في لقاء مصوّر مع الشيخ أحمد ياسين عام 1999 تحدث فيه عن كيفية الحصول على السلاح، قال: “نحصل على السلاح من بعض التجار داخل الجيش الإسرائيلي الذين يسرقوا هذا السلاح من دخل المخازن الجيش الإسرائيلي”، ويضيف يتم الحصول على السلاح مقابل المال، وأحياناً يطلب هؤلاء التجار المواد مثل الحشيش أو الأفيون كبديل للمال وهذا ما كانت ترفضه سابقا “المقاومة” على اعتبار أنه حرام.

الشاهد هنا هو محاولة إحلال المواد المخدرة محل الأموال كوسيلة للحصول على السلاح، وهذا ضد منهجية “المقاومة” من منطلق شرعي بحسب كلام الشيخ أحمد ياسين، ليضعنا كلامه بعد مرور ما يقرب من ربع قرن أمام عديد من المفارقات والمتناقضات والتساؤلات. 

هل ما طرحه أحمد ياسين كانت منهجية الجميع في “المقاومة” في كل المواقع؟ أما هناك من كانت له رؤية مغايرة تخدم أغراض معيّنة؟ وكيف تغيرت الأحوال لدى “المقاومة” اليوم من استباحة واستحلال ما كان يوماً ما حرام؟ وكيف تحولت المواد المخدرة اليوم لدى المليشيات الإسلامية أو لدى مواقع “المقاومة” لغة ووسيلة للتفاهم وربح الاقتصادي؟ وما أهداف الجهة التي تسهّل الحصول على المخدرات؟ وما فلسفة تلك الجهة التي تعمل على تحويل المواد السامة إلى عقيدة يمكن التعامل من خلالها؟ 

في الحقيقة توجد إجابة واحدة نموذجية مختصرة لهذه الأسئلة؛ إنها السّر المُعلن المتمثل بـأيديولوجيات إيران وميليشياتها.

البداية الإيرانية.. والمفارقات الداخلية

كان صعود الاقتصاد غير المشروع منذ “الثورة الإيرانية” عام 1979 مدفوعا بضغوط داخلية وخارجية. حيث ألحقت عقود من العقوبات الغربية خسائر مدمرة بالاقتصاد الإيراني، مما أدى إلى تفاقم البطالة وخلق نقص في كل شيء من العملات الأجنبية إلى السلع اليومية. 

في هذه الصورة الملتقطة يوم الثلاثاء 3 فبراير 2015، يظهر مدمنو المخدرات وهم ينامون على كراسيهم في المركز والمأوى، جنوب طهران، إيران. (أ ف ب/إبراهيم نوروزي)

وقد أدى هذا الوضع إلى ظهور التهريب والأنشطة غير المشروعة الأخرى التي تقوم بها الجهات الحكومية وغير الحكومية التي تسعى إلى التحايل على قيود العقوبات الخانقة، ليجد الشعب الإيراني نفسه أمام فلسفة تبرّر له وتدفعه إلى الاتجار بالمخدرات كوسيلة لكسب العيش. 

وبالنسبة للشبكات الإجرامية والجهات الفاعلة الحكومية تمثّل العقوبات فرصة لتوليد إيرادات ضخمة، والتي في حالة الدولة تستخدم لدعم الاقتصاد، ودفع شبكات المحسوبية ودعم الجماعات المسلحة المختلفة في المنطقة. 

مع التغييرات الكبيرة التي مرّ بها العالم في ظل فيروس “كورونا” ومع زيادات العقوبات كان من المتوقع أكثر أن يلجأ “الحرس الثوري” الإيراني، إلى تعزيز موقفه وقواته بالاعتماد أكثر على تجارة غير المشروعة من المخدرات، ونشرها أكثر بين الوكلاء في كلٍّ من سوريا والعراق واليمن. 

ولكن قبل الانتقال إلى الوضع الدولي لهذه التجارة تحت رعاية المليشيات الإيرانية، هنا مفارقة غريبة لابد من الإشارة إليها؛ وهي في الوقت الذي يدعم فيه “الحرس الثوري” انتقال المخدرات بين قواته في مناطق عربية ودولية نجد أن العقوبة القانونية داخل إيران على الاتجار بالمخدرات تصل إلى حد الإعدام على الذين يتاجرون أو يمتلكون ما لا يقل عن 30 جراماً من المخدرات القوية مثل الهيروين أو الكوكائين. 

ففي عام 2016 قال المتحدث باسم اللجنة القضائية بالبرلمان، حسن نوروزي، إن 5000 شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بتهمٍ تتعلق بالمخدرات، وأغلبهم تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً، ومعظمهم كانوا مخالفين لأول مرة، وفي عام 2015 أعدمت إيران ما لا يقل عن 567 شخصاً. 

من هذه الأرقام، هناك ملاحظة واضحة وهي أن تجارة المخدرات مستمرة بل أنها قابلة للزيادة في ظل تطبيق عقوبة الإعدام بالأعداد الضخمة، كنوعٍ من الترهيب والتخويف تسمح الدولة بتطبيق عقوبة الإعدام على مرأى ومسمع من الشعب الذي لم يلقِ لها بالاً واستمر فيما هو مجبر عليه. 

إن تلك الحالة الملتبسة سواء من القيادات التي تدفع الشعب إلى الاتجار خلال الظروف الاقتصادية القاسية وارتفاع معدل البطالة، وفي ذات الوقت تمسك في يدها مطرقة من حديد تسحق بها مَن تسوّل له نفسه الإقدام على الاتجار، والشعب – 70 بالمئة من إجمالي عمليات الإعدام في البلاد كانت بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات- الذي لا يبالي بهذه العقوبة المتوحشة التي ربما اعتبارها وسيلة للهروب من الحياة السوداوية في كل مستوياتها، وكأنها حالة انتحار جماعي تحت مظلة القانون وبرعاية الدولة التي تدفع بيد وتمسك بالأخرى. 

 المخدرات.. تجارة باسم الرب!!!!

أن الترويج للتجارة غير المشروعة مثل المخدرات بكل أنواعها يعتمد على التعامل مع الوعي الذاتي للإنسان ومحاولة تحويله من رافض للفكرة إلى اعتمادها كمنهج لا بديل عنه. 

رئيس شرطة مكافحة المخدرات الإيرانية حميد رضا حسين عبادي ينظران إلى أكياس المورفين الأفغاني الصنع المعروضة خلال جولة إعلامية في مدينة زاهدان بجنوب شرق البلاد. 19 يوليو 2011 (وكالة الصحافة الفرنسية)

هذا المنهج الذي تعتمد عليه المليشيات الإيرانية وخاصة أنها تتعامل مع فئة – ما يطلقوا على أنفسهم المجاهدين- المفروض أنها تعمل على منهج الدين الإسلامي كما تروّج لأفعالها، وهذا الإسلام الذي من منطلقه قال الشيخ أحمد ياسين أنها تجارة حرام!!! فهل تغير الإسلام!!! 

أم تغيرت نظرة من يقدموا أنفسهم على اعتبار أنهم يعملوا تحت رايته ويحاربون من أجل رفعته، لا سيما أن تجارة المخدرات تعتمد على السيطرة والاستحواذ على السلطة المتنازع عليها عن طريق افتعال توترات داخلية والتدخلات الخارجية. 

ولهذا تعمل هذه الجماعات المسلحة والتي تحارب في مناطق متفرقة على دغدغة المشاعر الإنسانية وإثارتها لتصبّ في مصلحتها، وهذا عن طريق تحويل أي صراع سياسي قائم على المطامع الشخصية والامتدادات السياسية وإلى صراع ديني، حتى يضمن استمالة أكبر فئة ممكن من الجماهير.

وفي الوقت نفسه يعمل على استبقاء الصراع أكبر فترة ممكنة؛ لأنه من المعروف على مدى تاريخ الحضارات البشرية أن أصعب صراعات هي الصراعات التي تتم تحت لواء الدّين وباسمه. فقد استمرت الحروب الدينية في أوروبا بين الكاثوليك والبروتستانت فيما يعرف بـ “حرب باسم الرب” قرابة المئة عام كانت أوروبا منقسمةً إلى قسمين: أحدهما النبلاء الذين تحكموا في غالبية ثروات البلاد، وعامة الشعوب الذين كانوا يرزحون تحت نير الظلم، ولا يملكون إلا وعداً من الكنيسة بالغفران والرحمة في العالم الآخر. 

هذا تماماً ما تفعله المليشيات الإيرانية من كونها تحارب باسم الدين ولنصرته، ولا سبيل من التخلص من الضغوط الاقتصادية إلا بالبحث عن منفذ آخر يحقق لهم مكاسب وإن كانت محفوفة بالمخاطر الدولية، وأيضاً هو منفذ يسهل الحصول على العملات الأجنبية والسلاح الذي “نحارب به أعداء الله والمعتدين على الأرض”. 

هذه الحالة وتلك المنهجية تحفزنا لسؤال مهم هو أين أعداء الله في سوريا واليمن والعراق في تلك المناطق التي أغرقتها المليشيات الإيرانية بالمخدرات حتى أصبحت درعا في سوريا من أكثر المدن تجارة للمخدرات وتصدّرها إلى المناطق المحيطة تحت حماية المليشيات الإيرانية، وللدول المجاورة.

إنعاش المخدرات في اليمن

إيران هي ثاني أكبر دولة على مستوى العالم بالاعتماد على تجارة المخدرات بين الشباب بعد أفغانستان. كما أنه يوجد العديد من الفقراء والمهمّشين في العديد من المناطق التي تمثل تمركز المليشيات الإيرانية أصبحت تجارة المخدرات شريان الحياة الاقتصادية لديهم. 

أحد مقاتلي الحوثي في صنعاء، اليمن. (رويترز)

فعناصرٌ من الدولة الإيرانية (مثل الحرس الثوري الإيراني) متورطة في تهريب المخدرات، ودعم شبكات الجريمة المنظمة التي تشرف على سلسلة توريد للمستهلكين النهائية في أوروبا وروسيا.

ولقد وضع الوزارة الخارجية الأميركية سؤال على حسابها في منصة “إكس” (تويتر سابقا)، حول القدرة المالية الكبيرة لإيران و”الحرس الثوري” على شراء كل هذه الأسلحة وشحنها إلى اليمن لدعم “الحوثي”، واستمرار أعماله الإرهابية بحق الشعب اليمني ودول الجوار، وتهديد الملاحة وخطوط نقل الطاقة في مضيق المندب. 

إن السؤال الذي وضعته الخارجية الأميركية، وجه الأنظار نحو متابعة خيوط وشبكات “الحرس الثوري” الذي يدير من خلالها إمبراطورية اقتصادية لتمويل ميليشياته التي تقود حرباً بالوكالة في عدد بلدان عربية. 

في العام 2016 بدأت الميليشيات “الحوثية” وتحت إشراف ضباط من “الحرس الثوري” و”حزب الله”، على توحيد شبكة مهربي المخدرات في اليمن، فعملت على إطلاق سراح الكثيرين من التجار البارزين الذين كانوا حينها في سجون صنعاء وحجة وصعدة. 

وبدأت الميليشيات بإخضاع المهربين لسلطتها، وقامت الميليشيا “الحوثية” بتأهيل تجّار ومهربين جدد من أتباعها بالتعاون مع مافيا “الثوري” الإيراني و”حزب الله”، لتغطية خططها لمضاعفة الإيرادات عبر إنعاش تجارة المخدرات. 

في اليمن تم ضبط خلال العام المنصرم نحو 5 أطنان من المخدرات وجرى إتلافها بمشاركة الأجهزة المختصة، ومما تم ضبطه أكثر من 6 آلاف حبة “كبتاغون”، و 330 كيلو كوكائين، ونحو 530 حبوب كريستال، ونحو 116 كلغ من الهيروين. 

ولم ينتهي الأمر عند اليمن، إذ إن ميليشيات “الحوثي” ومن خلفها إيران عمدت على إبقاء مساحات شاسعة على الحدود بين اليمن والسعودية كممرات آمنة لتهريب المخدرات إلى المملكة والخليج، فالحدود اليمنية حالياً بالنسبة إلى السعودية تُعتبر من أخطر المصادر إن لم تكن هي الأخطر، لتمويل هذه الآفة، وما زالت تتدفق أنواع المخدرات نحو المملكة بشكل مهول.

البصرة مصنعاً للمخدرات

في تموز/يوليو 2005 أعلنت اللجنة الوطنية العراقية لمكافحة المخدرات أن إيران، هي المصدر الرئيس لتصدير السموم البيضاء إلى العراق، والأردن، وسوريا، وإلى دول الخليج العربي، وبحسب تقرير اللجنة الوطنية فإن نشاط مهربي المخدرات ينحصر بثلاثة منافذ مع دول الجوار هي إيران بشكل خاص وسوريا والأردن.

ممر الاتجار، قوات الأمن العراقية تقف بجوار أكوام من الصناديق التي تحتوي على مخدرات في ميناء أم قصر في البصرة، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. (رويترز)

ووفقًا لتقرير المخدرات العالمي الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لعام 2014، استحوذت إيران على 74 في المئة من مضبوطات الأفيون في العالم، و25 في المئة من مضبوطات الهيروين والمورفين في العالم في عام 2012. 

ولهذا تسعى إيران على التواجد في أكثر من دولة كمحاولة لتشتيت الانتباه الدولي. ففي كانون الأول/ديسمبر 2015، أعلنت الإمارات ضبط باخرة إيرانية حاول قبطانها تهريب كمية كبيرة من المواد المخدرة وشخصين يحملان الجنسية الإيرانية عبر ميناء “خالد” البحري بإمارة الشارقة.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات “وام”، أنه تم ضبط 11.5 كيلوغرام من مخدر الحشيش و142 ألفاً و 725 قرصاً مخدراً كانت مخبأة في مخابئ سرية بالإضافة إلى ضبط 10 أشخاص على متن الباخرة، وبعد التحقيق مع قبطان الباخرة، أقر المشتبهون بأن الكمية المضبوطة تم جلبها إلى عدد من تجار المخدرات لترويجها بالدولة بناء على توجيه أحد تجار المخدرات في إيران.

إن وجود المليشيات الإيرانية في العراق عمل على تحول عدد كبير من الشعب العراقي إلى تجار في المخدرات؛ لأن هذا يساعد المليشيات في تنفيذ مهامها من خلق صراعات الداخلية والاضطرابات الطائفية. 

فقبل وجود هذه المليشيات في العراق لم تعرف مدنها المخدرات ولا الاتجار بها إلا بعد التواجد الإيراني، وقد وصلت المشكلة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في البصرة، ثالث أكبر مدينة في العراق وواحدة من أقرب المدن إلى إيران. 

وبالإضافة إلى الأفيون الذي يتدفق عبر الحدود الإيرانية، بدأ العراقيون للأسف زراعة الأفيون الخاص بهم، واتجه آخرون إلى طبخ الميثامفيتامين وهو مسحوق بلوري أبيض عديم الرائحة، ذو مذاق مر، وهو منبه قوي يوثّر على الجهاز العصبي المركزي، وقد يسبب الإدمان، ويسبب زيادة في النشاط وفرط الحركة وهذه الخصائص تجعله قابل لسوء الاستخدام على نطاق واسع. 

ووفقاً للتقييم العالمي للمخدرات الاصطناعية لعام 2014، يبدو أن الاتجار بالميثامفيتامين من إيران إلى شرق وجنوب شرق آسيا قد انتشر أيضاً إلى أوروبا. ونظراً لهذا الوضع تحولت البصرة إلى مصنعاً وليس مجرد محطة لتهريب المخدرات من إيران. 

مؤسس مركز “الرؤية” العراقية، محمود النجار، ذكر في مقابلة مع موقع “إيران إنترناشيونال”، أن الجماعات المسلحة كانت تنقل الأسلحة والنفط والمخدرات عبر الأنفاق والطرق غير الرسمية، كما تستخدم الطائرات المسيرة لتأمين قواتها، وعلمت المليشيات الإيرانية على الاستفادة من المستودعات التي أنشأها “داعش” في العراق عام 2014، وتحويلها إلى مستودعات لنقل الأسلحة والمخدرات.

المخدرات الإيرانية في سوريا والأردن

برقيات دبلوماسية أميركية سربها موقع “ويكيليكس” في 2014، أشارت إلى اعتبار إيران من أكبر مهربي المخدرات في العالم، وأن مسؤولين في “الحرس الثوري” متورطون في هذا التهريب، كما أن إيران، بحسب البرقيات، أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم.

صورة للرئيس السوري بشار الأسد تظهر على طريق تتجه فيه آليات تحمل شحنات من الحشد الشعبي إلى سوريا، 12 فبراير 2023. (رويترز/أحمد سعد)

تهريب المخدرات بدوره بات يشكل مورداً اقتصادياً رئيسياً في سوريا، فبعد سيطرة الميليشيات على جنوب سوريا بدأ التهريب إلى الأردن؛ ولهذا تلجأ الأردن بين الحين والأخر، إلى تكثف مناوراته العسكرية على طول حدوده مع سوريا، من أجل أحبط عملية تهريب خاضعة لمليشيات الإيرانية.

أحد نتائج الحرب الروسية الأوكرانية هو التمركز الإيراني على الحدود مع الأردن، وهو ما أدى في النهاية إلى زيادة عمليات تهريب حبوب “الكبتاغون”، حيث تعتمد أحياناً المليشيات الإيرانية على نقل المخدرات والأسلحة على الطائرات دون طيار التي ربما تساعد على اتساع دائرة الصراع أكثر في المنطقة. 

ويرى الأردن أن المليشيات الإيرانية تعمل على استهدفه وذلك بالتمركز على حدوده، إذ يمكنهم التنقل في كل مكان في سوريا، ولا يمكن مقاضاتهم إذا ارتكبوا مخالفات، فأحد الركائز الأساسية للمشروع الطائفي الإيراني هو السيطرة على المنطقة الجنوبية، لا سيما القنيطرة ودرعا، لما لها من تأثيرات على من تصفهم إيران بحلفاء الولايات المتحدة. 

وتستخدم المحافظات الجنوبية كدروع عسكرية وأمنية للدفاع عن المشروع الإيراني، وهو مكسب أساسي حققته إيران نتيجة الركود العربي وتراجع الروس من الجنوب. وتستغل الميليشيات المدعومة من إيران الظروف المعيشية الصعبة في السويداء لمضايقة الأهالي لتهريب المخدرات للحصول على المال، إذ تحولت إلى مخزن لحبوب “الكبتاغون”، ولعل هذا يفسر لنا زيادة عدد المواقع الإيرانية في الجنوب والتي يديرها عدد من قوات “الحرس الثوري”.

مستقبل الاتجار على إيران واقتصادها

في دراسة بعنوان ” اقتصاد غير المشروع في إيران”، قدمتها المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عام 2020، تؤكد هذه الدراسة على أن الدولة الإيرانية ستصبح أكثر اعتماداً على الاتجار غير المشروعة. 

من حماس حتى طهران إمبراطورية اقتصاد الظل غير المشروع (1)
شرطي إيراني يحرس 3000 كيلوغرام من الأفيون التي تم ضبطها لدى مهربي المخدرات في مدينة زاهدان جنوب شرق البلاد. (غيتي)

ولا سيما في مواجهة ضغوط العقوبات المتزايد على الاقتصاد الإيراني، كمحاولة لتوفير فرصة للاقتصاد الإيراني المتعثر، فمن المحتمل أن تستمر طهران ومؤسساتها في توسيع اعتمادهم على التجارة غير الرسمية وغير المشروعة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الإيراني. 

وبسبب هذه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، من المرجح أن تتوسع تجارة المخدرات، مع ارتفاع الاضطرابات المرتبطة بتعاطي المخدرات حيث يسعى الناس إلى التغلب على الصدمات والضغوط الأخرى. 

وتزاد هذه القضية تعقيداً بسبب حقيقة أن سكان الريف أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على عائدات الاقتصادات غير المشروعة، وخاصة الأقليات العرقية المتورطة في التهريب عبر المناطق الحدودية الإيرانية. 

ومن المرجح أن يقابل هذا التورط بقمع شديد من جانب الدولة الإيرانية، مما يؤدي إلى تفاقم الآثار السلبية لتجارة المخدرات ويؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات الضعيفة والمهمشة. 

فيما سيستمر تورّط الكيانات الحكومية الفاسدة على نطاق واسع في مختلف التدفقات غير المشروعة، وستكون النتيجة دولة إيرانية تتأثر فيها جميع جوانب المجتمع بتقارب الفساد والتدفّقات غير المشروعة، واقتصاد ونخبة سياسية تعتمد على الحفاظ على المشاريع غير المشروعة.

وفي نهاية، يمكن الجزم بأن إيران تسخر كل ما لديها من إمكانيات وسياسات و محاولات التواجد خارجي غير شرعي لأجل خلق اقتصاد موازي يعوض الفجوة الاقتصادية الهائلة التي أحدثتها العقوبات الغربية بسبب سياستها، ولهذا تبحث عن اقتصاد الظل غير الشرعي حتى لو على حساب المجتمعات البشرية، وباسم الدين وتصدير هذه النظرية لوكلائها وحلفائها بالمنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات