيا سوى “عدو”.

ومن الواضح أن شرق أوسط جديد يتشكل. فيما يكشف السقوط الدراماتيكي والسريع للأسد، وتولي أحمد الشرع دفة الحكم بسوريا، عن أحداث تجري وراء الكواليس، أبعد بكثير مما هو ظاهر، وأعمق مما يظهر على السطح. فالتموضع الجديد الذي تشهده سوريا يستدل الستار عن العديد من التعقيدات والتدخلات العنيفة، محلية وإقليمية، وعلى كافة الأصعدة.

هذا إلى جانب الضغوط التي تمارسها بعض القوى والأطراف الخارجية، في سعيها لتفخيخ الداخل السوري، ضمن وسائلها القسرية لتحقيق مصالح معينة، أو تقليص بقية القوى أو شل إرادتها. بالتالي فإن ما حدث في سوريا قد لا يتكرر لسنوات طويلة، ما يعني أن ثمة فرصة ثمينة أمام الحكام الجدد بدمشق والقوى الخارجية الوازنة يجب عدم تفويتها، لجهة كبح جماح القوى التي تسعى إلى إحداث الفوضى واللا استقرار، من خلال القوى الإمبراطورية التي تبحث عن حيازة قوة خارجية مثل روسيا وإيران.

آليات عسكرية روسية قرب قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية- “رويترز”

في عام 2015، تدخل فلاديمير بوتين في سوريا، من أجل إنقاذ نظام الأسد من السقوط الوشيك، وكل ذلك من أجل أهداف استراتيجية، بالإضافة إلى كونه كان نوعا من التحدي للغرب واستعراض القوة في الشرق الأوسط. اتسع النفوذ الروسي فعليا في الشرق الأوسط، فضلا عن تحوله إلى مركز رئيسي للعمليات اللوجستية العسكرية في المنطقة وإفريقيا. لكن مع بدء الحرب في أوكرانيا، تغيرت هذه المعادلة، وتراجع النفوذ الروسي في سوريا، وحتى مع تقدم تحالف فصائل “المعارضة السورية” ضد مناطق النظام السوري البائد أواخر عام 2024، جُمّد بوتين في مكانه. لم ينقذ حليفه الرئيسي (الأسد). بل حاول حتى الرمق الأخير انتهاز الوضع السوري، إذ أقنع الأسد بالهروب واللجوء إليه، إضافة إلى أنه يملك مليارات الدولارات من الأموال السورية المنهوبة. ربما لاستخدامهما للتفاوض مع السلطات الجديدة بدمشق، ويبدو أن هذا ما يحصل بالفعل حاليا.

وفي تقرير لموقع “أناليزي ديفيزا” الإيطالي، ذكر أن دمشق تطرح فكرة تسليم الأسد مقابل استمرار الوجود الروسي في البلاد. واللافت أن وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية، مرهف أبو قصرة، قال لـ”واشنطن بوست” إن بلاده منفتحة على استمرار الوجود العسكري الروسي في قاعدتي طرطوس وحميميم، ما دام ذلك يخدم المصالح السورية.

ورغم أنه لا يوجد اتفاق رسمي بين دمشق وموسكو حتى الآن، فإن تصريحات الحكومة السورية الجديدة تؤشر إلى أن الخروج العسكري الكامل ليس مؤكدا بعد. وهذا ما يعتبره البعض أنها سياسة الشرع البراغماتية.

“قطع الطريق أمام موسكو”

من هنا، يتعين على الولايات المتحدة كما الأوروبيين دفع السلطة الجديدة بدمشق نحو بناء سياسات جديدة ومغايرة، وذلك من خلال عدم إحداث فراغ تملء وجوده روسيا، بل توفير فرص جادة وعملية في سوريا لبناء شراكة واستثمارات يتم فيها تبادل المصالح والعلاقات على أسس استراتيجية، الأمر الذي سوف يساهم في قطع الطريق على موسكو ومحاولاتها لإعادة بناء قوة إمبراطورية في الشرق الأوسط. 

الوجود الروسي يعتمد على إدارة الفوضى، ويصل لملء الفراغ. ويراكم الثروات والنفوذ لتمويل أو عسكرة مصالحه التي يواجه بها الغرب والمصالح الأميركية كما هو الحال في أوكرانيا.

وتمثل المصالح الاقتصادية والتجارية جانبا مهما بين واشنطن والغرب والمحيط العربي من جهة، والسلطة في دمشق، من جهة أخرى، حيث إنها ستخلق فرص عديدة سياسية وتنموية واستثمارية تحقق الاستقرار في المجتمع، وتكون رافعة لسياسات وازنة، لا تبحث عن شركاء مثل الروس أو الإيرانيين. 

