يستقبل السوريون شهر رمضان هذا العام من دون حكم بشار الأسد وأجهزته الأمنية، إذ تبدو الحياة مختلفة عن السنوات الماضية، التي قضوها في ظل أوضاع صعبة في كافة مناحي حياتهم، الاجتماعية والاقتصادية وصولا إلى النفسية منها. 

إذ يأتي رمضان هذا العام وسط تغيرات سياسية شهدتها البلاد، عقب الإطاحة بالنظام السابق في كانون أول/ديسمبر الماضي، إذ يأمل السويون بتحسّن أحوالهم المعيشية والاقتصادية، وسط تحديات تحيط بهم. 

لا مؤشرات

منذ أزيد من شهرين، أطلقت حكومة “تصريف الأعمال” السورية وعودا اقتصادية، تمثّل أبرزها بزيادة رواتب القطاع العام بنسبة 400 بالمئة، لكنها لم تفِ بوعودها حتى الآن، رغم أنها شارفت على الرحيل بعد استلامها البلاد لـ 3 أشهر.

أسواق دمشق قبل شهر رمضان – انترنت

إذ ما تزال الأوضاع المعيشية للسوريين على حالها، على الرغم من التغيير السياسي الجذري، لكن هناك راحة نفسية بعد زوال القبضة الأمنية والحواجز من الشوارع والأحياء، بحسب ما تحدثت به نور محمد لـ “الحل نت“. 

“أجواء شهر رمضان واضحة في أسوق دمشق وريفها، لكن بنفس الوقت لا يوجد أحد في المحلات وحركة الشراء اعتيادية مثل أي يوم وهذا يدل على ضعف القدرة للأغلبية. الناس مختصرة كثير ويا دوب تجيب الأساسيات إذا قدرت”، وفق محمد.

وأشارت إلى أن الأوضاع المعيشية لم تتغير، بل ازدادت سوءا، بسبب رفع أسعار الخبز والغاز. وأضافت: “راتب الموظف الحكومي صار فقط للخبز، فكيف بدها الناس تنزل وتشتري وتجهز لرمضان. الناس عايشة على أمل يصير في زيادة على الرواتب، بس ما في مؤشرات”. 

وتعمل محمد في أحد البنوك الخاصة بدمشق، إذ تتقاضى راتبا وصفته بـ “ممتاز” مقارنة مع راتب زوجها الموظف في القطاع الحكومي، لكنها أشارت إلى أنه لا يكفي لأسبوعين أو ثلاثة، خاصة بعد مضاعفة أسعار الخبز. إذ يلجأ زوجها إلى العمل على سيارة أجرة لسدّ الاحتياجات الأساسية بحدودها الدنيا. 

حركة ضعيفة

منذ نحو أسبوعين، بدأ التجار بالتجهيز لشهر رمضان وعرض البضائع الخاصة لهذا الشهر، لكن المفاجأة التي لم تكن بحسبانهم كانت بتراجع الحركة الشرائية بمستويات غير متوقعة.

وقال أحد تجار “سوق الجزماتية” بدمشق، إن الإقبال هذا العام تراجع عن رمضان العام الماضي بنسبة ليست قليلة، إذ لم تكن توقعات التجار أن تكون الحركة الشرائية ضعيفة إلى هذا الحد، في ظل عودة بعض المغتربين لقضاء رمضان في سوريا لأول مرة بعد سنوات والانفتاح الي شهدته سوريا. 

“الناس ما معها وبنفس الوقت في خوف من الأيام الجاية. وفي سبب إنه الرواتب قليلة وفي أسعار ارتفعت بشكل كبير، حتى يلي عم يجيه دخل من برا سوريا عم يخسر بالتحويل لأنه في تلاعب بسعر الدولار والحكومة ما عملت شي. في فوضى والله يجيرنا”، أضاف لـ “الحل نت”.

ووصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي إلى نحو 10 آلاف ليرة، بينما السعر الحقيقي يجب أن يتراوح بين 17 ألفا إلى 20 ألف ليرة، وفق المستشار لدى “مصرف سوريا المركزي”، مخلص الناظر. 

وتقدّر تكلفة وجبة الإفطار للعائلة صغيرة خلال شهر رمضان بمتوسط 150 ألف ليرة سورية (ما يقارب 15 دولارًا)، فيما يبلغ راتب موظف القطاع العام نحو 380 ألف ليرة سورية. 

بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، فإن متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، تجاوز حاجز 14 مليونًا ونصف المليون ليرة سورية، فيما وصل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة إلى نحو تسعة ملايين و100 ألف ليرة سورية، وهو ما يعكس الفجوة الكبيرة بين مستويات الدخل ومتوسط تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع باستمرار.

وكشف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخراً، عن ارتفاع معدل الفقر بين السوريين من 33 بالمئة قبل الحرب إلى 90 بالمئة حاليًا، بينما بلغت نسبة الفقر المدقع 66 بالمئة، كما أن 9 من كل 10 أشخاص في سوريا يعيشون في فقر، وإن واحدًا من كل أربعة عاطل عن العمل، بسبب التداعيات السلبية للحرب خلال الأعوام السابقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة