ما تزال إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ترسم سياستها تجاه سوريا، إذ لم يتبين بعد كيف ستتعامل واشنطن مع دمشق في المستقبل القريب والبعيد، بينما تسعى إدارة الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، إلى رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على البلاد في عهد النظام المخلوع.
يأتي ذلك بينما يركز ترامب في سياسته في الشرق الأوسط على قطاع غزة في المرتبة الأولى، لكن هذا لا يعني أن سوريا ليست من الأولويات في ظل تراجع نفوذ روسيا وإيران في البلاد، بعد الإطاحة بالأسد ونظامه.
لم توافق على بيان مؤتمر باريس
أمس الخميس، انتهت أعمال “مؤتمر باريس” حول سوريا، إذ أصدرت 20 دولة غربية ومن إقليم الشرق الأوسط بيانا مشتركا، بعد مشاركتها في مؤتمر دولي عن سوريا عُقد في العاصمة الفرنسية، لكن المثير للاهتمام أن واشنطن لم توافق على البيان الختامي.

وزراء من دول تتضمن السعودية، وتركيا، ولبنان بالإضافة إلى قوى غربية حضرت المؤتمر، بينما شاركت الولايات المتحدة بتمثيل دبلوماسي على مستوى أقل.
الدول المشاركة اتفقت على بذل أقصى جهودها من أجل مساعدة “الإدارة السورية الجديدة” وحماية البلاد خلال المرحلة الانتقالية وذلك في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بحسب البيان.
جميع الدول المشاركة في المؤتمر وافقت على البيان باستثناء الولايات المتحدة، التي ما تزال إدارتها ترسم سياستها تجاه سوريا، بحسب دبلوماسيين.
وذكر المشاركون في المؤتمر، خلال البيان، أنهم سيعملون على “ضمان نجاح الانتقال لما بعد الرئيس المخلوع بشار الأسد في إطار عملية يقودها السوريون وتخصهم بجوهر المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254″، وفقاً لوكالة “رويترز”.
وأضافوا أن الدول الموقّعة ستقدم الدعم المطلوب لضمان عدم قدرة الجماعات الإرهابية على خلق ملاذ آمن لها من جديد في الأراضي السورية.
وتتضمن أغراض عقد المؤتمر مناقشة قضايا مثل رفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال حكم الأسد. بينما سيشهد مؤتمر المانحين السنوي جمع المساعدات اللازمة لدعم جهود الاستقرار في سوريا، حيث سيعقد هذا المؤتمر في العاصمة البلجيكية بروكسل في 17 آذار/مارس المقبل.
تياران في واشنطن
إدارة ترامب تبحث سياستها المرتقبة تجاه سوريا بما يخدم مصالحها، وفق ما تحدّث به المسؤول الكبيرة في وزارة الخارجية الأميركية، تيم ليندركينغ، الذي أوضح في حفل أُقيم للاحتفال بسقوط الأسد والدعوة لرفع العقوبات عن سوريا، أن سوريا المستقرة الخالية من نفوذ إيران وروسيا تشكل مصلحة أساسية للولايات المتحدة.
في ظل ذلك، فإن حواراً في الكونغرس الأميركي، أمس الخميس، أظهر وجود تيارين قويين في واشنطن للتعامل مع الأوضاع في سوريا، الأول يرى، وفق ما جاء في مداخلة رئيس مركز واشنطن للدراسات مايكل سينغ، أن “الحكومة المؤقتة وقائدها لم يكن أداؤهم جيداً في إدلب”.
في حين أن التيار الثاني، والذي يميل إلى التعاطف مع السوريين، وهو يمثل وجهة نظر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور جيمس ريتش، الذي رد على سينغ بقوله: “سيد سينغ الأمور التي أشرت لها مثيرة للاضطراب، ولكن القيادة الجديدة في سوريا تبحث عن أمور مختلفة عن ذلك /عما ذكرته، ويعرفون أنه إذا لم يكن هناك حريات دينية في هذه المنطقة فإن البلد سيكون في مشكلة كبير.”
إذ استند ريتش إلى ما سمعه في اجتماع مع أكثر من 25 شخصاً سورياً من مذاهب دينية مختلفة، إذ “كانوا غير مهتمين بالحديث عن توجههم الديني، بل يؤكدون بأنه في سوريا كلهم يعيشون سوية بينما أميركا جديدة على هذه الأمور، وأنهم يعيشون مع بعض لقرون ويمكن أن يستمروا بالعيش المشترك إذا ما تم تنفيذ الأمور بالشكل الصحيح “، وفق ريتش.
5 شروط لرفع العقوبات
خلال جلسة لـ لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، حملت عنوان “بعد الأسد: إدارة السياسة تجاه سوريا”، تحدث ريتش عن وجوب تعامل الولايات المتحدة مع سوريا الجديدة، حيث ذكر 5 شروط لرفع العقوبات المفروضة على سوريا.

أول هذه الشروط هي عمل “سوريا الجديدة” على منع عودة تنظيم “داعش”، إذ قال ريتش “في أعقاب الهجمات المأسوية في نيو أورلينز، والتي كانت مستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية، وبعد التقارير عن تسلل داعش عبر الحدود الجنوبية أثناء إدارة الرئيس السابق جو بايدن، نحتاج إلى دليل على أن الحكومة السورية المؤقتة لن تسمح لسوريا بأن تكون منصّة انطلاق لهجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، وهذا يشمل القضاء على مخزونات الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد”.
ثم تطرق ريتش إلى وجوب إخراج روسيا وإيران بشكل دائم من سوريا، معتبرا أنّه “لا يجب ألا يكون لموسكو القدرة على استخدام مينائها على البحر الأبيض المتوسط لتهديد الولايات المتحدة أو حلفائها”، بينما عبّر عن انزعاجه من استضافة دمشق مؤخرا وفداً روسياً لاستكشاف اتفاقيات القواعد.
أما بالنسبة لتجارة المخدرات التي ازدهرت خلال حقبة الأسد، أكد على وجوب تدمير إمبراطورية المخدرات التي امتلكها الأسد، ببنيتها التحتية المترامية الأطراف ومخزونها.
كما طالب “الحكومة المؤقتة” بمحاسبة المتورطين في خطف المواطنين الأميركيين الذين احتجزهم نظام الأسد، بمن في ذلك الصحافي أوستن تيس، معتبراً أن “هذه أولوية قصوى بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وينبغي أن تكون أولوية قصوى بالنسبة إلى القادة السوريين، إذا كانوا يرغبون حقاً في العمل نحو التغيير في علاقاتنا الثنائية”.
وفي ختام مداخلته، أشار ريتش إلى حل الشرع الدستور السوري وتعيين نفسه رئيسا لأربع سنوات، إذ قال إن السوريين يستحقون خارطة طريق سياسية تعيد السلطة إلى الشعب السوري لا إلى الدكتاتورية الوحشية التي تهدّدهم أو تهدّد الأمن الأميركي.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تطلب أكثر من الوعود، وأضاف: “إذا كان النظام السوري الجديد يريد أن يكون له صديق في الولايات المتحدة، وهو ما تقوله الحكومة المؤقتة الجديدة، فسوف نحتاج إلى رؤية إجراءات بشأن البنود التي حدّدتها. إذا فعلوا ذلك، فسوف يجدون شريكًا راغبًا في الولايات المتحدة”.
إذا، بالنسبة لواشنطن فإنها وضعت الخطوط العريضة لسياستها للتعامل مع دمشق في ظل الأوضاع الراهنة في البلاد، ورمت الكرة في ملعب “الإدارة السياسية” لتحدد وجهتها، لكن ذلك يتوقف على مدى وجود علاقات سورية روسية وقدرة الشرع على إنهاء وجود روسيا في الأراضي السورية، إضافة إلى ترجمة أقواله إلى أفعال فيما يخصّ المرحلة الانتقالية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

وسط صمت حكومي.. قتلى وجرحى بغارات إسرائيلية على درعا

تغييب بنود عن الدستور الجديد وتمييع حقوق السوريين تثير انتقادات واحتجاجات

أحداث الساحل ومشاركة دمشق بمؤتمر بروكسل.. خطوة غربية للوراء لتحديد مسار سلطة الشرع

إطلاق نار على متظاهرين بدرعا: هل يعيد الشرع سوريا إلى 2011؟
الأكثر قراءة

وصفت بـالتاريخية لحظة تصديق الشرع على الإعلان الدستوري

هل تستفيد المصارف السورية من تعليق العقوبات عن “البنك المركزي”؟

هجوم لفلول النظام على حاجز للأمن العام بدمشق

نزوح الآلاف من الساحل السوري باتجاه لبنان.. تفاصيل

ميليشيات عراقية تعتدي على سوريين وتعتقلهم

ميليشيا عراقية تعتدي على السوريين.. دمشق تندّد والسوداني يأمر باعتقال المتورّطين
المزيد من مقالات حول سياسة

“تهدئة على الحدود”.. اتفاق سوري لبناني لوقف إطلاق النار

“مؤتمر بروكسل”.. الدول المانحة تتعهد بـ5.8 مليار يورو لدعم سوريا

وسط صمت حكومي.. قتلى وجرحى بغارات إسرائيلية على درعا

توترات بين دمشق و”حزب الله”.. تفاصيل ما حدث على الحدود السورية اللبنانية

تغييب بنود عن الدستور الجديد وتمييع حقوق السوريين تثير انتقادات واحتجاجات

أوكرانيا تواصل إرسال القمح لسوريا.. ماذا عن دور روسيا بعد الأسد؟

“مقتل تسعة أشخاص من عائلة واحدة”.. تركيا ترتكب مجزرة في كوباني