وفي حين أن مسألة رفع العقوبات، ولو بشكل إجرائي وجزئي، تبدو فرصة لاختبار الشراكة الاستراتيجية مع السلطة الجديدة في دمشق، فإنها وسيلة لتقويض النفوذ الروسي، بل إن تقدم أوكرانيا عبر الحاضنة الأوروبية والأميركية لتكون ضمن إطار الشراكة الخارجية الدولية مع سوريا عبر مواردها من القمح وغير من الموارد الاستراتيجية، بجانب دعم بعض الدول العربية من النفط والغاز، ستخلق فرصة أخرى لتبديد مساحات التواجد الروسي في دمشق، ومشاغلتها في الفضاء الجيوسياسي وحديقتها الخلفية.

وعليه، فالدور الأميركي الذي يحتاج لاستعادة مركزيته في مناطق نفوذه التقليدية بالشرق الأوسط، بحاجة لأن يكون أكثر من شريك في سوريا، بل ضامن للسياسات المعززة للاستقرار، فضلا عن توفير بيئة مواتية للعدالة الانتقالية والانفكاك عن كل ما يهدد الأمن الإقليمي والدولي. هذا ما يمكن أن يتم من خلال خطط استراتيجية تتمثل في جانب منها بما سبقت الإشارة له على مستوى العقوبات والتعاطي معها، وكيفية تقليص النفوذ الروسي، ثم مشاغلته، وإيجاد البدائل السياسية الممكنة له، سواء من خلال دمج كييف في أنشطة تجارية واستثمارية أو إيجاد شركاء عبر المؤسسات المالية والتجارية والاقتصادية الضخمة متعددة الجنسيات. 

كل ذلك يساهم في تحييد دور موسكو وأن لا يكون مصدر قلق أو تهديد، وينهي مصادر قوة بوتين في المنطقة. فهذا الدور المتشابك للغرب وواشنطن وشركائهم التجاريين والاقتصاديين سوف يحمي موارد سوريا من النهب أو الاستغلال في ظل حضور “فاغنر”، والمسؤولة عن عسكرة مصالح روسيا حول مصادر الطاقة والاتصالات والفوسفات وغيرها من الموارد الطبيعية والمعادن الثمينة. 

والخطط الأميركية الاستباقية لتحقيق ذلك، تبدو ضرورية لأن الإغراءات العديدة للموارد السورية ستفتح شهية موسكو على أن تضاعف جهودها لإعادة التموضع ولململة شتاتها لحماية خسائر تقدر بمليارات الدولارات بسوريا، ناهيك عن القروض المالية المقدمة بسخاء لحليفها في السابق “الأسد”.

يمهد ذلك إلى ضرورة مسار من التفاهمات في المرحلة الانتقالية بواسطة الغرب وواشنطن، من خلال توسيع قاعدة الحكم التي سبق وتمت الإشارة لها، وذلك من خلال فعالية الحوار السياسي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تحوز مناطقها بشمال شرقي سوريا على العديد من الموارد الاستراتيجية، نفطية وغذائية. 

ضرورة انفكاك دمشق عن موسكو- “وكالات”

وتمتين العلاقة بين دمشق و”الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا، ينهي جيوب وثغرات عديدة قد تستغلها موسكو لتكون طرفا في التناقضات السورية، ومن ثم، تعمق أو تعاود فرض نفوذها على أساس هذا الهامش الذي يخلق فرص للمناورة. ومن هنا، الذكاء الاستراتيجي للولايات المتحدة وسياساتها مع الشركاء الأوروبيين، يتطلب تسريع وتيرة المحادثات بين الطرفين وإيجاد صيغة وآلية مشتركة للعمل من دون نزاع أو تصادم في المصالح. فتأمين المصالح التجارية لسوريا وتنويع مصادرها بين ما هو محلي أو إقليمي أو أوروبي وأميركي ناهيك عن الدور الأوكراني، يعزز من إضعاف الوجود الروسي. والشراكة السياسية مع “قسد” تعمل على تهيئة أجواء استقرار لا تخلق فرص لتعدد اللاعبين في مناخ الاستقطاب وعدم الاستقرار.

فالوجود الروسي يعتمد على إدارة الفوضى، ويصل لملء الفراغ. ويراكم الثروات والنفوذ لتمويل أو عسكرة مصالحه التي يواجه بها الغرب والمصالح الأميركية كما هو الحال في كييف والتي هي حرب يسعى من خلالها بوتين إلى إعادة بناء القوة ليس فقط على مستوى قمة العالم، إنما في أجزاء مترامية الأطراف، تحديدا بالشرق الأوسط.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات