يتطلع السوريون لأن توفي “حكومة تصريف الأعمال” بالوعود والالتزامات التي قطعتها على نفسها منذ تعيينها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي لم تنفذها إلى الآن، ما يثير التساؤلات حول مدى جدّيتها في تحقيقها خاصة وأن مهمتها انتهت في بداية آذار/مارس الجاري، والأنظار تتجه نحو تعيين حكومة جديدة.
تصدر قائمة الوعود الحكومية الإعلان عن زيادة أجور القطاع العام أربع مرات، ولم تحدد الحكومة بشكل واضح كيفية هذه الزيادة، التي ستتطلب تمويلاً بنحو 127 مليون دولار شهرياً، وفق تصريحات سابقة لوزير المالية محمد أبازيد.
سياسة المسكنات
رغم مرور شهرين على هذا القرار الصادر في كانون الثاني/ يناير الماضي، إلاّ أن الزيادة لم تقر بعد، ومن غير المتوقع إقرارها خلال الشهر الجاري، ليس فقط بسبب نقص السيولة، وإنما أيضاً بسبب انتظار عملية إحصاء الموظفين، بل إن هناك تأخيرًا في موعد صرف رواتب بعض الموظفين وصل إلى أربعة أشهر.
وأطلقت “الإدارة السورية الجديدة”، حملة لحصر الموظفين في القطاع العام، بعدما وجدت أن عدد الموظفين الواردة أسماؤهم في كشوفات الرواتب بلغ نحو 1.25 مليون شخص، في حين “أظهر التدقيق وجود نحو 700 ألف موظف حقيقي أكثرهم غير فعالين بشكل كامل، قيمة راتب الغالبية منهم لا تتعدى 25 دولاراً شهرياً”.

وتأخر تطبيق زيادة الرواتب وضع الرئيس الانتقالي في مأزق، ما دفعه لأن يلجأ إلى سياسة المُسكنات لاحتواء حالة الغضب بين السوريين، لاسيما في ظل انتعاش آمالهم بمستوى معيشي أفضل بعد سقوط نظام الأسد البائد على يد المعارضة “هيئة تحرير الشام” التي تدير البلاد عقب الإطاحة به بقيادة أحمد الشرع.
واتخذ الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قراراً، السبت الماضي، يقضي بصرف منحة مالية للعاملين في الدولة والمتقاعدين بمناسبة عيد الفطر المبارك “عيدية”، بما يعادل راتب شهر واحد.
تراجع مستوى المعيشة
لن تكفي الرواتب الحكومية سواء الحالية أو بعد الزيادة المقررة لسد احتياجات أي أسرة، فتقدر الزيادة المنتظرة بقيمة 400 بالمئة، ويبلغ متوسط أجور العاملين لدى الدولة 30 دولارًا أميركيًا، أي أن بعد الزيادة سيحصل على 120 دولارًا، ما يعني قرابة مليون ومائتي ألف ليرة سورية، حسب سعر الصرف الحالي.
مع بداية العام 2025، تجاوز متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد حاجز 14 مليونًا و500 ألف ليرة سورية، فيما وصل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة إلى نحو تسعة ملايين و100 ألف ليرة سورية، ليتضح حجم الهوة التي تفصل الأجور عن متوسط تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع باستمرار.
بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”
هذا ويوجد في سوريا أكثر من 1.25 مليون موظف على جداول رواتب القطاع العام، بحسب تصريحات مصادر في وزارة المالية.
كيف يمكن زيادة الرواتب؟
إلى ذلك، ولكي تحقق الحكومة السورية بزيادة الرواتب بالقطاع العام أو حتى القطاع الخاص ومستوى الدخل بشكل عام، حدد الخبير الاقتصادي، جورج خزام، عدة شروط تساعدها على تحقيق هذا الهدف.
بالنسبة للشرط الأول، أوضح الخبير الاقتصادي، خلال منشور له على موقع “فيسبوك” أن تمويل زيادة الرواتب يمكن أن يُحقق عندما يكون هنالك زيادة بالإنتاج والمبيعات، معها تحقيق زيادة بالأرباح.

أما عن الشرط الثاني، فحدده عن طريق حماية المُنتج الوطني من منافسة المستوردات البديلة، مؤكدًا أن ذلك يحقق أرباحًا لتمويل زيادة بالرواتب.
وفيما يخص الشرط الثالث فقال، عندما يزداد الطلب على اليد العاملة مع زيادة بالمصانع والورش والشركات، مع التراجع في معدل البطالة، مشددًا أن ذلك سيتبعه ارتفاعًا حتميًا بأجور الموظفين والعمال.
سعر الصرف
أفاد الخبير الاقتصادي بأن زيادة القوة الشرائية لليرة السورية وللرواتب ترتبط بالانخفاض الحقيقي بسعر صرف الدولار، الذي بدوره يرتبط بزيادة الإنتاج القابل للتصدير والبديل عن المستوردات مع تراجع البطالة.
زيادة القوة الشرائية لليرة السورية وللرواتب لا ترتبط بالانخفاض الوهمي لسعر صرف الدولار المرتبط بتراجع كمية الليرة السورية المعروضة للبيع، أو بزيادة كمية الدولار المعروضة للبيع من قبل الصرافين لجني الأرباح نتيجة إحداث تقلب سريع بسعر صرف الدولار.
الخبير الاقتصادي، جورج خزام
كانت الليرة السورية قد شهدت تحسّنًا ملحوظًا منذ سقوط نظام الأسد، وفي حين ثبّت “مصرف سوريا المركزي” سعر الصرف عند 13,200 ليرة للدولار الواحد، شهدت السوق الموازية تقلبات عدة خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع، ووصل سعر الصرف اليوم بالسوق الموازية 10.200 ليرة للدولار.
ويواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة بفعل التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة، ما يثقل كاهل السوريين، في ظل حالة من اللامبالاة الحكومية للسيطرة على الأسواق وضبط الأسعار والتضخم.
- مؤتمر “وحدة الموقف والصف” الكردي يعلن بيانه الختامي.. تفاصيل
- في ظل غياب العدالة الانتقالية.. استمرار أعمال التصفية والانتقام في سوريا
- مروان الحلبي.. طبيب الخصوبة الذي ارتقى لسُدة التعليم العالي
- رد دمشق على واشنطن تناول 5 مطالب… تفاصيل الرسالة السورية حول شروط رفع العقوبات
- تديّن أم موضة؟.. هجوم حاد من سارة نخلة على حجاب حلا شيحة “الموسمي”
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

“وزارة الاقتصاد” تستعرض انجازاتها.. هل انعكست على معيشة السوريين؟

مع انتصاف شهر رمضان.. استمرار الغلاء وسط لا مبالاة حكومية

تأخر تشكيل الحكومة يثير حيرة السوريين.. ما التشكيل الأمثل لحاملي الحقائب الوزارية؟

رمضان سوريا: تحضيرات خجولة وقدرة شرائية محدودة
الأكثر قراءة

واشنطن تتسلّم رد دمشق على متطلبات تخفيف العقوبات.. تفاصيل

هل تحمل زيارة وزير الخارجية الأردني لدمشق رسائل بعد حلّ “اللواء الثامن” بدرعا؟

مسؤول أميركي: لا ثقة بدمشق حتى الآن وهذه أولوياتنا في سوريا

مرهف أبو قصرة: من حقول حلفايا لوزارة الدفاع السورية.. رحلة مثيرة للجدل!

محمد البشير: من حكومتي الإنقاذ وتصريف الأعمال إلى وزارة الطاقة.. السيرة الكاملة

مباحثات أوروبية حول إمكانية تخفيف العقوبات عن سوريا
المزيد من مقالات حول اقتصاد

السعودية وقطر تتكفلان بسداد ديون سوريا لدى “البنك الدولي”.. ما دلالات تلك الخطوة؟

احتجاز شاحنتين أردنيتين في السويداء: هل تتأثر حركة النقل بين البلدين؟

خبير يحل اللغز.. لماذا ترتفع أسعار المواد المحلية السورية أمام المستوردة؟

الوزير العائد: هل ينجح يعرب بدر في ترميم شرايين النقل السوري؟

سرّ تزايد الطلب على الدولار.. هل تتراجع الليرة السورية؟

صندوق النقد الدولي يعين رئيسا لبعثته إلى سوريا.. ماذا تعني هذه الخطوة؟

سخط كبير رغم تسهيلات “التجاري السوري” لسداد القروض.. بماذا طالب السوريين؟
