الكويت دخلت منذ اليوم الاثنين، في أزمة سياسية جديدة بعد حل “مجلس الأمة” من قبل أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح. وتأتي هذه الخطوة بعد أن عانت البلاد من أزمات سياسية متكررة، مع استمرار الخلافات بين الحكومة و”الجمعية الوطنية” المنتخبة.

حلّ البرلمان أدى إلى الدعوة إلى تنظيم انتخابات جديدة في المستقبل القريب. وقد قوبلت هذه الخطوة بردود فعل متباينة من الشعب الكويتي، حيث يأمل البعض أن تؤدي الانتخابات الجديدة إلى إحداث تغيير إيجابي، بينما يشكك آخرون في ألّا شيء سيتغير فعلا.

أزمة سياسية مع البرلمان

الخلافات المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة أعاقت تنفيذ إصلاحات مالية مهمة في البلاد. وقد أدى ذلك إلى إحباط شعب الكويت، الذي يعاني من الآثار الاقتصادية لوباء “كورونا” فضلا عن انخفاض أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد.

صور عراك بالأيدي داخل البرلمان الكويتي
صور عراك بالأيدي داخل البرلمان الكويتي – موقع “CNN”

في آذار/مارس الماضي، قضت المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي وفازت بها المعارضة، وذلك على خلفية طعون شكّكت في صحّة المراسيم الدستورية المرتبطة بها، وحكمت لصالح إعادة البرلمان السابق.

لكن بعد أيام من إبصار حكومة جديدة هي السابعة في 3 سنوات، النور برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد أقلّ من 4 أشهر من استقالة الحكومة السابقة، أعلن وليّ عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلمة ألقاها نيابة عن أمير البلاد، أنّه “احتكاماً للدستور، قرّرنا حلّ مجلس الأمة 2020 المعاد بحُكم المحكمة الدستورية والعودة إلى الشعب في انتخابات جديدة خلال الفترة المقبلة”.

ولي العهد أشار بدوره إلى أن الخروج من تداعيات المشهد السياسي الحالي يتطلب الرجوع إلى الدستور باعتباره المرجعية ووثيقة الحكم والالتفاف حول الشعب وتنفيذ رغباته، موضحا في الوقت ذاته، أن سبب حلّ مجلس الأمة 2020 هو “الانتصار للإرادة الشعبية مما يتطلب معه ضرورة العودة إليها في انتخابات جديدة”، تصحبها إصلاحات سياسية وقانونية مستحقة لنقل الدولة إلى مرحلة من الانضباط والمرجعية القانونية، دون تحديد هذه الإصلاحات.

ما وراء حلّ البرلمان الكويتي؟

من الصعب التكهن بعواقب الأزمة الكويتية على المدى الطويل. بينما يعتقد بعض المحللين أن الأزمة قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، يرى آخرون إمكانية ظهور ديناميكية سياسية جديدة قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية. فالحكومة الكويتية الجديدة مطالبة بمعالجة الخلافات السياسية وتبني الحوار البنّاء لحل الخلافات.

طبقا لما أشار إليه التاجر الكويتي، عبد الكريم السالم، فإن البعض يعتبر حلّ البرلمان خطوة ضرورية لكسر الجمود ودفع الكويت إلى الأمام. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن البلاد قد تواجه المزيد من عدم الاستقرار في الأشهر المقبلة مع تنظيم الانتخابات الجديدة وفي ظل حكومة مشكّلة حديثا.

وتبعا لما تحدث به السالم لـ”الحل نت”، فإن حلّ البرلمان الكويتي يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأنظمة الديمقراطية في منطقة الخليج. مضيفا أن “هناك انقسامات داخل النظام السياسي في الكويت، ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في البلاد”.

على الرغم من التحديات التي تواجه الكويت، يرى السالم، أن هناك أمل في أن تتمكن البلاد من الخروج من هذه الأزمة أقوى وأكثر اتحاداً. يطالب شعب الكويت بمزيد من الشفافية والمساءلة من جانب حكومتهم، فضلا عن الالتزام بالعمل لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحا في البلاد.

3 حكومات بظرف عام

طوال الفترة السابقة، لم تجد القيادة الكويتية الشيفرة المناسبة لحل عقدة العلاقة بين “مجلس الأمة” الكويتي والحكومة أو السلطة التنفيذية في البلاد، ليواجه النظام السياسي تحديات عدة بعد الإطاحة بالحكومة و”مجلس الأمة” خلال العام الفائت.

بعد انتخاب أعضاء “مجلس الأمة” الجدد أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، وتعيين الحكومة، شهدت البلاد حالة من التفاهم الظاهري بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن محللين أكدوا أن البلاد تواجه الآن مفترق طرق، بين الصراعات السياسية المتجددة والتفاهم المستمر بين السلطتين.

خلال العامين الماضيين، شهدت البلاد حالة من الانسداد السياسي، نتيجة الصراع بين “مجلس الأمة” الكويتي والحكومة، والتي انتهت في كثير من الأحيان في استجواب وزراء وحل حكومات ولاحقا حل المجلس بقرار من الأمير.

كثيرا ما كان “مجلس الأمة” يناقش قوانين ترفضها بشدة الحكومة، وهو أكثر ما يثير قلق السياسيين في الكويت خلال المرحلة الحالية، إذ إن استمرار المجلس في مناقشة قوانين ترفضها الحكومة، قد يهدد العلاقة بين الجانبين.

أبرز هذه القوانين، هي قوانين تعهدت المعارضة خلال حملاتها الانتخابية بإقرارها، لكنّها لا تلقى القبول الكافي من الحكومة، مثل بسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية، أو تعديل قانون النظام الانتخابي وفق القوائم النسبية، أو إلغاء قانون منع المسيء من الترشح للانتخابات.

لكن للمرة الثالثة أعيد تكليف الشيخ أحمد نواف الصباح، بتشكيل الحكومة الكويتية، بعد أن استقال في أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، وذلك بعد أن كُلّف بتشكيل الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، وهي المرة الثانية التي كانت قد كلّف بتشكيلها بعد أول حكومة كانت في تموز/يوليو من العام نفسه، خلفا للشيخ صباح الخالد الذي قدم استقالة حكومته، على خلفية الصراع مع “مجلس الأمة”.

حل البرلمان الكويتي يعتبر تطورا رئيسيا في الأزمة السياسية المستمرة في البلاد. بينما يأمل البعض في أن تؤدي الانتخابات الجديدة إلى إحداث تغيير إيجابي، هناك مخاوف من أن البلاد قد تواجه المزيد من عدم الاستقرار في الأشهر المقبلة. وبغض النظر، فإن الكويت بانتظار مشهد ليس بالسهل أبدا، ولعله يعيد البلاد إلى مربع الأزمة الأول منذ اللحظات الأولى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات